غور

المعنى: 

غَوْرُ كلِّ شيء: قَعْرُه. يقال: فلان بعيد الغَوْر. وفي الحديث: أَنه سَمِع ناساً يذكرون القَدَرَ فقال: إنكم قد أُخذتم في شِعْبَين بَعيدَي الغَوْرِ؛ غَوْرُ كل شيء: عُمْقه وبُعْده، أَي يَبْعُد أَن تدركوا حقيقةَ علمه كالماء الغائرِ الذي لا يُقْدَر عليه؛ ومنه حديث الدعاء: ومن أَبْعَدُ غَوْراً في الباطل مني. وغَوْرُ تهامةَ: ما بين ذات عرْق والبحرِ وهو الغَوْرُ، وقيل: الغَوْرُ تهامةُ وما يلي اليمنَ. قال الأَصمعي: ما بين ذات عرق إلى البحر غَوْرٌ وتهامة. وقال الباهلي: كل ما انحدر مسيله، فهو غَوْرٌ.وغارَ القومُ غَوْراً وغُؤُوراً وأَغارُوا وغَوَّرُوا وتَغَوَّرُوا: أَتَوا الغَوْرَ؛ قال جرير:
يـا أُمَّ حـزْرة، مـا رأَينـا مِثْلَكم
فـي المُنْجـدِينَ، ولا بِغَـوْرِ الغائِرِ
وقال الأَعشى:
نَــبيّ يَــرَى مــا لا تَرَون،وذِكْـرُه
أَغـارَ، لَعَمْريـ، في البلاد وأَنْجدا
وقيل: غارُوا وأَغاروا أَخذوا نَحْوَ الغَوْر. وقال الفراء: أَغارَ لغة بمعنى غارَ، واحتج ببيت الأَعشى. قال محمد بن المكرم: وقد روي بيتَ الأَعشى مخروم النصف:
غـارَ، لَعَمْرِيـ، فـي البلاد وأَنْجَدا

وقال الجوهري: غارَ يَغُورُ غَوْراً أَي أَتى الغَور، فهو غائِرٌ. قال: ولا يقال أَغارَ؛ وقد اختلف في معنى قوله:
أَغـار، لعمرِيـ، في البلاد وأَنجدا

فقال الأَصمعي: أَغارَ بمعنى أَسرع وأَنجد أَي ارتفع ولم يرد أَتى الغَوْرَ ولا نَجْداً؛ قال: وليس عنده في إتيان الغَوْر إلا غارَ؛ وزعم الفراء أَنها لغة واحتج بهذا البيت، قال: وناسٌ يقولون أَغارَ وأَنجد، فإِذا أَفْرَدُوا قالوا: غارَ، كما قالوا: هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، فإِذا أَفردوا قالوا: أَمْرَأَنِي. ابن الأَعرابي: تقول ما أَدري أَغارَ فلانٌ أَم مار؛ أَغارَ: أَتَى الغَوْرَ، ومارَ: أَتَى نجداً. وفي الحديث: أَنه أَقطع بلالَ ابنَ الحرث مَعادِنَ القَبَلِيَّة جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها؛ قال ابن الأَثير: الغَورُ ما انخفض من الأَرض، والجَلْسُ ما ارتفع منها.يقال: غارَ إذا أَتى الغَوْرَ، وأَغارَ أَيضاً، وهي لغة قليلة؛ وقال جميل:
وأَنـتَ امـرؤٌ من أَهل نَجْدٍ، وأَهْلُنا
تِهـامٌ، ومـا النَّجْـدِيّ والمُتَغَـوّرُ؟
والتَّغْوِيرُ: إتيان الغَوْر. يقال: غَوَّرْنا وغُرْنا بمعنى.الأَصمعي: غارَ الرجلُ يَغُورُ إذا سارَ في بلاد الغَورِ؛ هكذا قال الكسائي؛ وأَنشد بيت جرير أَيضاً:
فـي المنْجِـدينَ ولا بِغَـوْر الغـائر

