المعنى:
العُرْقُوب: العَصَبُ الغليظُ، المُوَتَّرُ، فوق عَقِبِ الإِنسان. وعُرْقُوبُ الدابة في رجلها، بمنزلة الرُّكْبة في يدها؛ قال أَبو دُواد:
حَديـدُ الطَّـرْفِ والمَنْكِ_بِ والعُرْقُوب والقَلْبِ
قال الأَصمعي: وكل ذي أَربع، عُرْقُوباه في رجليه، ورُكبتاه في يديه. والعُرْقُوبانِ من الفرس: ما ضَمَّ مُلْتَقَى الوَظِيفَين والساقَيْن من مآخِرِهما، من العَصَب؛ وهو من الإِنسان، ما ضَمَّ أَسفَل الساقِ والقَدَم. وعَرْقَبَ الدابة: قَطَعَ عُرْقُوبَها. وتَعَرْقَبَها: ركبها من خَلْفها. الأَزهري: العُرْقُوب عَصَبٌ مُوَتَّرٌ خَلْفَ الكعبين، ومنه قول النبي، صلى اللّه عليه وسلم: ويْلٌ للعَراقِيبِ من النارِ، يعني في الوُضوءِ.وفي حديث القاسم، كان يقول للجَزَّارِ: لا تُعَرْقِبْها أَي لا تَقْطَعْ عُرْقُوبَها، وهو الوَتَرُ الذي خَلْفَ الكعبين مِن مَفْصِل القدم والساق، من ذوات الأَربع؛ وهو من الإِنسان فُوَيْقَ العَقِب. وعُرْقُوبُ القَطا: ساقُها، وهو مما يُبالَغُ به في القِصَر، فيقال: يومٌ أَقْصَرُ من عُرقُوبِ القَطا؛ قال الفِنْدُ الزِّمَّانيُّ:
ونَبْلِــي وفُقَاهــا ك_عَراقِيــبِ قَطـاً طُحْـلِ
قال ابن بري: ذكر أَبو سعيد السيرافيّ، في أَخبار النحويين، أَن هذا البيت لامرئِ القيس بن عابس؛ وذَكَر قبله أَبياتاً وهي:
أَيـــــا تَمْلِكُـــــ، يـــــا تَمْلِيــــ،
ذَرينـــــــــــي وذَري عَــــــــــذْلي،
ذَرينــــــــي وســـــــِلاحي، ثُـــــــم
شـــــــُدِّي الكَـــــــفَّ بـــــــالعُزلِ،
ونَبْلِــي وفُقاهــا ك_عَراقيـبِ قَطـاً طُحْلِـ،
وثَوْبــــــــــــايَ جَديـــــــــــدانِ،
وأُرخـــــــي شـــــــَرَكَ النَّعْلِـــــــ،
ومنــــــــي نظْـــــــرَةٌ خَلْفيـــــــ،
ومِنِّــــــــي نَظْـــــــرةٌ قبْليـــــــ،
فإِمَّــــــا مِـــــتُّ يـــــا تَمْلِيـــــ،
فَمُــــــــوتِي حُــــــــرَّةً مِثْلـــــــي
وزاد في هذه الأَبيات غيره:
وقـد أَخْتَلِـسُ الضـَّرْبَ_ةَ، لا يَدْمَى لها نَصْلي
وقـد أَخْتَلِـسُ الطَّعْنَ_ةَ، تَنْفـي سـَنَنَ الرِّجْلِ
كَجَيْبِ الدِّفْنِسِ الوَرْها_ءِ، رِيعَتْ وهي تَسْتَفْلِي
قال: والذي ذكره السيرافيّ في تاريخ النحويين: سَنَنَ الرِّجْل، بالراءِ، قال: ومعناه أَن الدم يسيل على رِجْله، فيُخْفِي آثارَ وَطْئِها. وعُرْقُوبُ الوادِي: ما انْحَنَى منه والتَوَى، والعُرْقُوبُ مِن الوادي: موضع فيه انْحِناءٌ والتِواءٌ شديدٌ. والعُرْقُوب: طَريقٌ في الجَبل؛ قال الفراء: يُقال ما أَكْثَرَ عَراقيبَ هذا الجبل، وهي الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ في مَتْنِه، قال الشاعر:
ومَخُــــوفٍ، مــــن المنــــاهِلِ، وَحْـــشٍ
ذِي عَراقيبَــــــ، آجِــــــنٍ مِـــــدْفان
