ندي

المعنى: 

النَّدَى: البَلَلُ. والنَّدَى: ما يَسْقُط بالليل، والجمع أَنْداءِ وأَندِيةٌ، على غير قياس؛ فأَما قول مُرَّة بن مَحْكانَ:
فـــــي لَيْلــــةٍ مــــن جُمــــادى ذاتِ أَنْدِيــــةٍ
لا يُبْصـــِرُ الكلبـــ، مـــن ظَلْمائِهـــا، الطُّنُبـــا
قال الجوهري: هو شاذٌ لأَنه جَمْعُ ما كان ممدوداً مثل كِساء وأَكْسية؛ قال ابن سيده: وذهب قوم إلى أنه تكسير نادر، وقيل: جَمَعَ نَدىً على أَنداء، وأَنداءً على نِداء، ونِداء على أَنْدِية كرِداء وأَرْدِية، وقيل: لا يريد به أَفْعِلةً نحو أَحْمِرةٍ وأَقْفِزَةٍ كما ذهب إليه الكافَّة، ولكن يجوز أَن يريد أَفْعُلة، بضم العين تأْنيث أَفْعُل، وجَمَعَ فَعَلا على أَفْعُلٍ كما قالوا أَجْبُلٌ وأَزْمُنٌ وأَرْسُنٌ، وأَما محمد بن يزيد فذهب إلى أَنه جمع نَدِيٍّ، وذلك أَنهم يجتمعون في مجالِسهم لِقرَى الأَضْياف.وقد نَدِيَتْ لَيْلتُنا نَدىً، فهي نَدِيَّةٌ، وكذلك الأَرض، وأَنداها المطر؛ قال:
أَنْــــــــــداهُ يـــــــــومٌ مـــــــــاطِرٌ فَطَلاَّ

