فيأ

المعنى: 

الفَيْءُ: ما كان شمساً فَنَسَخَه الظِّلُّ، والجمع: أَفْياءٌ وفُيُوءٌ. قال الشاعر:
لَعَمْرِيـ، لأَنْـتَ البَيـتُ أَكْرَمُ أَهْلِهِ،
وأَقْعَــدُ فــي أَفْيــائِه بالأَصـائِل
وفاءَ الفَيْءُ فَيْئاً: تَحوَّلَ.وتَفَيَّأَ فيه: تَظَلَّلَ.وفي الصحاح: الفَيْءُ ما بعد الزوالِ مِن الظلِّ. قال حُمَيْد بن ثَوْر يَصِف سَرْحةً وكنى بها عن امرأَة:
فلا الظِّـلُّ مِنْ بَرْدِ الضُحَى تَستطيعُه،
وَلا الفَيْـءُ مِـن بَـرْدِ العَشـِيِّ تَذُوقُ
وإنما سمي الظلُّ فيئاً لرُجُوعه مِن جانِب إلى جانِب.قال ابن السِّكِّيت: الظِّل: ما نَسَخَتْه الشمسُ، والفَيْءُ: ما نَسَخَ الشمسَ.وحكى أَبو عُبيدةَ عن رُؤْبَة، قال: كلُّ ما كانت عليه الشمسُ فَزالتْ عنه فهو فَيْءٌ وظِلٌّ، وما لم تكن عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ.وتَفَيَّأَتِ الظِّلالُ أَي تَقَلَّبَتْ. وفي التنزيل العزيز: تَتَفَيَّأُ ظِلالُه عن اليَمينِ والشَّمائل. والتَّفَيُّؤُ تَفَعُّلٌ من الفَيْءِ، وهو الظِّلُّ بالعَشِيِّ. وتَفَيُّؤُ الظِّلالِ: رجُوعُها بعدَ انتصاف النهار وابْتعاثِ الأَشياءِ ظِلالَها. والتَّفَيُّؤُ لا يكون إلا بالعَشِيِّ، والظِّلُّ بالغداةِ، وهو ما لَم تَنَلْه الشمس، والفَيْءُ بالعَشِيِّ ما انصَرَفَتْ عنه الشمسُ، وقد بَيَّنه حُمَيد بن ثَور في وصف السَّرْحة، كما أنشدناه آنِفاً.وتَفَيَّأَتِ الشجرةُ وفَيَّأَتْ وفاءَتْ تَفْيِئةً: كثرَ فَيْؤُها.وتَفَيَّأْتُ أَنا في فَيْئِها. والمَفْيُؤَةُ: موضع الفَيْءِ، وهي المَفْيُوءَةُ، جاءَت على الأَصل، وحكى الفارسي عن ثعلب: المَفِيئةَ فيها.الأَزهري، الليث: المَفْيُؤَةُ هي المَقْنُؤَةُ من الفَيْءِ. وقال غيره يقال: مَقْنَأَةٌ ومَقْنُؤَةٌ للمكان الذي لا تطلع عليه الشمس. قال: ولم أَسمع مَفْيُؤَة بالفاء لغير الليث. قال: وهي تشبه الصواب، وستذكره في قَنَأَ أَيضاً. والمَفْيُوءَةُ: هو المَعْتُوه لزمه هذا الاسم من طول لُزومِه الظِّلَّ. وفَيَّأَتِ المرأَةُ شَعَرَها: حرَكَته من الخُيَلاءِ. والرِّيح تُفَيِّئ الزرع والشجر: تحرِّكهما. وفي الحديث: مَثَل المؤْمن كخامة الزرع تُفَيِّئُها الرِّيحُ مرةَ هُنا ومرة هنا. وفي رواية: كالخامةِ من الزرعِ من حيث أَتَتْها الريحُ تُفَيِّئُها أَي تُحَرِّكُها وتُمِيلُها يميناً وشِمالاً. ومنه الحديث: إذا رأَيتم الفَيْءَ على رؤوسهنَّ، يعني النساءَ، مِثْل أَسْنِمة البُخْتِ فأَعْلِمُوهنَّ أَن اللّه لا يَقْبَلُ لهُن صلاةً. شَبَّه رؤُوسهنَّ بأَسْنِمة البُخْت لكثرة ما وَصَلنَ به شعورَهنَّ حتى صار عليها من ذلك ما يُفَيِّئُها أَي يُحَرِّكها خُيلاءً وعُجْباً، قال نافع بن لَقِيط الفَقْعَسِيّ:
فَلَئِنْ بَلِيــتُ فقــد عَمِـرْتُ كـأَنِّني
غُصـــْنٌ، تُفَيِّئُه الرِّيــاحُ، رَطِيــبُ
