المعنى:
الفَجْر: ضوء الصباح وهو حُمْرة الشمس في سواد الليل، وهما فَجْرانِ: أَحدهما المُسْتطيل وهو الكاذب الذي يسمى ذَنَبَ السِّرْحان، والآخر المُسْتطير وهو الصادق المُنتَشِر في الأُفُقِ الذي يُحَرِّم الأَكل والشرب على الصائم ولا يكون الصبحُ إِلا الصادقَ. الجوهري: الفَجْر في آخر الليل كالشَّفَقِ في أَوله.ابن سيده: وقد انْفَجَر الصبح وتَفَجَّر وانْفَجَر عنه الليلُ.وأَفْجَرُوا: دخلوا في الفَجْر كما تقول: أَصبحنا، من الصبح؛ وأَنشد الفارسي:
فمـــــا أَفْجَـــــرَتْ حـــــتى أَهَـــــبَّ بســــُدْفة
عَلاجيمُــــ، عَيْــــنُ ابْنَــــيْ صــــُباحٍ تُثيرُهــــا
وفي كلام بعضهم: كنت أَحُلّ إذا أَسحرْت، وأَرْحَلُ إذا أَفْجَرْت.وفي الحديث: أُعَرّسُ إذا أَفْجَرْت، وأَرْتَحِل إذا أَسْفَرْت أَي أَنزل للنوم والتعريس إذا قربت من الفجر، وأَرتحل إذا أَضاء.قال ابن السكيت: أَنت مُفْجِرٌ من ذلك الوقت إِلى أَن تطلع الشمس. وحكى الفارسي: طريقٌ فَجْرٌ واضح: والفِجار: الطُّرُقُ مثل الفِجاج. ومُنْفَجَرُ الرمل: طريق يكون فيه.والفَجْر: تَفْجيرُكَ الماء، والمَفْجَرُ: الموضع يَنْفَجِرُ منه.وانْفَجَر الماءُ والدمُ ونحوهما من السيّال وتَفَجَّرَ: انبعث سائلاً.وفَجَرَه هو يَفْجُره، بالضم، فَجْراً فانْفَجَرَ أَي بَجَسه فانْبَجَس.وفَجَّره: شُدّد للكثرة؛ وفي حديث ابن الزبير: فَجَّرْت بنفسك أَي نسبتها إِلى الفُجورِ كما يقال فَسَّقْته وكَفَّرْته.والمَفْجَرةُ والفُجْرةُ، بالضم: مُنْفَجَر الماء من الحوض وغيره، وفي الصحاح: موضع تَفَتُّح الماء. وفَجْرَة الوادي: مُتَّسعه الذي ينفجر إِليه الماء كثُجْرتَه. والمَفْجَرة: أَرض تطمئنّ فتنفجر فيها أَوْدِية.وأَفْجَرَ يَنْبُوعاً من ماء أَي أَخرجه. ومَفاجر الوادي: مَرَافضه حبث يرفضُّ إِليه السيل. وانْفَجَرَتْ عليهم الدواهي: أَتتهم من كل وجه كثيرة بَغْتة؛ وانْفَجَر عليهم القومُ، وكله على التشبيه. والمُتَفَجِّر: فرس الحرث بن وَعْلَةَ كأَنه يَتَفَجَّرُ بالعرق.والفَجَر: العطاء ولكرم والجود والمعروف؛ قال أَبو ذؤيب:
مَطاعيمُ للضَّيْفِ حين الشِّتا_ءِ، شُمُّ الأُنوفِ، كثِيرُو الفَجَرْ
وقد تَفَجَّرَ بالكَرم وانْفَجَرَ. أَبو عبيدة: الفَجَر الجود الواسع والكرم، من التَّفَجُّرِ في الخير؛ قال عمرو بن امرئ القيس الأَنصاري يخاطب مالك بن العجلان:
يـــــا مـــــالِ، والســـــَّيِّدُ المُعَمَّــــمُ قــــد
يُبْطِرُهـــــــ، بَعْــــــدَ رأْيهِــــــ، الســــــَّرَفُ
نَحْـــــنُ بمـــــا عنـــــدنا، وأَنـــــت بمــــا
عِنـــــــدك راضــــــٍ، والــــــرأْي مختلــــــف
يـــــا مـــــالِ، والحَــــقُّ إِن قَنِعْــــتَ بهــــ،
فـــــــالحقُّ فيـــــــه لأَمرِنـــــــا نَصـــــــَفُ
خـــــالفتَ فـــــي الــــرأْي كــــلَّ ذي فَجَــــرٍ،
والحقُّــــ، يــــا مــــالِ، غيــــرُ مـــا تَصـــِفُ