والمصدر النُّدُوَّةُ. قال سيبويه: هو من باب الفُتوَّة، فدل بهذا على أَن هذا كله عنده ياء، كما أَن واو الفتوّة ياء. وقال ابن جني: أَما قولهم في فلان تَكرُّمٌ ونَدىً، فالإِمالة فيه تدل على أَن لام النُّدُوَّة ياء، وقولهم النَّداوة، الواو فيه بدل من ياء، وأَصله نَدايةٌ لما ذكرناه من الإمالة في النَّدَى، ولكن الواو قلبت ياء لضرب من التوسع.وفي حديث عذاب القَبْر: وجَريدَتَي النَّخْل لَنْ يَزال يُخفِّفُ عنهما ما كان فيهما نُدُوٌّ، يريد نَداوةً؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في مسند أَحمد بن حنبل، وهو غريب، إنما يقال نَدِيَ الشيءُ فهو نَدٍ، وأَرضٌ نَدِيةٌ وفيها نَداوةٌ. والنَّدَى على وجوه: نَدَى الماءِ، ونَدى الخَيرِ، ونَدى الشَّرِّ، ونَدَى الصَّوْتِ، ونَدَى الحُضْر، ونَدَى الدُّخْنةِ، فأَمَّا نَدَى الماء فمنه المطر؛ يقال: أَصابه نَدىً من طَلٍّ، ويومٌ نَدِيٌّ وليلة نَدِيَّةٌ. والنَّدَى: ما أَصابَك من البَلَلِ. ونَدَى الخَيْر: هو المعرُوف. ويقال: أَنْدَى فلان علينا نَدىً كثيراً، وإنَّ يده لَنَدِيَّةٌ بالمعروف؛ وقال أَبو سعيد في قول القطامي:
لَــــوْلا كَتــــائبُ مِــــنْ عَمْـــروٍ يَصـــُولُ بهـــا
أُرْدِيـــتُ يـــا خَيْـــرَ مَــنْ يَنْــدُو لــه النَّــادِي
قال: معناه مَن يحوُل له شخصٌ أَو يَتَعَرَّض له شَبَحٌ. تَقول: رَمَيْتُ ببصري فما نَدَى لي شيء أَي ما تحرَّك لي شيء. ويقال: ما نَدِيَني من فلان شيء أَكْرَهُه أَي ما بلَّني ولا أَصابني، وما نَدِيَتْ كفِّي له بشَّرٍ وما نَدِيتُ بشيء تَكْرَهُه؛ قال النابغة:
مـــــا إن نَـــــدِيتُ بِشــــيء أَنْــــتَ تَكْرَهُــــه
إذاً فَلا رَفَعَــــــتْ صــــــَوْتي إلــــــيَّ يَـــــدِي
وفي الحديث: مَن لَقِيَ الله ولم يَتَنَدَّ من الدمِ الحَرامِ بشيء دخل الجنة أَي لم يُصِبْ منه شيئاً ولم يَنَلْه منه شيء، فكأَنه نالَتْه نَداوةُ الدمِ وبَلَلُه. وقال القتيبي: النَّدَى المَطر والبَلَل، وقيل للنَّبْت نَدىً لأَنه عن نَدَى المطرِ نبَتَ، ثم قيل للشَّحْم نَدىً لأَنه عن ندَى النبت يكون؛ واحتج بقول عَمرو بن أَحمر:
كثَــــوْر العَــــداب الفَــــرْدِ يَضـــْرِبهُ النَّـــدَى
تَعَلَّـــــى النَّـــــدَى فــــي مَتْنــــهِ وتَحَــــدَّرا
أَراد بالنَّدى الأَوّل الغَيْث والمطر، وبالنَّدَى الثاني الشَّحْمَ؛ وشاهِدُ النَّدى اسم النبات قول الشاعر:
يَلُـــــسُّ النَّـــــدَى، حـــــتى كــــأَنَّ ســــَراتَه
غَطاهــــــا دِهـــــانٌ، أَو دَيابِيـــــجُ تـــــاجِرِ
ونَدى الحُضْر: بقاؤه؛ قال الجعدي أَو غيره:
كَيْـــــفَ تَـــــرَى الكامِـــــلَ يُفْضــــِي فَرَقــــاً
إلـــــى نَـــــدَى العَقْبِـــــ، وشــــدّاً ســــَحْقا
ونَدى الأَرض: نَداوتها وبَلَلُها. وأَرض نَدِيَةٌ، على فَعِلة بكسر العين، ولا تقل نَدِيَّةٌ، وشجر نَدْيانُ. والنَّدَى: الكَلأ؛ قال بشر:
وتِســـــــــــــــْعةُ آلافٍ بحُــــــــــــــرِّ بِلادِه
تَســــــَفُّ النَّــــــدَى مَلْبُونــــــة، وتُضــــــَمَّرُ
ويقال: النَّدَى نَدَى النهار، والسَّدَى نَدَى الليل؛ يُضربان مثلاً للجود ويُسمى بهما. ونَدِيَ الشيء إذا ابْتلَّ فهو نَدٍ، مثال تَعِبَ فهو تِعِبٌ. وأَنْدَيْته أَنا ونَدَّيْته أَيضاً تَنْدِيةً. وما نَدِيَني منه شيء أَي نالَني، وما نَدِيت منه شيئاً أَي ما أَصَبْت ولا علِمت، وقيل: ما أَتَيْت ولا قارَبْت. ولا يَنداك مني شيء تكرهه أَي ما يَصِيبك؛ عن ابن كيسان. والنَّدَى: السَّخاء والكرم. وتندَّى عليهم ونَدِيَ:تَسَخَّى، وأَنْدى نَدىً كثيراً كذلك. وأَنْدَى عليه: أَفضل. وأَنْدَى الرَّجلُ: كثر نداه أَي عَطاؤه، وأَنْدَى إذا تَسَخَّى، وأَنْدَى الرجلُ إذا كثر نَداه على إخوانه، وكذلك انْتَدى وتَنَدَّى. وفلان يَتَنَدَّى على أَصحابه: كما تقول هو يَتَسخَّى على أَصحابه، ولا تقل يُنَدِّي على أَصحابِه. وفلان نَدِي الكَفَّ إذا كان سَخِيّاً. ونَدَوتُ من الجُود.ويقال سَنَّ للناس النَّدَى فنَدَوْا. والنَّدَى: الجُود. ورجل نَدٍ أَي جَوادٌ. وفلانٌ أَنْدَى من فلان إذا كان أَكثر خيراً منه. ورجلٌ نَدِي الكفِّ إذا كان سخيّاً؛ وقال:
يـــــابِسُ الجنْبَيْـــــنِ مِـــــنْ غَيْـــــرِ بُــــوسٍ
ونَـــــــدِي الكَفَّيْـــــــنِ شـــــــَهْمٌ مُـــــــدِلُّ
وحكى كراع: نَدِيُّ اليد، وأَباه غيره. وفي الحديث: بَكْرُ بن وائلٍ نَدٍ أَي سَخِيٌّ. والنَّدى: الثَّرى. والمُنْدِية: الكلمة يَعْرَق منها الجَبين. وفلان لا يُنْدِي الوَتَرَ، بإسكان النون، ولا يُنَّدّي الوتر أي لا يُحسِنُ شيئاً عَجْزاً عن العمل وعِيّاً عن كل شيء، وقيل: إذا كان ضعيف البدن. والنَّدى: ضَرْب من الدُّخَن. وعُود مُنَدّىً ونَدِيٌّ: فُتِقَ بالنَّدى أَو ماء الورد؛ أَنشد يعقوب:
إلــــــى مَلِــــــكٍ لــــــه كَـــــرَمٌ وخِيـــــرٌ
يُصـــــــــَبَّحُ بـــــــــاليلَنْجُوجِ النَّـــــــــديِّ
ونَدَتِ الإبلُ إلى أَعْراقٍ كَريمةٍ: نَزَعَت. الليث: يقال إنَّ هذه الناقة تَنْدُو إلى نُوقٍ كِرامٍ أَي تَنْزِع إليها في النسب؛ وأَنشد:
تَنْـــــــدُو نَواديهــــــا إلــــــى صــــــَلاخِدا

