المعنى:
قال اللّه، عز وجل: قل مَنْ يَكْلَؤُكُم بالليلِ والنهارِ من الرحمن. قال الفرَّاءُ: هي مهموزة، ولو تَرَكْتَ هَمْزَ مثلِه في غير القرآن قُلْتَ: يَكُلُوكم، بواو ساكنة، ويَكْلاكم، بأَلف ساكنة، مثل يَخْشاكم؛ ومَن جعلها واواً ساكنة قال: كَلات، بأَلف يترك النَّبْرةَ منها؛ ومن قال يَكْلاكُم قال: كَلَيْتُ مثل قَضَيْتُ، وهي من لغة قريش، وكلٌّ حَسَنٌ، إلا أَنهم يقولون في الوجهين: مَكْلُوَّةٌ ومَكْلُوٌّ، أَكثرَ مما يقلون مَكْلِيٌّ، ولو قيل مَكْلِيٌّ في الذين يقولون: كَلَيْت، كان صواباً. قال: وسمعتُ بعض الأَعراب ينشد:
مـا خاصـَمَ الأَقْـوامَ مِن ذِي خُصُومةٍ،
كَوَرْهــاءَ مَشــْنِيٍّ إليهـا حَلِيلُهـا
فبَنَى على شَنَيْت بتَرْك النَّبْرةِ.الليث: يقال: كلأَكَ اللّه كِلاءَةً أَي حَفِظَك وحرسك، والمفعول منه مَكْلُوءٌ، وأَنشد:
إنَّ ســـُلَيْمَى، واللّــه يَكْلَؤُهــا،
ضــَنَّتْ بِــزادٍ مــا كـانَ يَرْزَؤُهـا
وفي الحديث أَنه قال لِبِلالٍ، وهم مُسافِرُون: اكْلأْ لَنا وقْتَنا. هو من الحِفْظ والحِراسة. وقد تخفف همزة الكِلاءَة وتُقْلَبُ ياءً. وقد كَلأَه يَكْلَؤُه كَلأً وكِلاءً وكِلاءَةً، بالكسر: حَرَسَه وحَفِظَه. قال جَميل:
فَكُــونِي بخَيْــرٍ فـي كِلاءٍ وغِبْطـةٍ،
وإنْ كُنْـتِ قَـدْ أَزْمَعْتِ هَجْري وبِغْضَتي
قال أَبو الحسن: كِلاءٌ يجوز أَن يكون مصدراً كَكِلاءَةٍ، ويجوز أَن يكون جَمْعَ كِلاءَةٍ، ويَجُوزُ أَن يكون أَراد في كِلاءَةٍ، فَحَذَفَ الهاء للضَّرُوة. ويقال: اذْهَبُوا في كِلاءَةِ اللّه.واكْتَلأَ منه اكْتِلاءً: احْتَرَسَ منه. قال كعب ابن زهير:
أَنَخْــتُ بَعِيــري واكْتَلأَتُ بعَيْنِهــ،
وآمَــرْتُ نَفْســِي أَيَّ أَمْــرَيَّ أَفْعَـلُ
ويروى أَيُّ أَمْرَيَّ أَوْفقُ.وكَلأَ القومَ: كان لهم رَبِيئةً.واكْتَلأَتْ عَيْنِي اكْتِلاءً إذا لم تَنَمْ وحَذِرَتْ أَمْراً، فَسَهِرَتْ له. ويقال: عَيْنٌ كَلُوءٌ إذا كانت ساهِرَةً، ورجلٌ كَلُوءُ العينِ أَي شَدِيدُها لا يَغْلِبُه النَّوْمُ، وكذلك الأُنثى. قال الأَخطل:
ومَهْمَــهٍ مُقْفِــرٍ، تُخْشـَى غَـوائِلُه،
قَطَعْتُــه بِكَلُــوءِ العَيْنِـ، مِسـْفارِ
