بيض

المعنى: 

البياض: ضد السواد، يكون ذلك في الحيوان والنبات وغير ذلك مما يقبله غيره. البَيَاضُ: لون الأَبْيَض، وقد قالوا بياض وبَياضة كما قالوا مَنْزِل ومَنْزِلة، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وجمع الأَبْيَضِ بِيضٌ، وأَصله بُيْضٌ، بضم الباء، وإِنما أَبدلوا من الضمة كَسْرَةً لتصحَّ الياء، وقد أَباضَ وابْيَضَّ؛ فأَما قوله:
إِن شـــــــــَكْلي وإِن شـــــــــكْلَكِ شــــــــَتَّى،
فــــــالْزمي الخُــــــصَّ واخْفِضـــــِي تَبْيَضِضـــــِّي
فإِنه أَرادَ تَبْيَضِّي فزاد ضاداً أُخرى ضرورة لإِقامة الوزن؛ قال ابن بري: وقد قيل إِنما يجيء هذا في الشعر كقول الآخر:
لقـــــــــد خَشـــــــــِيتُ أَن أَرَى جَــــــــدْبَباَّ

أَراد جَدْباً فضاعف الباء. قال ابن سيده: فأَما ما حكى سيبويه من أَن بعضهم قال: أَعْطِني أَبْيَضّه يريد أَبْيَضَ وأَلحق الهاء كما أَلحقها في هُنّه وهو يريد هُنَّ فإِنه ثقل الضاد فلولا أَنه زاد ضاداً على الضاد التي هي حرف الإِعراب، فحرفُ الإِعراب إذا الضادُ الأُولى والثانية هي الزائدة، وليست بحرف الإِعراب الموجود في أَبْيَضَ، فلذلك لحقته بَيانَ الحركة قال أَبو علي: وكان ينبغي أَن لا تُحَرّك فحركتها لذلك ضعيفة في القياس.وأَباضَ الكَلأُ: ابْيَضَّ ويَبِسَ. وبايَضَني فلانٌ فبِضْته، من البَياض: كنت أَشدَّ منه بياضاً. الجوهري: وبايَضَه فباضَه يَبِيضُه أَي فاقَه في البياض، ولا تقل يَبُوضه؛ وهذا أَشدُّ بَياضاً من كذا، ولا تقل أَبْيَضُ منه، وأَهل الكوفة يقولونه ويحتجون بقول الراجز:
جارِيــــــة فــــــي دِرْعِهــــــا الفَضْفاضــــــِ،
أَبْيَــــــضُ مــــــن أُخْـــــتِ بنـــــي إِبـــــاضِ
قال المبرد: ليس البيت الشاذ بحجة على الأَصل المجمع عليه؛ وأَما قول الآخر:
إِذا الرجـــــالُ شـــــَتَوْا، واشــــتدَّ أَكْلُهمُــــ،
فـــــــأَنْتَ أَبْيَضــــــُهم ســــــِرْبالَ طَبَّــــــاخِ
فيحتمل أَن لا يكون بمعنى أَفْعَل الذي تصحبه مِنْ للمفاضلة، وإِنما هو بمنزلة قولك هو أَحْسَنُهم وجهاً وأَكرمُهم أَباً، تريد حسَنهم وجهاً وكريمهم أَباً، فكأَنه قال: فأَنت مُبْيَضُّهم سِرْبالاً، فلما أَضافه انتصب ما بعده على التمييز.والبِيضَانُ من الناس: خلافُ السُّودانِ.وأَبْيَضَت المرأَةُ وأَباضَتْ: ولدت البِيضَ، وكذلك الرجل. وفي عينِه بَياضةٌ أَي بَياضٌ.وبَيّضَ الشيءَ جعله أَبْيَضَ. وقد بَيَّضْت الشيء فابْيَضَّ ابْيِضاضاً وابْياضّ ابْيِيضاضاً. والبَيّاضُ: الذي يُبَيِّضُ الثيابَ، على النسب لا على الفعل، لأَن حكم ذلك إِنما هو مُبَيِّضٌ.والأَبْيَضُ: عِرْق السرّة، وقيل: عِرْقٌ في الصلب، وقيل: عرق في الحالب، صفة غالبة، وكل ذلك لمكان البَياضِ. والأَبْيضانِ: الماءُ والحنطةُ.والأَبْيضانِ: عِرْقا الوَرِيد. والأَبْيَضانِ: عرقان في البطن لبياضهما؛ قال ذو الرمة:
أَبْيَـــــض قـــــد كلَّفْتـــــه بُعـــــد شـــــُقّة،
عَقّـــــــدَ منهــــــا أَبْيَضــــــاه وحــــــالِبُهْ
والأَبْيَضان: عِرْقان في حالب البعير؛ قال هميان ابن قحافة:
قَرِيبـــــــة نُـــــــدْوَتُه مــــــن مَحْمَضــــــِهْ،