ونَوادِي الإبلِ: شَوارِدها. ونَوادي النّوى: ما تَطايرَ منها تحت المِرْضَخة.والنَّداءُ والنُّداء: الصوت مثل الدُّعاء والرُّغاء، وقد ناداه ونادى به وناداه مُناداة ونِداء أَي صاح به.وأَنْدى الرجلُ إذا حسُن صوته. وقوله عز وجل: يا قومِ إني أَخافُ عليكم يومَ التَّنادِ؛ قال الزجاج: معنى يومِ التَّنادي يوم يُنادي أَصحابَ الجنةِ أَصحابُ النار أَن أَفِيضُوا علينا من الماء أَو مِما رزَقَكُمُ اللهُ، قال: وقيل يومَ التَّنادِّ، بتشديد الدال، من قولهم نَدَّ البعيرُ إذا هَرَب على وجهه يَفِرّ بعضكم من بعض، كما قال تعالى: يومَ يَفِرُّ المرءُ من أَخيه وأُمِّه وأَبيه. والنَّدى: بُعد الصوت. ورجل نَدِيُّ الصوتِ: بَعِيدُه. والإنْداء: بُعْدُ مَدى الصوت. ونَدى الصوتِ: بُعْدُ مَذْهَبه. والنِّداءِ، ممدود: الدُّعاءِ بأَرفع الصوت، وقد نادَيْته نِداء، وفلان أَنْدى صوتاً من فلان أَي أَبْعَدُ مَذْهباً وأَرفع صوتاً وأَنشد الأَصمعي لِمِدْثارِ بن شَيْبان النَّمَري:
تقــــــولُ خَلِيلَــــــتي لمّــــــا اشــــــْتَكَيْنا
ســــــَيُدْرِكنا بَنْــــــو القَــــــرْمِ الهِجـــــانِ