إِنَّ بُجَيْـــــــــراً مـــــــــولىً لِقَــــــــوْمِكُمُ،
والحَـــــــقُّ يُـــــــوفى بـــــــه ويُعْتَــــــرَفُ
قال ابن بري: وبيت الاستشهاد أَورده الجوهري:
خـــــالفتَ فـــــي الــــرأْي كــــلَّ ذي فَجَــــرٍ،
والبَغْيُــــ، يــــا مــــالِ، غيـــرُ مـــا تَصـــفُ
قال: وصواب إِنشاده:
والحقــــ، يــــا مــــال، غيــــر مـــا تصـــف
قال: وسبب هذا الشعر أَنه كان لمالك بن العَجْلان مَوْلى يقال له بُجَيْر، جلس مع نَفَرٍ من الأَوْس من بني عمرو بن عوف فتفاخروا، فذكر بُجَيْر مالك بن العجلان وفضله على قومه، وكان سيد الحيَّيْنِ في زمانه، فغضب جماعة من كلام بُجير وعدا عليه رجل من الأَوس يقال له سُمَيْر بن زيد ابن مالك أَحد بني عمرو بن عوف فقتله، فبعث مالك إِلى عمرو بن عوف أَن ابعثوا إِليَّ بسُمَيْر حتى أَقتله بَمَوْلايَ، وإِلا جَرَّ ذلك الحرب بيننا، فبعثوا إِليه: إِنا نعطيك الرضا فخذ منا عَقْله، فقال: لا آخذ إِلا دِيَةَ الصَّريحِ، وكانت دية الصَّريح ضعف دية المَوْلى، وهي عشر من الإِبل، ودِيةُ المولى خمس، فقالوا له: إِن هذا منك استذلال لنا وبَغْيٌ علينا، فأَبى مالك إِلا أَخْذَ دِيَةِ الصريح، فوقعت بينهم الحرب إِلى أَن اتفقوا على الرضا بما يحكم به عمرو بن امرئ القيس، فحكم بأَن يُعْطى دية المولى، فأَبى مالك، ونَشِبَت الحرب بينهم مدة على ذلك. ابن الأَعرابي: أَفْجَر الرجلُ إذا جاء بالفَجَرِ، وهو المال الكثير، وأَفْجَرَ إذا كذب، وأَفْجَرَ إذا عصى، وأَفْجَرَ إذا كفر. والفَجَرُ: كثرة المال؛ قال أَبو مِحْجن الثقفي:
فقــــد أَجُــــودُ، ومـــا مَـــالي بـــذي فَجَـــرٍ،
وأَكْتُـــــم الســـــرَّ فيــــه ضــــَرْبَةُ العُنُــــقِ
ويروى: بذي قَنَعٍ، وهو الكثرة، وسيأْتي ذكره. والفَجَر: المال؛ عن كراع. والفَاجرُ: الكثير المالِ، وهو على النسب.وفَجَرَ الإِنسانُ يَفْجُرُ فَجْراً وفُجوراً: انْبَعَثَ في المعاصي.وفي الحديث: إِن التُّجَّار يُبْعثون يوم القيامة فُجَّاراً إِلا من اتقى الله؛ الفُجَّار: جمع فاجِرٍ وهو المْنْبَعِث في المعاصي والمحارم. وفي حديث ابن عباس، رضي عنهما، في العُمْرة: كانوا يَرَوْنَ العمرة في أَشهر الحج من أَفْجَرِ الفُجورِ أَي من أَعظم الذنوب؛ وقول أَبي ذؤيب:
ولا تَخْنُـــــــــوا عَلَـــــــــيَّ ولا تَشــــــــِطُّوا
بقَــــــوْل الفَجْــــــرِ، إِنَّ الفَجْــــــر حُـــــوبُ
يروى: الفَجْر والفَخْر، فمن قال الفَجْر فمعناه الكذب، ومن قال الفَخر فمعناه التَّزَيُّد في الكلام. وفَجَرَ فُجُوراً أَي فسق. وفَجَر إذا كذب، وأَصله الميل. والفاجرُ: المائل؛ وقال الشاعر:
قَتَلْتُــــم فــــتىً لا يَفْجُــــر اللــــهَ عامـــداً،
ولا يَحْتَــــــويه جــــــارُه حيــــــن يُمْحِــــــل
أَي لا يَفْجُر أَمرَ الله أَي لا يميل عنه ولا يتركه. الهوزاني: الافْتِجارُ في الكلام اخْتِراقُه من غير أَن تَسْمعه من أَحد فَتَتَعَلَّمَهُ؛ وأَنشد:
نــــــــازِعِ القــــــــومَ، إذا نـــــــازَعْتَهُمْ،
بـــــــــــــــأَرِيبٍ أَو بِحَلاَّفٍ أَيَـــــــــــــــلْ
يَفْجُـــــرُ القـــــولَ ولـــــم يَســـــْمَعْ بهــــ،
وهـــــو إِنْ قيلَ: اتَّـــــقِ اللهَـــــ، احْتَفَـــــلْ
وفَجَرَ الرجلُ بالمرأَة يَفْجُر فُجوراً: زنا. وفَجَرَت المرأَة: زنت.ورجل فاجِرٌ من قوم فُجَّارٍ وفَجَرَةٍ، وفَجورٌ من قوم فُجُرٍ، وكذلك الأُنثى بغير هاء؛ وقوله عز وجل: بل يريد الإِنسان ليَفْجُرَ أَمامَهُ؛ أَي يقول سوف أَتوب؛ ويقال: يُكْثرُ الذنوبَ ويؤخّر التوبة، وقيل: معناه أَنه يسوِّف بالتوبة ويقدم الأَعمال السيئة؛ قال: ويجوز، والله أَعلم، ليَكْفُر بما قدّامه من البعث. وقال المؤرج: فَجَرَ إذا ركب رأْسه فمضى غير مُكْتَرِثٍ. قال: وقوله ليَفْجُرَ، ليمضي أَمامه راكباً رأْسه. قال: وفَجَرَ أَخطأَ في الجواب، وفَجَرَ من مرضه إذا برأَ، وفَجَرَ إذا كلَّ بصرُه.ابن شميل: الفُجورُ الركوب إِلى ما لا يَحِلُّ. وحلف فلان على فَجْرَةَ واشتمل على فَجْرَةَ إذا ركب أَمراً قبيحاً من يمين كاذبة أَو زِناً أَو كذب. قال الأَزهري: فالفَجْرُ أَصله الشق، ومنه أُخِذَ فَجْرُ السِّكْرِ، وهو بَثْقُه، ويسمى الفَجْرُ فَجْراً لانْفِجارِه، وهو انصداع الظلمة عن نور الصبح. والفُجورُ: أَصله الميل عن الحق؛ قال لبيد يخاطب عمه أَبا مالك:
فقلتُ: ازْدَجِـــــرْ أَحْنــــاءَ طَيْرِكَــــ، واعْلَمَــــنْ
بــــــأَنك، إِنْ قَــــــدَّمْتَ رِجْلَكَــــــ، عـــــاثِر
فأَصـــــْبَحْتَ أَنَّـــــى تأْتِهـــــا تَبْتَئِسْ بهـــــا،
كِلا مَرْكَبَيهــــــا، تحـــــتَ رِجْلِكَـــــ، شـــــاجِرُ
فـــــإِن تَتَقَـــــدَّمْ تَغْـــــشَ منهــــا مُقَــــدِّما
غليظـــــاً، وإِن أَخَّـــــرْتَ فالكِفْـــــلُ فـــــاجِرُ
يقول: مَقْعد الرديف مائل. والشاجر: المختلف. وأَحْناءَ طَيرِك أَي جوانب طَيْشِكَ. والكاذب فاجرٌ والمكذب فاجرٌ والكافر فاجرٌ لميلهم عن الصدق والقصد؛ وقول الأَعرابي لعمر:
فــــاغفر لهــــ، اللهمَّــــ، إِن كــــان فَجَــــرْ
أَي مال عن الحق، وقيل في قوله: ليَفْجُرَ أَمامه: أَي ليُكَذِّبَ بما أَمامه من البعث والحساب والجزاء. وقول الناس في الدعاء: ونَخْلَع ونترك مَنْ يَفْجُرُك؛ فسره ثعلب فقال: مَنْ يَفْجُرُك من يعصيك ومن يخالفك، وقيل: من يضع الشيء في غير موضعه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً استأْذنه في الجهاد فمنعه لضعف بدنه، فقال له: إِن أَطلقتني وإِلا فَجَرْتُكَ؛ قوله: وإِلا فَجَرْتُكَ أَي عصيتك وخالفتك ومضيت إِلى الغَزْوِ، يقال: مال من حق إِلى باطل. ابن الأَعرابي: الفَجُور والفاجِرُ المائل والساقط عن الطريق. ويقال للمرأَة: يا فَجارِ، معدول عن الفاجِرةِ، يريد: يا فاجِرةُ. وفي حديث عائشة رضي اللَّه عنها: يا لَفُجَر، هو معدول عن فاجِرٍ للمبالغة ولا يستعمل إِلا في النداء غالباً. وفَجارِ: اسم للفَجْرَة والفُجورِ مثل قَطامِ، وهو معرفة؛ قال النابغة:
إِنــــــا اقْتَســــــَمْنا خُطَّتَيْنـــــا بيننـــــا:
فَحَمَلْــــــتُ بَــــــرَّةَ، واحتملــــــتَ فَجــــــارِ
قال ابن سيده: قال ابن جني: فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ، وفَجْرَةُ علم غير مصروف، كما أَن بَرَّةَ كذلك؛ قال: ووقول سيبويه إِنها معدولة عن الفَجْرَةِ تفسير على طريق المعنى لا على طريق اللفظ، وذلك أَن سيبويه أَراد أَن يعرِّف أَنه معدول عن فَجْرَةَ علماً فيريك ذلك فعدل عن لفظ العلمية المراد إِلى لفظ التعريف فيها المعتاد، وكذلك لو عدلتَ عن بَرَّةَ قلت بَرَارِ كما قلت فَجارِ، وشاهد ذلك أَنهم عدلوا حَذام وقَطام عن حاذمة وقاطمة، وهما علمان، فكذلك يجب أَن تكون فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ علماً أَيضاً.وأَفْجَرَ الرجلَ: وجده فاجِراً. وفَجَرَ أَمرُ القوم: فسد. والفُجور: الرِّيبة، والكذب من الفُجُورِ. وقد ركب فلان فَجْرَةَ وفَجارِ، لا يُجْرَيان، إذا كذب وفَجَرَ. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِياكم والكذب فإِنه مع الفُجُورِ، وهما في النار؛ يريد الميل عن الصدق وأَعمال الخير.وأَيامُ الفِجارِ: أَيامٌ كانت بين قَيْسٍ وقريش. وفي الحديث: كنت أَيام الفِجارِ أَنْبُلُ على عمومتي، وقيل: أَيام الفِجارِ أَيام وقائع كانت بين العرب تفاجروا فيها بعُكاظَ فاسْتَحَلُّوا الحُرُمات. الجوهري: الفِجارُ يوم من أَيام العرب، وهي أَربعة أَفْجِرَةٍ كانت بين قريش ومَن معها من كِنانَةَ وبين قَيْس عَيْلان في الجاهلية، وكانت الدَّبْرة على قيس، وإِنما سَمَّتْ قريش هذه الحرب فِجاراً لأَنها كانت في الأَشهر الحرم، فلما قاتلوا فيها قالوا: قد فَجَرْنا فسميت فِجاراً. وفِجاراتُ العرب: مفاخراتها، واحدها فِجارٌ. والفِجاراتُ أَربعة: فِجار الرجل، وفِجار المرأَة، وفِجار القِرْد، وفِجار البَرَّاضِ، ولكل فِجار خبر. وفَجَرَ الراكبُ فُجوراً: مال عن سرجه. وفَجَرَ؛ وفي حديث عمر، رضي الله عنه: اسْتَحْمَلَه أَعرابي وقال: إِن ناقتي قد نَقِبتْ، فقال له: كذبتَ، ولم يحمله، فقال:
أَقْســــــَمَ بـــــال أَبـــــو حَفْـــــصٍ عُمَـــــرْ:
مـــــا مَســـــَّها مـــــن نَقَـــــبٍ ولا دَبَـــــرْ،
فــــاغفر لهــــ، اللهمَّــــ، إِن كــــان فَجَــــر
ْ أَي كذب ومال عن الصدق. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: لأَن يُقَدَّمَ أَحدُكم فتُضْرَب عُنُقُه خير له من أَن يَخُوض غَمَراتِ الدنيا، يا هادي الطريق جُرْتَ، إِنما الفَجْر أَو البحر؛ يقول: ان انتظرت حتى يضيء لك الفجرُ أَبْصَرْتَ قصدك، وإِن خَبَطت الظلماء وركبت العَشْواء هجما بك على المكروه؛ يضرب الفَجْر والبحر مثلاً لغمرات الدنيا، وقد تقدم البحرُ في موضعه.