المعنى:
الجَدْعُ: القَطْعُ، وقيل: هو القطع البائن في الأَنف والأُذن والشَّفةِ واليد ونحوها، جَدَعَه يَجْدَعُه جَدْعاً، فهو جادِعٌ. وحمار مُجَدَّع: مَقْطُوع الأُذن؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
أَتــانِي كلامُ التَّغْلَـبيّ بـن دَيْسـَقٍ
ففــي أَيِّ هــذا، وَيْلَهـ، يَتَـترَّعُ؟
يقول الخَنى، وأَبغَضُ العُجْمِ، ناطِقاً
إِلـى ربهـ، صـوتُ الحِمـارِ اليُجَدَّعُ
أَراد الذي يُجدَّع فأدخل اللام على الفعل المضارع لمضارعة اللام الذي كما تقول هو اليَضْرِبُك، وهو من أَبيات الكتاب وقال أَبو بكر بن السراج: لما احتاج إِلى رفع القافية قلب الاسم فعلاً وهو من أَقبح ضرورات الشعر، وهذا كما حكاه الفراء من أَن رجلاً أَقبل فقال آخر: هاهوذا، فقال السامع: نِعْمَ الهاهوذا، فأَدخل اللام على الجملة من المبتدإِ والخبر تشبيهاً له بالجملة المركبة من الفعل والفاعل؛ قال ابن بري: ليس بيتُ ذي الخِرَق هذا من أَبيات الكتاب كما ذكر الجوهري وإِنما هو في نوادر أَبي زيد. وقد جَدِعَ جَدَعاً، وهو أَجْدَعُ بيِّن الجَدَعِ، والأُنثى جَدْعاء؛ قال أَبو ذؤيب يصف الكلاب والثور:
فانْصــاعَ مــن حَـذرٍ وسـَدَّ فُروجَـه
غُبْــرٌ ضــَوارٍ: وافِيــانِ وأَجْــدَعُ
أجْدع أَي مَقْطوع الأُذن. وافيانِ: لم يُقْطع من آذانهما شيء، وقيل: لا يقال جَدعَ ولكن جُدعَ من المَجْدُوع.والجَدَعةُ: ما بَقِي منه بعد القَطْع. والجَدَعةُ: موضع الجَدْع، وكذلك العَرَجةُ من الأَعْرج، والقَطَعة من الأَقْطَع. والجَدْعُ: ما انقطع من مَقادِيم الأَنف إِلى أَقْصاه، سمي بالمصدر.وناقة جَدْعاء: قُطِع سُدسُ أُذنها أَو ربعها أَو ما زاد على ذلك إِلى النصف. والجَدْعاء من المعزَ: المَقْطوع ثلث أُذنها فصاعداً، وعم به ابن الأَنباري جميع الشاء المُجَدَّع الأُذن. وفي الدعاء على الإِنسان: جَدْعاً له وعَقْراً؛ نصبوها في حدّ الدعاء على إِضمار الفعل غير المستعمل إِظهاره، وحكى سيبويه: جَدَّعْتُه تَجْديعاً وعَقَّرْتُه قلت له ذلك، وهو مذكور في موضعه؛ فأَمّا قوله:
تَــراه كــأَنَّ اللـهَ يَجْـدَعُ أَنْفَـه
وعَيْنَيْهـ، إِنْ مَـولاه ثـابَ لـه وَفْرُ
فعلى قوله:
يـــا لَيْـــتَ بَعْلَــكِ قــد غَــدا
مُتَقَلِّـــــداً ســــَيْفاً ورُمْحــــا
إِنما أَراد ويفقأُ عينيه؛ واستعار بعضُ الشُّعراء الجَدْعَ والعِرْنينَ للدّهْر فقال:
وأَصبَح الدهْرُ ذُو العِرْنِينِ قد جُدِعا
والأَعرف:
وأَصـبحَ الـدهرُ ذو العلاَّتِ قد جُدعا
وجَداعِ: السَّنةُ الشديدة تذهب بكل شيء كأَنها تَجْدَعُه؛ قال أَبو حَنْبل الطائي:
لقــد آليْــتُ أَغْــدِر فــي جَـداعِ
وإِنْ مُنِّيتُـــ، أُمّـــاتِ الرِّبـــاعِ
وهي الجَداعُ أَيضاً غير مبنية لمكان الأَلف واللام. والجَداعُ: الموت لذلك أَيضاً. والمُجادعةُ: المُخاصمةُ. وجادَعَه مُجادَعة وجِداعاً: شاتَمَه وشارَّه كأَنَّ كل واحد منهما جَدَع أَنف صاحبه؛ قال النابغة الذُّبْياني:
أَقــارعُ عَــوْفٍ، لا أُحـاوِلُ غيرَهـا
وجُـوهُ قُـرودٍ، تَبْتَغِـي مـن تُجـادِعُ
وكذلك التّجادُع. ويقال: اجْدَعْهم بالأَمر حتى يَذِلُّوا؛ حكاه ابن الأَعرابي ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنه على المثل أَي اجدع أُنوفهم.وحكي عن ثعلب: عام تَجَدَّعُ أَفاعِيه وتجادَعُ أَي يأْكل بعضها بعضاً لشدّته، وكذلك تركت البلاد تَجَدَّعُ وتَجادَعُ أَفاعيها أَي يأْكل بعضها بعضاً، قال: وليس هناك أَكل ولكن يريد تقَطَّعُ. وقال أَبو حنيفة: المُجَدَّعُ من النبات ما قُطع من أَعلاه ونَواحِيه أَو أُكل. ويقال: جَدَّع النباتَ القَحْطُ إذا لم يَزْكُ لانْقِطاع الغَيْثِ عنه؛ وقال ابن مقبل:
وغَيْــث مَريــع لـم يُجَـدَّعْ نَبـاتُه
وكَلأٌ جُداعٌ، بالضم، أَي دَوٍ؛ قال رَبيعةُ بن مَقْرُوم الضَّبِّيّ:
وقــد أَصــِلُ الخَلِيــلَ وإِن نـآني
وغِــــبَّ عَــــداوتي كَلأٌ جُــــداعُ
قال ابن بري: قوله كَلأٌ جُداع أي يَجْدَعُ مَن رَعاه؛ يقول: غِبّ عَداوتي كَلأٌ فيه الجَدْع لمن رعاه، وغب بمعنى بعد. وجَدِعَ الغلامُ يَجْدَعُ جَدَعاً، فهو جَدِعٌ: ساء غِذاؤه؛ قال أَوْس بن حَجَر:
وذاتُ هِــــدْمٍ عـــارٍ نَواشـــِرُها
تُصــْمِتُ بالمــاء تَوْلَبــاً جَــدِعا
وقد صحّف بعض العلماء هذه اللفظة، قال الأَزهري في أَثناء خطبة كتابه: جمع سليمان بن علي الهاشميّ بالبصرة ين المُفَضَّل الضبّيّ والأَصمعي فأَنشد المفضَّل: وذات هدم، وقل آخر البيت: جَذَعا، ففَطِن الأَصمعي لخَطئه، وكان أَحدَثَ سِنّاً منه، فقال له: إِنما هو تولباً جَذَعا، وأَراد تقريره على الخطاء فلم يَفْطَن المفضل لمراده، فقال: وكذلك أَنشدته، فقال له الأَصمعي حينئذ: أَخطأْت إِنما هو: تَوْلباً جَدِعا، فقال له المفضل: جذعا جذعا، ورفع صوته ومدّه، فقال له الأَصمعي: لو نفَخْت في الشَّبُّور ما نفعك، تكم كلام النمل وأَصبْ، إِنما هو: جَدِعا، فقال سليمان بن علي: من تَخْتارانِ أَجعله بينكما؟ فاتفقا على غلام من بني أَسد حافظ للشعر فأُحْضِر، فعرَضا عليه ما اختلفا فيه فصدَّق الأَصمعي وصوّب قوله، فقال له المفضل: وما الجَدِعُ؟ قال: السيّء الغِذاء. وأَجدَعَه وجَدَّعَه: أَساء غذاءه.قال ابن بري: قال الوزير: جَدِعٌ فَعِلٌ بمعنى مَفْعول، قال: ولا يعرف مثله. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً: ساء غِذاؤُه. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً: رُكِب صغيراً فوَهَن. وجَدَعْتُه أَي سجنْتُه وحبستُه، فهو مجُدوع؛ وأَنشد:
كــأَنه مــن طــول جَــدْعِ العَفْـسِ
وبالذال المعجمة أَيضاً، وهو المحفوظ. وجَدَعَ الرجلُ عِيالَه إذا حَبس عنهم الخير. قال أَبو الهيثم: الذي عندنا في ذلك أَنهَ الجَدْعَ والجِذْعَ واحد، وهو حَبْسُ من تَحْبِسه على سُوءِ ولائه وعلى الإِذالةِ منك له؛ قال: والدليل على ذلك بيت أَوس:
تُصــْمِت بالمــاء تَوْلبــاً جَــدِعا
قال: وهو من قولك جَدَعْتُه فجَدِع كما تقول ضرَب الصَّقِيعُ النباتَ فضَرِبَ، وكذلك صَقَع، وعَقَرْتُه فَعَقِر أَي سقَط؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
حَبَلَّـــــق جَـــــدَّعه الرِّعــــاء
ويروى: أَجْدَعَه، وهو إذا حبَسه على مَرْعى سَوْء، وهذا يقوّي قول أَبي الهيثم.والجَنادِعُ: الأَحْناشُ، ويقال: هي جَنادِبُ تكون في جِحَرةِ اليَرابِيعِ والضِّباب يَخرُجْن إذا دَنا الحافر من قَعْر الجُحْر. قال ابن بري: قال أَبو حنيفة الجُنْدَب الصغير يقال له جُنْدع، وجمعه جَنادِعُ؛ ومنه قول الراعي:
بحَـــيٍّ نُمَيْـــرِيٍّ عليــه مَهابــةٌ
بِجَمْعـ، إذا كـان اللِّئامُ جَنادِعـا
ومنه قيل: رأَيت جَنادِعَ الشرِّ أَي أَوائلَه، الواحدة جُنْدُعةٌ، وهو ما دَبَّ من الشرّ؛ وقال محمد بن عبد الله الأَزْديّ:
لا أَدْفَـعُ ابـنَ العَمِّ يَمْشِي على شَفاً
وإِن بَلَغَتْنــي مِـنْ أَذاه الجَنـادِعُ
وذاتُ الجَنادِعِ: الداهيةُ. الفرّاء: يقال هو الشيطان والمارِدُ والمارِجُ والأَجْدَعُ. روي عن مسروق أَنه قال: قدمت على عمر فقال لي: ما اسمُك؟ فقلت: مَسروقُ بن الأَجْدَع، فقال: أَنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنَّ الأَجدع شيطان، فكان اسمُه في الديوان مسروق بن عبد الرحمن. وعبد الله بن جُدْعانَ. وأَجْدَعُ وجُدَيْعٌ: اسمانِ. وبنو جَدْعاءَ: بطن من العرب، وكذلك بنو جُداع وبنو جُداعةَ.