المعنى:
اليَوْمُ: معروفٌ مِقدارُه من طلوع الشمس إِلى غروبها، والجمع أَيّامٌ، لا يكسَّر إِلا على ذلك، وأَصله أَيْوامٌ فأُدْغم ولم يستعملوا فيه جمعَ الكثرة. وقوله عز وجل: وذكِّرْهم بأَيامِ الله؛ المعنى ذكِّرْهم بِنِعَمِ الله التي أَنْعَمَ فيها عليهم وبِنِقَمِ الله التي انْتَقَم فيها من نوحٍ وعادٍ وثمودَ. وقال الفراء: معناه خَوِّفْهم بما نزلَ بعادٍ وثمود وغيرِهم من العذاب وبالعفو عن آخرين، وهو في المعنى كقولك: خُذْهُم بالشدّة واللِّين. وقال مجاهد في قوله: لا يَرْجُونَ أَيّامَ الله، قال: نِعَمَه، وروي عن أُبيّ بن كعب عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله وذكِّرْهم بأَيام الله، قال: أَيامُه نِعَمُه؛ وقال شمر في قولهم:
يَوْمــاهُ: يـومُ نَـدىً، ويـومُ طِعـان
ويَوْماه: يوم نُعْمٍ ويومُ بُؤْسٍ، فاليومُ ههنا بمعنى الدَّهْر أَي هو دَهْرَه كذلك. والأَيّام في أَصلِ البِناء أَيْوامٌ، ولكن العرب إذا وَجَدُوا في كلمة ياءً وواواً في موضع. والأُولى منهما ساكنةٌ، أَدْغَموا إِحداهما في الأُخرى وجعلوا الياء هي الغالبةَ، كانت قبلَ الواو أَو بعدَها، إِلاَّ في كلماتٍ شَواذَّ تُرْوَى مثل الفُتُوّة والهُوّة. وقال ابن كيسان وسُئل عن أَيّامٍ: لمَ ذهبَت الواوُ؟ فأَجاب: أَن كلّ ياءٍ وواوٍ سبقَ أَحدُهما الآخرَ بسكونٍ فإِن الواو تصير ياءً في ذلك الموضع، وتُدْغَم إِحداهما في الأخرى، من ذلك أَيَّامٌ أَصلها أَيْوامٌ، ومثلُها سيّدٌ وميّت، الأَصلُ سَيْوِدٌ ومَيْوِت، فأكثر الكلام على هذا إِلا حرفين صَيْوِب وحَيْوة، ولو أَعلُّوهما لقالوا صَيِّب وحيّة، وأَما الواوُ إذا سبَقت فقولُك لَوَيْتُه لَيّاً وشَوَيْتُه شَيّاً، والأَصل شَوْياً ولَوْياً. وسئل أَبو العباس أَحمد بن يحيى عن قول العرب اليَوْم اليَوْم، فقال: يريدون اليَوْم اليَوِمَ، ثم خفّفوا الواو فقالوا اليَوْم اليَوْم، وقالوا: أَنا اليومَ أَفعلُ كذا، لا يريدون يوماً بعينه ولكنهم يريدون الوقتَ الحاضرَ؛ حكاه سيبويه؛ ومنه قوله عز وجل: اليومَ أَكْمَلتُ لكم دِينكم؛ وقيل: معنى اليومَ أَكملتُ لكم دِينَكم أَي فَرَضْتُ ما تحتاجون إِليه في دِينِكم، وذلك حسَنٌ جائز، فأَما أَن يكونَ دِينُ الله في وقتٍ من الأَوقات غيرَ كامل فلا. وقالوا: اليومُ يومُك، يريدون التشنيعَ وتعظيم الأَمر. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: السائبة والصدَقةُ ليَوْمِهما أَي ليومِ القيامة، يعني يُراد بهما ثوابُ ذلك اليوم. وفي حديث عبد المَلِك: قال للحجاج سِرْ إِلى العِراق غِرارَ النوم طويل اليوم؛ يقال ذلك لِمَنْ جَدَّ في عَملِه يومَه، وقد يُرادُ باليوم الوقتُ مطلقاً؛ ومنه الحديث: تلك أَيّامُ الهَرْج أَي وقتُه، ولا يختص بالنهارِ دون الليل. واليومُ الأَيْوَمُ: آخرُ يوم في الشهر. ويومٌ أَيْوَمُ ويَوِمٌ ووَوِمٌ؛ الأَخيرة نادرة لأن القياس لا يوجبُ قلب الياءِ واواً، كلُّه: طويلٌ شديدٌ هائلٌ. ويومٌ ذو أَياوِيمَ كذلك؛ وقوله:
مَـرْوانُ يـا مَـرْوانُ لليـومِ اليَمِـي
ورواه ابن جني:
مـروان مـروان أَخُـو اليـوم اليَمِي