وغارَ في الشيء غَوْراً وغُؤوراً وغِياراً، عن سيبويه: دخل. ويقال: إنك غُرْتَ في غير مَغارٍ؛ معناه طَلَبْتَ في غير مطْلَبٍ. ورجل بعيد الغَوْرِ أَي قَعِيرُ الرأْي جيّدُه. وأَغارَ عَيْنَه وغارَت عينُه تَغُورُ غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَتْ: دخلت في الرأْس، وغَارت تَغارُ لغة فيه؛ وقال الأَحمر:
وســـائلة بظَهْـــر الغَيْــبِ عنّي:
أَغــارَت عينُــه أَم لــم تَغـارا؟
ويروى:
ورُبَّــــتَ ســــائلٍ عنِّــــي خَفِيٍّ:
أَغــارت عينــهُ أَمْ لــم تَغـارا؟
وغار الماءُ غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَ: ذهب في الأَرض وسَفَلَ فيها.وقال اللحياني: غارَ الماءُ وغَوَّرَ ذهب في العيون. وماءٌ غَوْرٌ: غائر، وصف بالمصدر. وفي التنزيل العزيز: قل أَرأَيتم إِنْ أَصبَحَ ماؤُكم غَوْراً؛ سمي بالمصدر، كا يقال: ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حَشْرٌ ودرهم ضَرْبٌ أَي ضُرب ضرباً. وغارَت الشمسُ تَغُور غِياراً وغُؤوراً وغَوَّرت: غربت، وكذلك القمر والنجوم؛ قال أَبو ذؤيب:
هــل الـدَّهْرُ إلا لَيْلـةٌ ونَهارُهـا،
وإلا طلُــوع الشـمس ثـم غِيارُهـا؟
والغارُ: مَغارةٌ في الجبل كالسَّرْب، وقيل: الغارُ كالكَهْف في الجبل، والجمع الغِيرانُ؛ وقال اللحياني: هو شِبْهُ البيت فيه، وقال ثعلب: هو المنخفض في الجبل. وكل مطمئن من الأَرض:غارٌ؛ قال:
تـــؤمُّ ســـِناناً، وكـــم دُونــه
مـــن الأَرض مُحْـــدَوْدِباً غارُهــا،
والغَوْرُ: المطمئن من الأَرض. والغارُ: الجُحْرُ الذي يأْوي إليه الوحشيّ، والجمع من كل ذلك، القليل: أَغوارٌ؛ عن ابن جني، والكثيرُ: غِيرانٌ.والغَوْرُ: كالغار في الجبل. والمَغارُ والمَغارةُ: كالغارِ؛ وفي التنزيل العزيز: لويَجِدون مَلْجأً أَو مَغارات مُدَّخَلاً؛ وربما سَمَّوْا مكانِسَ الظباء مَغاراً؛ قال بشر:
كـــأَنَّ ظِبـــاءَ أَســْنُمةٍ عليهــا
كَوانِســ، قالصــاً عنهـا المَغـارُ
وتصغير الغارِ غُوَيْرٌ. وغارَ في الأَرض يَغُورُ غَوْراً وغُؤوراً: دخل. والغارُ: ما خلف الفَراشة من أَعلى الفم، وقيل: هو الأُخدود الذي بين اللَّحْيين، وقيل: هو داخل الفم، وقيل: غارُ الفم نِطْعا في الحنكين. ابن سيده: الغارانِ العَظْمان اللذان فيهما العينان، والغارانِ فمُ الإِنسان وفرجُه، وقيل: هما البطن والفرج؛ ومنه قيل: المرء يسعى لِغارَيْه؛ وقال:
أَلـم تـر أَنَّ الـدهْرَ يـومٌ وليلة،
وأَنَّ الفتَـى يَسـْعَىْ لِغارَيْهِ دائبا؟