ومنه قول الأَعرابيّ لامْرَأَتِه: فواللّه إنِّي لأَبْغِضُ المرأَةَ كَلُوءَ الليلِ.وكالأَه مُكَالأَةً وكِلاءً: راقَبَه. وأَكلأْتُ بَصَرِي في الشيء إذا ردَّدْتَه فيه.والكَلاّءُ: مَرْفَأُ السُّفُن، وهو عند سيبويه فَعَّالٌ، مثل جَبَّارٍ، لأَنه يَكْلأُ السفُنَ مِن الرِّيحِ؛ وعند أَحمد بن يحيى: فَعْلاء، لأَنَّ الرِّيح تَكِلُّ فيه، فلا يَنْخَرِقُ، وقول سيبويه مُرَجَّحٌ، ومما يُرَجِّحُه أَن أَبا حاتم ذكر أَنَّ الكَلاَّءَ مذكَّر لا يؤَنِّثه أَحد من العرب. وكَلأَ القومُ سَفيِنَتهم تَكْلِيئاً وتَكْلِئةً، على مثال تكْلِيم وتكْلِمةٍ: أَدْنَوْها من الشَطِّ وحَبَسُوها. قال: وهذا أَيضاً مما يُقَوِّي أَنَّ كَلاَّءً فَعَّالٌ، كما ذهب إليه سيبويه.والمُكَلأُ، بالتشديد: شاطِئ النهر وَمَرْفَأُ السفُن، وهو ساحِلُ كلِّ نَهر. ومنه سُوقُ الكَلاَّءِ، مشدود ممدود، وهو موضع بالبصرة، لأَنهم يُكَلِّئُون سُفُنَهم هناك أَي يَحْبِسُونها، يذكر ويؤَنث. والمعنى: أَنَّ المَوضع يَدْفَعُ الرِّيحَ عن السُّفُن ويحفَظها، فهو على هذا مذكر مصروف.وفي حديث أَنس، رضي اللّه عنه، وذكر البصرة: إيَّاكَ وسِباخَها وكَلاَّءَها. التهذيب: الكَلاَّءُ والمُكَلأُ،الأَوَّل ممدود والثاني مقصور مهموز: مكان تُرْفَأُ فيه السُّفُنُ، وهو ساحِلُ كلِّ نَهر. وكَلأْتُ تَكْلِئةً إذا أَتَيْت مَكاناً فيه مُسْتَتَرٌ من الرِّيح، والموضع مُكَلأٌ وكَلاَّءٌ.وفي الحديث: من عَرَّضَ عَرَّضْنا لَه، ومن مَشَى على الكَلاَّءِ أَلقَيْناه في النَّهَر. معناه: أَن مَن عَرَّضَ بالقَذْفِ ولم يُصَرِّحْ عَرَّضْنا له بتَأْدِيبٍ لا يَبْلُغ الحَدّ، ومن صَرَّحَ بالقذْفِ، فَرَكِب نَهَر الحُدُودِ ووَسَطَه، أَلْقَيْناه في نَهَرِ الحَدِّ فَحَدَدْناه.وذلك أَن الكَلاَّءَ مَرْفَأُ السُّفُن عند الساحِل. وهذا مَثَل ضَرَبه لمن عَرَّضَ بالقَذْف، شَبَّهه في مُقارَبَتِه للتَّصريح بالماشي على شاطِيءِ النَّهَر، وإلقاؤُه في الماءِ إيجابُ القذف عليه، وإلزامُه الحَدَّ.ويُثنَّى الكَلاَّءُ فيقال: كَلاَّآن، ويجمع فيقال: كَلاَّؤُون. قال أَبو النجم:
تَـــرَى بِكَلاَّوَيْــهِ مِنــهُ عَســْكَرا،
قَوْمــاً يَــدُقُّونَ الصـَّفَا المُكَسـَّرا