فقُلْتُ: ادْعِــــــي وأَدْعُــــــ، فـــــإِنَّ أَنْـــــدى
لِصـــــــــَوْتٍ أَنْ يُنـــــــــادِيَ داعِيـــــــــانِ
وقول ابن مقبل:
أَلا ناديــــــا ربعــــــي كبســــــها للـــــوى
بحاجــــــةِ مَحْزُونٍـــــ، وإنْ لـــــم يُنادِيـــــا
معناه: وإن لم يُجيبا. وتنَادَوْا أَي نادى بعضُهم بعضاً. وفي حديث الدعاء: ثنتان لا تُردّان عند النّداء وعند البَأْس أَي عند الأَذان للصلاة وعند القتال. وفي حديث يأْجوجَ ومأْجوج: فبينما هم كذلك إذ نُودُوا نادِيةً أَتى أَمْرُ اللهِ؛ يريد بالنَّادِيةِ دَعْوةً واحدةً ونِداء واحداً، فقَلب نِداءَة إلى نادِيةٍ وجعل اسم الفاعل موضع المصدر؛ وفي حديث ابن عوف:
وأَوْدَى ســــــــــــــَمْعَه إلاَّ نِــــــــــــــدايا

أراد إلا نِداء، فأَبدل الهمزة ياء تخفيفاً، وهي لغة بعض العرب. وفي حديث الأَذان: فإِنه أَندى صوتاً أَي أَرْفَعُ وأَعلى، وقيل: أَحْسَنُ وأَعْذَب، وقيل: أَبعد. ونادى بسرِّه: أَظهَره؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
غَــــرَّاء بَلْهــــاء لا يَشــــْقى الضــــَّجِيعُ بهـــا
ولا تُنــــــادي بمــــــا تُوشــــــِي وتَســـــْتَمِعُ
قال: وبه يفسر قول الشاعر:
إذا مـــا مَشـــَتْ، نـــادى بمـــا فـــي ثِيابهــا
ذَكِــــــيُّ الشـــــَّذا، والمَنْـــــدَليُّ المُطَيَّـــــرُ
أَي أَظهره ودل عليه. ونادى لك الطريقُ وناداكَ: ظهر، وهذا الطريقُ يُناديك؛ وأَما قوله:
كــــــالكَرْمِ إذ نــــــادى مـــــن الكـــــافُورِ

فإنما أَراد: صاح. يقال: صاحَ النَّبْتُ إذا بَلَغ والْتَفَّ، فاستقبح الطَّيَّ في مستفعلن، فوضَع نادى موضع صاحَ لِيكْمُل به الجزء، وقال بعضهم: نادى النبتُ وصاحَ سواء معروف من كلام العرب. وفي التهذيب: قال:نادى ظَهَر، ونادَيْتُه أَعْلَمْتَه، ونادى الشيء رآه وعلمه؛ عن ابن الأَعرابي.والنَّداتان من الفَرَس: الغرُّ الذي يَلي باطنَ الفائل، الواحدة نَداةٌ.والنَّدى: الغاية مثل المَدى، زعم يعقوب أَن نونه بدل من الميم. قال ابن سيده: وليس بقويّ.والنَّادِياتُ من النخل: البعيدةُ الماء.ونَدا القومُ نَدْواً وانْتَدَوْا وتَنادَوا: اجْتَمعوا؛ قال المُرَقِّشُ:
لا يُبْعِدِ اللهُ التَّلَبُّبَ والْ_غاراتِ، إذْ قال الخَمِيسُ نَعَمْ

والعَــــــــدَوَ بَيْــــــــنَ المَجْلِســــــــَيْنِ إذا
آدَ العَشـــــــــِيُّ، وتَنـــــــــادَى العَــــــــمُّ
والنَّدْوةُ: الجَماعة. ونادى الرجلَ: جالَسَه في النَّادى، وهو من ذلك؛ قال:
أُنــــــادي بــــــه آلَ الوَلِيـــــدِ وجعْفَـــــرا