والغارُ: الجماعة من الناس. ابن سيده: الغارُ الجمع الكثير من الناس، وقيل: الجيش الكثير؛ يقال: الْتَقَى الغاران أَي الجيشان؛ ومنه قول الأَحْنَفِ في انصراف الزبير عن وقعة الجمل: وما أَصْنَعُ به إن كان جَمَعَ بين غارَيْنِ من الناس ثم تركهم وذهب؟ والغارُ: وَرَقُ الكَرْمِ؛ وبه فسر بعضهم قول الأَخطل:
آلَـتْ إلى النِّصف مِنْ كَلفاءَ أَترَعَها
عِلْجٌــ، ولَثَّمهـا بـالجَفْنِ والغـارِ
والغارُ: ضَرْبٌ من الشجر، وقيل: شجر عظام له ورق طوال أَطول من ورق الخِلاف وحَمْلٌ أَصغر من البندق، أَسود يقشر له لب يقع في الدواء، ورقُه طيب الريح يقع في العِطر، يقال لثمره الدهمشت، واحدته غارةٌ، ومنه دُهْنُ الغارِ؛ قال عدي بن زيد:
رُبَّ نـــــارٍ بِــــتُّ أَرْمُقُهــــا،
تَقْضــــَمُ الهِنْــــدِيَّ والغـــارا
الليث: الغارُ نبات طيب الريح على الوُقود، ومنه السُّوس. والغار: الغبار؛ عن كراع.وأَغارَ الرجلُ: عَجِلَ في الشيء وغيّره. وأَغار في الأَرض: ذهب، والاسم الغارة. وعَدَا الرجلُ غارةَ الثعلب أَي عَدْوِه فهو مصدر كالصَّماء، من قولهم اشْتَملَ الصَّماءَ؛ قال بشر بن أَبي خازم:
فَعَـــدِّ طِلابَهـــا، وتَعَــدَّ عنهــا
بِحَرْفٍــ، قــد تُغِيــرُ إذا تَبُــوعُ
والاسم الغَويِرُ؛ قال ساعدة يبن جؤية:
بَسـاقٍ إذا أُولـى العَـديِّ تَبَدَّدُوا،
يُخَفِّــضُ رَيْعــانَ السـُّعاةِ غَوِيرُهـا
والغارُ: الخَيْل المُغِيرة؛ قال الكميت بن معروف:
ونحــنُ صـَبَحْنا آلَ نَجْـرانَ غـارةً:
تَمِيـمَ بـنَ مُـرٍّ والرِّماحَ النَّوادِسا
يقول: سقيناهم خَيْلاً مُغِيرة، ونصب تميم بن مر على أَنه بدل من غارة؛ قال ابن بري: ولا يصح أَن يكون بدلاً من آل نجران لفساد المعنى، إِذ المعنى أَنهم صَبَحُوا أَهلَ نجران بتميم بن مُرٍّ وبرماح أَصحابه، فأَهل نجران هم المطعونون بالرماح، والطاعن لهم تميم وأَصحابه، فلو جعلته بدلاً من آل نَجْران لا نقلب المعنى فثبت أَنها بدل من غارة. وأَغار على القوم إِغارَةً وغارَةً: دفع عليهم الخيل، وقيل: الإِغاة المصدر والغارة الاسم من الإِغارة على العدوّ؛ قال ابن سيده: وهو الصحيح. وتغاوَرَ القوم: أَغار بعضهم على بعض. وغاوَرَهم مُغاورة، وأَغار على العدوّ يُغير إِغارة ومُغاراً.وفي الحديث: مَنْ دخل إلى طعامٍ لم يُدْعَ إِليه دَخل سارقاً وخرج مُغيراً؛ المُغير اسم فاعل من أَغار يُغير إذا نَهَب، شبَّه دُخوله عليهم بدُخول السارق وخروجَه بمَن أَغارَ على قوم ونَهَبَهُم.وفي حديث قيس بن عاصم: كنت أُغاوِرُهم في الجاهلية أَي أُغِير عليهم ويُغِيرُون عليّ، والمُغاورَة مُفاعلة؛ وفي قول عمرو بن مرة:
وبيــض تَلالا فــي أَكُــفِّ المَغـاوِرِ

