المعنى:
لَيْسَ: كَلِمَةُ نَفْيٍ، وهيَ فعلٌ ماضٍ، وأصلها لَيِسَ -بكسر الياء- فسُكَّنَتْ اسْتِثقالًا، ولم تُقْلَب ألِفًا لأنَّها لا تَتَصَرَّف، من حيث اسْتُعْمِلَت بلفظ الماضي للحال، والذي يدُلُّ على أنَّها فعل وإن لم تَتَصَرّف تَصَرُّفَ الأفعال قولهم: لَسْتَ ولَسْتُما ولَسْتُم؛ نحو قولِكَ ضَرَبْتَ وضَرَبتُما وضَرَبْتُم. ؛ وجُعِلَت من عوامِل الأفعال نحوِ "كانَ" وأخواتِها وَحدَها دون أخَواتِها، تقول: ليسَ زيدٌ بِمُنْطَلِقٍ، قال الله تعالى: {ألَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَه} وقال جَلَّ وعز: {ألَيْسَ ذلك بقادِرٍ على أنْ يُحْيِيَ المَوْتى}، فالباء لِتَعْدِيَة الفِعْلِ وتأكيد النَّفْي. ولكَ ألاّ تُدْخِلْهَا، لأنَّ المُؤَكِّدَ يُسْتَغْنى عنه، ولأنَّ من الأفعال ما يَتَعَدّى مَرَّةً بحرفِ جَرٍ ومَرَّةً بغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ؛ نحو قَوْلِكَ: اشْتَقْتُكَ واشْتَقْتُ إلَيْكَ. ؛ ولا يجوز تقديم خَبَرِها عليها كما جازَ في أخَواتِها، تقولُ: مُحْسِنًا كانَ زَيْدٌ، ولا يجوز أنْ تقولَ: مُحْسِنًا ليسَ زَيْدٌ. ؛ وقد يُسْتَثْنى بها فيُقال: جاءَ القوم لَيْسَ زَيدًا؛ كما تقول: إلاّ زَيْدًا، تُضْمِرُ فيها اسْمَها وتَنْصِبُ خَبَرَها بها، كأنَّك قُلتَ: ليس الجائي زَيْدًا، ولك أن تَقولَ: جاءَ القَوْمُ لَيْسَكَ ولَيْسِي، قال ؛ عَهِدْتُ قَومي كعَدِيْدِ الطَّيْسِ *** قد ذَهَبَ القَوْمُ الكِرَامُ لَيْسِي ؛ إلاّ أنَّ المُضْمَرَ لَيْسَكَ ولَيْسِي، قال ؛ لَيْتَ هذا الليلَ شَهْرٌ *** لا نَرى فيه عَرِيْبا ؛ لَيْسَ إيّايَ وإيّا *** كِ ولا نَخْشى رَقِيْبا ؛ ولم يَقُل: لَيْسَني ولَيْسَكِ، وهو جائِز. ؛ وبعض بَني ضَبَّة يقول: لِسْتُ -بكسر اللام-، وبعضهم يَضُمُّها فيقول: لُسْتُ. ؛ وقال الخليل: لَيْسَ: معناه لا أيْسَ، فَطُرِحَت الهَمْزَةُ، وأُلْزِقَت اللاّمُ الياء. قال: والدليل على ذلك قول العرب: ائْتِني به من حيثُ أيْسَ ولَيْسَ، والمعنى من حيث هُوَ ولا هُوَ. وقيل: معنى لا أيْسَ: أي لا وُجِدَ، وقيل: أيْس موجود ولا أيْس لا موجود، فَثَقُلَ عليهم فقالوا: لَيْسَ. ؛ وقال الكِسائيّ: ورُبَّما جاءت لَيْسَ بمعنى "لا" النَّسَقِيَّةِ، كقول لَبيد رضي الله عنه ؛ وإذا جُوْزِيْتَ قَرْضًا فاجْزِهِ *** إنَّما يَجْزي الفَتى لَيْسَ الجَمَلْ ؛ وقال سِيْبَوَيْه: أرادَ لَيْسَ يَجْزي الجَمَلُ ولَيْسَ الجَمَلُ يَجْزي، قال: ورُبَّما جاءتْ لَيْسَ بمعنى "لا" التَّبْرِئةِ. ؛ ورجُلٌ ألْيَس: أي شُجاع، بَيِّنُ اللَّيَسِ -بالتحريك-، من قومٍ لِيْسٍ، قال العجّاج يصف ثَوْرًا ؛ ذو نَخْوَةٍ حُمَارِسٌ عُرْضِيٌّ *** ألْيَسُ عن حَوْبائهِ سَخِيُّ ؛ وقال الفرّاء: الألْيَس: البعير الذي يَحمِلُ ما حُمِّلَ. ؛ وقال الأصمعيّ: الألْيَس: الذي لا يَبْرَح مَنْزِلَه، قال رؤبة ؛ ذو النَّبْلِ ما كانَ المَها كُنُوْسا *** يَرْمي ويَرْجُو المُمْكِناتِ اللِّيْسا ؛ ويُروى: "ما دامَ". وقال آخَر ؛ تَخَالُ نَدِيَّهُمْ مَرْضى حَيَاءً *** وتَلْقاهُمْ غَدَاةَ الرَّوْعِ لِيْسا ؛ وقال غيره: إبلٌ لِيْسٌ على الحَوْضِ: إذا قامَت عليه فَلَم تَبْرَحْهُ. وقيل هي البِطَاءُ. ؛ وقال بعض الأعراب: الألْيَسُ: الدَّيُّوثيُّ الذي لا يَغَار، ويُتَهَزَّأُ به فيُقال: هو ألْيَسُ بُورِكَ فيه. ؛ والألْيَس: الأسد، وُصِفَ بذلك لِشَجاعَتِهِ. ؛ والألْيَس: الحَسَنُ الخُلُقِ. ؛ وقال أبو زيد: اللَّيَسُ -بالتحريك-: الغَفْلَةُ. ؛ واللِّيَاس -بالكسر-: الرَّجُل الدَّيُّوْث الذي لا يَبْرَح مَوْضِعَه. ؛ وتَلايَسَ الرَّجُلُ: إذا كان حَمْولًا حَسَنَ الخُلُقِ. ؛ وتَلايَسْتُ عن كذا: أي أغْمَضْتُ عنه. ؛ وقال أبو عمرو: المُلايِسُ: البَطِيءُ.