والعُرْقُوبُ: طريقٌ ضَيّقٌ يكون في الوَادي البعيدِ القَعْرِ، لا يَمْشِي فيه إِلا واحدٌ. أَبو خَيْرة: العُرْقُوبُ والعَراقِيبُ، خَياشيم الجبالِ وأَطرافُها، وهي أَبْعدُ الطُّرق، لأَنك تَتَّبِع أَسْهَلَها أَيْنَ كان. وتَعَرقَبْتُ إذا أَخَذْتَ في تلك الطُّرُق. وتَعَرْقَبَ لخصْمِه إذا أَخَذَ في طَريق تَخْفى عليه؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا حَبَـــــا قُــــفٌّ لــــه تَعَرْقَبــــا
معناه: أَخَذَ في آخَرَ، أَسْهَلَ منه؛ وأَنشد:
إِذا مَنْطِــــــقٌ زَلَّ عـــــن صـــــاحِبي،
تَعَرْقَبْــــــتُ آخَــــــرَ ذا مُعْتَقَــــــبْ
أَي أَخَذْتُ في مَنْطِقٍ آخَرَ أَسْهَلَ منه. ويُرْوَى تَعَقَّبْتُ.وعَراقيبُ الأُمور، وعَراقيلُها: عظامُها، وصعابُها، وعَصاويدُها، وما دَخَلَ من اللَّبْس فيها، واحدُها عُرْقُوب.وفي المثل: الشَّرُّ أَلْجأَهُ إِلى مُخِّ العُرْقُوبِ. وقالوا: شَرُّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّة عُرْقُوبٍ؛ يُضْرَبُ هذا، عند طَلبِكَ إِلى اللَّئِيم، أَعْطاكَ أَو مَنَعك. وفي النوادر: عَرْقَبْتُ للبعير، وعَلَّيْتُ له إذا أَعَنْتَه بِرَفْعٍ.ويُقال: عَرْقِبْ لبعيرِك أَي ارْفَعْ بعُرْقُوبِه حتى يقُومَ.والعَرَبُ تسمي الشِّقِرَّاقَ: طَيْرَ العَراقيبِ، وهم يَتَشاءَمون به، ومنه قول الشاعر:
إِذا قَطَنَّـــا بَلَّغْتِنِيهِـــ، ابــنَ مُــدْرِكٍ،
فلاقَيْـــتِ مِـــن طَيــرِ العَراقيــبِ أَخْيَلا
وتقول العربُ إذا وقَعَ الأَخْيَلُ على البَعِير: لَيُكْسَفَنَّ عُرْقوباه.أَبو عمرو: تقول إذا أَعْياكَ غَريمُكَ فَعَرْقِبْ أَي احْتَلْ؛ ومنه قول الشاعر:
ولا يُعْيِيــــــكَ عُرْقُــــــوبٌ لِـــــوَأْيٍ،
إِذا لـــم يُعْطِكَـــ، النَّصـــَفَ، الخَصــِيمُ
ومن أَمثالهم في خُلْفِ الوَعْدِ: مواعِيدُ عُرْقوب. وعُرْقُوبٌ: اسم رجل من العَمالِقة؛ قيل هو عُرْقُوبُ بن مَعْبَدٍ، كان أَكذبَ أَهل زمانه؛ ضَرَبَتْ به العَرَبُ المَثَلَ في الخُلْف، فقالوا: مَواعِيدُ عُرْقوبٍ. وذلك أَنه أَتاه أَخٌ له يسأَله شيئاً، فقال له عُرْقوبٌ: إذا أَطْلَعَتْ هذه النخلةُ، فلكَ طَلْعُها؛ فلما أَطْلَعَتْ، أَتاه للعِدَةِ، فقال له: دَعْها حتى تصيرَ بَلَحاً، فلما أَبْلَحَتْ قال: دَعْها حتى تَصيرَ زَهْواً، فلما أَبْسَرَتْ قال: دَعْها حتى تَصير رُطَباً، فلما أَرْطَبَتْ قال: دَعْها حتى تصير تمراً، فلما أَتْمَرَتْ عَمدَ إِليها عُرْقُوبٌ من الليل، فَجَدَّها، ولم يُعْطِ أَخاه منه شيئاً، فصارت مَثَلاً في إِخْلاف الوعد؛ وفيه يقول الأَشْجَعي:
وعَـــدْتَ، وكــان الخُلْــفُ منــكَ ســَجِيَّةً،
مَواعيــــدَ عُرْقُــــوبٍ أَخـــاه بيَتْـــرَبِ
بالتاءِ، وهي باليمامة؛ ويروى بيَثْرِبِ وهي المدينة نَفسُها؛ والأَوَّلُ أَصَحّ، وبه فُسِّر قول كعب بن زهير:
كـــانتْ مَواعِيـــدُ عُرْقُـــوبٍ لهــا مَثَلاً،
ومـــــا مَواعِيـــــدُها إِلاَّ الأَباطيــــلُ
وعُرْقُوبٌ: فرس زيدِ الفَوارِسِ الضَّبِّيِّ.