المعنى:
أنْ، خفيفة: نصف اسم وتمامه بفِعْل، كقولك: أُحِبُّ أن ألقاك، أي: أحبّ لِقاءَكَ، فصار أن وألقاك في الميزان اسماً واحداً.وإنْ، خفيفة: حرف مَجازاةٍ في الشَّرط.. وجحود بمنزلة ما، كقولك: إنْ لَقيتُ ذاك، أي: ما لقيت.وإنّ وأنّ ثقيلة، مكسورة الألف ومفتوحة الألف، وهي تنصب الأسماء، فإِذا كانت مبتدأ ليس قبلها شيء يعتمد عليه، أو كانت مستأنفة بعد كلام قد تمّ ومضى، فأتيتَ بها لأمرٍ يعتمدُ عليها كسرتَ الألف، وفيما سوى ذلك تَنْصِبُ أَلِفَها.وإذا وقعتْ على الأَسْماء والصّفات فهي مشدّدة، وإذا وقعت على اسمٍ أو فعلٍ لا يتمكّن في صِفةٍ، أو تَصريفٍ فخفّفْها، تقول: بلغني أن قد كان كذا يخفّف مِنْ أَجْلِ كان لأنّها فِعْل، ولولا قد لم يَحْسُنْ على حالٍ مع الفعل حتّى تعتمد على ما، أو على الهاء في قولك: إِنّما كان زيد غائباً.. ل كذلك بلغني أنّه كان كذا فشدّدها إذا اعتمدت على اسم.ومن ذلك: قولك: إنْ ربّ رجلٍ: فإِذا اعتمدت قلت: إنّه ربّ رجلٍ ونحو ذلك، وهي في الصّفاتِ مشدّدة، فيكون اعتمادُها على ما بعدَ الصّفات، إنّ لك، وإنّ فيها، وإن بك وأشباهها.وللعَرَب في إنّ لغتان: التّخفيف والتّثقيل، فأمّا من خفّف فإِنّه يَرْفَعُ بها، إلاّ أنّ ناساً من أهل الحجاز يُخَفِّفونَ، وينصبون على توهّم الثقيلة، وقُرِىءَ: "وإنْ كلاّ لما ليُوَفينَّهم" خفّفوا ونصبوا كلاًّ.وأمّا إنّ هذان لساحران فَمَنْ خفّف فهو بلغة الذين يخفِّفون ويرفعون، فذلك وَجْهٌ، ومنهم مَنْ يجعل اللاّم في موضع إلاّ، ويجعل إنْ جَحْداً، على تفسير: ما هذان إلاّ ساحرانِ، وقال الشّاعر:
أَمْســَى أبــانُ ذليلاً بَعْــدَ عزّتـه
وإن أبـــانُ لَمِــنْ أَعْلاجِ ســُوراءِ
ويقال: تكون إنّ في مَوْضع أَجَلْ فيكسِرونَ ويثقلون، فإِذا وقفوا في هذا المعنى قالوا: إنّهْ.. تكون الهاء صلةً في الوقوف، وتَسْقط الهاء إذا صرفوا... وبلغنا عن عبدِ اللَّه بنِ الزُّبَيْر أن أعرابيّاً أتاه فسأله فحرمه، فقال: لعن اللَّه ناقةً حملتني إليك، فقال ابنُ الزُّبير: إنّ وراكِبَها، أي: أَجَلْ.فأمّا تميم فإِنّهم يَجْعلونَ ألِفَ كلّ أنّ وأَنْ، منصوبة، من المُثَقَّل والمُخَفَّف: عيناً، كقولك: أريد عَنْ أُكَلِّمك، وبلغني عنّك مقيم.وأنّ الرّجل يَئنُّ: من الأنين، قال:
تَشْكو الخِشاشَ ومَجْرَى النِّسعتَيْنِ كما
أَنَّ المَرِيـضُ إلـى عُـوّاده، الوَصـِبُ
ورَجُلٌ أُنَنةٌ: كثير الكَلامِ والبثِ والشَّكْوَى، وهو البليغُ القَوّالةُ، والجميع، الأُنَن، ولا يشتق منه فِعْلٌ.ومن الأنين يُقالُ: أَنَّ يَئِنُّ أنيناً، وأنّاً وأنّةً، وإذا أمرت قلت: اينَنْ لأن الهمزتين إذا التقتا فسكنتِ الأخيرة اجتمعوا على تليينها.ويقال للمرأة: إنّي، كما يُقالُ للرَّجُلِ: اقْرِرْ، وللمرأة قرّي.وإنّما يُقاس حرف التّضعيف على الحَرَكةِ والسُّكون بالأمثلة من الفِعْل فحيثما سكنت لام الفعل فأَظْهِرْ حرفي التَّضْعيف على ميزان ما كان في مثاله، نحو قولك للرّجل في الأمر: افْعَلْ مجزومة اللاّم، فتقول في باب التَّضْعيف: اغضضْ واقررْ وامْدُدْ، فإِذا تَحَرّكتْ لام الفعل فمثال ذلك من التّضعيف مُدْغم الحرفين، يقال للمرأة: افّعَلِي فتحرّكَتِ اللاّم قلت: غُضِّي وقَرّي وإنّي وجِدِّي فهذا قياس المجزوم كلّه في باب التّضعيف، لذلك قلت: اينَنْ.
