المعنى:
الجَرْسُ: مصدرٌ، الصوتُ المَجْرُوسُ. والجَرْسُ: الصوتُ نفسه.والجَرْسُ: الأَصلُ، وقيل: الجَرْسُ والجِرْسُ الصوت الخَفِيُّ. قال ابن سيده: الجَرْسُ والجِرْسُ والجَرَسُ؛ الأَخيرة عن كراع: الحركةُ والصوتُ من كل ذي صوت، وقيل: الجَرْس، بالفتح، إذا أُفرد، فإِذا قالوا: ما سمعت له حِسّاً ولا جِرْساً، كسروا فأَتبعوا اللفظ اللفظ.وأَجْرَسَ: علا صوته، وأَجْرَسَ الطائرُ إذا سمعتَ صوتَ مَرِّه؛ قال جَنْدَلُ بنُ المُثَّنَّى الحارثي الطُّهَوِيُّ يخاطب امرأَته:
لقــد خَشــِيتُ أَن يَكُـبَّ قـابِرِي
ولــم تُمارِســْكِ مـن الضـَّرائرِ
شــِنْظِيرَةٌ شــائِلَةُ الجَمــائِرِ،
حــتى إذا أَجْــرَسَ كـلُّ طـائِرِ،
قـامتْ تُعَنْظِـي بـكِ سِمْعَ الحاضِرِ
يقول: لقد خشيت أَن أَموت ولا أَرى لك ضَرَّةً سَلِطَةً تُعَنظِي بكِ وتُسْمِعُكِ المكروه عند إِجْراس الطائر، وذلك عند الصَّباح. والجمائر: جمع جَمِيرة، وهي ضفيرة الشعر، وقيل: جَرَسَ الطائرُ وأَجْرَس صَوَّتَ.ويقال: سمعت جَرْسَ الطيرإِذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأْكله. وفي الحديث: فتسمعون صوتَ جَرْسِ طَيْرِ الجنة؛ أَي صوتَ أَكلها. قال الأَصْمَعِيُّ: كنتُ في مجلس شُعْبَةَ قال: فتسمعون جَرْشَ طير الجنة، بالشين، فقلت: جَرْسَ، فنظر إِليَّ وقال: خذوها عنه فإِنه أَعلم بهذا منا؛ ومنه الحديث: فأَقبل القوم يَدِبُّونَ ويُخْفُونَ الجَرْسَ؛ أَي الصوت. وفي حديث سعيد بن جبير، رضي اللَّه عنه، في صفة الصَّلْصالِ قال: أَرض خِصْبَةٌ جَرِسَةٌ؛ الجَرْسة: التي تصوِّت إذا حركت وقلبت وأَجْرَسَ الحادي إذا حدا للإِبل؛ قال الراجز:
أَجْـرِسْ لهـا يا ابنَ أَبي كِباشِ،
فمـا لَهـا الليلـةَ من إِنْفاشِ،
غيــرَ الســُّرَى وســائِقٍ نَجَّـاشِ
أَي احْدُ لها لتَسْمَعَ الحُداءَ فتَسِيرَ. قال الجوهري: ورواه ابن السكيت بالشين وأَلف الوصل، والرواة على خلافه. وجَرَسْتُ وتَجَرَّسْتُ أَي تكلمت بشيء وتنغمت به. وأَجْرَسَ الحَيُّ: سمعتُ جَرْسه. وفي التهذيب: أَجْرَسَ الحيُّ إذا سَمعت صوتَ جَرْسِ شيء. وأَجرَسني السَّبُعُ: سمع جَرْسِي. وجَرَسَ الكلامَ: تكلم به.وفلانٌ مَجْرَسٌ لفلان: يأْنس بكلامه وينشرح بالكلام عنده؛ قال:
أَنْــــتَ لــــي مَجْرَســـٌ، إِذا
مــــا نَبـــا كـــلُّ مَجْـــرَسِ
وقال أَبو حنيفة: فلان مَجْرَسٌ لفلان أَي مأْكلٌ ومُنتَفَعٌ. وقال مرة: فلان مَجْرَسٌ لفلان أَي يأْخذ منه ويأْكل من عنده.والجَرَسُ: الذي يُضْرَبُ به. وأَجْرَسه: ضربه. وروي عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه قال: لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فيها جَرَسٌ؛ هو الجُلْجُلُ الذي يعلق على الدواب؛ قيل: إِنما كرهه لأَنه يدل على أَصحابه بصوته؛ وكان، عليه السلام، يحب أَن لا يعلم العدوّ به حتى يأْتيهم فجأَةً، وقيل الجَرَسُ الذي يُعلق في عنق البعير. وأَجْرَسَ الحَلْيُ: سُمِع له صوتٌ مثل صوت الجَرَسِ، وهو صوتُ جَرْسِه؛ قال العجاج:
تَسـْمَعُ للحَلْـيِ إذا مـا وَسْوَسا،
وارْتَـجَّ فـي أَجيادِهـا وأَجْرَسا،
زَفْزَفَـةَ الرِّيـحِ الحَصادَ اليَبَسا
