المعنى:
الهَمْسُ: الصَّوْتُ الخَفِيّ، ومنه قوله تعالى: {فلا تَسْمَعُ إلاّ هَمْسا} أي: صَوْتًا خَفِيًّا من وَطْءِ أقْدامِهِم إلى المَحْشَرِ. ؛ وكُلُّ خَفيٍّ: هَمْسٌ. وقال صُهَيْب -رضي الله عنه-: إنَّ رَسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كانَ إذا صلّى هَمَسَ بِشَيْءٍ لا نَفْهَمُه. وفي حديثِ لَيْلَةِ التَّعْرِيْسِ: قال أبو قَتَادَةَ -رضي الله عنه-: جَعَلَ بعضُنا يَهْمِسُ إلى بَعْضٍ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما الذي تَهْمِسونَ به؟ قُلْنا: تَفْرِيْطُنا في صَلاتِنا، فقال: ليسَ في النَّوْمِ تَفْرِيط. وفي الحديث الآخَر: أنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- كانَ يَتَعَوَّذ من هَمْزِ الشَّيْطانِ ولَمْزِه وهَمْسِه. فالهَمْزُ: كلامُ من وَرَاءِ القَفا، واللَّمْز: مُوَاجَهَةٌ. ؛ والشَّيْطان يُوَسْوِسُ فَيَهْمِسُ بوَسْواسِه في صُدُورِ بَني آدَم، وهو قَوْلُه تعالى: {أعُوذُ بك من هَمَزَاتِ الشَّياطِينِ، وأعُوذُ بكَ رَبِّ أنْ يَحْضُرونِ} أي مِن نَزَغاتِ الشَّيَاطِيْنِ الشّاغِلَةِ عن ذِكْرِ الله تعالى. ؛ وقال أبو الهَيْثَم: إذا أسَرَّ الكَلامَ وأخفاه: فذلك الهَمْسُ من الكلام. ؛ وهَمْسُ الأقْدَام: أخْفى ما يكون مِن صَوْتِ القَدَمِ. ؛ ويُقال: أخَذْتُه أخْذًا هَمْسًا: أي شَديدًا، ويقال: عَصْرًا، ويقال: هَمَسَه: إذا عَصَرَه. ؛ والهَمُوْسُ والهَمّاسُ: الأسَد الشديد الوَطْء، قال رؤبة ؛ لَيْثٌ يَدُقُّ الأسَدَ الهَمُوْسا *** والأقْهَبَيْنِ الفِيْلَ والجاموسا ؛ وقال رؤبة أيضًا ؛ في نَمِرَاتٍ وِرْدُهُنَّ أحْلاسْ *** عادَتُهُ خَبْطٌ وعَضُّ هَمّاسْ ؛ جَعَلَ زُبْرَتَه في ارْتِفاعِها كالحِلْسِ على كَتِفَيْهِ. وقيل: يُقال له هَمُوْسٌ وهَمّاسٌ لأنَّهُ إذا أخَذَ شَيْئًا عَصَرَه، يقال: هَمَسَ إذا عَصَرَ، قال العجّاج ؛ لُيُوْثٌ هَيْجى لم تُرَمْ بأبْسِ *** ينفِيْنَ بالزَّأْرِ وأخْذٍ هَمْسِ ؛ عن باحَةِ البَطْحاءِ كُلَّ جَرْسِ *** ؛ وقيل: الهَمُوْسُ: الذي يَكْسِرُ فَرِيْسَتَه؛ مِنَ الهَمْسِ وهو الكَسْر. قال هِشام: الهَمُوْسُ: الذي يَسِيْرُ باللَّيْلِ، وأنشد لأبي زُبَيْد حَرْمَلَة بن المُنذِر الطائيّ ؛ فَباتُوا يُدْلِجونَ وباتَ يَسْرِي *** بَصِيْرٌ بالدُّجى هادٍ هَمُوْسُ ؛ ويروى: "غَمُوْسُ". وقال الأزهريّ: الهَمُوْسُ: من أسماء الأسَد؛ لأنّه يَهْمِس في الظُّلْمَةِ، ثمَّ جُعِلَ ذلك اسمًا يُعْرَفُ به. ؛ وجَعَلَ الكُمَيْت النّاقَةَ هَمُوْسًا فقال ؛ فهذا لهذا واقْر هَمَّكَ لم أجِد *** قِرى الهَمِّ إلاّ الواخِدَاتِ العَرامِسا ؛ غُرَيْرِيَّةَ الأنْسابِ أو شَدْقميَّةً *** هَمُوْسًا تٌباري اليَعْمَلاتِ الهَوامِسا ؛ يُرِيدُ لا تَمَسُّ الأرْضَ أخْفافُها إلاّ رَيْثَما تَرْفَعُها. ؛ وقال أبو السَّمَيْدَع: الهَمْسُ: قِلَّةُ الفُتُورِ باللَّيْلِ والنَّهارِ. ؛ وقال أبو عمرو: الهَمْسُ: السَّيْرُ باللَّيْلِ. ؛ وقال الليث: الهَمْسُ: حِسًّ الصَّوْتِ في الفَمِ مِمّا لا إشْرابَ له من صَوْتِ الصَّدْرِ ولا جَهَارَةَ في المَنْطِق، ولكنَّهُ كلامٌ مَهمُوْسُ. ؛ والحُرُوْفُ المَهْموسَة: عشرَةٌ، يَجْمَعُها قَوْلُكُ: حَثَّهُ شَخْصٌ فَسَكَتَ، وإنَّما سُمِّيَ الحَرفُ مَهموسًا لأنَّه أُضْعِفَ الاعْتِمادُ في مَوْضِعِه حتى جرى مَعَهُ النَّفَسُ. ؛ ويقال: اهْمِسْ وصَهْ: أي امْشِ خَفِيًّا واسْكُتْ. ويقال: هَمْسًا وصَهْ؛ وهَسًّا وصَهْ، وهذا سارِقٌ قالَ لِصاحِبِهِ: امْشِ خَفِيًّا واسْكُتْ. ؛ والهَمِيْس: صوتُ نَقْلِ أخْفَافِ الإبل، وذُكِرَ عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- أنَّه قال ؛ وهُنَّ يَمْشِيْنَ بنا هَمِيْسا *** إنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيْسا ؛ وإذا مَضَغَ الرَّجُلُ مِنَ الطَّعامِ وفُوْهُ مُنْضَمٌّ قيل: هَمَسَ يَهْمِسُ هَمْسًا، قاله أبو زيد، وأنشد في نَوادِرِه ؛ لقد رأيْتُ عَجَبًا مُذْ أمْسا *** عَجائزًا مِثْلَ الأفاعي خَمْسا ؛ يَأْكُلْنَ ما في رَحْلِهنَّ هَمْسا *** لا تَرَكَ اللهُ لهنَّ ضِرْسا ؛ قيهم عَجُوزٌ لا تُسَاوي فَلْسَا *** لا تأكُلُ الزُّبْدَةَ إلاّ نَهْسا ؛ وروى غيرُ أبي زَيد: "مِثْلَ السَّعالي". وقال أبو الهَيْثَم: الهَمْسُ: أكْلُ العَجوزِ الدَّرْداءِ. ؛ وهَمَسَه: أي مَضَغَه. ؛ وقال ابن عبّاد: الهَمْسُ: القَبْرُ. ؛ والمُهَامَسَة: المُسَارَّة، وكذلك التَّهامُسُ. ؛ والتَّركيب يدل على خَفاءِ صَوْتٍ وحِسٍّ.