المعنى:
الزَّوْجُ: خلاف الفَرْدِ. يقال: زَوْجٌ أَو فَرْدٌ، كما يقال: خَساً أَو زَكاً، أَو شَفْعٌ أَو وِتْرٌ؛ قال أَبو وَجْزَة السَّعْدِيُّ:
مـا زِلْـنَ يَنْسُبْنَ، وَهْناً، كلَّ صادِقَةٍ،
بــاتَتْ تُباشــِرُ عُرْمـاً غيـر أَزْوَاجِ
لأَن بَيْضَ القَطَا لا يكون إِلاَّ وِتْراً. وقال تعالى: وأَنبتنا فيها من كل زوجٍ بَهيج؛ وكل واحد منهما أَيضاً يسمى زَوْجاً، ويقال: هما زَوْجان للاثنين وهما زَوْجٌ، كما يقال: هما سِيَّانِ وهما سَواءٌ؛ ابن سيده: الزَّوْجُ الفَرْدُ الذي له قَرِينٌ. والزوج: الاثنان. وعنده زَوْجَا نِعالٍ وزوجا حمام؛ يعني ذكرين أَو أُنثيين، وقيل: يعني ذكراً وأُنثى. ولا يقال: زوج حمام لأَن الزوج هنا هو الفرد، وقد أُولعت به العامة. قال أَبو بكر: العامة تخطئ فتظن أَن الزوج اثنان، وليس ذلك من مذاهب العرب، إِذ كانوا لا يتكلمون بالزَّوْجِ مُوَحَّداً في مثل قولهم زَوْجُ حَمامٍ، ولكنهم يثنونه فيقولون: عندي زوجان من الحمام، يعنون ذكراً وأُنثى، وعندي زوجان من الخفاف يعنون اليمين والشمال، ويوقعون الزوجين على الجنسين المختلفين نحو الأَسود والأَبيض والحلو والحامض. قال ابن سيده: ويدل على أَن الزوجين في كلام العرب اثنان قول الله عز وجل: وأَنه خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ والأُنثى؛ فكل واحد منهما كما ترى زوج، ذكراً كان أَو أُنثى.وقال الله تعالى: فاسْلُكْ فيها من كلٍّ زَوْجَيْن اثنين. وكان الحسن يقول في قوله عز وجل: ومن كل شيء خلقنا زوجين؛ قال: السماء زَوْج، والأَرض زوج، والشتاء زوج، والصيف زوج، والليل زوج، والنهار زوج، ويجمع الزوج أَزْوَاجاً وأَزَاوِيجَ؛ وقد ازْدَوَجَتِ الطير: افْتِعالٌ منه؛ وقوله تعالى: ثمانيةَ أَزْوَاجٍ؛ أَراد ثمانية أَفراد، دل على ذلك؛ قال: ولا تقول للواحد من الطير زَوْجٌ، كما تقول للاثنين زوجان، بل يقولون للذكر فرد وللأُنثى فَرْدَةٌ؛ قال الطرماح:
خَرَجْــنَ اثْنَتَيْـنِ واثْنَتَيْـنِ وفَـرْدَةً،
ينــادُونَ تَغْلِيسـاً سـِمالَ المَـدَاهِنِ
وتسمي العرب، في غير هذا، الاثنين زَكاً، والواحدَ خَساً؛ والافتعال من هذا الباب: ازْدَوَجَ الطيرُ ازْدواجاً، فهي مُزْدوِجَةٌ. وفي حديث أَبي ذر: أَنه سمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: من أَنفق زَوْجَيْنِ من ماله في سبيل الله ابْتَدَرَتْه حَجَبَة الجنة؛ قلت: وما زوجان من ماله؟ قال: عبدان أَو فرَسان أَو بعيران من إِبله، وكان الحسن يقول: دينارين ودرهمين وعبدين واثنين من كل شيءٍ. وقال ابن شميل: الزوج اثنان، كلُّ اثنين زَوْجٌ؛ قال: واشتريت زَوْجَين من خفاف أَي أَربعة؛ قال الأَزهري: وأَنكر النحويون ما قال، والزَّوجُ الفَرْدُ عندهم. ويقال للرجل والمرأَة: الزوجان. قال الله تعالى: ثمانية أَزواج؛ يريد ثمانية أَفراد؛ وقال: احْمِلْ فيها من كلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ؛ قال: وهذا هو الصواب. يقال للمرأَة: إِنها لكثيرة الأَزْواج والزَّوَجَةِ؛ والأَصل في الزَّوْجِ الصِّنْفُ والنَّوْعُ من كل شيء. وكل شيئين مقترنين، شكلين كانا أَو نقيضين، فهما زوجان؛ وكلُّ واحد منهما زوج. يريد في الحديث: من أَنفق صنفين من ماله في سبيل الله، وجعله الزمخشري من حديث أَبي ذر قال: وهو من كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، وروى مثله أَبو هريرة عنه.وزوج المرأَة: بعلها. وزوج الرجل: امرأَته؛ ابن سيده: والرجل زوج المرأَة، وهي زوجه وزوجته، وأَباها الأَصمعي بالهاء. وزعم الكسائي عن القاسم بن مَعْنٍ أَنه سمع من أَزْدِشَنُوءَةَ بغير هاء، والكلام بالهاء، أَلا ترى أَن القرآن جاء بالتذكير: اسكن أَنت وزوجك الجنة؟ هذا كلُّه قول اللحياني. قال بعض النحويين: أَما الزوج فأَهل الحجاز يضعونه للمذكر والمؤَنث وضعاً واحداً، تقول المرأَة: هذا زوجي، ويقول الرجل: هذه زوجي. قال الله عز وجل: اسْكُنْ أَنتَ وزَوْجُك الجنةَ وأَمْسِكْ عليك زَوْجَكَ؛ وقال: وإِن أَردتم استبدال زوجٍ مكان زوج؛ أَي امرأَة مكان امرأَة. ويقال أَيضاً: هي زوجته؛ قال الشاعر:
يـا صـاحِ، بَلِّغ ذَوِي الزَّوْجاتِ كُلَّهُمُ:
أَنْ ليس وصْلٌ، إذا انْحَلَّتْ عُرَى الذَّنَبِ
وبنو تميم يقولون: هي زوجته، وأَبى الأَصمعي فقال: زوج لا غير، واحتج بقول الله عز وجل: اسكن أنت وزوجك الجنة؛ فقيل له: نعم، كذلك قال الله تعالى، فهل قال عز وجل: لا يقال زوجة؟ وكانت من الأَصمعي في هذا شدَّة وعسر.وزعم بعضهم أَنه إِنما ترك تفسير القرآن لأَن أَبا عبيدة سبقه بالمجاز إِليه، وتظاهر أَيضاً بترك تفسير الحديث وذكر الأَنواء؛ وقال الفرزدق:
وإِنَّ الــذي يَســعَى يُحَـرِّشُ زَوْجَتِيـ،
كَسـَاعٍ إِلـى أُسـْدِ الشـَّرَى يَسْتَبِيلُها
وقال الجوهري أَيضاً: هي زوجته، واحتاج ببيت الفرزدق. وسئل ابن مسعود، رضي الله عنه، عن الجمل من قوله تعالى: حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياطِ؛ فقال: هو زوج الناقة؛ وجمع الزوج أَزواج وزِوَجَةٌ، قال الله تعالى: يا أَيها النبي قل لأَزواجك. وقد تَزَوَّج امرأَة وزَوَّجَهُ إِياها وبها، وأَبى بعضهم تعديتها بالباء. وفي التهذيب: وتقول العرب: زوَّجته امرأَة. وتزوّجت امرأَة. وليس من كلامهم: تزوَّجت بامرأَة، ولا زوَّجْتُ منه امرأَةً. قال: وقال الله تعالى: وزوَّجناهم بحور عين، أَي قرنَّاهم بهن، من قوله تعالى: احْشُرُوا الذين ظلموا وأَزواجَهم، أَي وقُرَناءهم. وقال الفراء: تَزوجت بامرأَة، لغة في أَزد شنوءة. وتَزَوَّجَ في بني فلان: نَكَحَ فيهم.