المَغاوِرُ، بفتح الميم: جمعُ مُغاوِر بالضم، أَو جمع مِغْوار بحذف الأَلف أَو حذْفِ الياء من المَغاوِير. والمِغْوارُ: المبالِغُ في الغارة.وفي حديث سهل، رضي الله عنه: بَعثَنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في غَزارةٍ فلما بَلَغْنا المُغارَ اسْتَحْثَثْتُ فرَسِي، قال ابن الأَثير: المُغارُ، بالضم، موضع الغارةِ كالمُقامِ موضع الإِقامة، وهي الإِغارةُ نفسها أَيضاً. وفي حديث عليّ: قال يومَ الجمل: مل ظَنُّكَ بامرئ جمعَ بين هذين الغارَيْنِ؟ أَي الجَيّشين؛ قال ابن الأَثير: هكذا أَخرجه أَبو موسى في الغين والواو؛ وذكره الهروي في الغين والياء، وذكر حديث الأَحْنَف وقولهفي الزبير، رضي الله عنه، قال: والجوهري ذكره في الواو، قال: والواوُ والياءُ متقاربان في الانقلاب؛ ومنه حديث فِتْنة الأَزْدِ: ليَجْمعا بين هذين الغارَيْن. والغَارَةُ: الجماعة من الخيل إذا أَغارَتْ. ورجلِ مغْوار بيّن الغِوار: مقاتل كثير الغاراتِ على أَعدائِه، ومُغاورٌ كذلك؛ وقومٌ مَغاوِيرُ وخيل مغيرةٌ. وفرسٌ مِغْوارٌ: سريع؛ وقال اللحياني: فرسٌ مِعْوارٌ شديد العَدْوِ؛ قال طفيل:
عَناجِيـج مـن آل الـوَجِيه، ولاحِقٍـ،
مَغــاويرُ فيهــا للأَريــب مُعَقَّــبُ
الليث: فرس مُغارٌ شديد المفاصل. قال الأَزهري: معناه شدَّة الأَسْر كأَنه فَتِل فَتْلاً. الجوهري: أَغارَ أَي شدَّ العَدْوَ وأَسرع. وأَغارَ الفرسُ إِغارةً وغارةً: اشْتدّ عَدْوُه وأَسرع في الغارةِ وغيرها، والمُغِيرة والمِغيرة: الخيل التي تُغِير. وقالوا في حديث الحج: أَشْرِقْ ثَبِير كَيْما نُغِير أَي نَنْفِر ونُسْرِع للنحر وندفع للحجارة؛ وقال يعقوب: الإِغارةُ هنا الدفع أَي ندفع للنفر، وقيل: أَرادَ نُغِير على لُحوم الأَضاحي، من الإِغارة: النهبِ، وقيل: نَدْخل في الغَوْرِ، وهو المنخفض من الأَرض على لغة من قال أَغارَ إذا أَتى الغَوْرَ؛ ومنه قولهم: أَغارَ إِغارَة الثعلبِ إذا أَسْرع ودفع في عَدْوِه. ويقال للخيل المُغِيرة: غارةٌ.وكانت العرب تقول للخيل إذا شُنَّت على حيٍّ نازلين: فِيحِي فَياحِ أَي اتَّسِعي وتفرّقي أَيتُها الخيل بالحيّ، ثم قيل للنهب غارة، وأَصلها الخيل المُغيرة؛ وقال امرؤ القيس:
وغــارةُ ســِرْحانٍ وتقرِيــبُ تَتْفُـل

