المعنى:
العَصْفُ والعَصْفة والعَصِيفة والعُصافة؛ عن اللحياني: ما كان على ساق الزرع من الورق الذي يَيْبَسُ فَيَتَفَتَّتُ، وقيل: هو ورقه من غير أَن يُعَيَّن بيُبْس ولا غيره، وقيل: ورقه وما لا يؤكل. وفي التنزيل: والحبُّ ذو العَصْف والرَّيْحانُ؛ يعني بالعصف ورق الزرع وما لا يؤكل منه، وأَمّا الريحان فالرزق وما أُكل منه، وقيل: العَصف والعَصِيفةُ والعُصافة التّبْن، وقيل: هو ما على حبّ الحِنطة ونحوها من قُشور التبن. وقال النضر: العَصْف القَصِيل، وقيل: العصف بقل الزرع لأَن العرب تقول خرجنا نَعْصِفُ الزرع إذا قطعوا منه شيئاً قبل إدْراكه فذلك العَصْفُ. والعَصْفُ والعَصِيفةُ: ورق السُّنْبُل. وقال بعضهم: ذو العَصف، يريد المأْكول من الحبّ، والريحان الصحيح الذي يؤكل، والعصْفُ والعَصِيف: ما قُطِع منه، وقيل: هما ورق الزرع الذي يميل في أَسفله فتَجُزّه ليكون أَخفّ له، وقيل: العصْفُ ما جُزَّ من ورق الزرع وهو رَطْب فأُكل. والعَصِيفةُ: الورق المُجْتَمِع الذي يكون فيه السنبل. والعَصف: السُّنْبل، وجمعه عُصوف. وأَعْصَفَ الزرعُ: طال عَصْفُه. والعَصِيفةُ: رؤوس سنبل الحِنْطة. والعصف والعَصِيفة: الورق الذي يَنْفَتح عن الثمرة والعُصافة: ما سقط من السنبل كالتبن ونحوه. أَبو العباس: العَصْفانِ التِّبْنانِ، والعُصوفُ الأَتْبانُ. قال أَبو عبيدة: العصف الذي يُعصف من الزرع فيؤكل، وهو العصيفة؛ وأَنشد لعَلْقَمة بن عَبْدَة:
تَســـقِي مــذانِبَ قــد مــالَتْ عَصــِيفَتُها
ويروى: زالت عصيفتها أَي جُزَّ ثم يسقى ليعود ورقه. ويقال: أَعْصَف الزرع حان أَن يجزَّ. وعَصَفْنا الزرع نَعْصِفُه أَي جززنا ورقه الذي يميل في أَسفله ليكون أخف للزرع، وقيل: جَزَزْنا ورقه قبل أَن يُدْرِك، وإن لم يُفعل مالَ بالزرع، وذكر اللّه تعالى في أَول هذه السورة ما دلَّ على وحدانيته من خَلْقِه الإنسان وتَعْلِيمه البيانَ، ومن خلق الشمس والقمر والسماء والأَرض وما أَنبت فيها من رزقِ من خلق فيها من إنسيّ وبهيمة، تبارك اللّه أَحسن الخالقين. واسْتعْصفَ الزرعُ: قَصَّب. وعَصَفَه يَعْصِفُه عَصْفاً: صرمَه من أَقْصابه. وقوله تعالى كعَصْف مأْكول، له معنيان: أَحدهما أَنه جعل أَصحاب الفيل كورق أُخذ ما فيه من الحبّ وبقي هو لا حب فيه، والآخر أَنه أَراد أَنه جعلهم كعصف قد أَكله البهائم. وروي عن سعيد بن جبير أَنه قال في قوله تعالى كعصف مأَكول، قال: هو الهَبُّور وهو الشعير النابت، بالنبطية. وقال أَبو العباس في قوله كعصف قال: يقال فلان يَعْتَصِفُ إذا طلب الرزق، وروي عن الحسن أَنه الزرع الذي أُكل حبه وبقي تِبْنه؛ وأَنشد أَبو العباس محمد بن يزيد:
فصــــُيِّروا مِثْــــلَ كعَصــــْفٍ مــــأْكولْ
أَراد مثل عصف مأْكول، فزاد الكاف لتأْكيد الشبه كما أَكده بزيادة الكاف في قوله تعالى: ليس كمثله شيء، إلا أنه في الآية أَدخل الحرف على الاسم وهو سائغ، وفي البيت أَدخل الاسم وهو مثل على الحرف وهو الكاف، فإن قال قائل بماذا جُرَّ عَصْف أَبالكاف التي تُجاوِرُه أَم بإضافة مثل إليه على أَنه فصل بين المضاف والمضاف إليه؟ فالجواب أَن العصف في البيت لا يجوز أَن يكون مجروراً بغير الكاف وإن كانت زائدة، يدُلّك على ذلك أَن الكاف في كل موضع تقع فيه زائدة لا تكون إلا جارَّة كما أَنَّ من وجميع حروف الجرّ في أَي موضع وقَعْن زوائد فلا بد من أَن يجررن ما بعدهن، كقولك ما جاءني من أَحد ولست بقائم، فكذلك الكاف في كعصف مأْكول هي الجارَّة للعصف وإن كانت زائدة على ما تقدَّم، فإن قال قائل: فمن أَيْنَ جاز للاسم أَن يدخل على الحرف في قوله مثل كعصف مأْكول؟ فالجواب أَنه إنما جاز ذلك لما بين الكاف ومثل من المُضارَعة في المعنى، فكما جاز لهم أَن يُدخلوا الكاف على الكاف في قوله:
وصــــــالِياتٍ كَكمــــــا يُــــــؤَثْفَينْ
لمشابهته لمثل حتى كأَنه قال كمثل ما يؤثفين كذلك أَدخلوا أَيضاً مثلاً على الكاف في قوله مثل كعصف، وجعلوا ذلك تنبيهاً على قوَّة الشبه بين الكاف ومثل. ومَكان مُعْصِفٌ: كثير الزرع، وقيل: كثير التبن؛ عن اللحياني؛ وأَنشد:
إذا جُمــــــادَى مَنَعَــــــت قَطْرهـــــا
زانَ جَنـــــــابي عَطَــــــنٌ مُعْصــــــِفُ
هكذا رواه، وروايتنا مُغْضِف، بالضاد المعجمة، ونسب الجوهري هذا البيت لأَبي قيس بن الأَسلت الأَنصاري؛ قال ابن بري: هو لأُحَيْحةَ بن الجُلاح لا لأَبي قيس.وعَصَفَتِ الرِّيحُ تَعْصِف عَصْفاً وعُصوفاً، وهي ريح عاصِف وعاصِفةٌ ومُعْصِفَة وعَصوف، وأَعْصفت، في لغة أَسد، وهي مُعصِف من رياح مَعاصِفَ ومَعاصِيفَ إذا اشتدَّت، والعُصوف للرِّياح. وفي التنزيل: والعاصفاتِ عَصْفاً، يعني الرياح، والرّيحُ تَعْصِفُ ما مَرَّت عليه من جَوَلان التراب تمضي به، وقد قيل: إن العَصْف الذي هو التِّبْن مشتق منه لأَن الريح تعصف به؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقوي. وفي الحديث: كان إذا عَصَفَتِ الريحُ أَي إذا اشتدَّ هُبوبُها. وريح عاصف: شديدة الهُبوب. والعُصافةُ: ما عَصَفَت به الريح على لفظ عُصافة السُّنْبُل. وقال الفراء في قوله تعالى: أَعمالُهم كَرماد اشتدَّت به الريح في يوم عاصف، قال: فجعل العُصوف تابعاً لليوم في إعرابه، وإنما العُصوف للرياح، قال: وذلك جائز على جهتين: إحداهما أَن العُصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به لأَن الريح تكون فيه، فجاز أَن يقال يوم عاصف كما يقال يوم بارد ويوم حارّ والبرد والحرّ فيهما، والوجه الآخر أَن يريد في يوم عاصِف الريحِ فتحذف الريح لأَنها قد ذكرت في أَوَّل كلمة كما قال:
إذا جاء يومٌ مُظْلِمُ الشمسِ كاسِفُ يريد كاسِف
الشمس فحذفه لأَنه قدم ذكره. وقال الجوهري: يوم عاصف أَي تَعْصِف فيه الريح، وهو فاعل بمعنى مفعول فيه، مثل قولهم لَيْلٌ نائمٌ وهَمٌّ ناصبٌ، وجمع العاصِف عَواصِفُ. والمُعْصِفاتُ: الرِّياحُ التي تُثير السَّحاب والوَرَق وعَصْفَ الزَّرعِ. والعَصْفُ والتعصُّف: السُّرعة، على التشبيه بذلك. وأَعْصَفَتِ الناقةُ في السير: أَسْرَعتْ، فهي مُعْصفة؛ وأَنشد:
ومــن كــلِّ مِســْحاجٍ، إذا ابْتَــلَّ لِيتُهـا
تَخَلَّـــــبَ منهــــا ثــــائبٌ مُتَعَصــــِّفُ
يعني العَرَق. وأَعْصَفَ الفَرِسُ إذا مرَّ مرّاً سَريعاً، لغة في أَحْصَف. وحكى أَبو عبيدة: أَعْصَف الرجل أَي هَلَك. والعَصيفةُ: الوَرقُ المجتمع الذي يكون فيه السُّنْبُل. والعَصُوف: السريعة من الإبل. قال شمر: ناقة عاصف وعَصُوفٌ سريعة؛ قال الشمَّاخ:
فأَضـــْحَت بصـــَحْراء البَســـِيطةِ عاصــفاً
تُــوالي الحَصــى سـُمْرَ العُجايـاتِ مُجْمِـرَا
وتُجْمَعُ الناقةُ العَصوفُ عُصُفاً؛ قال رؤبة:
بعُصــــُفِ المَــــرِّ خِمــــاصِ الأَقْصــــابْ
يعني الأَمعاء. وقال النضر: إعْصافُ الإبل اسْتِدارتها حول البِئر حِرْصاً على الماء وهي تطحنُ التراب حوله وتُثِيره. ونَعامة عَصُوفٌ: سريعة، وكذلك الناقة، وهي التي تَعْصِفُ براكبها فتَمضي به.والإعصاف: الإهْلاك. وأَعْصَف الرجلُ: هلَك. والحَرب تَعْصِف بالقوم: تَذهَب بهم وتُهْلِكُهم؛ قال الأَعشى:
فـــــي فَيْلَــــقٍ جَــــأْواء مَلْمُومــــةٍ
تَعْصــــــِف بالــــــدَّارِعِ والحاســـــِر
أَي تُهْلِكهما. وأَعصَف الرجلُ: جار عن الطريق. قال المُفَضَّل: إذا رمى الرجل غَرَضاً فصاف نبلُه قيل إن سهمك لعاصِفٌ، قال: وكلُّ مائل عاصِفٌ؛ وقال كثِّير:
فَمَـــرّت بلَيْلٍـــ، وهــي شــَدْفاء عاصــِفٌ
بمُنْخَـــرَقِ الـــدَّوداة، مَـــرَّ الخَفَيــدَدِ
قال اللحياني: هو يَعْصِفُ ويَعْتَصِفُ ويَصْرِفُ ويَصْطَرِف أَي يكسب.وعَصَفَ يَعْصِفُ عَصْفاً واعتصَف: كسَب وطلَب واحْتالَ، وقيل: هو كَسْبُه لأَهله. والعَصْفُ: الكسب؛ ومنه قول العجاج:
قــد يَكْســِبُ المــالَ الهِــدانُ الجــافي
بغَيــــر مــــا عَصــــْفٍ ولا اصــــْطِرافِ
والعُصُوفُ: الكَدُّ . والعُصوفُ: الخُمور.