كأَنمـــــــا يَيْجَــــــعُ عِرْقــــــا أَبْيَضــــــِهْ،

مُلْتَقَــــــــــى فــــــــــائلِه وأُبُضــــــــــِهْ

والأَبيضان: الشحمُ والشَّباب، وقيل: الخُبْز والماء، وقيل: الماء واللبنُ؛ قال هذيل الأَشجعي من شعراء الحجازيين:
لكنّمـــــا يَمْضـــــِي لــــيَ الحَــــوْلُ كــــاملاً،
ا لـــــــــيَ إِلاَّ الأَبْيَضـــــــــَيْنِ شـــــــــَرابُ

ن المـــــاءِ أو مـــــن دَرِّ وَجْنـــــاءَ ثَـــــرّةٍ،
ا حــــــــــــــالبٌ لا يَشــــــــــــــْتَكي وحِلابُ
ومنه قولهم: بَيَّضْت السِّقاءَ والإِناء أَي ملأْته من الماء أَو اللبن. ابن الأَعرابي: ذهَبَ أَبْيَضاه شحْمُه وشبابُه، وكذلك قال أَبو زيد، وقال أَبو عبيد: الأَبْيَضانِ الشحمُ واللبن. وفي حديث سعد: أَنه سُئِل عن السُّلْت بالبَيْضاءِ فكَرِهَه؛ البَيْضاء الحِنْطة وهي السَّمْراء أَيضاً، وقد تكرر ذكرها في البيع والزكاة وغيرهما، وإِنما كَرِه ذلك لأَنهما عنده جنسٌ واحد، وخالفه غيره. وما رأَيته مُذْ أَبْيضانِ، يعني يومين أَو شهرين، وذلك لبياض الأَيام. وبَياضُ الكبدِ والقلبِ والظفرِ: ما أَحاط به، وقيل: بَياضُ القلب من الفرس ما أَطافَ بالعِرْق من أَعلى القلب، وبياض البطن بَنات اللبنِ وشحْم الكُلى ونحو ذلك، سمَّوْها بالعَرَض؛ كأَنهم أَرادوا ذات البياض. والمُبَيِّضةُ، أَصحابُ البياض كقولك المُسَوِّدةُ والمُحَمِّرةُ لأَصحاب السواد والحمرة. وكَتِيبةٌ بَيْضاء: عليها بَياضُ الحديد. والبَيْضاء: الشمسُ لبياضها؛ قال الشاعر:
بَيْضـــاء لــم تَطْبَعْــ، ولــم تَــدْرِ مــا الخَنــا،
تـــرَى أَعيُـــنَ الفِتْيـــانِ مـــن دونهـــا خُــزْرا
والبَيْضاء: القِدْرُ؛ قال ذلك أَبو عمرو. قال: ويقال للقِدْر أَيضاً أُمُّ بَيْضاء؛ وأَنشد:
وإِذْ مــــا يُرِيــــحُ النــــاسَ صـــَرْماءُ جَوْنـــةٌ،
يَنُـــــوسُ عليهـــــا رَحْلُهـــــا مــــا يُحَــــوَّلُ