والسِّرحان: الذئب، وغارتهُ: شدَّةُ عَدْوِه. وفي التنزيل العزيز: فالمُغيرات صُبْحاً. وغارَني الرجلُ يَغيرُني ويَغُورُني إذا أَعطاه الدّية؛ رواه ابن السكيت في باب الواو والياء. وأَغارَ فلانٌ بني فلان: جاءهم لينصروه، وقد تُعَدّىً وقد تُعَدَّى بإلى. وغارَهُ بخير يَغُورُه ويَغِيرُه أَي نفعه. ويقال: اللهم غِرْنا منك بغيث وبخير أَي أَغِثّنا به. وغارَهم الله بخير يَغُورُهم ويَغِيرُهم: أَصابهم بِخصْب ومطر وسقاهم. وغارَهم يَغُورُهم غَوْراً ويَغِيرُهم: مارَهُم.واسْتَغْوَرَ اللهَ: سأَله الغِيرةَ؛ أَنشد ثعلب:
فلا تَعْجلا، واسـْتَغْوِرا اللهَـ، إِنّـه
إذا اللـه سـَنَّى عقْـد شـيء تَيَسَّرا
ثم فسّره فقال: اسْتَغْوِرا من الميرَةِ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن معناه اسأَلوه الخِصْبَ إِذ هو مَيْرُ الله خَلْقه هذه يائية واوية. وغار النهار أَي اشتدّ حرّه.والتَّغْوِير: القَيْلولة. يقال: غوِّروا أَي انزلوا للقائلة. والغائرة: نصف النهار. والغائرة: القائلة. وغَوَّر القوم تَغْويراً: دخلوا في القائلة. وقالوا: وغَوَّروا نزلوا في القائلة؛ قال امرؤ القيس يصف الكلاب والثور: وغَوَّرْنَ في ظِلِّ الغضا، وتَرَكْنَه كقَرْم الهِجان القادِرِ المُتَشَمِّس وغَوَّروا: ساروا في القائلة. والتغوير: نوم ذلك الوقت. ويقال: غَوِّروا بنا فقد أَرْمَضْتُمونا أَي انزلوا وقت الهاجرة حتى تَبْرُد ثم تَرَوّحوا. وقال ابن شميل: التغوير أَن يسير الراكب إلى الزّوال ثم ينزل. ابن الأَعرابي: المُغَوِّر النازل نصف النهار هُنَيْهة ثم يرحل. ابن بزرج: غَوَّر النهار إذا زالت الشمس. وفي حديث السائب: لما ورد على عمر، رضي الله عنه، بِفَتْحِ نَهاوَنْدَ قال: وَيْحَك، ما وراءك؟ فوالله ما بِتُّ هذه الليلة إلا تَغْوِيراً؛ يريد النومة القليلة التي تكون عند القائلة. يقال: غَوَّر القوم إذا قالوا، ومن رواه تَغْرِيراً جعله من الغِرار، وهو النوم القليل. ومنه حديث الإفْك: فأَتينا الجيش مُغَوِّرِين؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في روايةٍ، أَي وقد نزلوا للقائلة. وقال الليث: التَّغْوِير يكون نُزولاً للقائلة ويكون سيراً في ذلك الوقت؛ والحجةُ للنزول قولُ الراعي:
ونحْـــن إلــى دُفُــوفِ مُغَــوِّراتٍ،
يَقِسـْنَ علـى الحَصـى نُطَفـاً لقينـا
وقال ذو الرمة في التَّغْوير فجعله سيراً:
بَرَاهُـنَّ تَغْـوِيري، إذا الآلُ أَرْفَلَـتْ
بـه الشمسُ أَزْرَ الحَزْوَراتِ العَوانِكِ
ورواه أَبو عمرو: أَرْقَلَت، ومعناه حركت. وأَرفلَت: بلغت به الشمس أَوساط الحَزْوَراتِ؛ وقول ذي الرمة:
نزلنـا وقد غَارَ النهارُ، وأَوْقَدَتْ،
علينـا حصى المَعزاءِ، شمسٌ تَنالُها
أَي من قربها كأَنك تنالها. ابن الأَعرابي: الغَوْرَة هي الشمس. وقالت امرأَة من العرب لبنت لها: هي تشفيني من الصَّوْرَة، وتسترني من الغَوْرة؛ والصَّوْرة: الحكة. الليث: يقال غارَتِ الشمس غِياراً؛وأَنشد:
فلمَّـا أَجَـنَّ الشـَّمْسَ عنـيّ غيارُهـا

