خطأ

المعنى: 

الخَطَأُ والخَطاءُ: ضدُّ الصواب. وقد أَخْطَأَ، وفي التنزيل: " وليسَ عليكم جُناحٌ فيما أَخْطَأْتُم به" عدَّاه بالباء لأَنه في معنى عَثَرْتُم أَو غَلِطْتُم؛ وقول رؤْبة:
يــا رَبِّ إِنْ أَخْطَــأْتُ، أَو نَســِيتُ،
فــــأَنتُ لا تَنْســـَى، ولا تمُـــوتُ
فإنه اكْتَفَى بذكر الكَمال والفَضْل، وهو السَّبَب من العَفْو وهو المُسَبَّبُ، وذلك أَنّ من حقيقة الشرط وجوابه أَن يكون الثاني مُسَبَّباً عن الأَول نحو قولك: إن زُرْتَنِي أَكْرَمْتُك، فالكرامة مُسَبَّبةٌ عن الزيارة، وليس كونُ اللّه سبحانه غير ناسٍ ولا مُخْطِئ أمْراً مُسبَّباً عن خَطَإِ رُؤْبَة، ولا عن إصابته، إنما تلك صفة له عزَّ اسمه من صفات نفسه لكنه كلام محمول على معناه، أَي: إِنْ أَخْطَأْتُ أَو نسِيتُ، فاعْفُ عني لنَقْصِي وفَضْلِك؛ وقد يُمدُّ الخَطَأُ وقُرئ بهما قوله تعالى: ومَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً. وأَخْطأَ وتَخَطْأَ بمعنى، ولا تقل أَخْطَيْتُ، وبعضهم يقوله. وأَخْطَأَه وتَخَطَّأَ له في هذ المسألة وتَخَاطَأَ كلاهما: أَراه أَنه مُخْطِئ فيها، الأَخيرة عن الزجاجي حكاها في الجُمل. وأَخْطَأَ الطَّرِيقَ: عَدَل عنه. وأَخْطَأَ الرَّامِي الغَرَضَ: لم يُصِبْه.وأَخْطَأَ نَوْؤُه إذا طَلَبَ حاجته فلم يَنْجَحْ ولم يُصِبْ شيئاً. وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما: أَنه سُئل عن رَجُل جعلَ أَمْرَ امرَأَتِه بيدِها فقالت: أَنتَ طالِقٌ ثلاثاً. فقال: خَطَّأَ اللّه نَوْأَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نَفسَها؛ يقال لمَنْ طَلَبَ حاجةً فلم يَنْجَحْ: أَخْطَأَ نَوْؤُكَ، أَراد جعل اللّه نَوْأَها مُخطِئاً لا يُصِيبها مَطَرُه. ويروى: خَطَّى اللّه نَوْأَها، بلا همز، ويكون من خَطَط، وهو مذكور في موضعه، ويجوز أَن يكون من خَطَّى اللّه عنك السوءَ أَي جعله يتَخَطَّاك، يريد يَتَعدَّاها فلا يُمْطِرُها، ويكون من باب المعتلّ اللام، وفيه أَيضاً حديث عثمان رضي اللّه عنه أَنه قال لامْرأَة مُلِّكَتْ أَمْرَها فطلَّقت زَوجَها: إِنَّ اللّه خَطَّأَ نَوْأَها أَي لم تُنْجِحْ في فِعْلها ولم تُصِب ما أَرادت من الخَلاص. الفرَّاء: خَطِئ السَّهْمُ وخَطَأَ، لُغتانِ والخِطْأَةُ: أَرض يُخْطِئها المطر ويُصِيبُ أُخْرى قُرْبَها. ويقال خُطِّئ عنك السُوء: إذا دَعَوْا له أَن يُدْفَع عنه السُّوءُ، وقال ابن السكيت: يقال: خُطِّئ عنك السُّوء؛ وقال أَبو زيد: خَطَأَ عنك السُّوءُ أَي أَخطَأَك البَلاءُ. وخَطِئ الرجل يَخطَأُ خِطْأً وخِطْأَةً على فِعْلة: أَذنب. وخَطَّأَه تَخْطِئةً وتَخْطِيئاً: نَسَبه الى الخَطا، وقال له أَخْطَأْتَ. يقال: إنْ أَخْطَأْتُ فَخَطِّئْني، وإن أَصَبْتُ فَصَوِّبْني، وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئ عليَّ أَي قُل لي قد أَسَأْتَ. وتَخَطَّأْتُ له في المسأَلة أَي أَخْطَأْتُ. وتَخَاطَأَه وتَخَطَّأَه أَي أَخْطَأَهُ. قال أَوفى بن مطر المازني:
أَلا أَبْلِغـــا خُلَّـــتي، جـــابراً،
بــــأَنَّ خَلِيلَـــكَ لـــم يُقْتَـــلِ