فقلــــتُ لهــــا: يــــا أُمَّ بَيْضــــاءَ، فِتْيــــة
يَعُـــــــودُك منهــــــم مُرْمِلــــــون وعُيَّــــــلُ
قال الكسائي: ما في معنى الذي في إِذ ما يُرِيح، قال: وصرماءُ خبر الذي.والبِيضُ: ليلةُ ثلاثَ عَشْرةَ وأَرْبَعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرة. وفي الحديث: كان يأْمُرُنا أَن نصُومَ الأَيامَ البِيضَ، وهي الثالثَ عشَرَ والرابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ، سميت ليالِيها بِيضاً لأَن القمر يطلُع فيها من أَولها إِلى آخرها. قال ابن بري: وأَكثر ما تجيء الرواية الأَيام البِيض، والصواب أَن يقال أَيامَ البِيضِ بالإِضافة لأَن البِيضَ من صفة الليالي. وكلَّمتُه فما ردَّ عليَّ سَوْداءَ ولا بَيْضاءَ أَي كِلمةً قبيحة ولا حسنة، على المثل. وكلام أَبْيَضُ: مشروح، على المثل أَيضاً. ويقال: أَتاني كلُّ أَسْودَ منهم وأَحمر، ولا يقال أَبْيَض. الفراء: العرب لا تقول حَمِر ولا بَيِض ولا صَفِر، قال: وليس ذلك بشيء إِنما يُنْظَر في هذا إِلى ما سمع عن العرب. يقال: ابْيَضّ وابْياضَّ واحْمَرَّ واحْمارَّ، قال: والعرب تقول فلانة مُسْوِدة ومُبيِضةٌ إذا ولدت البِيضانَ والسُّودانَ، قال: وأَكثر ما يقولون مُوضِحة إذا وَلَدَت البِيضانَ، قال: ولُعْبة لهم يقولون أَبِيضي حَبالاً وأَسيدي حَبالاً، قال: ولا يقال ما أَبْيَضَ فلاناً وما أَحْمَر فلاناً من البياض والحمرة؛ وقد جاء ذلك نادراً في شعرهم كقول طرفة:
أَمّــــا الملــــوكُ فــــأَنْتَ اليــــومَ ألأَمُهــــم
لُؤْمــــــاً، وأَبْيَضــــــُهم ســــــِرْبالَ طَبَّـــــاخِ
ابن السكيت: يقال للأَسْودَ أَبو البَيْضاء، وللأبْيَض أَبو الجَوْن، واليد البَيْضاء: الحُجّة المُبَرْهنة، وهي أَيضاً اليد التي لا تُمَنُّ والتي عن غير سؤال وذلك لشرفها في أَنواع الحِجاج والعطاء. وأَرض بَيْضاءُ: مَلْساء لا نبات فيها كأَن النبات كان يُسَوِّدُها، وقيل: هي التي لم تُوطَأْ، وكذلك البِيضَةُ. وبَيَاضُ الأَرض: ما لا عمارة فيه. وبَياضُ الجلد: ما لا شعر عليه. التهذيب: إذا قالت العرب فلان أَبْيَضُ وفلانة بَيْضاء فالمعنى نَقاء العِرْض من الدنَس والعيوب؛ ومن ذلك قول زهير يمدح رجلاً.
أَشــــــَمّ أَبْيَـــــض فَيّـــــاض يُفَكِّـــــك عـــــن
أَيــــدي العُنــــاةِ وعـــن أَعْناقِهـــا الرِّبَقـــا
وقال:
أُمُّك بَيْضاءُ من قُضاعةَ في ال_بيت الذي تَسْتَظلُّ في ظُنُبِهْ

قال: وهذا كثير في شعرهم لا يريدون به بَياضَ اللون ولكنهم يريدون المدح بالكرم ونَقاءِ العرْض من العيوب، وإِذا قالوا: فلان أَبْيَض الوجه وفلانة بَيْضاءُ الوجه أَرادوا نقاءَ اللون من الكَلَفِ والسوادِ الشائن. ابن الأَعرابي: والبيضاءُ حبالة الصائد؛ وأَنشد:
وبيضــــاء مِــــنْ مــــالِ الفـــتى إِن أَراحَهـــا
أَفــــــادَ، وإِلا مــــــاله مــــــال مُقْتِــــــر
يقول: إِن نَشِب فيها عَيرٌ فجرّها بقي صاحبُها مُقْتِراً.والبَيْضة: واحدة البَيْض من الحديد وبَيْضِ الطائر جميعاً، وبَيْضةُ الحديد معروفة والبَيْضة معروفة، والجمع بَيْض. وفي التنزيل العزيز: كأَنَّهُنّ بَيْضٌ مَكْنُون، ويجمع البَيْض على بُيوضٍ؛ قال:
علـــــى قَفْــــرةٍ طــــارَت فِراخــــاً بُيوضــــُها

أَي صارت أَو كانت؛ قال ابن سيده: فأَما قول الشاعر:
أَبـــــــــو بَيَضـــــــــاتٍ رائحٌ مُتــــــــأَوِّب،
رَفيــــــق بمَســــــْحِ المَنْكِبَيــــــنِ ســــــَبُوحُ
فشاذ لا يعقد عليه باب لأَن مثل هذا لا يحرك ثانيه.وباضَ الطائرُ والنعامة بَيْضاً: أَلْقَتْ بَيْضَها. ودجاجة بَيّاضةٌ وبَيُوضٌ: كثيرة البَيْضِ، والجمع بُيُضٌ فيمن قال رُسُل مثل حُيُد جمع حَيُود، وهي التي تَحِيد عنك، وبِيضٌ فيمن قال رُسْل، كسَرُوا الباء لِتَسْلم الياء ولا تنقلب، وقد قال بُّوضٌ أَبو منصور. يقال: دجاجة بائض بغير هاء لأَن الدِّيكَ لا يَبِيض، وباضَت الطائرةُ، فهي بائضٌ. ورجل بَيّاضٌ: يَبِيع البَيْضَ، وديك بائِضٌ كما يقال والدٌ، وكذلك الغُراب؛ قال:
بحيــــــث يَعْتَــــــشّ الغُــــــرابُ البــــــائضُ

