المعنى:
قال ابن سيده في معتل الأَلف: رُواوةُ موضع من قِبَل بلاد بني مُزَيْنةَ؛ قال كثير عزة:
وغَيَّـــرَ آيـــاتٍ، بِبُــرْقِ رُواوةٍ،
تَنائِي اللَّيالي، والمَدَى المُتَطاوِلُ
وقال في معتل الياء: رَوِيَ من الماء، بالكسر، ومن اللَّبَن يَرْوَى رَيّاً ورِوىً أَيضاً مثل رِضاً وتَرَوَّى وارْتَوَى كله بمعنى، والاسم الرِّيُّ أَيضاً، وقد أَرْواني. ويقال للناقة الغزيرة: هي تُرْوِي الصَّبِيَّ لأَنه يَنام أَول الليلِ، فأَراد أَنّ دِرَّتها تَعْجَلُ قبلَ نَوْمِه.والرَّيَّانُ: ضدّ العَطْشان، ورجل رَيّانُ وامرأَة رَيَّا مِن قوم رِواءٍ. قال ابن سيده: وأَمّا رَيَّا التي يُظنّ بها أَنها من أَسماء النساء فإِنه صفة، على نحو الحَرث والعَباسِ، وإِن لم يكن فيها اللام، اتخذوا صحة الياء بدلاً من اللام، ولو كانت على نحو زيد من العلمية لكانت رَوَّى من رَوِيت، وكان أَصلها رَوْيا فقلبت الياء واواً لأَن فَعْلى إذا كانت اسماً وأَلفها ياء قلبت إِلى الواو كتَقْوَى وشرْوَى، وإِن كانت صفة صحت الياء فيها كصَدْيا وخَزْيا. قال ابن سيده: هذا كلام سيبويه وزدته بياناً. الجوهري: المرأَة رَيَّا ولم تُبدل من الياء واو لأَنها صفة، وإِنما يُبدلون الياء في فَعْلَى إذا كانت اسماً والياء موضع اللام، كقولك شَرْوَى هذا الثوبِ وإِنما هو من شَرَيْت، وتَقْوَى وإِنما هو من التَّقِيَّة، وإِن كانت صفة تركوها على أَصلها قالوا امرأَة خَزْيا ورَيَّا، ولو كانت اسماً لكانت رَوَّى لأَنك كنت تبدل الأَلف واواً موضع اللام وتترك الواو التي هي عين فَعْلَى على الأَصل؛ وقول أَبي النجم:
واهــاً لِرَيَّــا ثُـمَّ واهـاً واهـا،
إِنما أَخرجه على الصفة. ويقال: شَرِبْت شُرْباً رَوِيّاً. ابن سيده:ورَوِيَ النَّبْتُ وتَرَوَّى تَنَعَّم. ونَبْتٌ رَيّانُ وشَجر رِواءٌ؛ قال الأَعشى:
طَرِيـــقٌ وجَبّـــارٌ رِواءٌ أُصــولُه،
عَلَيْـهِ أَبابِيـلٌ مِـنَ الطَّيْـرِ تَنْعَـبُ
وماء رَوِيٌّ ورِوىً ورَواءٌ: كثير مُرْوٍ؛ قال:
تَبَشـّرِي بـالرِّفْهِ والمـاءِ الرِّوَىـ،
وفَــرَجٍ مِنْــكِ قَرِيــب قــد أَتَــى
وقال الحطيئة:
أَرَى إِبِلِــي بِجَــوْفِ المـاءِ حَنَّتْـ،
وأَعْوَزَهــا بِــه المــاءُ الـرَّواءُ
وماءٌ رَواء، ممدود مفتوح الراء، أَي عَذْبٌ؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:
مَــنْ يَــكُ ذا شــَكّ، فهــذا فَلْـجُ
مــــاءٌ رَواءٌ وطَرِيــــقٌ نَهْــــجُ
وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: واجْتَهَرَ دُفُنَ الرَّواء، وهو بالفتح والمد الماء الكثير، وقيل: العَذْب الذي فيه للوارِدين رِيٌّ. وماء رِوىً، مقصور بالكسر، إذا كان يَصْدُر من يَرِدُه عن غير رِيٍّ، قال: ولا يكون هذا إِلا صفة لأَعْداد المياه التي تَنْزَحُ ولا يَنقطع ماؤها؛ وقال الزَّفيان السعدي:
يــا إبلــي مــا ذامُـه فَتَـأْبَيْهْ
مــــاءٌ رَواءٌ ونَصــــِيٌّ حَـــوْلَيْهْ
هــذا مَقــامٌ لَــكِ حَتَّــى تِيَبَيْـهْ
إِذا كسرت الراء قصرته وكتبته بالياء فقلت ماء رِوىً، ويقال: هو الذي فيه للوارِدةِ رِيٌّ؛ قال ابن بري: شاهده قول العجاج:
فصــــَبِّحا عَيْنـــاً رِوىً وفَلْجـــا
وقال الجُمَيْحُ بن سُدَيْدٍ التغلبي:
مُســْحَنْفِرٌ يَهْـدِي إِلـى مـاء رِوَىـ،
طـامِي الجِمـام لَـمْ تَمَخَّجْـه الدِّلا
المُسْحَنْفِرُ: الطريق الواضح، والماء الرِّوَى: الكثير، والجِمامُ:جمع جَمَّة أَي هذا الطريق يَهْدِي إِلى ماء كثير. ورَوَّيْتُ رأْسِي بالدُّهْن ورَوَّيْت الثَّرِيدَ بالدَّسم.ابن سيده: والراويةُ المَزادة فيها الماء، ويسمى البعير راوية على تسمية الشيء باسم غيره لقربه منه؛ قال لبيد:
فتَوَلَّــــوْا فــــاتِراً مَشـــْيُهُمُ،
كَروايــا الطَّبْــعِ هَمَّــتْ بالوَحَـلْ
ويقال للضَّعيف الوادِع: ما يَرُدُّ الراوية أَي أَنه يَضْعُف عن ردِّها على ثِقَلها لما عليها من الماء. والراوية: هو البعير أَو البغل أَو الحمار الذي يُستقى عليه الماء والرَّجل المستقي أَيضاً راوية. قال: والعامة تسمي المَزادة راوية، وذلك جائز على الاستعارة، والأَصل الأَول؛ قال أَبو النجم:
تَمْشــِي مِـنَ الـرِّدَّةِ مَشـْيَ الحُفَّلِـ،
مَشــْيَ الرَّوايـا بـالمَزادِ الأَثْقَـلِ
قال ابن بري: شاه الراوية البعير قول أَبي طالب:
ويَنْهَـضُ قَـوْمٌ، فـي الحَدِيد، إِلَيْكُمُ
نُهُـوضَ الرَّوايـا تحـتَ ذاتَ الصَّلاصِلِ
فالروايا: جمع راوية للبعير: وشاهد الراوية للمَزادة قول عمرو بن مِلْقَط:
ذاكَ ســــِنانٌ مُحْلِــــبٌ نَصـــْرُه،
كالجَمَـــلِ الأَوْطَـــفِ بالرَّاوِيَـــةْ
ويقال: رَوَيْتُ على أَهلي أَرْوِي رَيَّةً. قال: والوعاء الذي يكون فيه الماء إِنما هي المَزادة، سميت راويةً لمكان البعير الذي يحملها وقال ابن السكيت: يقال رَوَيْتُ القومَ أَرْوِيهم إذا استَقَيْت لهم. ويقال: من أَيْنَ رَيَّتُكم أَي من أَين تَرْتَوُون الماء، وقال غيره: الرِّواء الحَبْل الذي يُرْوَى به على الراوية إذا عُكِمَتِ المزادتانِ. يقال:رَوَيْت على الراَّوية أَرْوِي رَيّاً فأَنا راوٍ إذا شدَدْتَ عليهما الرِّواء؛ قال: وأَنشدني أَعرابي وهو يُعاكِمُني:
رَيَّــاً تَمِيميّــاً علــى المزايــدِ