وَصَف الهَنِيءَ والمرِيءَ، وهما نَهرانِ حَفَرهما هِشامُ بن عبد الملك.يقول: تَرَى بِكَلاَّوَي هذا النهر من الحَفَرَةِ قوْماً يَحْفِرُون ويَدُقُّونَ حجارةً مَوْضِعَ الحَفْرِ منه، ويُكَسِّرُونها. ابن السكيت: الكَلاَّءُ: مُجْتَمَعُ السُّفُن، ومن هذا سمي كَلاَّءُ البَّصْرَة كَلاّءً لاجتماع سُفُنِه.وكَلأَ الدَّيْنُ، أَي تَأَخَر، كَلأً. والكالِئ والكُلأَة: النَّسيِئة والسُّلْفةُ. قال الشاعر:
وعَيْنُــــه كالكـــالِئ الضـــِّمَارِ
أَي نَقْدُه كالنَّسِيئةِ التي لا تُرْجَى. وما أَعْطَيْتَ في الطَّعامِ مِن الدَّراهم نَسِيئةً، فهو الكُلأَة، بالضم.وأَكلأَ في الطعام وغيره إكْلاءً، وكَلأَ تَكْلِيْئاً: أَسْلَفَ وسَلَّمَ. أَنشد ابن الأَعرابي:
فَمَـــنْ يُحْســـِنْ إليهــم لا يُكَلِّئ،
إلــى جــارٍ، بــذاكَ، ولا كَرِيــمِ
وفي التهذيب:
إلــى جــارٍ، بــذاك، ولا شــَكُورِ
وأَكْلأَ إكْلاءً، كذلك. واكْتَلأَ كُلأَةً وتَكَلأَها: تَسَلَّمَها.وفي الحديث: أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، نَهَى عن الكالِئ بالكالِئ.قال أَبو عبيدة: يعني النَّسِيئةَ بالنَّسِيئةِ. وكان الأَصمعي لا يَهْمِزه، ويُنْشِد لعَبِيد بن الأَبْرَصِ:
وإذا تُباشــــــِرُكَ الهُمُـــــومُ،
فإِنَّهـــــا كـــــالٍ ونـــــاجِزْ
أَي منها نَسيئةٌ ومنها نَقْدٌ.أَبو عبيدة: تَكَلأْتُ كُلأَةً أَي اسْتَنْسَأْتُ نَسِيئةً، والنَّسِيئةُ: التَّأخِيرُ، وكذلك اسْتَكلأْتُ كُلأَةً، بالضم، وهو من التَّأخِير.قال أَبو عبيد: وتفسيره أَن يُسْلِمَ الرَّجُلُ إلى الرجل مائةَ دِرهمٍ إلى سنة في كُرِّ طَعام، فإذا انقَضَت السنةُ وحَلَّ الطَّعامُ عليه، قال الذي عليه الطَّعامُ للدّافع: ليس عندي طَعامٌ، ولكن بِعْنِي هذا الكُرَّ بمائتي درهم إلى شهر، فَيبيعُه منه، ولا يَجرِي بينهما تَقابُضٌ، فهذه نَسِيئةٌ انتقلت إلى نَسِيئةٍ، وكلُّ ما أَشبهَ هذا هكذا. ولو قَبَضَ الطعامَ منه ثم باعَه منه أَو مِن غيره بِنَسيئةٍ لم يكن كالئاً بكالِئ.وقول أُمية الهذَلي:
أُســـَلِّي الهُمـــومَ بأَمْثالِهـــا،
وأَطْــوِي البلادَ وأَقْضــِي الكَـوالي
أَراد الكوالِئ، فإِمَّا أَن يكون أَبْدَلَ، وإما أَن يكون سَكَّن، ثم خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيّاً. وبَلَّغَ اللّه بك أَكْلأَ العُمُرِ أَي أَقْصَاهُ وآخِرَه وأَبْعَدَه. وكَلأَ عُمُرُه: انْتَهَى. قال:
تَعَفَّفْتُ عنها في العُصُورِ التي خَلَتْ،
فَكَيْـفَ التَّصـابي بَعْـدَما كَلأَ العُمْرُ