قال ابن سيده: وهو عندي على النسب. والبَيْضة: من السلاح، سميت بذلك لأَنها على شكل بَيْضة النعام. وابْتاضَ الرجل: لَبِسَ البَيْضةَ. وفي الحديث: لَعَنَ اللّه السارقَ يَسْرِقُ البَيْضةَ فتُقْطَعُ يدُه، يعني الخُوذةَ؛ قال ابن قتيبة: الوجه في الحديث أَن اللّه لما أَنزل: والسارقُ والسارقةُ فاقْطَعُوا أَيْدِيَهما، قال النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: لَعَنَ اللّه السارقَ يَسْرِق البَيْضة فتُقْطَع يدُه على ظاهر ما نزل عليه، يعني بَيْضةَ الدجاجة ونحوها، ثم أَعلمه اللّه بَعْدُ أَن القطع لا يكون إِلا في رُبْع دِينار فما فوقه، وأَنكر تأْويلها بالخُوذةِ لأَن هذا ليس موضع تَكثيرٍ لما يأْخذه السارق، إِنما هو موضع تقليل فإِنه لا يقال: قبَّح اللّه فلاناً عرَّض نفسه للضرب في عِقْد جَوْهر، إِنما يقال: لَعَنه اللّه تعرَّض لقطع يده في خَلَقٍ رَثٍّ أَو في كُبّةِ شعَرٍ.وفي الحديث: أُعْطِيتُ الكَنْزَينِ الأَحمرَ والأَبيضَ، فالأَحمرُ مُلْكُ الشام، والأَبْيَضُ مُلْكُ فارس، وإِنما يقال لفارس الأَبْيَض لبياض أَلوانهم ولأَن الغالب على أَموالهم الفضة، كما أَن الغالب على أَلوان أَهل الشام الحمرة وعلى أَموالهم الذهب؛ ومنه حديث ظبيان وذكر حِمْير قال: وكانت لهم البَيْضاءُ والسَّوْداءُ وفارِسُ الحَمْراءُ والجِزْيةُ الصفراء، أَراد بالبيضاء الخرابَ من الأَرض لأَنه يكون أَبْيَضَ لا غَرْسَ فيه ولا زَرْعَ، وأَراد بالسَّوْداء العامِرَ منها لاخْضِرارِها بالشجر والزرع، وأَرادَ بفارِسَ الحَمْراء تَحَكُّمَهم عليه، وبالجزية الصفراء الذهبَ كانوا يَجْبُون الخَراجَ ذَهَباً. وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يظهر الموتُ الأَبْيَضُ والأَحْمَرُ؛ الأَبْيَضُ ما يأْتي فَجْأَةً ولم يكن قبله مرض يُغيِّر لونه، والأَحْمرُ الموتُ بالقَتْل لأَجل الدم.والبَيْضةُ: عِنَبٌ بالطائف أَبيض عظيم الحبّ. وبَيْضةُ الخِدْر: الجاريةُ لأَنها في خِدْرها مكنونة. والبَيْضةُ: بَيْضةُ الخُصْية. وبَيْضةُ العُقْر مَثَلٌ يضرب وذلك أَن تُغْصَبَ الجارية نَفْسها فتُقْتَضّ فتُجَرَّب ببَيْضةٍ، وتسمى تلك البَيْضةُ بَيْضةَ العُقْرِ. قال أَبو منصور: وقيل بَيْضةُ العُقْرِ بَيْضَة يَبِيضُها الديك مرة واحدة ثم لا يعود، يضْرب مثلاً لمن يصنع الصَّنِيعة ثم لا يعود لها. وبَيْضة البلَدِ: تَرِيكة النعامة. وبَيْضةُ البلد: السَّيِّدُ؛ عن ابن الأَعرابي، وقد يُذَمُّ ببَيْضة البلد؛ وأَنشد ثعلب في الذم للراعي يهجو ابن الرِّقاعِ العاملي:
لــــو كُنــــتَ مــــن أَحَـــدٍ يُهْجـــى هَجَـــوْتُكمُ،
يـــا ابـــن الرِّقـــاعِ، ولكــن لســتَ مــن أَحَــدِ

