المعنى:
الغَيْبُ: الشَّكُّ، وجمعه غِيابٌ وغُيُوبٌ؛ قال:
أَنْـــتَ نَـــبيٌّ تَعْلَــمُ الغِيابــا،
لا قــــائلاً إِفْكـــاً ولا مُرْتابـــا
والغَيْبُ: كلُّ ما غاب عنك. أَبو إِسحق في قوله تعالى: يؤمنون بالغَيْبِ؛ أَي يؤمنون بما غابَ عنهم، مما أَخبرهم به النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، من أَمرِ البَعْثِ والجنةِ والنار. وكلُّ ما غابَ عنهم مما أَنبأَهم به، فهو غَيْبٌ؛ وقال ابن الأَعرابي: يؤمنون باللّه. قال: والغَيْبُ أَيضاً ما غابَ عن العُيونِ، وإِن كان مُحَصَّلاً في القلوب. ويُقال: سمعت صوتاً من وراء الغَيْب أَي من موضع لا أَراه. وقد تكرر في الحديث ذكر الغيب، وهو كل ما غاب عن العيون، سواء كان مُحَصَّلاً في القلوب، أَو غير محصل.وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْباً، وغِياباً، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوباً، ومَغاباً، ومَغِيباً، وتَغَيَّب: بَطَنَ. وغَيَّبه هو، وغَيَّبه عنه. وفي الحديث: لما هَجا حَسَّانُ قريشاً، قالت: إِن هذا لَشَتْمٌ ما غابَ عنه ابنُ أَبي قُحافة؛ أَرادوا: أَن أَبا بكر كان عالماً بالأَنْساب والأَخبار، فهو الذي عَلَّم حَسَّانَ؛ ويدل عليه قول النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لحسَّانَ: سَلْ أَبا بكر عن مَعايِب القوم؛ وكان نَسَّابةً عَلاَّمة. وقولهم: غَيَّبه غَيَابُه أَي دُفِنَ في قَبْرِه. قال شمر: كلُّ مكان لا يُدْرَى ما فيه، فهو غَيْبٌ؛ وكذلك الموضع الذي لا يُدْرَى ما وراءه، وجمعه: غُيُوبٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
يَرْمِــي الغُيُـوبَ بعَيْنَيْهِـ، ومَطْرِفُـه
مُغْضـٍ، كمـا كَشـَفَ المُسـْتَأْخِذُ الرَّمِدُ
وغابَ الرجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ: سافرَ، أَو بانَ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَــلُ المَعْــرُوفَ حِــلَّ أَلِيَّـةٍ،
ولا عِــدَةً، فــي النـاظِرِ المُتَغَيَّـبِ
إِنما وَضعَ فيه الشاعرُ المُتَغَيَّبَ موضعَ المُتَغَيِّبِ؛ قال ابن سيده: وهكذا وجدته بخط الحامض، والصحيح المُتَغَيِّب، بالكسر.والمُغَايَبةُ: خلافُ المُخاطَبة. وتَغَيَّبَ عني فلانٌ. وجاءَ في ضرورة الشعر تَغَيَّبَنِي؛ قال امرؤُ القيس:
فظَــلَّ لنــا يــومٌ لَذيـذٌ بنَعْمـةٍ،
فَقِــلْ فــي مَقِيــلٍ نَحْســُه مُتَغَيِّـبُ
وقال الفراءُ: المُتَغَيِّبُ مرفوع، والشعر مُكْفَأٌ. ولا يجوز أَن يَرِدَ على المَقيلِ، كما لا يجوز: مررت برجل أَبوه قائم.وفي حديث عُهْدَةِ الرَّقيقِ: لا داءَ، ولا خُبْنَة، ولا تَغْييبَ.التَّغْيِيب: أَن لا يَبيعه ضالَّةً، ولا لُقَطَة.وقومٌ غُيَّبٌ، وغُيَّابٌ، وغَيَبٌ: غائِبُون؛ الأَخيرةُ اسم للجمع، وصحت الياءُ فيها تنبيهاً على أَصل غابَ. وإِنما ثبتت فيه الياء مع التحريك لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ، وإِن كان جمعاً، وصَيَدٌ: مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ، لأَنه يجوز أَن تَنْوِيَ به المصدر. وفي حديث أَبي سعيد: إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِيمٌ، وإِن نَفَرنا غَيَبٌ أَي رجالُنا غائبون.والغَيَبُ، بالتحريك: جمع غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ.وامرأَةٌ مُغِيبٌ، ومُغْيِبٌ، ومُغِيبةٌ: غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها؛ ويقال: هي مُغِيبةٌ، بالهاء، ومُشْهِدٌ، بلا هاء.وأَغابَتِ المرأَةُ، فهي مُغِيبٌ: غابُوا عنها. وفي الحديث: أَمْهِلُوا حتى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبةُ، هي التي غاب عنها زوجُها. وفي حديثِ ابنِ عَبَّاس: أَنَّ امرأَةً مُغِيبةً أَتَتْ رَجُلاً تَشْتَري منه شيئاً، فَتَعَرَّضَ لها، فقالتْ له: وَيْحَكَ، إِني مُغِيبٌ، فتَرَكها. وهم يَشْهَدُون أَحْياناً، ويَتَغايَبُونَ أَحْياناً أَي يَغِيبُون أَحْياناً. ولا يقال: يَتَغَيَّبُونَ. وغابَتِ الشمسُ وغيرُها من النُّجوم، مَغِيباً، وغِياباً، وغُيوباً، وغَيْبُوبة، وغُيُوبةً، عن الهَجَري: غَرَبَتْ.وأَغابَ القومُ: دخلوا في المَغِيبِ.وبَدَا غَيَّبانُ العُود إذا بَدَتْ عُروقُه التي تَغَيَّبَتْ منه؛ وذلك إذا أَصابه البُعَاقُ من المَطر، فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حتى ظَهَرَتْ عُروقُه، وما تَغَيَّبَ منه.وقال أَبو حنيفة: العرب تسمي ما لم تُصِبْه الشمسُ من النَّبات كُلِّه الغَيْبانَ، بتخفيف الياء؛ والغَيَابة: كالغَيْبانِ. أَبو زياد الكِلابيُّ: الغَيَّبانُ، بالتشديد والتخفيف، من النبات ما غاب عن الشمس فلم تُصِبْه؛ وكذلك غَيَّبانُ العُروق. وقال بعضهم: بَدَا غَيْبانُ الشَّجرة، وهي عُرُوقها التي تَغَيَّبَتْ في الأَرض، فحَفَرْتَ عنها حتى ظَهَرَتْ.والغَيْبُ من الأَرض: ما غَيَّبك، وجمعه غُيُوب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إِذَا كَرِهُــوا الجَمِيعَـ، وحَـلَّ منهـم
أَراهــــطُ بـــالغُيُوبِ وبـــالتِّلاعِ
والغَيْبُ: ما اطْمَأَنَّ من الأَرض، وجمعه غُيوب. قال لبيد يصف بقرة، أَكل السبعُ ولدها فأَقبلت تَطُوف خلفه:
وتَســـَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيســـِ، فَراعَهــا
عــن ظهـرِ غَيْبٍـ، والأَنِيـسُ سـَقامُها
تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصيادين، فراعها أَي أَفزعها.وقوله: والأَنيسُ سَقامُها أَي انّ الصيادين يَصِيدُونها، فهم سَقامُها. ووقَعْنا في غَيْبة من الأَرض أَي في هَبْطةٍ، عن اللحياني.ووَقَعُوا في غَيابةٍ من الأَرض أَي في مُنْهَبِط منها. وغَيابةُ كلِّ شيء: قَعْرُه، منه، كالجُبِّ والوادي وغيرهما؛ تقول: وَقَعْنا في غَيْبةٍ وغَيابةٍ أَي هَبْطة من الأَرض؛ وفي التنزيل العزيز: في غَياباتِ الجُبِّ. وغابَ الشيءُ في الشيءِ غِيابةً، وغُيُوباً، وغَياباً، وغِياباً، وغَيْبةً، وفي حرفِ أُبَيٍّ، في غَيْبةِ الجُبِّ.والغَيْبَةُ: من الغَيْبُوبةِ.والغِيبةُ: من الاغْتِيابِ.واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِياباً إذا وَقَع فيه، وهو أَن يتكلم خَلْفَ إنسان مستور بسوء، أَو بما يَغُمُّه لو سمعه وإِن كان فيه، فإِن كان صدقاً، فهو غِيبةٌ؛ وإِن كان كذباً، فهو البَهْتُ والبُهْتانُ؛ كذلك جاء عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، ولا يكون ذلك إِلا من ورائه، والاسم: الغِيبةُ. وفي التنزيل العزيز: ولا يَغْتَبْ بعضُكم بعضاً؛ أَي لا يَتَناوَلْ رَجُلاً بظَهْرِ الغَيْبِ بما يَسُوءُه مما هو فيه. وإِذا تناوله بما ليس فيه، فهو بَهْتٌ وبُهْتانٌ. وجاء المَغْيَبانُ، عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم.ورُوِيَ عن بعضهم أَنه سمع: غابه يَغِيبُهُ إذا عابه، وذكَر منه ما يَسُوءُه.ابن الأَعرابي: غابَ إذا اغْتَابَ. وغابَ إذا ذكر إِنساناً بخيرٍ أَو شَرٍّ؛ والغِيبَةُ: فِعْلَةٌ منه، تكون حَسَنةً وقَبِيحةً. وغائِبُ الرجلِ: ما غابَ منه، اسْمٌ، كالكاهِل والجامل؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ويُخْبِرُنيـ، عـن غَائبِ المَرْءِ، هَدْيُه،