وقال: أَراد أَخوا اليومِ السهْلِ اليومُ الصعبُ، فقال: يومٌ أَىْوَمُ ويَوِمٌ كأَشْعَث وشَعِث، فقُلب فصار يَمِو، فانقلبت العينُ لانكسار ما قبلها طرَفاً، ووجهٌ آخر أَنه أَراد أَخو اليَوْمِ اليَوْمُ كما يقال عند الشدة والأَمرِ العظيم اليومُ اليومُ، فقُلب فصار اليَمْو ثم نقلَه من فَعْل إِلى فَعِل كما أَنشده أَبو زيد من قوله:
عَلامَ قَتْــــلُ مُســــْلِمٍ تَعَبَّــــدا،
مُـــذْ خَمْســـة وخَمِســـون عـــدَدا
يريد خَمْسون، فلما انكسرَ ما قبل الواو قلبت ياءً فصار اليَمِي؛ قال ابن جني: ويجوز فيه عندي وجه ثالث لم يُقَلْ به، وهو أَن يكون أَصله على ما قيل في المذهب الثاني أَخُو اليَوْم اليَوْم ثم قلب فصار اليَمْوُ، ثم نقلت الضمّةُ إِلى الميم على حد قولك هذا بَكُر، فصار اليَمُو، فلما وقعت الواو طرفاً بعد ضمة في الاسم أَبدلوا من الضمة كسرةً، ثم من الواو ياءً فصارت اليَمِي كأَحْقٍ وأَدْلٍ، وقال غيره: هو فَعِلٌ أَي الشديد؛ وقيل: أَراد اليَوْم اليَوْم كقوله:
إِنَّ مـــع اليَـــوْمِ أَخــاه غَــدْوَا
فاليمي، على القول الأول، نعت، وعلى القول الثاني اسم مرفوع بالابتداء، وكلاهما مقلوب، وربما عبروا عن الشدة باليوم، يقال يوم أيوم، كما يقال ليلة ليلاء، قال أبو الأخزر الحماني:
نعـم أخو الهيجاء في اليوم اليمي
ليــــوم روع أو فعـــال مكـــرم
هو مقلوب منه، أخر الواو وقدم الميم، ثم قلبت الواو ياء حيث صارت طرفا كما قالوا أدل في جمع دلو. واليوم: الكون. يقال: نعم الأخ فلان في اليوم إذا نزل بنا في الكائنة من الكون إذا حدثت، وأنشد:
نعم أخو الهيجاء في اليوم اليمي.
قال: أراد أن يشتق من الاسم نعتا فكان حده أن يقول في اليوم اليوم فقلبه، كما قالوا القسي والأينق، وتقول العرب لليوم الشديد: يوم ذو أيام ويوم ذو أياييم، لطول شره على أهله. الأخفش في قوله تعالى: أسس على التقوى من أول يوم، أي من أول الأيام، كما تقول لقيت كل رجل تريد كل الرجال.وياومت الرجل مياومة ويواما أي عاملته أو استأجرته اليوم، الأخيرة عن اللحياني، وعاملته مياومة: كما تقول مشاهرة، ولقيته يوم يوم، حكاه سيبويه وقال: من العرب من يبنيه، ومنهم من يضيفه إلا في حد الحال أو الظرف. ابن السكيت: العرب تقول الأيام في معنى الوقائع، يقال: هو عالم بأيام العرب، يريد وقائعها، وأنشد:
وقــــائع فــــي مضـــر تســـعة
وفــــي وائل كـــانت العاشـــرة
فقال: تسعة وكان يببغي أن يقول تسع لأن الوقيعة أنثى، وولكنه ذهب إلى الأيام. وقال شمر: جاءت الأيام بمعنى الوقائع والنعم. وقال: أنما خصوا الأيام دون ذكر الليالي في الوقائع لأن حروبهم كانت نهارا، وإذا كانت ليلا ذكروها كقوله:
ليلـــة العرقــوب حــتى غــامرت
جعفــر يــدعى ورهــط ابـن شـكل.
وأما قول عمرو بن كلثوم:
وأيــــام لنـــا غـــر طـــوال.
فإنه يريد أيام الوقائع التي نصروا فيها على أعدائهم، وقوله:
شـــر يوميهـــا وأغـــواه لهــا
وركبــــت عنــــز بحــــدج جملا
أراد شر أيام دهرها، كأنه قال: شر يومي دهرها الشرين، وهذا كما يقال إن في الشر خيارا وقد تقدم هذا البيت مع بقية الأبيات وقصة عنز مستوفاة في موضعها.ويام وخارف: قبيلتان من اليمن. ويام: حي من همدان. ويام: اسم ولد نوح، عليه السلام، الذي غرق بالطوفان. قال ابن سيده: وإنما قضينا على ألفه بالواو لأنها عين مع وجود "ي و م"