تَــــأْبى قُضــــاعةُ لـــم تَعْـــرِفْ لكـــم نَســـَباً
وابْنــــا نِــــزارٍ، فــــأَنْتُمْ بَيْضــــةُ البَلَـــدِ
أَرادَ أَنه لا نسب له ولا عشيرة تَحْمِيه؛ قال: وسئل ابن الأَعرابي عن ذلك فقال: إذا مُدِحَ بها فهي التي فيها الفَرْخ لأَن الظَّلِيم حينئذ يَصُونُها، وإِذا ذُمَّ بها فهي التي قد خرج الفَرْخُ منها ورَمى بها الظليمُ فداسَها الناسُ والإِبلُ. وقولهم: هو أَذَلُّ من بَيْضةِ البَلَدِ أَي من بَيْضَةِ النعام التي يتركها؛ وأَنشد كراع للمتلمس في موضع الذم وذكره أَبو حاتم في كتاب الأَضداد، وقال ابن بري الشعر لِصِنَّان بن عبَّاد اليشكري وهو:
لَمَّـــــا رأَى شـــــمطٌ حَوْضـــــِي لـــــه تَــــرَعٌ
علــــى الحِياضــــِ، أَتــــاني غيــــرَ ذي لَـــدَدِ

لـــو كـــان حَـــوْضَ حِمَـــارٍ مـــا شـــَرِبْت بهــ،
إِلاّ بـــــــإِذْنِ حِمـــــــارٍ آخــــــرَ الأَبَــــــدِ

لكنَّــــــه حَــــــوْضُ مَــــــنْ أَوْدَى بــــــإِخْوَتِه
رَيْــــبُ المَنُــــونِ، فأَمْســــَى بَيْضــــَةَ البَلَـــدِ
أَي أَمسى ذليلاً كهذه البَيْضة التي فارَقَها الفرخُ فرَمَى بها الظليم فدِيسَت فلا أَذَل منها. قال ابن بري: حِمَار في البيت اسم رجل وهو علقمة بن النعمان بن قيس بن عمرو بن ثعلبة، وشمطٌ هو شمط ابن قيس بن عمرو بن ثعلبة اليشكري، وكان أَوْرَدَ إِبِلَه حَوْضَ صِنَّان بن عبَّاد قائل هذا الشعر فغضب لذلك، وقال المرزوقي: حمار أَخوه وكان في حياته يتعزَّزُ به؛ ومثله قول الآخر يهجو حسان بن ثابت وفي التهذيب انه لحسان:
أَرى الجَلابِيــــبَ قـــد عَـــزُّوا، وقـــد كَثُـــروا،
وابــــنُ الفُرَيْعــــةِ أَمْســــَى بَيْضــــةَ البَلَـــدِ
قال أَبو منصور: هذا مدح. وابن فُرَيْعة: أَبوه وأَراد بالجلابيب سَفِلة الناس وغَثْراءَهم؛ قال أَبو منصور: وليس ما قاله أَبو حاتم بجيد، ومعنى قول حسان أَن سَفِلة الناس عزُّوا وكثروا بعد ذِلَّتِهِم وقلتهم، وابن فُرَيعة الذي كان ذا ثَرْوَةٍ وثَراءٍ قد أُخِّرَ عن قديمِ شَرَفِه وسُودَدِه، واسْتُبِدَّ بالأَمر دونه فهو بمنزلة بَيْضة البلد التي تَبِيضُها النعامة ثم تتركها بالفلاة فلا تَحْضُنها، فتبقى تَرِكةً بالفلاة.وروى أَبو عمرو عن أَبي العباس: العرب تقول للرجل الكريم: هو بَيْضة البلد يمدحونه، ويقولون للآخر: هو بَيْضة البلد يذُمُّونه، قال: فالممدوحُ يراد به البَيْضة التي تَصُونها النعامة وتُوَقِّيها الأَذَى لأَن فيها فَرْخَها فالممدوح من ههنا، فإِذا انْفَلَقت عن فَرْخِها رمى بها الظليمُ فتقع في البلد القَفْر فمن ههنا ذمّ الآخر. قال أَبو بكر في قولهم فلان بَيْضةُ البلد: هو من الأَضداد يكون مدحاً ويكون ذمّاً، فإِذا مُدِح الرجل فقيل هو بَيْضةُ البلد أُرِيدَ به واحدُ البلد الذي يُجْتَمع إِليه ويُقْبَل قولُه، وقيل فَرْدٌ ليس أَحد مثله في شرفه؛ وأَنشد أَبو العباس لامرأَة من بني عامر بن لُؤَيّ ترثي عمرو بن عبد وُدٍّ وتذكر قتل عليّ إِيَّاه:
لــــو كــــان قاتِـــلُ عَمـــرو غيـــرَ قـــاتله،
بَكَيْتُهــــ، مـــا أَقـــام الـــرُّوحُ فـــي جَســـَدي

لكـــــنَّ قـــــاتلَه مَـــــنْ لا يُعـــــابُ بهــــ،
وكـــــان يُــــدعَى قــــديماً بَيْضــــَةَ البَلَــــدِ