والإِغارَة: شدة الفَتْل. وحبل مُغارٌ: محكم الفَتْل، وشديد الغَارَةِ أَي شديد الفتل. وأَغَرْتُ الحبلَ أَي فتلته، فهو مُغارٌ؛ أَشد غارَتَه، والإِغارَةُ مصدر حقيقي، والغَارَة اسم يقوم المصدر؛ ومثله أَغَرْتُ الشيء إِغارَةً وغارَة وأَطعت الله إِطاعةً وطاعةً. وفرس مُغارٌ: شديد المفاصل. واسْتَغار فيه الشَّحْم: استطار وسمن.واسْتغارت الجَرْحَةُ والقَرْحَةُ: تورَّمت؛ وأَنشد للراعي:
رَعَتْـــهُ أَشـــهراً وحَلا عليهـــا،
فطــارَ النِّــيُّ فيهــا واسـْتَغارا
ويروى: فسار النِّيُّ فيها أَي ارتفع، واستغار أَي هبط؛ وهذا كما يقال:
تَصــَوَّبَ الحســنُ عليهــا وارْتَقَـى

قال الأَزهري: معنى اسْتَغار في بيت الراعي هذا أَي اشتد وصَلُب، يعني شحم الناقة ولحمها إذا اكْتَنَز، كما يَسْتَغير الحبلُ إذا أُغِيرَ أَي شدَّ فتله. وقال بعضهم: اسْتَغارُ شحم البعير إذا دخل جوفه،قال: والقول الأَول. الجوهري: اسْتغار أي سمن ودخل فيه الشحمُ.ومُغِيرة: اسم. وقول بعضهم: مِغِيرَةُ، فليس اتباعُه لأَجل حرف الحلق كشِعِيرٍ وبِعِيرٍ؛ إِنما هو من باب مِنْتِن، ومن قولهم: أَنا أُخْؤُوك وابنؤُوك والقُرُفُصاء والسُّلُطان وهو مُنْحُدُر من الجبل.والمغيرية: صنف من السبائية نسبوا إلى مغيرة بن سعيد مولى بجيلة.والغار: لغة في الغَيْرَة؛ وقال أَبو ذؤيب يشّبه غَلَيان القدور بصخب الضرائر
لَهُــنّ نَشــِيجٌ بالنَّشــِيل كأَنهــا
ضــَرائر حِرْميٍّــ، تَفَــاحشَ غارُهـا
قوله لهن، هو ضمير قُدورٍ قد تقدم ذكرها. ونَشِيجٌ غَلَيانٌ أَي تَنْشِج باللحم. وحِرْميّ: يعني من أَهل الحَرَم؛ شبّه غليان القُدُور وارتفاعَ صوتها باصْطِخاب الضرائر، وإنما نسبهنّ إلى الحَرم لأَن أَهل الحَرم أَول من اتخذ الضرائر. وأَغار فلانٌ أَهلَه أَي تزوّج عليها؛ حكاه أَبو عبيد عن الأصمعي. ويقال: فلان شديد الغَارِ على أَهله، من الغَيْرَة. ويقال: أَغار الحبْلَ إغارة وغارَة إذا شدَّ فَتْله. والغارُ موضع بالشام، والغَوْرة والغوَيْر: ماء لكلب في ناحية السَّماوَة مَعْروف. وقال ثعلب: أُتِيَ عمر بمَنْبُوذٍ؛ فقال:
عَســـــَى الغُـــــوَيْر أَبْؤُســــَا

أَي عسى الريبة من قَبَلِكَ، قال: وهذا لا يوافق مذهب سيبويه. قال الأَزهري: وذلك أَن عمر اتَّهَمَه أَن يكون صاحب المَنْبوذ حتى أَثْنَى على الرجُل عَرِيفُهُ خيراً، فقال عمر حينئذٍ: هو حُرٌّ وَوَلاؤه لك. وقال أَبو عبيد: كأَنه أَراد عسى الغُوَيْر أَن يُحْدِث أَبؤُساً ؤأَن يأْتي بأَبؤُس؛ قال الكميت:
قالوا: أَساءَ بَنُو كُرْزٍ، فقلتُ لهم:
عســى الغُــوَيْرُ بِإِبْــآسٍ وإِغْـوارِ
وقيل: إِن الغُوَير تصغير غارٍ. وفي المثل: عسى الغُوَيْر أَبؤُسا؛ قال الأَصمعي: وأَصله أَنه كان غارٌ فيه ناس فانهارَ أَو أَتاهم فيه عدوّ فقتلوهم فيه، فصار مثلاً لكل شيءٍ يُخاف أَن يأْتي منه شرّ ثم صغَّر الغارُ فقيل غُوَير؛ قال أَبو عبيد: وأَخبرني الكلبي بغير هذا، زعم أَن الغُوَيْر ماء لكلب معروف بناحية السَّماوَة، وهذا المثل إِنما تكلَّمت به الزِّباء لما وجَّهَت قَصِيراً اللَّخْمِيَّ بالعِير إلى العِراق ليَحْمل لها من بَزِّه، وكان قَصِير يطلُبها بثأْر جذِيمَة الأَبْرَش فحمَّل الأَجْمال صناديقَ فيها الرجالُ والسلاح، ثم عدَل عن الجادَّة المأْلوفة وتَنَكَّب بالأَجْمال الطَّريقَ المَنْهَج، وأَخذ على الغُوَيْر فأَحسَّت الشرَّ وقالت: عسى الغُوَيْر أَبؤُسا، جمع بأُس، أَي عَساه أَن يأْتي بالبأْس والشرِّ، ومعنى عسى ههنا مذكور في موضعه. وقال ابن الأَثير في المَنْبُوذ الذي قال له عمر: عَسَى الغُوَيْر أَبؤُسا، قال: هذا مثَل قديم يقال عند التُّهَمة، والغُوَيْر تصغير غار، ومعنى المثَل: ربما جاء الشرّ من مَعْدن الخير، وأَراد عمر بالمثَل لعلَّك زَنَيت بأُمِّه وادّعيته لَقِيطاً، فشهد له جماعة بالسَّتْر فتركه. وفي حديث يحيى بن زكريا، عليهما السلام: فَسَاحَ ولَزِم أَطراف الأَرض وغِيرانَ الشِّعاب؛ الغِيران جمع غارٍ وهو الكَهْف، وانقلبت الواو ياء لكسرة الغين. وأَما ما ورد في حديث عمر، رضي الله عنه: أَههنا غُرْت، فمعناه إِلى هذا ذهبت، واللَّه أَعلم.

المعجم: 

لسان العرب