المعنى:
البَنَّة: الريح الطيِّبة كرائحة التُّفّاح ونحوها، وجمعُها بِنانٌ، تقول: أَجِدُ لهذا الثوب بَنَّةً طيِّبة من عَرْف تفاح أَو سَفَرْجَل. قال سيبويه: جعلوه اسماً للرائحة الطيبة كالخَمْطة. وفي الحديث: إن للمدينة بَنَّةً؛ البَنَّة: الريح الطيِّبة، قال: وقد يُطلق على المكروهة. والبَنَّة: ريحُ مَرابِضِ الغنم والظباء والبقر، وربما سميت مرابضُ الغنم بَنَّة؛ قال:
أَتــاني عـن أَبـي أَنَـسٍ وعيـدٌ،
ومَعْصــُوبٌ تَخُــبُّ بــه الرِّكــابُ
وعيـــدٌ تَخْـــدُجُ الأَرآمُ منهــ،
وتَكــره بَنَّــةَ الغَنـمِ الـذَّئابُ
ورواه ابن دريد: تُخْدِجُ أَي تَطْرَح أَولادَها نُقَّصاً. وقوله: معصوبٌ كتابٌ أَي هو وعيد لا يكونُ أَبداً لأَن الأَرْآم لا تُخْدِجُ أَبداً، والذئاب لا تكره بَنَّة الغنم أَبداً. الأَصمعي فيما روى عنه أَبو حاتم:البَنَّة تقال في الرائحة الطيّبة وغير الطّيبة، والجمع بِنانٌ؛ قال ذو الرمة يصف الثورَ الوحشيّ:
أَبَـنَّ بهـا عـوْدُ المَبـاءَةِ، طَيِّبٌ
نسيمَ البِنانِ في الكِناسِ المُظَلَّلِ
قوله: عَود المباءَة أَي ثَوْر قديم الكِناس، وإنما نَصَب النسيمَ لَمَّا نَوَّنَ الطيِّبَ، وكان من حقه الإضافةُ فضارع قولَهم هو ضاربٌ زيداً، ومنه قوله تعالى: أَلم نجعل الأَرضَ كِفاتاً أَحياء وأَمواتاً؛ أَي كِفاتَ أَحياءٍ وأَمواتٍ، يقول: أَرِجَتْ ريحُ مباءتنا مما أَصاب أَبعارَه من المطر. والبَنَّة أَيضاً: الرائحة المُنْتِنة، قال: والجمع من كل ذلك بِنانٌ، قال ابن بري: وزعم أَبو عبيد أَن البَنَّة الرائحة الطيّبة فقط، قال: وليس بصحيح بدليل قول عليّ، عليه السلام، للأَشْعث بن قَيْس حين خطَب إليه ابْنَتَه: قُمْ لعنك الله حائكاً فَلَكَأَنِّي أَجِدُ منكَ بَنَّةَ الغَزْلِ، وفي رواية قال له الأَشْعثُ بنُ قَيْس: ما أَحْسِبُكَ عَرَفْتني يا أَمير المؤْمنين، قال: بلى وإني لأَجِدُ بَنَّة الغزل منك أَي ريح الغزل، رماه بالحياكة، قيل: كان أَبو الأَشْعث يُولَع بالنِّساجة.والبِنُّ: الموضعُ المُنتِنُ الرائحة. الجوهري: البَنَّةُ الرائحة، كريهةً كانت أَو طيبةً. وكِناسٌ مُبِنٌّ أَي ذو بَنَّةٍ، وهي رائحة بَعْر الظِّباء. التهذيب: وروى شمر في كتابه أَن عمر، رضي الله عنه، سأَل رجلاً قَدِمَ من الثَّغْر فقال: هل شَرِبَ الجَيْشُ في البُنيات الصغار؟ قال: لا، إن القوم لَيُؤْتَوْنَ بالإناء فيَتداولُونه حتى يشربوه كلُّهم؛ قال بعضهم: البُنيات ههنا الأَقداحُ الصِّغار. والإبْنانُ: اللُّزومُ. وأَبْنَنْتُ بالمكان إِبْناناً إذا أَقمْت به. ابن سيده: وبَنَّ بالمكان يَبِنُّ بَنّاً وأَبَنَّ أَقام به؛ قال ذو الرمة:
أَبَـنَّ بهـا عَـوْدُ المبـاءةِ طَيِّـبٌ
وأَبي الأَصمعي إلا أَبَنَّ. وأَبَنّتِ السحابةُ: دامَتْ ولزِمَتْ.ويقال: رأَيت حيّاً مُبِنّاً بمكان كذا أَي مقيماً. والتبنينُ: التثبيت في الأَمر. والبَنِينُ: المتثبِّت العاقل. وفي حديث شريح: قال له أَعرابيّ وأَراد أَن يَعْجَل عليه بالحكومة. تَبَنَّن، أَي تثَبَّتْ، من قولهم أَبَنَّ بالمكان إذا أَقام فيه؛ وقوله:
بَــلَّ الــذُّنابا عَبَســاً مُبِنّــاً
يجوز أَن يكون اللازمَ اللازق، ويجوز أَن يكون من البَنَّة التي هي الرائحة المنتنة، فإما أَن يكون على الفعل، وإما أَن يكون على النسب.والبَنان: الأَصابع: وقيل: أَطرافها، واحدتها بَناتةٌ؛ وأَنشد ابن بري لعباس بن مرداس:
أَلا ليتَنـي قطَّعـتُ منـه بَنـانَه،
ولاقَيْتُـه يَقْظان في البيتِ حادِرا