يــــا أُمَّ كُلْثُــــومَ، شــــُقِّي الجَيْــــبَ مُعْوِلَـــةً
علــــى أَبيكِــــ، فقــــد أَوْدَى إِلــــى الأَبَــــدِ

يــــــا أُمَّ كُلْثُــــــومَ، بَكِّيـــــهِ ولا تَســـــِمِي
بُكَـــــاءَ مُعْوِلَـــــةٍ حَـــــرَّى علـــــى ولـــــد
بَيْضةُ البلد: عليُّ بن أَبي طالب، سلام اللّه عليه، أَي أَنه فَرْدٌ ليس مثله في الشرف كالبَيْضةِ التي هي تَرِيكةٌ وحدها ليس معها غيرُها؛ وإِذا ذُمَّ الرجلُ فقيل هو بَيْضةُ البلدِ أَرادوا هو منفرد لا ناصر له بمنزلة بَيْضَةٍ قام عنها الظَّليمُ وتركها لا خير فيها ولا منفعة؛ قالت امرأَة تَرْثي بَنِينَ لها:
لَهْفِــــي عليهمــــ، لَقَــــدْ أَصــــْبَحْتُ بَعْــــدَهُمُ
كــــــثيرَة الهَــــــمِّ والأَحـــــزان والكَمَـــــدِ