تَخَطَّــــأَتِ النَّبْــــلُ أَحْشـــاءَهُ،
وأَخَّـــرَ يَـــوْمِي، فلـــم يَعْجَــلِ
والخَطَأُ: ما لم يُتَعَمَّدْ، والخِطْء: ما تُعُمِّدَ؛ وفي الحديث: قَتْلُ الخَطَإِ دِيَتُه كذا وكذا هو ضد العَمْد، وهو أَن تَقْتُلَ انساناً بفعلك من غير أَنْ تَقْصِدَ قَتْلَه، أَو لا تَقْصِد ضرْبه بما قَتَلْتَه به. وقد تكرّر ذكر الخَطَإِ والخَطِيئةِ في الحديث. وأَخطَأَ يُخطِئ إذا سَلَكَ سَبيلَ الخَطَإِ عَمْداً وسَهواً؛ ويقال: خَطِئ بمعنى أَخْطَأَ، وقيل: خَطِئ إذا تَعَمَّدَ، وأَخْطَأَ إذا لم يتعمد. ويقال لمن أَراد شيئاً ففعل غيره أَو فعل غير الصواب: أَخْطَأَ. وفي حديث الكُسُوفُ: فأَخْطَأَ بدِرْعٍ حتى أُدْرِكَ بِرِدائه، أَي غَلِطَ. قال: يقال لمن أَراد شيئاً ففعل غيره: أَخْطَأَ، كما يقال لمن قَصَد ذلك، كأَنه في اسْتِعْجاله غَلِظَ فأخَذ درع بعض نِسائهِ عوَض ردائه. ويروى: خَطا من الخَطْوِ: المَشْيِ، والأَوّل أَكثر. وفي حديث الدّجّال: أَنه تَلِدُه أُمُّه، فَيَحْمِلْنَ النساءُ بالخطَّائِين: يقال: رجل خَطَّاءٌ إذا كان مُلازِماً للخَطايا غيرَ تارك لها، وهو من أَبْنِية المُبالغَة، ومعنى يَحْمِلْن بالخَطَّائِينَ أَي بالكَفَرة والعُصاة الذين يكونون تَبَعاً للدَّجال، وقوله يَحْمِلْنَ النِّساءُ: على قول من يقول: أَكَلُوني البَراغِيثُ، ومنه قول الآخر:
بِحَـوْرانَ يَعْصـِرْنَ السـَّلِيطَ أَقـارِبُهْ

وقال الأُموي: المُخْطِئ: من أَراد الصواب، فصار إلى غيره، والخاطِئ: من تعمَّد لما لا ينبغي، وتقول: لأَن تُخْطِئ في العلم أَيسَرُ من أَن تُخْطِئ في الدِّين. ويقال: قد خَطِئْتُ إذا أَثِمْت، فأَنا أَخْطَأُ وأَنا خاطِئ؛ قال المُنْذِري: سمعتُ أَبا الهَيْثَم يقول: خَطِئْتُ: لما صَنَعه عَمْداً، وهو الذَّنْب، وأَخْطَأْتُ: لما صَنعه خَطَأَ، غير عمد. قال: والخَطَأُ، مهموز مقصور: اسم من أَخْطَأْتُ خَطَأً وإخْطاءً؛ قال: وخَطِئتُ خِطْأً، بكسر الخاء، مقصور، إذا أَثمت. وأَنشد:
عِبـــادُك يَخْطَـــأُونَ، وأَنـــتَ رَبّ
كَرِيمٌــ، لا تَلِيــقُ بِــكَ الــذُّمُومُ
والخَطِيئةُ: الذَّنْبُ على عَمْدٍ. والخِطْءُ: الذَّنْبُ في قوله تعالى: انَّ قَتْلَهُم كان خِطْأً كَبيراً؛ أَي إثْماً. وقال تعالى: إِنَّا كُنَّا خاطِئينَ، أي آثِمِينَ.والخَطِيئةُ، على فَعِيلة: الذَّنْب، ولك أَن تُشَدّد الياء لأَنَّ كل ياء ساكنة قبلها كسرة، أَو واو ساكنة قبلها ضمة، وهما زائدتان للمدّ لا للالحاق، ولا هما من نفس الكلمة، فإنك تَقْلِبُ الهمزة بعد الواو واواً وبعد الياء ياءً وتُدْغِمُ وتقول في مَقْرُوءٍ مَقْرُوٍّ، وفي خَبِيءٍ خَبِيٍّ، بتشديد الواو والياء، والجمع خَطايا، نادر؛ وحكى أَبو زيد في جمعه خَطائئ، بهمزتين، على فَعائل، فلما اجتمعت الهمزتان قُلبت الثانية ياء لأَن قبلها كسرة ثم استثقلت، والجمع ثقيل، وهو مع ذلك معتل، فقلبت الياء أَلِفاً ثم قلبت الهمزة الاولى ياءً لخفائها بين الأَلفين؛ وقال الليث: الخَطِيئةُ فَعيلة، وجمعها كان ينبغي أَن يكون خَطائِئ، بهمزتين، فاستثقلوا التقاء همزتين، فخففوا الأَخيرةَ منهما كما يُخَفَّف جائئ على هذا القياس، وكَرِهوا أَن تكون عِلَّتهُ مِثْلَ عِلَّةِ جائِئ لأَن تلك الهمزة زائدة، وهذه أَصلية، فَفَرُّوا بِخَطايا الى يَتَامى، ووجدوا له في الأَسماء الصحيحة نَظِيراً، وذلك مثل: طاهرٍ وطاهِرةٍ وطَهارَى. وقال أَبو إسحق النحوي في قوله تعالى نَغْفِرْ لكم خَطاياكم، قال: الأَصل في خطايا كان خَطايُؤاً، فاعلم، فيجب أَن يُبْدَل من هذه الياء همزةٌ فتصير خَطائِيَ مثل خَطاعِعَ، فتجتمع همزتان، فقُلِبت الثانية ياءً فتصير خَطائِيَ مثل خَطَاعِيَ، ثم يجب أَن تُقْلب الياء والكسرة الى الفتحة والأَلف فيصير خَطاءا مثل خَطاعا، فيجب أَن تبدل الهمزة ياءً لوقوعها بين ألفين، فتصير خَطايا، وإنما أَبدلوا الهمزة حين وقعت بين ألفين لأَنَّ الهمزة مُجانِسَة للالفات، فاجتمعت ثلاثة أَحرف من جنس واحد؛ قال: وهذا الذي ذكرنا مذهب سيبويه.الأزهري في المعتل في قوله تعالى: ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ، قال: قرأَ بعضهم خُطُؤَات الشَّيطان مِنَ الخَطِيئَةِ: المَأْثَمِ.قال أَبو منصور: ما علمت أَنَّ أَحداً من قُرّاء الأَمصار قرأَه بالهمزة ولا معنى له. وقوله تعالى: والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لي خَطِيئتِي يوم الدِّين؛ قال الزجاج: جاء في التفسير: أَنّ خَطِيئَته قولهُ: إَنَّ سارةَ أُخْتِي، وقولهُ: بَلْ فَعَلهُ كبِيرُهم؛ وقولهُ: إِنِّي سَقِيمٌ. قال: ومعنى خَطيئتِي أَن الأَنبياء بَشَرٌ، وقَد يجوز أَن تَقَع عليهم الخَطِيئةُ إلاَّ أَنهم، صلواتُ اللّه عليهم، لا تكون منهم الكَبِيرةُ لأَنهم مَعْصُومُونَ، صَلواتُ اللّه عليهم أَجمعين.وقد أَخْطَأَ وخَطِئ، لغَتان بمعنى واحد. قال امرؤ القَيْسِ:
يــا لَهْــفَ هِنْـدٍ إِذْ خَطِئْنَ كـاهِلا