وتَزَاوجَ القومُ وازْدَوَجُوا: تَزَوَّجَ بعضهم بعضاً؛ صحت في ازْدَوَجُوا لكونها في معنى تَزاوجُوا.وامرأَة مِزْوَاجٌ: كثيرة التزوّج والتزاوُج؛ قال: والمُزاوَجَةُ والازْدِواجُ، بمعنى. وازْدَوَجَ الكلامُ وتَزَاوَجَ: أَشبه بعضه بعضاً في السجع أَو الوزن، أَو كان لإِحدى القضيتين تعلق بالأُخرى. وزَوَّج الشيءَ بالشيء، وزَوَّجه إِليه: قَرَنَهُ. وفي التنزيل: وزوّجناهم بحور عين؛ أَي قرناهم؛ وأَنشد ثعلب:
ولا يَلْبَــثُ الفِتْيـانُ أَنْ يَتَفَرَّقُـوا،
إِذا لــــم يُــــزَوَّجْ رُوحُ شــــَكْلٍ
إِلى شَكْلِ وقال الزجاج في قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا وأَزواجهم؛ معناه: ونظراءهم وضرباءهم. تقول: عندي من هذا أَزواج أَي أَمْثال؛ وكذلك زوجان من الخفاف أَي كل واحد نظير صاحبه؛ وكذلك الزوج المرأَة، والزوج المرء، قد تناسبا بعقد النكاح. وقوله تعالى: أَو يُزَوِّجُهم ذُكْرَاناً وإِناثاً؛ أَي يَقْرُنُهم. وكل شيئين اقترن أَحدهما بالآخر: فهما زوجان. قال الفراء: يجعل بعضهم بنين وبعضهم بنات، فذلك التزويج. قال أَبو منصور: أَراد بالتزويج التصنيف؛ والزَّوْجُ: الصِّنْفُ. والذكر صنف، والأُنثى صنف. وكان الأَصمعي لا يجيز أَن يقال لفرخين من الحمام وغيره: زوج، ولا للنعلين زوج، ويقال في ذلك كله: زوجان لكل اثنين. التهذيب: وقول الشاعر:
عَجِبْـتُ مِـنَ امْـرَاةٍ حَصـَانٍ رَأَيْتُهـا،
لَهـا ولَـدٌ مـن زَوْجِهـا، وَهْـيَ عَاقِرُ
فَقُلْـتُ لَهـا: بُجْراً، فقَالتْ مُجِيبَتِي:
أَتَعْجَـبُ مِـنْ هـذا، ولـي زَوْجٌ آخَـرُ؟
أَرادت من زوج حمام لها، وهي عاقر؛ يعني للمرأَة زوج حمام آخر. وقال أَبو حنيفة: هاج المُكَّاءُ للزَّواج؛ يَعني به السِّفادَ. والزَّوْجُ: الصنف من كل شيء. وفي التنزيل: وأَنبتتْ من كل زوج بهيج؛ قيل: من كل لون أَو ضرب حَسَنٍ من النبات. التهذيب: والزَّوْجُ اللَّوْنُ؛ قال الأَعشى:
وكــلُّ زَوْجٍ مــن الـدِّيباجِ، يَلْبَسـُهُ
أَبــو قُدَامَـةَ، مَحْبُـوّاً بـذاكَ مَعَـا
وقوله تعالى: وآخَرُ من شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ؛ قال: معناه أَلوان وأَنواع من العذاب، ووضفه بالأَزواج، لأَنه عنى به الأَنواع من العذاب والأصناف منه. والزَّوْجُ: النَمَطُ، وقيل: الديباج. وقال لبيد:
مــن كــلِّ مَحْفُــوفٍ، يُظِــلُّ عِصــِيَّهُ
زَوْجٌـــ، عليـــه كِلَّــةٌ وقِرامُهــا
قال: وقال بعضهم: الزوج هنا النمط يطرح على الهودج؛ ويشبه أَن يكون سمِّي بذلك لاشتماله على ما تحته اشتمال الرجل على المرأَة، وهذا ليس بقوي. والزَّاجُ: معروف؛ الليث: الزاج، يقال له: الشَّبُّ اليماني، وهو من الأَدوية، وهو من أَخلاط الحِبْرِ، فارسي معرَّب.