ويجمع الرِّواءُ أَرْوِيةً، ويقال له المِرْوَى، وجمعه مَراوٍ ومَراوَى.ورجل رَوَّاء إذا كان الاستقاءُ بالرّاوية له صِناعةً، يقال: جاء رَوّاءُ القوم. وفي الحديث: أَنهُ، عليه الصلاة والسلام، سَمَّى السَّحابَ رَوايا البِلادِ؛ الرَّوايا من الإِبلِ: الحَوامِلُ للماء، واحدتها راوِيةٌ فشبَّهها بها، وبه سميت المزادةُ راويةً، وقيل بالعكس. وفي حديث بَدْرٍ: فإِذا هو برَوايا قُرَيْشٍ أَي إِبِلِهِم التي كانوا يستقون عليها.وتَرَوَّى القومُ ورَوَّوْا: تزوّدوا بالماء. ويَوْم التّرْوِية: يوْمٌ قبل يومِ عَرَفَةَ، وهو الثامن من ذي الحِجّة، سمي به لأَن الحُجّاج يتَرَوَّوْنَ فيه من الماء وينهَضُون إِلى مِنىً ولا ماء فيتزوَّدون رِيَّهم من الماء أَي يَسْقُون ويَسْتَقُون. وفي حديث ابن عمر: كان يُلبِّي بالحَجِّ يومَ التَّرْوِيَةِ. ورَوَيْت على أَهلي ولأَهلي رَيّاً: أَتيتُهم بالماء، يقال: من أَيْن رَيَّتُكم أَي من أَين تَرْتَوُون الماء. ورَوَيْتُ على البَعير رَيّاً: اسْتَقَيْتُ عليه؛ وقوله:
ولنـــا رَوايــا يَحْمِلــون لنــا
أَثْقالَنـــا، إِذ يُكْـــرَهُ الحَمْــلُ
إِنما يعني به الرجال الذين يحْمِلون لهم الدِّياتِ، فجعلهم كروايا الماء. التهذيب: ابن الأَعرابي يقال لسادةِ القوم الرَّوايا؛ قال أَبو منصور:وهي جمع راوِيةٍ، شَبّه السيِّد الذي تحَمَّل الدِّيات عن الحي بالبَعير الراوية؛ ومنه قول الرَّاعي:
إِذا نُـدِيَتْ روايـا الثِّقْـلِ يَوْمـاً،
كَفَيْنــا المُضــْلِعاتِ لِمَـنْ يَلِينـا
أَراد بروايا الثِّقْل حَوامِل ثِقْل الدِّيات، والمُضْلِعات: التي تُثْقِلُ مَنْ حَمَلَها، يقول: إذا نُدِبَ للدِّيات المُضْلِعةِ حَمَّالوها كنا نحن المُجِيبين لحمْلِها عمَّن يَلِينا من دوننا. غيره: الرَّوايا الذين يحْمِلون الحمالات؛ وأَنشدني ابن بري لحاتم:
اغْـزُوا بنـي ثُعَلـ، والغَـزْوُ جَدُّكُم
جَدُّ الرِّوايا، ولا تَبْكُوا الذي قُتِلا
وقال رجل من بني تميم وذكر قوماً أَغاروا عليهم: لقيناهم فقَتَلْنا الرَّوايا وأَبَحْنا الزَّوايا أَي قَتَلْنا السادةَ وأَبَحْنا البُيوت وهي الزَّوايا. الجوهري: وقال يعقوب ورَوَيْتُ القومَ أَرْويهم إذا استقيت لهم الماء. وقوم رِواء من الماء، بالكسر والمدّ؛ قال عُمر بن لجَإِ:
تَمْشـــي إِلــى رِواءِ عاطِناتِهــا،
تحَبُّــسَ العــانِسِ فــي رَيْطاتِهــا
وتَرَّوت مفاصِلْه: اعتدلت وغَلُظَتْ، وارْتَوت مفاصل الرجل كذلك.الليث: ارْتَوَتْ مفاصل الدابة إذا اعْتَدَلت وغَلُظت، وارْتَوَت النخلة إذا غُرست في قَفْر ثم سُقِيَت في أَصلها، وارْتوى الحَبْلُ إذا كثر قُواه وغَلُظ في شِدَّة فَتْلٍ؛ قال ابن أَحمر يذكر قطاةً وفَرْخَها:
تَــرْوي لَقــىً أُلْقِــيَ فـي صَفْصـَفٍ،
تَصـــْهَرُه الشــَّمس فمــا يَنْصــَهِرْ
تَرْوي: معناه تَسْتقي يقال: قد رَوى معناه اسْتَقى على الرَّاوية.وفرس رَيّانُ الظهر إذا سمِنَ مَتْناهُ. وفرس ظمآن الشَّوى إذا كان مُعَرَّق القوائم، وإِنَّ مفاصِله لظِماء إذا كان كذلك؛ وأَنشد:
رِواء أَعـــالِيهِ ظِمــاء مفاصــِلُهْ
والرِّيُّ: المَنْظرُ الحسَنُ فيمن لم يعتقد الهمز. قال الفارسي: وهو حسن لمكان النَّعْمة وأَنه خلاف أَثَرِ الجَهْد والعَطش والذُّبول. وفي التنزيل العزيز: أَحسَنُ أَثاثاً ورِيّاً؛ قال الفراء: أَهل المدينة يقرؤونها رِيّاً، بغير همز، قال: وهو وجه جيد من رأَيت لأَنه مع آيات لسْنَ مهموزات الأَواخر، وذكر بعضهم أَنه ذهب بالرِّيّ إِلى رَوَيْت إذا لم يهمز، ونحو ذلك قال الزجاج: من قرأَ رِيّاً بغير همز فله تفسيران، أَحدهما أَنّ مَنْظَرَهم مُرْتَوٍ من النَّعْمة كأَن النعيم بيِّنٌ فيهم، ويكون على ترك الهمز من رأَيت.ورَوى الحَبْلَ رَيّاً فارْتَوى: فتَلَه، وقيل: أَنْعم فَتْله. وقيل: أَنْعم فَتْله. والرِّواء، بالكسر والمدّ: حبل من حِبال الخِباء، وقد يُشدُّ به الحِمْل والمَتاع على البعير. وقال أَبو حنيفة: الرِّواءُ أَغْلَظُ الأَرْشيةِ، والجمع الأَرْوِية؛ وانشد ابن بري لشاعر:
إِنِّـي إذا ما القَوْمُ كانوا أَنْجِيَهْ،
وشــُدَّ فــوْقَ بَعْضــِهِمْ بــالأَرْويَهْ،
هُنــاك أَوْصــيني ولا تُوصــِي بَيَـهْ
وفي الحديث: ومَعِي إِداوةٌ عليها خِرْقةٌ قد روَّأْتها. قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية بالهمز، والصواب بغير همز، أَي شَدَدتها بها وَرَبَطْتها عليها. يقال: رَوَيْت البعير، مخفف الواو، إذا شَدَدْت عليه بالرِّواء. وارْتَوى الحبْلُ: غلُظَت قواه، وقد رَوى عليه رَيّاً وأَرْوى.ورَوى على الرَّجل: شدَّه بالرِّواءِ لئلا يسقُط عن البعير من النوم؛ قال الراجز:
إِنِّـي علـى مـا كـانَ مِـنْ تَخَـدُّدي،
ودِقَّــةٍ فــي عَظْــمِ سـاقي ويَـدِي،
أَرْوي علــى ذي العُكَــنِ الضـَّفَنْدَدِ
وروي عن عمر، رضي الله عنه: أَنه كان يأْخذ مع كل فريضةٍ عِقالاً ورِواءً؛ الرِّواء، ممدود، وهو حبل؛ فإِذا جاءت إِلى المدينة باعَها ثم تَصدَّق بتلك العُقُل والأَرْوِيِة. قال أَبو عبيد: الرِّواء الحَبْلُ الذي يُقْرَن به البعيرانِ. قال أَبو منصور: الرِّواء الحَبْل الذي يُرْوى به على البعير أَي يُشدّ به المتاع عليه، وأَما الحَبْلُ الذي يُقْرَنُ به البعِيرانِ فهو القَرَنُ والقِرانُ. ابن الأَعرابي: الرَّوِيُّ الساقي، والرَّوِيُّ الضَّعيفُ، والسَّوِيُّ الصَّحِيحُ البَدَنِ والعقلِ.