وفاءَ: رجَع. وفاءَ إلى الأَمْرِ يَفِيءُ وفاءَه فَيْئاً وفُيُوءاً: رَجَع إليه. وأَفاءَهُ غيرُه: رَجَعه. ويقال: فِئْتُ إلى الأَمر فَيْئاً إذا رَجَعْتَ إليه النظر. ويقال للحديدة إذا كَلَّتْ بعد حِدَّتِها: فاءَتْ.وفي الحديث: الفَيءُ على ذِي الرَّحِمِ أَي العَطْفُ عليه والرُّجوعُ إليه بالبِرِّ.أَبو زيد: يقال: أَفَأْتُ فلاناً على الأَمر إِفاءَةً إذا أَراد أَمْراً، فَعَدَلْتَه إلى أَمْرٍ غيره. وأَفَاءَ واسْتَفاءَ كَفَاءَ. قال كثير عزة:
فَــأَقْلَعَ مِـنْ عَشـْرٍ، وأَصـْبَحَ مُزْنُـه
أَفَــاءَ، وآفــاقُ السـَّماءِ حَواسـِرُ
وينشد:
عَقُّـوا بسـَهْمٍ، ولـم يَشْعُر به أَحَدٌ،
ثمَّ اسْتَفاؤُوا، وقالوا حَبَّذا الوَضَحُ
أَي رَجَعوا عن طَلَبِ التِّرةِ إلى قَبُولِ الدِّيةِ.وفلانٌ سَريعُ الفَيْءِ مِن غَضَبِه. وفاءَ من غَضَبِه: رَجَعَ، وإِنه لَسَرِيعُ الفَيْءِ والفَيْئةِ والفِيئةِ أَي الرُّجوع، الأَخيرتان عن اللِّحيانِي، وإِنه لَحَسَنُ الفِيئةِ، بالكسر مثل الفِيقَةِ، أَي حَسَنُ الرُّجوع.وفي حديث عائشةَ رضي اللّه عنها قالت عن زينب: كلُّ خِلالِها مَحْمُودةٌ ما عدا سَوْرةً من حَدٍّ تُسْرِعُ منها الفِيئةَ؛ الفِيئةُ، بوزن الفِيعةِ؛ الحالةُ من الرُّجوعِ عن الشيءِ الذي يكون قد لابَسه الإِنسانُ وباشَرَه. وفاءَ المُولِي من امرأَتِه: كَفَّرَ يَمينَه ورَجَعَ اليها. قال اللّه تعالى: فإنْ فاؤُوا فإِنَّ غفورٌ رحيمٌ. قال: الفَيْءُ في كتاب اللّه تعالى على ثلاثة مَعانٍ مَرْجِعُها إلى أَصل واحد وهو الرجوع. قال اللّه تعالى في المُولِين مِن نسائهم: فإِنْ فاؤُوا فإنَّ اللّهَ غفور رحيم.وذلك أَنَّ المُولي حَلَفَ أَنْ لا يَطَأَ امرأَتَه فجعَل اللّهُ مدةَ أَربعةِ أشْهُر بعدَ إِيلائهِ، فإِن جامَعها في الأَربعة أَشهر فقد فاءَ، أَي رَجَعَ عما حَلَفَ عليهِ من أَنْ لا يُجامِعُها، إلى جِماعِها، وعليه لحِنْثِه كَفَّارةُ يَمينٍ، وإن لم يِجامِعْها حتى تَنْقَضِي أَربعةُ أَشهر مِنْ يوم آلَى، فإن ابن عباس وجماعة من الصحابة رضي اللّه عنهم أَوقعوا عليها تطليقة، وجعلوا عن الطلاق انْقِضاءَ الأَشهر، وخَالفَهم الجماعة الكثيرة من أَصْحابِ رَسُول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وغيرهم من أَهل العلم، وقالوا: إذا انْقَضَتْ أَربعةُ أَشهر ولم يُجامِعْها وُقِفَ المّولي، فَإِمَّا أَنْ يَفِيء أَي يَجامِعُ ويُكفِّرَ، وإَمَّا أَنْ يُطَلِّقَ، فهذا هو الفَيءُ من الإِيلاءِ، وهو الرُّجوعُ الى ما حَلفَ أَنْ لا يَفْعَلَه.قال عبد اللّه بن المكرم: وهذا هو نص التنزيل العزيز: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهم تَرَبُّصُ أَرْبَعةِ أَشْهُرٍ، فإنْ فاؤوا، فإنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ، وَإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ، فإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عليمٌ.وتَفَيَّأْتِ المرأَةُ لزوجها: تَثَنَّتْ عليه وتَكَسَّرَتْ له تَدَلُّلاً وأَلْقَتْ نَفْسَها عليه؛ من الفَيْءِ وهو الرُّجوع، وقد ذكر ذلك في القاف. قال الأَزهري: وهو تصحيف والصواب تَفَيَّأَتْ، بالفاء. ومنه قول الراجز:
تَفَيَّـــأَتْ ذاتُ الـــدَّلالِ والخَفَــرْ
لِعابِســٍ، جــافي الـدَّلال، مُقْشـَعِرْ
والفَيْءُ: الغَنِيمةُ، والخَراجُ. تقول منه: أَفاءَ اللّهُ على المُسْلِمينَ مالَ الكُفَّارِ يُفِيءُ إِفاءَةً. وقد تكرَّر في الحديث ذكر الفَيْءِ على اخْتِلاف تَصرُّفِه، وهو ما حَصل لِلمُسلِمينَ من أَموالِ الكُفَّار من غير حَرْب ولا جِهادٍ. وأَصْلُ الفَيْءِ: الرُجوعُ، كأَنه كانَ في الأَصْل لهم فَرَجَعَ اليهم، ومنه قِيل للظِّلِّ الذي يكون بعدَ الزوالِ فَيْءٌ لأَنه يَرْجِعُ من جانِب الغَرْب إلى جانب الشَّرْق.وفي الحديث: جاءَتِ امرأَةٌ مِن الأَنصار بابْنَتيْنِ لها، فقالت: يا رسولَ اللّه، هاتان ابْنَتَا فُلانٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ، وقد اسْتَفاءَ عَمُّهما مالَهما ومِراثَهما، أَي اسْتَرْجَعَ حَقَّهُما مِن المِراث وجَعَلَه فَيْئاً له، وهو اسْتَفْعَلَ مِن الفَيْءِ. ومنه حديث عُمر رضي اللّه عنه: فلَقَدْ رَأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانَهُما أَي نأْخُذُها لأَنْفُسِنا ونَقْتَسِمُ بها. وقد فِئْتُ فَيْئاً واسْتَفَأْتُ هذا المالَ: أَخَذْتُه فَيْئاً. وأَفاءَ اللّهُ عليه يُفيءُ إِفاءَةً. قال اللّه تعالى: ما أَفاءَ اللّهُ على رَسُولِهِ مِن أَهْلِ القُرى. التهذيب: الفَيْءُ ما رَدَّ اللّهُ تعالى علَى أَهْلِ دِينِهِ من أَمْوال مَنْ خالَفَ دِينَه، بلا قِتالٍ، إِمَّا بأَنْ يُجْلَوا عَن أَوْطانِهِم ويُخَلُّوها للمسلمين، أَو يُصالِحُوا على جِزْيةٍ يُؤَدُّونَها عَن رُؤوسِهم، أَو مالٍ غَيْرِ الجَزْيةِ يَفْتَدُونَ به مِن سَفْكِ دِمائهم، فهذا المالُ هو الفَيْءُ.في كتاب اللّه قال اللّه تعالى: فَما أَوْجَفْتُم عليه من خَيْلٍ ولا ركابٍ. أَي لم تُوجِفُوا عليه خَيْلاَ ولا رِكاباً، نزلت في أَموال بَنِي النضير حِينَ نَقَضُوا العَهْدَ وجُلُوا عن أَوْطانِهم إلى الشام، فَقَسَمَ رسولُ اللّهِ، صلّى اللّه عليه وسلم، أَموالَهم مِن النَّخِيل وغَيْرِها في الوُجُوه التي أَراهُ اللّه أَن يَقْسِمَها فيها. وقِسمةُ الفَيءِ غيرُ قسمةِ الغَنِيمة التي أَوْجَفَ اللّهُ عليها بالخَيْلِ والرِّكاب.وأَصلُ الفَيْءِ: الرُّجُوعُ، سُمِّيَ هذا المالُ فَيْئاً لأَنه رَجَعَ إلى المسلمين من أَمْوالِ الكُفّار عَفْواً بلا قِتالٍ. وكذلك قوله تعالى في قِتالِ أَهلِ البَغْيِ: حتى تَفِيءَ إلى أَمرِ اللّه، أَي تَرجِعَ إلى الطاعةِ.وأَفَأْتُ على القوم فَيْئاً إذا أَخَذْتَ لهم سَلَب قوْمٍ آخَرِينَ فجئْتَهم به.وأفَأْتُ عليهم فَيْئاً إذا أَخذتَ لهم فَيْئاً أُخِذَ منهم.ويقال لنَوَى التمر إذا كان صُلْباً: ذُو فَيْئَةِ، وذلك أَنه تُعْلَفُه الدّوابُّ فَتَأْكُلُه ثم يَخرُج من بطونها كما كان نَدِيّاً. وقال عَلْقمةُ بن عَبدَةَ يصف فرساً:
ســُلاَّءةً كَعصـا النَّهْـدِيِّ، غُـلَّ لهـا
ذُو فَيْئةٍ مِـن نَـوَى قُرَّانَـ، مَعْجُـومُ
قال: ويفسَّر قوله غُلَّ لَها ذو فَيْئةٍ تَفْسِيرين، أَحدهما: أَنه أُدْخِلَ جَوْفَها نوىً مِن نَوى نَخِيل قُرَّانَ حتى اشتدّ لحمها، والثاني: أَنه خُلِق لها في بطن حَوافِرها نُسورٌ صِلابٌ كأَنها نوى قُرَّان.وفي الحديث: لا يَلِيَنَّ مُفاءٌ على مُفِيءٍ. المُفاءُ الذي افْتُتِحَتْ بلدَتُه وكُورَتُه، فصارت فيْئاً للمسلمين. يقال: أَفَأْت كذا أَي صَيَّرته فَيْئاً، فأَنا مُفِيءٌ، وذلك مُفاءٌ. كأَنه قال: لا يَلِينَّ أَحدٌ من أَهل السَّواد على الصَّحابة والتابعين الذين افتَتَحُوه عَنْوةً. والفَيْءُ القِطعةُ من الطَّيْرِ، ويقال للقطعة من الطَّيْرِ: فَيْءٌ وعَرِقةٌ وصَفٌ.والفَيْئةُ: طائر يُشبه العُقابَ فإذا خافَ البرْد انحدَرَ إلى اليمن.وجاءَه بعد فَيْئةٍ أَي بعد حيِنٍ. والعرب تقول: يا فَيْءَ مالي، تَتَأَسَّف بذلك. قال:
يـا فَيْـءَ مـالي، مَـنْ يُعَمَّـرْ يُفْنِه
مَــرُّ الزَّمــانِ عليهـ، والتَّقْلِيـبُ
واختار اللِّحياني: يا فَيَّ مالي، ورُوي أَيضاً يا هَيْءَ. قال أَبو عبيد: وزاد الأَحمر يا شيْءَ، وكلها بمعنى، وقيل: معناها كلها التَّعَجُّب. والفِئةُ: الطائفةُ، والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه، أَصله فِيءٌ مثال فِيعٍ، لأَنه من فاءَ، ويجمع على فِئون وفِئاتٍ مثل شِياتٍ ولِداتٍ ومِئاتٍ. قال الشيخ أَبو محمد بن بري: هذا الذي قاله الجوهري سهو، وأَصله فِئْوٌ مثل فِعْوٍ، فالهمزة عين لا لام، والمحذوف هو لامها، وهو الواو. وقال: وهي من فَأَوْتُ أَي فَرَّقْت، لأَن الفِئة كَالفرقةِ.وفي حديث عمر رضي اللّه عنه: أَنه دخل على النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فكلَّمه، ثم دخل أَبو بكر على تَفِيئةِ ذلك أَي على أَثَرِه. قال: ومثله على تَئِيفةِ ذلك، بتقديم الياءِ على الفاءِ، وقد تشدّد، والتاءُ فيه زائدة على أَنها تَفْعِلة، وقيل هو مقلوب منه، وتاؤها إِما أَن تكون مزيدة أَو أَصلية. قال الزمخشري: ولا تكون مزيدة، والبِنْيةُ كما هي من غير قلب، فلو كانت التَّفِيئَة تَفْعِلةً من الفَيْءِ لخرجت على وزن تَهْنِئة، فهي إذا لولا القلبُ فَعِيلةٌ لأَجل الإِعلال، ولامها همزة، ولكن القلب عن التَّئِيفة هو القاضي بزيادة التاءِ، فتكون تَفْعِلةً.

المعجم: 

لسان العرب