الأَزهري: التَّكْلِئةُ: التَّقَدُّمُ إلى المكان والوُقُوفُ به. ومن هذا يقال: كَلأْتُ إلى فلان في الأَمر تَكْلِيئاً أَي تَقَدَّمْتُ إليه.وأَنشد الفرّاءُ فِيمَن لم يَهْمِز:
فَمَـــنْ يُحْســِنْ إليهــم لا يُكَلِّــي
البيت. وقال أَبو وَجْزَةَ:
فــإِن تَبَــدَّلْتَ، أَو كَلأْتَ فـي رَجُـلٍ
فلا يَغُرَّنْــكَ ذُو أَلْفَينِــ، مَغْمُــورُ
قالوا: أراد بذي أَلْفَيْنِ مَن له أَلفان من المال. ويقال: كَلأْتُ في أَمْرِك تكْلِيئاً أَي تأَمَّلْتُ ونَظَرتُ فيه، وكَلأْتُ في فلان: نَظَرْت إليه مُتَأَمِّلاً، فأَعْجَبَنِي. ويقال: كَلأْته مائة سَوْطٍ كَلأً إذا ضَرَبْتَه. الأَصمعي: كَلأْتُ الرَّجُلَ كَلأً وسَلأته سَلأً بالسَّوط، وقاله النضر. الأَزهري في ترجمة عشب: الكَلأُ عند العرب: يقع على العشْب وهو الرُّطْبُ، وعلى العُرْوةُ والشَّجَر والنَّصِيِّ والصِّلِّيانِ، كلُّ ذلك من الكلإِ. غيره: والكَلأُ، مهموز مقصور: ما يُرْعَى. وقيل: الكَلأُ العُشْبُ رَطْبُه ويابِسُه، وهو اسم للنوع، ولا واحِدَ له.وأَكلأَتِ الأَرضُ إكْلاءً وكَلِئَتْ وكَلأَتْ: كثر كَلَؤُها. وأَرضٌ كَلِئَةٌ، على النَّسَب، ومَكْلأَةٌ: كِلْتاهما كَثِيرةُ الكَلإِ ومُكْلِئةٌ، وسَواء يابِسُه ورَطْبُه. والكَلأُ: اسم لجَماعة لا يُفْرَدُ. قال أَبو منصور: الكَلأُ يجمع النَّصِيَّ والصِّلِّيانَ والحَلمَةَ والشِّيحَ والعَرْفَجَ وضُروبَ العُرَا، كلُّها داخلة في الكَلإِ، وكذلك العُشْب والبَقْل وما أَشبهها. وكَلأَتِ الناقةُ وأَكْلأَتْ: أَكَلَت الكَلأَ.والكَلالِئ: أَعْضادُ الدَّبَرَة، الواحدة: كَلاءٌ، ممدود. وقال النضر: أَرْضٌ مُكْلِئةٌ، وهي التي قد شَبِعَ إبِلُها، وما لم يُشْبعِ الإبلَ لم يَعُدُّوه إعْشاباً ولا إكْلاءً، وان شَبِعَت الغَنمُ. قال: والكَلأُ: البقْلُ والشَّجر.وفي الحديث: لا يُمْنَعُ فَضْلُ الماء لِيُمنَعَ به الكَلأُ؛ وفي رواية: فَضْلُ الكَلإِ، معناه: أَن البِئْر تكونُ في الباديةِ ويكون قريباً منها كَلأٌ، فإذا ورَدَ عليها واردٌ، فَغَلَب على مائها ومَنَعَ مَنْ يَأْتِي بعده من الاسْتِقاءِ منها، فهو بِمَنْعِهِ الماءَ مانِعٌ من الكَلإِ، لأَنه متى ورَدَ رَجلٌ بإِبِلِه فأَرْعاها ذلك الكَلأَ ثم لم يَسْقِها قَتلها العَطَشُ، فالذي يَمنع ماءَ البئْرِ يمنع النبات القَرِيب منه.