والنَّدى: المُجالسة. ونادَيْتُه: جالَسْته. وتنادَوْا أَي تَجالَسُوا في النَّادي. والنَّدِيُّ: المجلس ما داموا مجتمعين فيه، فإذا تفرقوا عنه فليس بنَدِيٍّ، وقيل: النَّدِيُّ مجلس القوم نهاراً؛ عن كراع.والنَّادي: كالنَّديّ. التهذيب: النَّادي المَجْلِس يَنْدُو إليه مَن حَوالَيْه، ولا يَسمى نادياً حتى يكون فيه أَهلُه، وإذا تفرَّقوا لم يكن نادِياً، وهو النَّدِيُّ، والجمع الأَنْدِيةُ. وفي حديث أُمّ زرع: قريبُ البيتِ من النَّادي؛ النادي: مُجْتَمعُ القومِ وأَهلُ المجلس، فيقع على المجلس وأَهلِه، تقول: إنَّ بيته وسَطَ الحِلَّة أَو قريباً منه لِيَغْشاه الأَضيافُ والطُّرَّاقُ. وفي حديث الدُّعاء: فإن جارَ النَّادي يَتَحَوَّل أَي جار المجلس، ويروى بالباء الموحدة من البَدْوِ. وفي الحديث: واجعلني في النَّدِيِّ الأَعْلى؛ النَّدِيُّ، بالتشديد: النَّادي أَي اجعلني مع المَلإ الأَعلى من الملائكة، وفي رواية: واجعلني في النِّداء الأَعلى؛ أَراد نداءِ أَهل الجنةِ أَهلَ النار أَنْ قد وجَدْنا ما وعَدنا ربُّنا حقّاً. وفي حديث سَرِيَّة بني سُلَيْم: ما كانوا ليَقْتُلُوا عامِراً وبَني سُلَيْمٍ وهم النَّدِيُّ أَي القومُ المُجْتَمِعُون. وفي حديث أَبي سعيد: كنا أَنْداءِ فخرج علينا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم؛ الأَنْداء: جمع النادي وهم القوم المجتمعون، وقيل: أَراد أَنَّا كنا أَهل أَنْداء، فحذف المضاف. وفي الحديث: لو أَن رجلاً نَدَى الناسَ إلى مَرْماتَيْن أَو عَرْقٍ أَجابوه أَي دَعاهم إلى النَّادِي. يقال: نَدَوْتُ القومَ أَنْدوهم إذا جَمَعْتَهم في النَّادِي، وبه سُمِّيت دارُ النَّدْوة بمكة التي بَناها قُصَيٌّ، سُمِّيت بذلك لاجتماعهم فيها. الجوهري: النَّدِيُّ، على فَعِيل، مجلس القوم ومُتَحَدَّثُهم، وكذلك النَّدْوةُ والنَّادِي والمُنْتَدَى والمُتَنَدَّى. وفي التنزيل العزيز: وتأْتُونَ في نادِيكُمُ المُنْكَرَ؛ قيل: كانوا يَحْذفون الناس في مَجالِسِهم فأَعْلَم اللهُ أَن هذا من المنكر، وأَنه لا ينبغي أَن يَتَعاشَرَ الناسُ عليه ولا يَجْتَمِعُوا على الهُزُؤ والتَّلَهِّي، وأَن لاَ يَجْتَمعوا إلا فيما قَرَّب من الله وباعَدَ من سَخَطه؛ وأَنشدوا شعراً زعموا أَنه سُمع على عَهْد سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
وأَهْـــــــــــدَى لَنـــــــــــا أَكْبُشــــــــــاً
تَبَخْبَـــــــــــخُ فـــــــــــي المِرْبَــــــــــدِ

