مجس

المعنى: 

المَجُوسِيَّة: نِحْلَةٌ، والمَجُوسِيُّ منسوب إِليها، والجمع المَجُوسُ. قال أَبو علي النحوي: المَجُوس واليهود إِنما عرف على حد يهوديٍّ ويهودٍ ومجوسيٍّ ومجوسٍ، ولولا ذلك لم يجز دخول الأَلف واللام عليهما لأَنهما معرفتان مؤنثان فجريا في كلامهم مجرى القبيلتين ولم يجعلا كالحيين في باب الصرف؛ وأَنشد:
أَحــارِ أُرِيــكَ بَرْقـاً هَـبَّ وهْنـاً
كنــار مَجُــوسَ تَسـْتَعِرُ اسـْتِعارا
قال ابن بري: صدر البيت لامرئ القيس وعجزه للتوأَم اليشكري؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: كان امرؤ القيس مِعَنّاً عِرِّيضاً ينازع كل من قال إِنه شاعر، فنازع التوأَم اليشكري فقال له: إِن كنت شاعراً فَمَلْطْ أَنصاف ما أَقول وأَجِزْها، فقال: نعم، فقال امرؤ القيس:
أَصــاح أُريــك برقـاً هـب وهنـاً

فقال التوأَم:
كنــار مجــوس تسـتعر اسـتعارا

فقال امرؤ القيس:
أَرِقْــتُ لَــهُ ونــامَ أَبـو شـُرَيحٍ

فقال التوأَم:
إِذا مـا قلْـتُ قَـدْ هَـدَأَ اسْتَطارا

فقال امرؤ القيس:
كـــأَنَّ هَزيـــزَهُ بِــوَراءِ غَيْــبٍ

فقال التوأَم:
عِشـــارٌ وُلَّـــهٌ لاقَـــتْ عِشــارا

فقال امرؤ القيس:
فلمـــا أَنْ عَلا كَنَفَـــي أُضـــاخٍ

فقال التوأَم:
وَهَـــتْ أَعْجــازُ رَيْقِــهِ فَحــارا

فقال امرؤ القيس:
فلــم يَتْـرُكْ بِـذاتِ السـِّرِّ ظَبْيـاً

فقال التوأَم:
ولــم يَتْــرُكْ بجَلْهَتِهــا حمـارا

ومثل ما فعل امرؤ القيس بالتوأَم فعل عَبيدُ بن الأَبْرص بامرئ القيس، فقال له عبيد: كيف معرفتك بالأَوابد؟ فقال امرؤ القيس: أَلقِ ما أَحببت، فقال عبيد:
مــا حَيَّـةٌ مَيْتَـةٌ أَحْيَـتْ بِمَيِّتِهـا
دَرْداءَ، ما أَنْبَتَتْ ناباً وأَضْراسا؟
قال امرؤ القيس:
تِلْـكَ الشـَّعِيرَةُ تُسْقى في سَنابِلِها
فَـأَخْرَجَتْ بعـد طُولِ المُكْثِ أَكداسا
فقال عبيد:
ما السُّودُ والبِيضُ والأَسْماءُ واحِدَةٌ
لا يَسـْتَطِيعُ لَهُـنَّ النَّـاسُ تَمْساسا؟
فقال امرؤ القيس:
تلـك السَّحابُ إذا الرَّحْمَنُ أَنشأَها
رَوَّى بِهـا مـن مَحُولِ الأَرْضِ أَنْفاسا
ثم لم يزالا على ذلك حتى كملا ستة عشر بيتاً.تفسير الأَبيات الرائية: قوله هب وهناً، الوهن: بعد هدء من الليل.وبريقاً: تصغيره تصغير التعظيم كقولهم دويهية يريد أَنه عظيم بدلالة قوله:
كنــار مجــوس تسـتعر اسـتعارا

وخص نار المجوس لأَنهم يعيدونها. وقوله: أَرقت له أَي سهرت من أَجله مرتقباً له لأَعلم أَين مصابُّ مائِه. واستطار: انتشر. وهزيزه: صوت رعده.وقوله: بوراء غيب أَي بحيث أَسمعه ولا أَراه. وقوله: عِشار وُلَّهٌ أَي فاقدة أَولادها فهي تُكْثِرُ الحنين ولا سيما إذا رأَت عِشاراً مثلها فإِنه يزدادُ حَنينُها، شَبَّه صوت الرعد بأَصْوات هذه العِشارِ من النوق.وأُضاخ: اسم موضع، وكَفاه: جانباه. وقوله: وهَتْ أَعْجاز رَيِّقه أَي استرخت أَعجاز هذا السحاب، وهي مآخيره، كما تسيل القربة الخَلَقُ إذا استرخت.وريِّق المطر: أَوّله. وذاتُ السِّر: موضع كثير الظباء والحُمُر، فلم يُبْق هذا المطرُ ظبياً به ولا حماراً إلا وهو هارب أَو غَريق. والجَلْهَةُ: ما استقبلك من الوادي إذا وافيته. ابن سيده: المَجُوسُ جبل معروف جمعٌ، واحدهم مَجُوسِيٌّ؛ غيره: وهو معرَّب أَصلُه مِنْج كُوشْ، وكان رجلاً صَغير الأُذُنَيْن كان أَوّل من دانَ بِدين المَجُوس ودعا الناس إِليه، فعرَّبته العرب فقالت: مَجُوسَ ونزل القرآن به، والعرب رُبما تركت صرف مجوس إذا شُبِّه بقبيلة من القبائل، وذلك أَنه اجتمع فيه العجمة والتأْنيت؛ ومنه قوله:
كَنــارِ مَجُــوس تَسـْتَعِرُ اسـْتِعارَا

وفي الحديث: كلُّ مَوْلودٍ يُولَدُ على الفِطْرَة حتى يكون أَبواه يُمَجِّسانِهِ أَي يُعلِّمانِهِ دين المَجُوسِيَّة. وفي الحديث: القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هذه الأُمَّةِ، قيل: إِنما جَعَلهم مجوساً لِمُضاهاة مذهبِهِم مذهبَ المجوس في قولهم بالأَصْلَيْن: وهما النُّورُ والظلمة، يزعمون أَن الخير من فِعْل النُّور، وأَن الشَّر من فعل الظلمة؛ وكذا القَدَرِيّة يُضِيفُون الخيرَ إِلى اللَّه والشر إِلى الإِنسان والشيطان، واللَّه تعالى خالقُهما معاً لا يكون شيء منهما إِلا بمشيئته تعالى وتَقَدَّسَ، فهُما مضافان إِليه خَلْقاً وإِيجاداً، وإِلى الفاعِلين لهما عَمَلاً واكتساباً.ابن سيده: ومَجُوس اسم للقبيلة؛ وأَنشد أَيضاً:
كنــار مجــوسَ تسـتعر اسـتعارا

قال: وإِنما قالوا المجوس على إِرادة المَجُوسِيِّين، وقد تَمَجَّسَ الرجلُ وتَمَجَّسُوا: صاروا مَجُوساً. ومَجَّسُوا أَولادَهم: صَيَّرُوهُم كذلك، ومَجَّسَه غيره.

المعجم: 

لسان العرب