وجَرْس الحَرْفِ: نَغْمَتُه. والحروفُ الثلاثة الجُوفُ: وهي الياء والأَلف والواو، وسائرُ الحروفِ مَجْرُوسَةٌ.أَبو عبيد: والجَرْسُ الأَكل، وقد جَرَسَ يَجْرُسُ. والجاروسُ: الكثير الأَكل. وجَرَسَت الماشيةُ الشجرَ والعُشْبَ تَجْرِسُه وتَجْرُسُه جَرْساً: لَحَسَتْه. وجَرَسَت البقرة ولدها جَرْساً: لحسته، وكذلك النحلُ إذا أَكلت الشجر للتَّعْسِيل؛ قال أَبو ذؤيب يصف نحلاً:
جَوارِسـُها تَأْوي الشُّعُوفَ دَوائِباً
وتَنصـَبُّ أَلْهابـاً مَصِيفاً كِرابُها
وجَرَسَتِ النحلُ العُرْفُطَ تَجْرُسُ إذا أَكلته، ومنه قيل للنحل: جَوارِسُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، دخل بيت بعض نسائه فسقته عَسَلاً، فَتَواطَأَتْ ثنتان من نسائه أَن تقول أَيَّتُهما دخل عليها: أَكَلْتَ مَغافِيرَ، فإِن قال: لا، قالت: فَشَرِبْتَ إذا عسلاً جَرَسَتْ نَحْلُه العُرْفُطَ؛ أَي أَكلتْ ورَعَتْ. والعُرْفُطُ: شجر.ونَحْلٌ جَوارِسُ: تَأْكل ثمر الشجر؛ وقال أَبو ذؤيب الهذلي يصف النحل:
يَظَـلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ
مَراضيعُ صُهْبُ الرّيشِ زُغْبٌ رِقابُها
والثمراء: جبل؛ وقال بعضهم: هو اسم للشجر المُثْمِر. ومراضيع: صغارٌ، يعني أَن عسل الصِّغار منها أَفضل من عسل الكبار. والصُّهْبَةُ: الشُّقْرَةُ، يريد أَجنحتها. الليث: النحلُ تَجْرُسُ العسلَ جَرْساً وتجرُسُ النَّوْرَ، وهو لَحْسُها إِياه، ثم تُعَسَّله. ومرَّ جَرْسٌ من الليل أَي وقتٌ وطائفة منه. وحكي عن ثعلب فيه: جَرَسٌ، بفتح الراء، قال ابن سيده: ولست منه على ثقة، وقد يقال بالشين معجمة، والجمع أَجْراسٌ وجُرُوسٌ.ورجل مُجَرَّسٌ ومُجَرِّسٌ: مُجَرِّبٌ للأُمور؛ وقال اللحياني: هو الذي أَصابته البلايا، وقيل: رجل مُجَرَّسٌ إذا جَرَّس الأُمور وعرفها، وقد جَرَّسَتْه الأُمورُ أَي جَرَّبَتْه وأَحكمته؛ وأَنشد:
مُجَرِّســــاتٍ غِـــرَّة الغَرِيـــرِ
بـالزَّجْرِ، والرَّيْمُ على المَزْجُورِ
وأَوَّل هذه القصيدة:
جــارِيَ، لا تَســْتَنْكِري غَـدِيري،
سـَيْرِي وإِشـفاقي علـى بعيرِيـ،
وحَــذَرِي مـا ليـس بالمَحْـذُورِ،
وكَثْـرَةَ التَحْـدِيثِ عـن شـُقُوري،
وحِفْظَــــةً أَكَنَّهـــا ضـــَمِيرِي
أَي لا تنكري حِفظَة أَي غضباً أَغضبه مما لم أَكن أَغضب منه؛ ثم قال:
والعَصــْرَ قَبـلَ هـذه العُصـُورِ،
مُجَرِّســــاتٍ غِـــرَّةَ الغَرِيـــرِ
بـالزَّجْرِ، والرَّيْمُ على المَزْجُورِ
العصر: الزمن، والدهر. والتجريس: التحكيم والتجربة، فيقول: هذه العصور قد جَرَّسَت الغِرَّ منا أَي حكمت بالزجر عما لا ينبغي إِتيانه.والرِّيْمُ: الفضل، فيقول: من زُجِرَ فالفضل عليه لأَنه لا يُزْجَرُ إِلا عن أَمر قَصَّرَ فيه. وفي حديث ناقة النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: وكانت ناقةً مُجَرَّسَةً أَي مُجَرَّبة مُدَرَّبة في الركوب والسير. والمُجَرَّسُ من الناس: الذي قد جرَّبَ الأُمور وخَبَرَها؛ ومنه حديث عمر، رضي اللَّه عنه، قال له طَلحَة: قد جَرّسَتْك الدُّهورُ أَي حَنَّكَتك وأَحكمتك وجعلتك خبيراً بالأُمور مجرَّباً، ويروى بالشين المعجمة بمعناه. أَبو سعيد: اجْتَرَسْتُ واجْتَرَشْتُ أَي كَسَبْتُ.