أَي إذْ أَخْطَأْنَ كاهِلا؛ قال: وَوَجْهُ الكَلامِ فيه: أَخْطَأْنَ بالأَلف، فردّه إلى الثلاثي لأَنه الأَصل، فجعل خَطِئنَ بمعنى أَخْطَأْنَ، وهذا الشعر عَنَى به الخَيْلَ، وإن لم يَجْرِ لها ذِكْر، وهذا مثل قوله عزّ وجل: حتى تَوارَتْ بالحِجاب. وحكى أَبو علي الفارس عن أَبي زيد: أَخْطَأَ خاطِئةً، جاءَ بالمصدر على لفظ فاعِلةٍ، كالعافيةِ والجازيةِ. وفي التنزيل: والمُؤْتَفِكات بالخاطِئة. وفي حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهمَا، أَنهم نصبوا دَجاجةً يَتَرامَوْنَها وقد جَعلُوا لِصاحِبها كُلَّ خاطئةٍ من نَبْلِهم، أَي كل واحِدةٍ لا تُصِيبُها، والخاطَئةُ ههنا بمعنى المُخْطِئة. وقولُهم: ما أَخْطَأَه، إنما هو تَعَجُّبٌ مِن خَطِئ لا مِنْ أَخطَأَ.وفي المَثل: مع الخَواطِئ سَهْمٌ صائِبٌ، يُضْرَبُ للذي يُكثر الخَطَأَ ويأْتي الأَحْيانَ بالصَّواب. وروى ثعلب أَن ابنَ الأَعرابي أَنشده:
ولا يَسـْبِقُ المِضـْمارَ، في كُلِّ مَوطِنٍ،
مَـنَ الخَيْـلِ عِنْدَ الجِدِّ، إلاَّ عِرابُها

لِكُـلِّ امْـرئ مـا قَـدَّمَتْ نَفْسـُه له،
خطاءَاتُها، إذا أَخْطأَتْ، أَو صَوابُها
ويقال: خَطِيئةُ يومٍ يمُرُّ بِي أَن لا أَرى فيه فلاناً، وخَطِيئةُ لَيْلةٍ تمُرُّ بي أَن لا أَرى فلاناً في النَّوْم، كقوله: طِيل ليلة وطيل يومخفأ: خَفَأَ الرَّجُلَ خَفْأً: صَرَعَه، وفي التهذيب: اقْتَلعه وضَرب به الأَرضَ.وخَفَأَ فلان بَيْتَه: قوَّضَه وأَلْقاه.

المعجم: 

لسان العرب