كفَى الهَدْيُ، عَمَّا غَيَّبَ المَرْءُ، مُخبرا
والغَيْبُ: شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ. وشاة ذاتُ غَيْبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَغَيُّبه عن العين؛ وقول ابن الرِّقَاعِ يَصِفُ فرساً:
وتَــرَى لغَـرِّ نَسـاهُ غَيْبـاً غامِضـاً،
قَلِـقَ الخَصـِيلَةِ، مِـن فُوَيْـقِ المفصل
قوله: غَيْباً، يعني انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بلحمتين عند سِمَنِه، فجرى النَّسا بينهما واسْتَبان. والخَصِيلَةُ: كُلُّ لَحْمة فيها عَصَبة.والغَرُّ: تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه.وسئل رجل عن ضُمْرِ الفَرس، قال: إذا بُلَّ فَريرهُ، وتَفَلَّقَتْ غُرورُه، وبدا حَصِيرُه، واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه. والشاكلة: الطِّفْطِفَةُ.والفرير: موضعُ المَجَسَّة من مَعْرَفَتِه. والحَصِيرُ: العَقَبة التي تَبْدُو في الجَنْبِ، بين الصِّفاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع.الهَوَازنيُّ: الغابة الوَطَاءَةُ من الأَرض التي دونها شُرْفَةٌ، وهي الوَهْدَة. وقال أَبو جابر الأَسَدِيُّ: الغابَةُ الجمعُ من الناسِ؛ قال وأَنشدني الهَوَازِنيُّ:
إِذا نَصـــَبُوا رِمـــاحَهُمُ بِغَـــابٍ،
حَســِبْتَ رِمــاحَهُمْ ســَبَلَ الغَــوادي
والغابة: الأَجَمَةُ التي طالتْ، ولها أَطْراف مرتفعة باسِقَة؛ يقال: ليثُ غابةٍ. والغابُ: الآجام، وهو من الياء. والغابةُ: الأَجَمة؛ وقال أَبو حنيفة: الغابةُ أَجَمة القَصَب، قال: وقد جُعِلَتْ جماعةَ الشجر، لأَنه مأْخوذ من الغَيابةِ. وفي الحديث: ان مِنْبَر سيدنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان من أَثْلِ الغابةِ؛ وفي رواية: من طَرْفاءِ الغابة. قال ابن الأَثير: الأَثْلُ شجر شبيهٌ بالطَّرْفاءِ، إِلاَّ أَنه أَعظم منه؛ والغابةُ: غَيْضَةٌ ذات شجر كثير، وهي على تسعةِ أَميال من المدينة؛ وقال في موضع آخر: هي موضعٌ قريبٌ مِن المدينة، مِن عَواليها، وبها أَموال لأَهلها. قال: وهو المذكور في حديث في حديث السِّباق، وفي حديث تركة ابن الزبير وغير ذلك. والغابة: الأَجمة ذاتُ الشجر المُتَكاثف، لأَنها تُغَيِّبُ ما فيها.والغابةُ من الرِّماحِ: ما طال منها، وكان لها أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة؛ وقيل: هي المُضْطَرِبةُ من الرماحِ في الريح؛ وقيل: هي الرماحُ إذا اجْتَمَعَتْ؛ قال ابن سيده: وأُراه على التشبيه بالغابة التي هي الأَجمة؛ والجمعُ من كل ذلك: غاباتٌ وغابٌ. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهَه: كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ.أَضافه إِلى الغابات لشدّتِه وقوّته، وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى.وغابةُ: اسم موضع بالحجاز.