وروى الحديثَ والشِّعْرَ يرْويه رِواية وتَرَوَّاه، وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها قالت: تَرَوَّوْا شِعْر حُجَيَّة بن المُضَرِّبِ فإِنه يُعِينُ على البِرِّ، وقد رَوَّاني إِياه، ورجل راوٍ؛ وقال الفرزدق:
أَما كان، في مَعْدانَ والفيلِ، شاغِلٌ
لِعَنْبَسـةَ الـرَّاوي علـيَّ القَصائدا؟
وراوِيةٌ كذلك إذا كثرت روايتُه، والهاء للمبالغة في صفته بالرِّواية.ويقال: روَّى فلان فلاناً شعراً إذا رواه له حتى حَفِظه للرِّواية عنه.قال الجوهري: رَوَيْتُ الحديث والشِّعر رِواية فأَنا راوٍ، في الماء والشِّعر، من قوم رُواة. ورَوَّيْتُه الشِّعر تَرْويةً أَي حملته على رِوايتِه، وأَرْوَيْتُه أَيضاً. وتقول: أَنشد القصيدةَ يا هذا، ولا تقل ارْوِها إِلا أَن تأْمره بروايتها أَي باستظهارها.ورج له رُواء، بالضم، أَي منظرٌ. وفي حديث قيلة: إذا رأَيتُ رجلاً ذا رُواء طمح بصري إِليه؛ الرُّواء، بالضم والمد: المنظرُ الحسن. قال ابن الأَثير: ذكره أَبو موسى في الراء والواو، وقال: هو من الرِّيِّ والارْتِواء، قال: وقد يكون من المَرأَى والمنظر فيكون في الراء والهمزة.والرَّويُّ: حرف القافية؛ قال الشاعر:
لــو قــد حَـداهُنَّ أَبـو الجُـوديِّ،
بِرَجَــــزٍ مُســــْحَنْفِرِ الرَّويِّــــ،
مُســــْتَوِياتٍ كنَــــوى البَرْنـــيِّ
ويقال: قصيدتان على رَويّ واحد؛ قال الأَخفش: الرَّويُّ الحرف الذي تُبْنى عليه القصيدة ويلزم في كل بيت منها في موضع واحد نحو قول الشاعر:
إِذا قـلَّ مـالُ المَـرْءِ قـلَّ صديقُه،
وأَوْمَــتْ إِليـه بـالعُيوبِ الأَصـابعُ
قال: فالعين حرف الرَّويّ وهو لازم في كل بيت؛ قال: المتأَمل لقوله هذا غير مقْنعٍ في حرف الرَّويّ، أَلا ترى أَن قول الأَعشى:
رحَلَــتْ ســُمَيَّةُ غُــدْوَةً أَجْمالَهـا،
غَضـْبى عليكَـ، فمـا تقولُ بدا لها
تجد فيه أَربعة أَحرف لوازم غير مختلفة المواضع، وهي الأَلف قبل اللام ثم اللام والهاء والأَلف فيما بعد، قال: فليت شعري إذا أَخذ المبتدي في معرفة الرَّويّ بقول الأَخفش هكذا مجرداً كيف يصح له؟ قال الأَخفش: وجميع حروف المعجم تكون رَوِيّاً إِلا الأَلف والياء والواو اللَّواتي يكُنَّ للإِطلاق. قال ابن جني: قوله اللواتي يكنَّ للإِطلاق فيه أَيضاً مسامحة في التحديد، وذلك أَنه إِنما يعلم أَن الأَلف والياء والواو للإطلاق، إذا عَلِمَ أَن ما قبلها هو الرويّ فقد استغنى بمعرفته إِياه عن تعريفه بشيء آخر. ولم يبقَ بعد معرفته ههنا غرضٌ مطلوب لأَن هذا موضع تحديده ليُعرف، فإِذا عُرف وعُلم أَن ما بعده إِنما هو للإطلاق فما الذي يُلتَمس فيما بعد؟ قال: ولكن أَحْوَطُ ما يقال في حرف الرويّ أَن جميع حروف المعجم تكون رَويّاً إِلا الأَلف والياء والواو الزوائد في أَواخر الكلم في بعض الأَحوال غير مَبْنِيَّات في أَنْفُس الكلم بناء الأُصول نحو أَلف الجَرَعا من قوله:
يـا دارَ عَفْراء مِن مُحْتَلِّها الجَرعَا
وياء الأَيَّامي من قوله:
هَيْهــاتَ منزِلُنــا بنَعْـفِ سـُوَيْقةٍ،
كـــانتْ مباركـــةً مــن الأَيَّــامِ
وواو الخِيامُو من قوله:
مــتى كـان الخِيـامُ بـذي طُلُـوحٍ،
ســُقيتِ الغَيْثَـ، أَيتهـا الخِيـامُ،
وإِلاَّ هاءي التأْنيث والإِضمار إذا تحرك ما قبلهما نحو طَلْحَهْ وضرَبَهْ، وكذلك الهاء التي تُبَيَّنُ بها الحركة نحو ارْمِهْ واغْزُهْ وفِيمَهْ ولِمَهْ، وكذلك التنوين اللاحق آخر الكلم للصرف كان أَو لغير نحو زيداً وصَهٍ وغاقٍ ويومئذٍ؛ وقوله:
أَقِلِّـي اللَّـوْمَ، عـاذِلَ، والعِتـابَنْ
وقول الآخر:
دايَنْــتُ أَرْوى والــدُّيونُ تُقْضــَيَنْ
وقال الآخر:
يـــا أَبَتـــا علَّــك أَو عَســاكَنْ
وقول الآخر:
يَحْســَبُه الجاهـلُ مـا لـم يَعْلَمَـنْ
وقول الأَعشى:
ولا تَعْبُـدِ الشـيطانَ واللهَ فاعْبُدَنْ
وكذلك الأَلفات التي تبدل من هذه النونات نحو:
قــد رابنــي حَفْــصٌ فحَـرِّكْ حَفْصـا
وكذلك قول الآخر:
يَحْســَبُه الجاهـلُ مـا لـم يَعْلَمـا
وكذلك الهمزة التي يبدلها قوم من الأَلف في الوقف نحو رأَيت رَجُلأْ وهذه حُبْلأْ، ويريد أَن يضربَهأْ، وكذلك الأَلف والياء والواو التي تلحق الضمير نحو رأَيتها ومررت بهي وضربتهو وهذا غلامهو ومررت بهما ومررت بهمي وكلمتهمو، والجمع رَوِيَّات؛ حكاه ابن جني؛ قال ابن سيده: وأَظن ذلك تسمحاً منه ولم يسمعه من العرب.والرَّوِيَّةُ في الأَمر: أَن تَنْظُر ولا تَعْجَل. ورَوَّيْت في الأَمر: لغة في رَوَّأَت. ورَوَّى في الأَمر: لغة في رَوَّأَ نظر فيه وتَعقّبه وتَفَكَّر، يهمز ولا يهمز. والرَّوِيَّة. التَّفَكُّر في الأَمر، جرت في كلامهم غير مهموزة. وفي حديث عبد الله: شَرُّ الرَّوايا رَوايا الكَذِب؛ قال ابن الأَثير: هي جمع رَوِيّة وهو ما يروِّي الإِنسانُ في نفسه من القول والفعل أَي يُزَوِّرُ ويُفَكِّرُ، وأَصلها الهمز. يقال: رَوَّأْتُ في الأَمر، وقيل: هي جمع راويةٍ للرجل الكثير الرِّواية، والهاء للمبالغة، وقيل: جمع راوية أَي الذين يَرْوُون الكذب أَو تكثر رواياتُهم فيه.والرَّوُّ: الخِصْبُ. أَبو عبيد: يقال لنا عند فلان رَوِيَّةٌ وأَشْكَلةٌ وهما الحاجةُ، ولنا قِبَله صارَّة مثله. قال: وقال أَبو زيد بقيت منه رَوِيَّةٌ أَي بقية مثل التَّلِيَّة وهي البقية من الشيء. والرَّوِيَّةُ: البقيِّة من الدِّين ونحوه. والرَّاوي: الذي يقومُ على الخيل.والرَّيَّا: الرِّيحُ الطيبة؛ قال:
تطلَّـــعُ رَيَّاهــا مــن الكَفِــرات
الكَفِراتُ: الجبال العاليةُ العظام. ويقال للمرأَة: إِنها لطيبة الرَّيَّا إذا كانت عطرة الجهرْم. ورَيَّا كل شيء: طِيبُ رائحتهِ؛ ومنه قوله:
نَسـِيمَ الصـَّبا جاءتْ برَيَّا القَرَنْفُلِ
وقال المتلمس يصف جارية:
فلــو أَن مَحْمُومـاً بخَيْبَـر مُـدْنَفاً
تَنَشــَّقَ رَيَّاهــا، لأَقْلَــعَ صــالِبُهْ
والرَّوِيُّ: سحابة عظيمة القَطر شديدة الوقع مثل السَّقِيّ. وعين رَيَّةٌ كثيرة الماء؛ قال الأَعشى:
فأَوْرَدَهـا عَيْنـاً مـن السـِّيفِ رَيَّةً،
بــه بُـرَأٌ مِثْـلُ الفَسـِيلِ المُكَمَّـمِ
وحكى ابن بري: من أَين رَيَّةُ أَهْلِك أَي من أَينَ يَرْتَوُون؛ قال ابن بري: أَما رِيَّةً في بيت الطرماح وهو:
كظَهْـرِ اللأَى لـو تَبْتَغـي رِيَّـةً بها
نهـاراً، لَعَيَّـت فـي بُطُونِ الشَّواجِنِ
قال: فهي ما يُورَى به النارُ، قال: وأَصله وِرْيةٌ مثل وِعْدةٍ، ثم قدموا الراء على الواو فصار رِيَّةً. والرَّاءُ: شجر؛ قالت الخنساء:
يَطْعُــــنُ الطَّعْنـــةَ لا يَنْفَعُهـــا
ثَمَــرُ الــرّاء، ولا عَصــْبُ الخُمُـر
ورَيَّا: موضع. وبنو رُوَيَّة: بطن والأُرْوِيَّةُ والإِرْوِيَّةُ؛ الكسر عن اللحياني: الأُنثى من الوُعول.وثلاثُ أَراويّ، على أَفاعيلَ، إِلى العشر، فإِذا كثرت فهي الأَرْوَى، على أَفْعَل على غير قياس، قال ابن سيده: وذهب أَبو العباس إِلى أَنها فَعْلَى والصحيح أَنها أَفْعَل لكون أُرْوِيَّةٍ أُفْعُولةً؛ قال والذي حكيته من أَنّ أَراويَّ لأَدنى العدد وأَرْوَى للكثير قول أَهل اللغة، قال: والصحيح عندي أَن أَراوِيَّ تكسير أُرْوِيَّةٍ كأُرْجُوحةٍ وأَراجِيحَ، والأَرْوَى اسم للجمع، ونظيره ما حكاه الفارسي من أَنّ الأَعَمَّ الجماعة؛ وأَنشد عن أَبي زيد:
ثـــمَّ رَمــاني لأَكُــونَنْ ذَبِيحــةً،
وقـد كثُـرَتْ بيـنَ الأَعَـمِّ المَضـائِضُ
قال ابن جني: ذكرها محمد بن الحسن، يعني ابن دريد، في باب أَرو، قال: فقلت لأَبي علي من أَين له أَن اللام واو وما يؤمنه أَن تكون ياء فتكون من باب التَّقْوَى والرَّعْوَى؛ قال: فجَنَح إِلى الأَخذ بالظاهر، قال: وهو القول، يعني أَنه الصواب. قال ابن بري: أَرْوَى تنوّن ولا تنوّن، فمن نوّنها احتمل أَن يكون أَفْعَلاً مثل أَرْنَبٍ، وأَن يكون فَعَلى مثل أَرْطى