بُكْرَهْ يْهِل رَجَبْ وِتْشُوفِ الْعَجَبْ

المعنى: 

أي: غدًا يهلُّ رجب، وهو الشهر الذي وعدنا فيه بالعجائب فنراها. والمراد: كل آت قريب فلا تكثروا من الأراجيف رجمًا بالغيب. وإنما خَصُّوا هذا الشهر بالذكر؛ لأن أصحاب الأجفار ومدَّعي علم الغيب يزعمون أن وقوع الحوادث الغريبة يكون بين جمادى ورجب، حتى اشتهر بين الناس قولهم: «بين جمادى ورجب تشوفوا العجب.» وأصل ذلك قول العرب في أمثالها: «العجب كل العجب بين جمادى ورجب.» وأول من قاله عاصم بن المقشعر الضبي، وكان أخوه أبيدة علق امرأة الخنيفس بن خشرم الشيباني فقتله الخنيفس، ولما بلغ نعيه أخاه عاصمًا لبس أطمارًا وتَقَلَّدَ سيفًا، وذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة، وانطلق إلى الخنيفس فخدعه حتى أبعده عن قومه، ثم قتله قبل دخول رجب؛ لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب أحدًا. هذا أصل المثل فجعلته العامة ومدعو الغيب لظهور العجائب بين هذين الشهرين، أو في أحدهما، وهو رجب. والظاهر أنه زعم قديم، فقد أنشد ابن المخلطة في العزيزي المحَلَّى لبعضهم:١٢ دَعِ الأَتْرَاكَ وَالعُرُبَا وَكُنْ في حِزْبِ مَنْ غَلَبَا فَقَدْ قَالَ الَّذِينَ مَضَوْا فَفِي رَجَبٍ تَرَى عَجَبَا بِعَجْلُونٍ تَرَى فِتَنًا تُهِيجُ الْقَتْلَ وَالْوَصَبَا فَإِنْ تَعْطَبْ فَوَا أَسَفًا وَإِنْ تَسْلَمْ فَوَا عَجَبَا وهي منقولة من كتاب «موقظ الوَسْنَان» للشيخ الأكبر. وأما قول العرب في مثل آخر: «عش رجبًا تَرَ عجبًا.» فالمراد به عش رجبًا بعد رجب. وقيل: رجب كناية عن السَّنة؛ لأنه يحدث بحدوثها، ومن نظر في سنة واحدة ورأى تغير فصولها قاس الدهر كله عليها، فكأنه قال: عش دهرًا تَرَ عجائب. وفي معناه قولهم أيضًا: «إِنْ تَعِشْ تَرَ مَا لَمْ تَرَهُ.» قال أبو عيينة المهلبي قُلْ لِمَنْ أَبْصَرَ حَالًا مُنْكَرَة وَرَأَى مِنْ دَهْرِهِ مَا حَيَّرَهْ لَيْسَ بِالمُنْكَرِ مَا أَبْصَرْتَهُ كُلُّ مَنْ عَاشَ يَرَى مَا لَمْ يَرَهْ ويُروَى: رأى ما لم يَرَه.

المعجم: 

الأمثال العامية