وروحـــــــــــك فـــــــــــي النــــــــــادي
ويَعْلَـــــــــمُ مــــــــا فــــــــي غَــــــــدِ
فقال رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: لا يعلم الغَيبَ إلاَّ اللهُ.ونَدَوْتُ أَي حَضَرْتُ النَّدِيَّ، وانْتَدَيتُ مثله. ونَدَوْتُ القوم: جمعتهم في النَّدِيِّ. وما يَنْدُوهم النَّادِي أَي ما يَسَعُهم؛ قال بشر بن أبي خازم:
ومــــــا يَنْــــــدُوهمُ النَّــــــادي، ولكــــــنْ
بكــــــــــلِّ مَحَلَّــــــــــةٍ مِنْهـــــــــم فِئامُ
أَي ما يَسَعُهم المجلس من كثرتهم، والاسم النَّدْوةُ، وقيل: النَّدْوةُ الجماعة، ودارُ النَّدْوةِ منه أَي دارُ الجماعةِ، وسُميت من النَّادي، وكانوا إذا حَزَبهم أَمْرٌ نَدَوْا إليها فاجتمعوا للتَّشاورِ، قال وأُناديكَ أُشاوِرُك وأُجالِسُك، من النَّادي. وفلان يُنادي فلاناً أَي يُفاخِرُه؛ ومنه سميت دارُ النَّدْوة، وقيل للمفاخَرةُ مُناداة، كما قيل مُنافَرة؛ قال الأَعشى:
فَـــتىً لـــو يُنـــادِي الشـــمسَ أَلْقَـــتْ قِناعَهــا
أَو القَمَـــــــرَ الســــــَّارِي لأَلْقَــــــى القَلائِدا
أَي لو فاخَر الشمس لَذَلَّتْ له، وقِناعُ الشمسِ حُسْنُها. وقوله تعالى: فَلْيَدْعُ نادِيَه؛ يريد عَشِرَته، وإنما هم أَهلُ النَّادِي، والنَّادي مكانه ومجلسه فسماه به، كما يقال تَقَوَّضَ المجلس. الأَصمعي: إذا أَورَدَ الرجُلُ الإِبلَ الماء حتى تشرب قليلاً ثم يَجيء بها حتى تَرْعَى ساعةً ثم يَرُدّها إلى الماءِ، فذلك التَّنْدِيةُ. وفي حديث طلحة: خرجتُ بفَرَسٍ لي أُنَدِّيه؛ التَّنْدِيةُ: أَن يُورِدَ الرجُلُ فرسَه الماء حتى يَشْرَبَ، ثم يَرُدَّه إلى المَرْعَى ساعة، ثم يُعيده إلى الماء، وقد نَدا الفرسُ يَنْدُو إذا فَعَل ذلك؛ وأَنشد شمر:
أَكلْـــــــنَ حَمْضـــــــاً ونَصــــــِيّاً يابِســــــا
ثـــــــمَّ نَـــــــدَوْنَ فـــــــأَكلْنَ وارِســـــــا
أَي حَمْضاً مُثْمِراً. قال أَبو منصور: وردَّ القتيبي هذا على أَبي عُبيد روايتَه حديثَ طَلحَة لأُنَدِّيَه، وزعم أَنه تَصْحيف، وصوابه لأُبَدِّيَه، بالباء أَي لأُخْرِجه إلى البَدْوِ، وزعم أَن التَّنْدِيةَ تكون للإبل دون الخيل، وأَن الإبل تُنَدَّى لطُول ظَمَئِها، فأَما الخيل فإَنها تُسْقَى في القَيْظ شَربتين كلّ يوم؛ قال أَبو منصور: وقد غَلِط القتيبي فيما قال، والصواب الأوّل، والتَّندِيةُ تكون للخيل والإبل، قال:سمعت العرب تقول ذلك، وقد قاله الأصمعي وأَبو عمرو، وهما إمامان ثقتان.وفي هذا الحديث: أَنَّ سَلمَة بن الأَكْوَع قال كنت أَخْدُمُ طلحة وأَنه سأَلني أَن أَمْضِيَ بفرسه إلى الرِّعْي وأَسْقِيَه على ما ذكره ثم أُنَدِّيه، قال: وللتَّنْدِيةِ معنى آخر، وهو تَضْمِيرُ الخيلِ وإجْراؤها حتى تَعْرَقَ ويَذْهَبَ رَهَلُها، ويقال للعَرَق الذي يسِيل منها النَّدَى، ومنه قولُ طُفيل:
نَــــدَى المــــاء مِــــنْ أَعْطافِهــــا المُتَحَلِّـــب

قال الأزهري: سمعت عَريفاً من عُرفاء القَرامِطة يقول لأصحابه وقد نُدِبُوا في سَرِيَّةٍ اسْتُنْهِضَتْ أَلا ونَدُّوا خيلَكم؛ المعنى ضَمِّرُوها وشُدُّوا عليها السُّرُوج وأَجْرُوها حتى تَعرَق. واخْتصَم حَيّانِ مِن العرب في موضع فقال أَحدهما: مَرْكَزُ رِماحِنا ومَخْرَجُ نِسائنا ومَسْرَحُ بَهْمِنا ومُنَدَّى خَيْلنا أَي موضع تَنْدِيتها، والاسم النَّدْوة. ونَدَت الإبلُ إذا رَعَتْ فيما بين النَّهَلِ والعَلَل تَنْدُو نَدْواً، فهي نادِيةٌ، وتَنَدَّت مثله، وأَنْدَيْتها أنا ونَدَّيْتُها تَنْدِيةً. والنُّدْوةُ، بالضم: موضع شرب الإبل؛ وأَنشد لهِمْيان:
وقَرَّبُـــــــوا كـــــــلَّ جُمـــــــالِيٍّ عَضـــــــِهْ