وفي حديث جابر وقتْل أَبيه يومَ أُحُد: ما عَرَفْتُه إلا ببَنانه.والبَنانُ في قوله تعالى: بَلَى قادرين على أَن نُسوّيَ بَنانه؛ يعني شَواهُ؛ قال الفارسي: نَجْعلُها كخُفّ البعير فلا ينتفع بها في صناعة؛ فأَما ما أَنشده سيبويه من قوله:
قـد جَعَلَـت مَيٌّـ، علـى الطِّـرارِ،
خَمْــسَ بنــانٍ قــانِئ الأَظفــارِ
فإنه أَضاف إلى المفرد بحسب إضافة الجنس، يعني بالمفرد أَنه لم يكسَّر عليه واحدُ الجمع، إنما هو كسِدْرة وسِدَر، وجمعُ القلة بناناتٌ. قال:وربما استعاروا بناءَ أَكثر العدد لأَقله؛ وقال:
خَمْــسَ بنــانٍ قــانئ الأَظفــار
يريد خمساً من البَنان. ويقال: بنانٌ مُخَضَّبٌ لأَن كل جمع بينه وبين واحده الهاءُ فإِنه يُوَحِّد ويذكَّرُ. وقوله عز وجل: فاضربوا فوق الأَعْناق واضربوا منهم كل بَنان؛ قال أَبو إسحق: البَنانُ ههنا جميعُ أَعضاء البدن، وحكى الأَزهري عن الزجاج قال: واحدُ البنان بَنانة، قال: ومعناه ههنا الأَصابعُ وغيرُها من جميع الأَعضاء، قال: وإنما اشتقاقُ البنان من قولهم أَبَنَّ بالمكان، والبَنانُ به يُعْتَمل كلُّ ما يكون للإقامة والحياة. الليث: البنان أَطرافُ الأَصابع من اليدين والرجلين، قال: والبَنان في كتاب الله هو الشَّوى، وهي الأَيدي والأَرجُل، قال: والبنانة الإصْبَعُ الواحدة؛ وأَنشد:
لا هُــمَّ أَكْرَمْــتَ بنــي كنـانهْ،
ليـــس لحــيٍّ فــوقَهم بَنــانهْ
أَي ليس لأَحدٍ عليهم فضل قِيسَ إصبعٍ. أَبو الهيثم قال: البَنانة الإصبعُ كلُّها، قال: وتقال للعُقدة العُليا من الإصبع؛ وأَنشد:
يُبَلِّغُنـا منهـا البَنـانُ المُطرَّفُ
والمُطرَّفُ: الذي طُرِّفَ بالحنّاء، قال: وكل مَفْصِل بَنانة.وبُنانةُ، بالضم: اسمُ امرأَة كانت تحتَ سَعْد بن لُؤَيّ بن غالبِ بن فِهْرٍ، ويُنسَبُ ولدُه إليها وهم رَهْط ثابت البُنانيّ. ابن سيده: وبُنانةُ حيٌّ من العرب، وفي الحديث ذكرُ بُنانة، وهي بضم الباء وتخفيف النون الأُولى مَحِلة من المَحالّ القديمة بالبَصرة. والبَنانة والبُنانة: الرَّوْضة المُعْشِبة. أَبو عمرو: البَنْبَنة صوتُ الفُحْشِ والقَذَع. قال ابن الأَعرابي: بَنْبَنَ الرجلُ إذا تكلَّم بكلام الفحش، وهي البَنْبنة؛ وأَنشد أَبو عمرو لكثير المحاربيّ:
قـد مَنَعَتْنـي البُـرَّ وهي تَلْحانْ،
وهــو كَــثيرٌ عنــدَها هِلِمّـانْ،
وهـي تُخَنْـذي بالمَقـالِ البَنْبانْ
قال: البَنْبانْ الرديءِ من المنطق والبِنُّ: الطِّرْق من الشحم يقال للدابة إذا سَمِنتْ:ركِبَها طِرْقٌ على طِرْقٍ الفراء في قولهم بَلْ بمعنى الاستدراك: تقول بَلْ واللّهِ لا آتيكَ وبَنْ واللّه، يجعلون اللام فيها نوناً، قال: وهي لغة بني سعد ولغة كلب، قال: وسمعت الباهِلِيين يقولون لا بَنْ بمعنى لا بَلْ، قال: ومن خَفيفِ هذا الباب بَنْ ولا بَنْ لغةٌ في بَلْ ولا بَلْ، وقيل: هو على البدل؛ قال ابن سيده: بَلْ كلمة استدراكٍ وإعلامٍ بالإضْراب عن الأَولِ، وقولهم: قام زيد بَلْ عَمْروٌ وبَنْ عَمْروٌ، فإن النون بدلٌ من اللام، أَلا ترى إلى كثرة استعمال بَلْ وقلَّة استعمال بَنْ والحُكْمُ على الأَكثر لا الأَقلِّ؟ قال: هذا هو الظاهر من أَمره قال ابن جني: ولسْتُ أَدفعُ مع هذا أَن يكون بَنْ لغةً قائمة بنفسها، قال: ومما ضوعف من فائِه ولامِه بَنْبان، غير مصروف، موضع؛ عن ثعلب؛ وأَنشد شمر:
فصـارَ ثنَاهـا في تميمٍ وغيرِهم،
عَشـِيَّة يأْتيهـا بِبَنْبـانَ عِيرُهـا
يعني ماءً لبني تميم يقال له بَنْبان؛ وفي ديار تميم ماءٌ يقال له بَنْبان ذكره الحُطيئة فقال:
مُقِيـمٌ علـى بَنْبـانَ يَمْنَعُ ماءَه،
ومـاءَ وَسـِيعٍ مـاءَ عَطْشـانَ مُرْملِ
يعني الزِّبْرِقان أَنه حَلأَه عن الماء.