قـــــد كُنْــــتُ قبــــل مَنايــــاهُمْ بمَغبَطَــــةٍ،
فصــــــِرْتُ مُفْــــــرَدَةً كبَيْضــــــَةِ البلــــــدِ.
وبَيْضَةُ السَّنام: شَحْمَته. وبَيْضَةُ الجَنِين: أَصله، وكلاهما على المثل. وبَيْضَة القوم: وسَطُهم. وبَيْضة القوم: ساحتهم؛ وقال لَقِيطٌ الإِيادِي:
يــــا قَــــوْمِ، بَيْضــــتَكُمْ لا تُفْضــــَحُنَّ بهــــا،
إِنِّــــي أَخــــاف عليهــــا الأَزْلَــــم الجَــــذَعا
يقول: احفظوا عُقْر داركم. والأَزْلَم الجَذَع: الدهر لأَنه لا يهرم أَبداً. ويقال منه: بِيضَ الحيُّ أُصِيبَت بَيْضَتُهم وأُخِذ كلُّ شيءٍ لهم، وبِضْناهم وابْتَضْناهم: فعلنا بهم ذلك. وبَيْضَةُ الدار: وسطها ومعظمها. وبَيْضَةُ الإِسلام: جماعتهم. وبَيْضَةُ القوم: أَصلهم. والبَيْضَةُ: أَصل القوم ومُجْتَمعُهم. يقال: أَتاهم العدو في بَيْضَتِهِمْ. وقوله في الحديث: ولا تُسَلِّطْ عليهم عَدُوّاً من غيرهم فيستبيح بَيْضَتَهم؛ يريد جماعتهم وأَصلهم أَي مُجْتمعهم وموضع سُلْطانهم ومُسْتَقَرَّ دعوتهم، أَراد عدوّاً يستأْصلهم ويُهْلِكهم جميعهم، قيل: أَراد إذا أُهْلِكَ أَصلُ البَيْضة كان هلاك كل ما فيها من طُعْمٍ أَو فَرْخ، وإِذا لم يُهْلَكْ أَصلُ البَيْضة ربما سلم بعضُ فِراخها، وقيل: أَراد بالبَيْضَة الخُوذَةَ فكأَنه شَبَّه مكان اجتماعهم والتِئامهم ببَيْضَة الحَدِيدِ؛ ومنه حديث الحديبية: ثم جئتَ بهم لبَيْضَتِك تَفُضُّها أَي أَصْلك وعشيرتك. وبَيْضَةُ كل شيء حَوْزَتُه.وباضُوهُمْ وابْتاضُوهُمْ: استأْصلوهم. ويقال: ابْتِيضَ القومُ إذا أُبِيحَتْ بَيْضَتُهم، وابْتاضُوهم أَي استأْصلوهم. وقد ابْتِيضَ القوم إذا اُخِذَتْ بَيْضَتُهم عَنْوَةً.أَبو زيد: يقال لوسط الدار بَيْضةٌ ولجماعة المسلمين بَيْضَةٌ ولوَرَمٍ في ركبة الدابة بَيْضَة. والبَيْضُ: وَرَمٌ يكون في يد الفرس مثل النُّفَخ والغُدَد؛ قال الأَصمعي: هو من العيوب الهَيِّنة. يقال: قد باضَتْ يدُ الفرس تَبِيضُ بَيْضاً. وبَيْضَةُ الصَّيْف: معظمه. وبَيْضَة الحرّ: شدته. وبَيْضَة القَيْظ: شدة حَرِّه؛ وقال الشماخ:
طَـــوَى ظِمْأَهَـــا فـــي بَيْضـــَة القَيْظِـــ، بعــدما
جَــــرَى فــــي عَنَــــانِ الشــــِّعْرَيَيْنِ الأَمــــاعِزُ
وباضَ الحَرُّ إذا اشتد. ابن بزرج: قال بعض العرب يكون على الماء بَيْضَاءُ القَيْظِ، وذلك من طلوع الدَّبَران إِلى طلوع سُهَيْل. قال أَبو منصور: والذي سمعته يكون على الماء حَمْراءُ القَيْظِ وحِمِرُّ القيظ. ابن شميل: أَفْرَخَ بَيْضَةُ القوم إذا ظهر مَكْتُومُ أَمْرِهم، وأَفرخت البَيْضَةُ إذا صار فيها فَرْخٌ.وباضَ السحابُ إذا أَمْطَر؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
بـــــاضَ النَّعَـــــامُ بـــــه فنَفَّــــرَ أَهلَهُــــ،
إِلا المُقِيـــــمَ علـــــى الـــــدَّوا المُتـــــأَفِّنِ
قال: أَراد مطراً وقع بِنَوْءِ النَّعَائم، يقول: إذا وقع هذا المطر هَرَبَ العُقلاء وأَقام الأَحمق. قال ابن بري: هذا الشاعر وصف وَادِياً أَصابه المطر فأَعْشَب، والنَّعَامُ ههنا: النعائمُ من النجوم، وإِنما تُمْطِرُ النَّعَائمُ في القيظ فينبت في أُصول الحَلِيِّ نبْتٌ يقال له النَّشْر، وهو سُمٌّ إذا أَكله المال مَوَّت، ومعنى باضَ أَمْطَرَ، والدَّوا بمعنى الداء، وأَراد بالمُقِيم المقيمَ به على خَطر أَن يموت، والمُتَأَفِّنُ: المُتَنَقِّص. والأَفَن: النَّقْصُ؛ قال: هكذا فسره المُهَلَّبِيّ في باب المقصور لابن ولاَّد في باب الدال؛ قال ابن بري: ويحتمل عندي أَن يكون الدَّوا مقصوراً من الدواء، يقول: يَفِرُّ أَهلُ هذا الوادي إِلا المقيمَ على المُداواة المُنَقِّصة لهذا المرض الذي أَصابَ الإِبلَ من رَعْيِ النَّشْرِ. وباضَت البُهْمَى إذا سَقَطَ نِصالُها. وباضَت الأَرض: اصفرت خُضرتُها ونَفَضتِ الثمرة وأَيبست، وقيل: باضَت أَخْرجَتْ ما فيها من النبات، وقد باضَ: اشتدَّ.وبَيَّضَ الإِناءَ والسِّقاء: مَلأَه. ويقال: بَيَّضْت الإِناءَ إذا فرَّغْتَه، وبَيَّضْته إذا مَلأْته، وهو من الأَضداد.والبَيْضاء: اسم جبل. وفي الحديث في صفة أَهل النار: فَخِذُ الكافر في النار مثْل البَيْضاء؛ قيل: هو اسم جبل. والأَبْيَضُ: السيف، والجمع البِيضُ.والمُبَيِّضةُ، بكسر الياء: فرقة من الثَّنَوِيَّة وهم أَصحاب المُقَنَّع، سُمُّوا بذلك لتَبْيِيضهم ثيابهم خلافاً للمُسَوِّدَة من أَصحاب الدولة العبّاسية. وفي الحديث: فنظرنا فإِذا برسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وأَصحابه مُبَيِّضين، بتشديد الياء وكسرها، أَي لابسين ثياباً بيضاً.يقال: هم المُبَيِّضةُ والمُسَوِّدَة، بالكسر؛ ومنه حديث توبة كعب بن مالك: فرأَى رجلاً مُبَيِّضاً يزول به السرابُ، قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكون مُبْيَضّاً، بسكون الباء وتشديد الضاد، من البياض أَيضاً.وبِيضَة، بكسر الباء: اسم بلدة. وابن بَيْض: رجل، وقيل: ابن بِيضٍ، وقولهم: سَدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ، قال الأَصمعي: هو رجل كان في الزمن الأَول يقال له ابن بَيْضٍ عقرَ ناقَتَه على ثَنِيَّةٍ فسد بها الطريق ومنع الناسَ مِن سلوكِها؛ قال عمرو بن الأَسود الطهوي:
ســــَدَدْنا كمــــا ســـَدَّ ابـــنُ بيـــضٍ طَرِيقَهـــ،
فلـــــم يَجِــــدوا عنــــد الثَّنِيَّــــةِ مَطْلَعــــا
قال: ومثله قول بَسّامة بن حَزْن:
كثـــــوبِ ابـــــن بيـــــضٍ وقـــــاهُمْ بهـــــ،
فســــــَدَّ علــــــى الســــــّالِكينَ الســـــَّبِيلا
وحمزة بن بِيضٍ: شاعر معروف، وذكر النضر بن شميل أَنه دخل على المأْمون وذكر أَنه جَرى بينه وبينه كلام في حديث عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، فلما فرغ من الحديث قال: يا نَضْرُ، أَنْشِدْني أَخْلَبَ بيت قالته العرب، فأَنشدته أَبيات حمزة بن بِيضٍ في الحكَم بن أَبي العاص:
تقــــــولُ ليــــــ، والعُيــــــونُ هاجِعــــــةٌ:
أَقِـــــمْ عَلَيْنـــــا يَوْمـــــاً، فلـــــم أُقِــــم