قرِيبـــــــةٍ نُـــــــدْوتُه مِـــــــنْ مَحمَضــــــِه

بَعِيـــــــدةٍ ســـــــُرَّتُه مِـــــــنْ مَغْرِضـــــــِهْ

يقول: موْضِع شربه قريب لا يُتعب في طلَب الماء. ورواه أَبو عبيد: نَدوَتُه من مُحْمَضِهْ، بفتح نون النَّدوة وضم ميم المُحمض. ابن سيده: ونَدَتِ الإبلُ نَدْواً خرجت من الحَمْض إلى الخُلَّةِ ونَدَّيْتُها، وقيل: التَّنْدِية أَن تُوردها فتَشْرب قليلاً ثم تَجيء بها تَرْعَى ثم تَردّها إلى الماء، والمَوضعُ مُنَدّىً؛ قال علقمة بن عَبْدَة:
تُـــرادَى علـــى دِمْـــنِ الحِياضـــِ، فـــإنْ تَعَـــفْ
فـــــــإنَّ المُنَـــــــدَّى رِحْلــــــةٌ فَرُكُــــــوب
ويروى: وَرَكُوب؛ قال ابن بري: في تُرادَى ضمير ناقة تقدَّم ذكرها في بيت قبله، وهو:
إليكَــــ، أَبَيْــــتَ اللَّعْنَــــ، أَعْمَلْـــتُ نـــاقتي
لِكَلْكَلِهـــــــــا والقُصــــــــْرَيَيْنِ وجيــــــــبُ
وقد تقدّم أَن رِحلة ورَكُوب هضبتان، وقد تكون التَّنْدِية في الخيل.التهذيب: النَّدْوَةُ السَّخاءُ، والنّدْوةُ المُشاورة، والنَّدْوةُ الأَكْلة بين السَّقْيَتَينِ، والنَّدَى الأَكلة بين الشَّرْبتين.أَبو عمرو: المُنْدِياتُ المُخْزِياتُ؛ وأَنشد ابن بري لأَوسْ بن حَجَر:
طُلْــــس الغِشــــاء، إذا مــــا جَــــنَّ لَيْلُهُــــمُ
بالمُنْـــــدِياتِ، إلـــــى جـــــاراتِهم، دُلُـــــف
قال: وقال الراعي:
وإنَّ أَبــــــا ثَوْبــــــانَ يَزْجُــــــرُ قَــــــوْمَهُ
عـــــن المُنْــــدِياتِ، وهْــــوَ أَحْمَــــقُ فــــاجِرُ
ويقال: إنه ليَأْتِيني نَوادي كلامك أَي ما يخرج منك وقتاً بعد وقت؛ قال طرفة:
وبَـــــرْكٍ هُجُـــــودٍ قــــد أَثــــارت مَخــــافَتي
نَـــــــوادِيَهُ، أَمْشــــــِي بعَضــــــْبٍ مُجَــــــرَّدِ
قال أَبو عمرو: النّوادي النَّواحي؛ أَراد أَثارَتْ مخافَتي إبلاً في ناحية من الإبل مُتَفَرِّقةً، والهاء في قوله نَوادِيَه راجعة على البَرْكِ. ونَدا فلان يَنْدُو نُدُوّاً إذا اعْتزلَ وتَنحَّى، وقال: أَراد بنَواديَه قَواصِيَه. التهذيب: وفي النوادر يقال ما نَدِيتُ هذا الأَمْرَ ولا طَنَّفْته أَي ما قَرِبْتُه أَنْداه ويقال: لم يَندَ منهم نادٍ أَي لم يبق منهم أَحد.ونَدْوةُ: فرس لأبي قَيْد بن حَرْمَل

المعجم: 

لسان العرب