المعنى:
ابن سيده: المعى والمعى من أعفاج البطن، مذكر، قال: وروى التأنيث فيه من لا يوثق به، والجمع الامعاء، وقول القطامي:
كــأن نســوع رحلــي حيــن ضــمت
حـــوالب غـــرزا ومعــى جياعــا
أقام الواحد مقام الجمع كما قال تعالى: نخرجكم طفلا. قال الأزهري عن الفراء: والمعى أكثر الكلام على تذكيره، يقال: هذا معى وثلاثة أمعاء، وربما ذهبوا به إلى التأنيث كأنه واحد دل على الجمع، وأنشد بيت القطامي: ومعى جياعا. وقال الليث: واحد الأمعاء يقال معى ومعيان وأمعاء، وهو المصارين. قال الأزهري: وهو جميع ما في البطن مما يتردد فيه من الحوايا كلها. وفي الحديث: المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء، وهو مثل لأن المؤمن لا يأكل إلا من الحلال ويتوقى الحرام والشبهة، والكافر لا يبالي ما اكل ومن أين أكل وكيف أكل، وقال أبو عبيد: أرى ذلك لتسمية المؤمن عند طعامه فتكون فيه البركة والكافر لايفعل ذلك، وقيل: إنه خاص برجل كان يكثر الأكل قبل إسلامه فلما أسلم نقص أكله، ويروي أهل مصر أنه أبو بصرة الغفاري، قال أبو عبيد: لا نعلم للحديث وجها غيره لأنا نرى من المسلمين من يكثر أكله ومن الكافرين من يقل أكله، وحديث النبي، صلى الله عليه وسلم، لا خلف له فلهذا وجه هذا الوجه، قال الأزهري: وفيه وجه ثالث أحسبه الصواب الذي لا يجوز غيره، وهو أن قول النبي، صلى الله عليه وسلم: المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء، مثل ضربه للمؤمن وزهده في الدنيا وقناعته بالبلغة من العيش وما أوتي من الكفاية، وللكافر واتساع رغبته في الدنيا وحرصه على جمع حطامها ومنعها من حقها مع ما وصف الله تعالى به الكافر من حرصه على الحياة وركونه إلى الدنيا واغتراره بزخرفها، فالزهد في الدنيا محمود لأنه من أخلاق المؤمنين، والحرص علهيا وجمع عرضها مذموم لأنه من أخلاق الكفار، ولهذا قيل: الرغب شؤم، لأنه يحمل صاحبه على اقتحام النار، وليس معنها كثرة الأكل دون اتساع الرغبة في الدنيا والحرص على جمعها، فالمراد من الحديث في مثل الكافر استكثاره من الدنيا والزيادة على الشبع في الأكل داخل فيه، ومثل المؤمن زهده في الدنيا وقلة اكتراثه بأثاثها واستعداده للموت، وقيل: هو تخصيص للمؤمن وتحامي ما يجره الشبع من القسوة وطاعة الشهوة، ووصف الكافر بكثرة الأكل إغلاظ على المؤمن وتأكيد لم رسم له، والله أعلك. قال الأزهري حكاية عن الفراء: جاء في الحديث المؤمن يأكل في معى واحدة، قال: ومعى واحد أعجب اإلي. ومعى الفأرة: ضرب من رديء تمر الحجاز. والمعى من مذانب الأرض: كل مذنب بالحضيض يناصي مذنبا بالسند والذي في السفح هوالصلب. قال الأزهري: وقد رأيت بالصمان في قيعانها مساكات للماء وإخاذا متحوية تسمى الأمعاء وتسمى الحوايا، وهي شبه الغدران، غير أنها متضايقة لا عرض لها، وربما ذهبت في القاع غلوة. وقال الأزهري: الأمعاء ما لان من الأرض وانخفض، قال رؤبة:
يحبـــو إلـــى أصــلابه أمعــاؤه
قال: والأصلاب ما صلب من الأرض. قال أبو عمرو: ويحبو أي يميل، وأصلابه وسطه، وأمعاؤه أطرافه. وحكى ابن سيده عن أبي حنيفة: المعى سهل بين صلبين، قال ذو الرمة:
بصلب المعى أو برقة الثور لم يدع
لهـا جـدة جـول الصـبا والجنـائب
قال الأزهري: المعى غير ممدود الواحدة أظن معاة سهلة بين صلبين قال ذو الرمة:
تراقـب بيـن الصلب من جانب المعى
معــى واحـف شمسـا بطيئا نزولهـا
وقيل: المعى مسيل الماء بين الحرار. وقال الأصمعي: الأمعاء مسايل صغار. والمعي: اسم مكان أو رملن قال للعجاج:
وخلـــت أنقــاء المعــي ربربــا
وقالوا: جاءا معا وجاؤوا معا أي جميعا. قال أبو الحسن: معا على هذا الاسم وألفه منقلبة عن ياء كرحى، لأن انقلاب الألف في هذا الموضع عن الياء أكثر من انقلابها عن الواو، وهو قول يونس، وعلى هذا يسلم قول حكيم بن معية التميمي من الإكفاء وهو:
إن شـئت يـا سـمراء أشـرفنا معـا
دعـــا كلانـــا ربـــه فأســـمعا
بــالخير خيــرات وإن شــرا فـأى
ولا أريـــد الشـــر إلا أن تـــأى
قال لقمان بن أوس بن ربيعة بن مالك بن زيد مناة ابن غنم:
إن شــئت أشــرفنا كلانــا فــدعا
اللـــه جهـــدا ربـــه فأســمعا
بــالخير خيــرات وإن شــر فــإى
ولا أريـــد الشـــر إلا أن تـــأى
وذلك أن امرأة قالت فأجابها:
قطعـــك اللـــه الجليــل قطعــا
فـــوق الثمـــام قصــدا موضــعا
تـــالله مـــا عــديت إلا ربعــا
جمعــت فيــه مهــر بنـتي أجمعـا
والمعو: الرطب، عن اللحياني، وأنشد:
تعلـــل بالنهيــدة حيــن تمســي
وبـــالمعو المكمـــم والقميـــم
النهيدة: الزبدة، وقيل: المعو الذي عمه الإرطاب، وقيل: هو التمر الذي أدرك كله، واحدته معوة، قال أبو عبيدة: هو قياس ولم أسمعه. قال الأصمعي: إذا أرطب النخل كله فذلك المعو، وقد أمعت النخلة وأمعى النخل. وفي الحديث: رأى عثمان رجلا يقطع سمرة فقال ألست ترعى معوتها أي ثمرتها إذا أدركت، شبهها بالمعو وهو البسر إذا أرطب، قال ابن بري وأنشد ابن الأعرابي:
يـا بشـر يـا بشـر ألا أنـت الولي
إن مــت فــادفني بـدار الزينـبي
فــي رطــب معــو وبطيــخ طــري.
والمعوة: الرطبة إذا دخلها بعض البيس. الأزهري: العرب تقول للقوم إذا أخصبوا وصلحت حالهم هم في مثل المعى والكرش، قال الراجز:
يــا أيهــذا النــائم المفــترش
لســت علــى شــيء فقــم وانكمـش
لســـت كقـــوم أصــلحوا أمرهــم
فأصــبحوا مثــل المعــى والكـرش
وتمعى الشر: فشا. والمعاء، ممدود: أصوات السنابير. يقال: معا يمعو ومغا يمغو، لونان أحدهما يقرب من الآخر وهو أرفع من الضئي. والماعي: اللين من الطعام.