أَيَّ الوُجــــــوهِ انْتَجَعْتَـــــ؟ قلـــــتُ لهـــــا:
وأَيُّ وَجْـــــــــهٍ إِلا إِلـــــــــى الحَكَـــــــــم

مـــــــتى يَقُـــــــلْ صــــــاحِبا ســــــُرادِقِه:
هـــــذا ابـــــنُ بِيــــضٍ بالبــــاب، يَبْتَســــِمِ
رأَيت في حاشية على كتاب أَمالي ابن بري بخط الفاضل رضي الدين الشاطبي، رحمه اللّه، قال: حمزة بن بِيضٍ، بكسر الباء لا غير. قال: وأَما قولهم سدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ فقال الميداني في أَمثاله: ويروى ابن بِيضٍ، بكسر الباء، قال: وأَبو محمد، رحمه اللّه، حمل الفتح في بائه على فتح الباء في صاحب المثَل فعطَفَه عليه. قال: وفي شرح أَسماء الشعراء لأَبي عمر المطرّز حمزة بن بِيض قال الفراء: البِيضُ جمع أَبْيَض وبَيْضاء.والبُيَيْضَة: اسم ماء. والبِيضَتانِ والبَيْضَتان، بالكسر والفتح: موضع على طريق الشام من الكوفة؛ قال الأَخطل:
فهْــــوَ بهــــا ســــَيِّءٌ ظَنّــــاً، وليـــس لهـــ،
بالبَيْضــــــــَتَينِ ولا بالغَيْضـــــــِ، مُـــــــدَّخَرُ
ويروى بالبَيْضَتين. وذُو بِيضانَ: موضع؛ قال مزاحم:
كمــــا صــــاحَ، فــــي أَفْنـــانِ ضـــالٍ عَشـــِيَّةً
بأَســــــفلِ ذِي بِيضـــــانَ، جُـــــونُ الأَخـــــاطِبِ
وأَما بيت جرير:
قَعِيــــدَ كمـــا اللّـــهَ الـــذي أَنْتُمـــا لهـــ،
أَلـــــم تَســـــْمَعا بالبَيْضــــَتَينِ المُنادِيــــا؟
فقال ابن حبيب: البِيضَة، بالكسر، بالحَزْن لبني يربوع، والبَيْضَة، بالفتح، بالصَّمّان لبني دارم. وقال أَبو سعيد: يقال لما بين العُذَيْب والعقَبة بَيْضة، قال: وبعد البَيْضة البَسِيطةُ. وبَيْضاء بني جَذِيمة: في حدود الخطّ بالبحرين كانت لعبد القيس وفيها نخيل كثيرة وأَحْساءٌ عَذْبة وقصورٌ جَمَّة، قال: وقد أَقَمْتُ بها مع القَرامِطة قَيْظة. ابن الأَعرابي: البَيْضة أَرض بالدَّوّ حفَروا بها حتى أَتتهم الريح من تحتهم فرفعتهم ولم يصِلُوا إِلى الماء. قال شمر: وقال غيره البَيْضة أَرض بَيْضاء لا نبات فيها، والسَّوْدة: أَرض بها نخيل؛ وقال رؤبة:
يَنْشـــــــَقُّ عــــــن الحَــــــزْنُ والبَرِّيتُــــــ،
والبِيضــــــــةُ البَيْضــــــــاء والخُبُــــــــوتُ
كتبه شمر بكسر الباء ثم حكى ما قاله ابن الأَعرابي.

المعجم: 

لسان العرب