ملحق، بجَعْفر، فعلى هذا القول يكون أُرْوِيَّةٌ أُفْعُولةً، وعلى القول الثاني فُعْلِيَّة، وتصغير أَرْوَى إذا جعلت وزنها أَفْعَلاٌ أُرَيْوٍ على من قال أُسَيْوِدٌ وأُحَيْوٍ، وأُرَيٍّ على من قال أُسَيِّدٌ وأُحَيٍّ، ومن قال أُحَيٍّ قال أُرَيٍّ فيكون منقوصاً عن محذوف اللام بمنزلة قاضٍ، إِنما حُذفت لامها لسكونها وسكون التنوين، وأَما أَرْوَى فيمن لم ينوّن فوزنها فَعْلى وتصغيرها أُرَيَّا، ومن نوَّنها وجعل وزنها فَعْلى مثل أَرْطى فتصغيرها أُرَيٌّ، وأَما تصغير أُرْوِيَّةٍ إذا جعلتها أُفْعُولةً فأُرْيَوِيَّةٌ على من قال أُسَيْوِدٌ ووزنها أُفَيعِيلةٌ، وأُرَيَّةٌ على من قال أُسَيِّدٌ ووزنها أُفَيْعةٌ، وأَصلها أُرَيَيْيِيَةٌ؛ فالياء الأُولى ياء التصغير والثانية عين الفعل والثالثة واو أُفعولة والرابعة لام الكلمة، فحَذَفْت منها اثنتين، ومن جعل أُرْوِيَّة فُعْلِيَّةً فتصغيرها أُرَيَّةٌ ووزنها فُعَيْلة، وحذفت الياء المشدّدة؛ قال: وكون أَرْوَى أَفْعَلَ أَقيسُ لكثرة زيادة الهمزة أَولاً، وهو مذهب سيبويه لأَنه جعل أُرْوِيَّةً أُفْعُولةً. قال أَبو زيد: يقال للأُنثى أُرْوِيَّة وللذكر أُرْوِيَّة، وهي تُيُوس الجَبل، ويقال للأُنثى عَنْزٌ وللذكر وَعِلٌ، بكسر العين، وهو من الشاء لا من البقر. وفي الحديث: أَنه أُهْدِيَ له أَرْوَى وهو مُحْرِمٌ فرَدَّها؛ قال: الأَرْوَى جمع كثرة للأُرْوِيَّة، ويجمع على أَراوِيّ وهي الأَيايِلُ، وقيل: غَنَمُ الجبَل؛ ومنه حديث عَوْن: أَنه ذكَرَ رجلاً تكلم فأَسقَط فقال جمَع بين الأَرْوَى والنَّعامِ؛ يريد أَنه جمع بين كلمتين مُتناقِضتين لأَن الأَرْوَى تسكن شَعَف الجِبال والنَّعامُ يسكن الفَيافيَ. وفي المثل: لا تَجْمَعْ بين الأَرْوَى والنَّعامِ، وفيه: لَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ من الحجاز مَعْقِلَ الأُرْوِيَّةِ من رأْسِ الجَبلِ؛ الجوهري: الأُرْوِيَّةُ الأُنثى من الوُعُول، قال: وبها سميت المرأَة، وهي أُفْعُولة في الأَصل إِلا أَنهم قلبوا الواو الثانية ياء وأَدغموها في التي بعدها وكسروا الأُولى لتسلم الياء، والأَرْوَى مؤنثة؛ قال النابغة:
بتَكَلُّـــمٍ لــو تَســْتَطِيعُ كَلامَهــ،
لَــدَنَتْ لـه أَرْوَى الهِضـابِ الصـُّخَّدِ
وقال الفرزدق:
وإِلـــى ســُلَيْمَانَ الــذي ســَكَنَتْ
أَرْوَى الهِضــابِ لــه مِــنَ الـذُّعْرِ
وأَرْوَى: اسم امرأَة. والمَرْوَى: موضع بالبادية. ورَيَّانُ: اسم جبل ببلاد بني عامر؛ قال لبيد:
فمَــدافِعُ الرَّيَّــانِ عُــرِّيَ رَسـْمُها
خَلَقـاً، كمـا ضـَمِنَ الـوُحِيَّ سـِلامُها