المعجم العربي الجامع
دمشق
المعنى: ـ دِمِشْقُ، كحِضَجْرٍ، وقد تُكْسَرُ مِيمُه: قاعِدَةُ الشَّأْمِ، سُمِّيَتْ ببانيها دِمْشاقَ بنِ كَنْعانَ، أو دامَشْقَيوسَ. ـ ودِمَشْقينُ، كفِلَسْطِينَ: ة بمِصْر. ـ وناقةٌ وجَمَلٌ ورجُلٌ دَمْشَقٌ، كجعفرٍ وحِضَجْرٍ وزِبْرِجٍ وعُلابِطٍ: سريعةٌ. ـ ورجُلٌ دَمْشَقُ اليَدينِ: سريعُ العَمَلِ بهما. ـ ودَمْشِقوا الأمرَ: ائْتوهُ بالعَجَلَةِ. ـ والمُدَمْشَقُ: المُصَهَّبُ من الشِّواءِ.
المعجم: القاموس المحيط هل
المعنى: ـ هَلْ: كَلِمَةُ اسْتِفْهامٍ، تكونُ بِمَنْزِلَةِ أمْ وبَلْ وقد، وتكونُ بمعنَى الجَزاءِ والجَحْدِ والأَمْرِ، وقد أُدْخِلَتْ عليها ألْ، قيلَ لأبي الرُّقَيْشِ: هَلْ لكَ في زُبْدٍ وتَمْرٍ؟ فقالَ: ـ أشَدُّ الهَلِّ، ثَقَّلَهُ ليُكَمِّلَ عَدَدَ حُروفِ الأُصولِ. ـ وألْ: لُغَةٌ في هَلْ، وتَصغيرُهُ هُلَيْلٌ وهُلَيَّةٌ وهُلَيٌّ. ـ وهَلاَّ: كلِمةُ تَحْضيضٍ مُرَكَّبَةٌ من هَلْ ولا. ـ وحَيَّ هَلا الثَّريدَ، أي: هَلُمَّ. ـ وحَيَّ هَلا الصلاةَ، أي: ائْتُوها. ـ وحَيَّ هَلَكَ، أي: هَلُمَّ وتَعالَ. ـ وهَلاً وهالٍ: زَجْرانَ للِخَيلِ، أي: اقْرُبي.
المعجم: القاموس المحيط أَوَى
المعنى: الجُرحُ ـِ أُوِيّاً: قرب بُرُؤه. وـ له وإليه أَوْياً، ومَأْوِيَةً، ومَأْوَاةً: رقَّ له ورحمه. وـ عن كذا: تَرَكَهُ. وـ المكانَ، وإليه أُوِيّاً: نزله. يقال: أنا آوِي إلى ظلالك أُويّاً. وـ إليه: عاد. وـ لجأَ. وـ فلاناً: أنزله عنده، أو نزل هو عنده.؛آوى الجرحُ إيوَاءً: أَوَى. وـ فلاناً: أسكنه وأنزله. يقال: اللهم آوني إلى ظِلّ كرمك وعفوك.؛أوَّى إلى المكان: أوى. وـ فلاناً: آوَاهُ.؛ائْتَوَى إليه: عاذ. وـ لجأَ. وـ لفلان: رحمه ورقّ له. والمكانَ: نزله.؛تَآوَوْا: أَوَى بعضهم إلى بعض. يقال: تأَلَّبوا عليّ وتَآوَوْا.؛تَأَوَّى الجُرْح: أَوَى. وـ الناسُ أو الطيرُ: تجمَّعت. وـ المكانَ وإليه: أَوَى.؛استأْوَى فلاناً: استرحمه.؛المأْوَى: الذي يُؤْوَى إليه، يقال: فلان مَأْوَى المحاويج. (ج) مَآوٍ.؛ابن آوَى: حَيَوان من الفصيلة الكلبية، وهو أصغر حجماً من الذئب (ج) بَنات آوى، وبنو آوَى.
المعجم: الوسيط دمشق
المعنى: دمشق دِمَشْقُ، كحِضَجْرٍ، وَقد تُكْسَر مِيمُه كَمَا هُوَ المَشْهوُر على الألْسِنَةِ: قاعِدَةُ الشّام وَفِي الصِّحاح: قَصَبَة الشّام، وَفِي التَّهْذِيبِ: اسمُ جُنْدٍ من أَجْنادِ الشّام سُمّيَتْ ببانِيها دِمْشاقَ ابنِ كَنْعانَ بنِ سَام، وَهُوَ أَخُو حَماةَ وحِمْصَ، وأرواد وأَرودى وطَرابُلُسَ وصَيْدونَ أَو اسْمُه دامَشْقَيُوس وَفِيه اخْتِلافٌ، ويُقالُ: دِمَشْق بن قاني ابْن مالِكِ بنِ أرْفِخْشَذ، وَقيل: دِمَشق ابنُ نُمرُوذَ بنِ كَنْعانَ، كَانَ مَعَ إِبراهِيمَ عَلَيْهِ السّلامُ، وَقيل: دماشق بن قانِي ابْن مالِك، وقِيلَ: بل بَناها بيوراسف المَلِك، وقِيلَ: وُلِدَ إِبراهِيمُ عَلَيْهِ السّلامُ على رأسِ ثَلاثَةِ آلافٍ ومائةٍ وَخَمْسِينَ سنَة، وَذَلِكَ بعدَ بُنْيانِ دِمَشقَ بخمسينَ سَنةً، وقالَ ابنُ خَرْداذْبَةَ: هِيَ إِرَمُ ذاتُ العِمادِ، وكانَتْ دارَ نُوح عليهِ السَّلامُ، وقالَ اليَعْقُوبِيًّ: هِيَ مَدِينَةُ الشّام فِي الجاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَام، افْتُتِحَتْ فِي خِلافَةِ عُمَرَرضِيَ اللهُ عَنهُ، سنةَ أَرْبعَ عَشْرَةَ، وَبهَا المَسْجِدُ الذِي مَا أُسِّسَ فِي الإسْلام مثلُه بالرخام والذَّهَبِ، بناه الوَلِيَدُ بنُ عبدِ المَلِكَ فِي خلافَتِه، وحَكَى أَبو عُبَيْد الهَرَوِيًّ أنَّ الأرْضَ المُقَدَّسَةَ هِيَ دِمَشْق وفِلَسْطِين، قالَ الوَلِيدُ بنُ عُقْبَةَ: (قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّحِرِ المُعَنَّى ... تُّهَدِّرُ فِي دِمَشْقَ وَمَا تَرِيمُ) وَللَّه دَرُّ أَبي الوَحْشِ سَبُعِ بنِ خَلَف الأسدِي حيثُ يَقولُ:) (سَقَى دِمَشْقَ الشّام غَيْثٌ مُمْرِعٌ ... مُستَهِل دِيمَةً دَفّاقِها) (مَدِينَةٌ ليسَ يُضاهَى حُسْنُها ... فِي سائِرِ الدُّنيا وَلَا آفاقِها) (تَوَدُّ زَوْراءُ العِراقٍ أَنَّها ... تُعْزى إلَيها لَا إِلَى عِراقِها) (فأرْضُها مِثْل السَّماءَ بَهْجَةً ... وزَهْرُها كالزُّهْرِ فِي إِشْراقِها) (نَسيمُ رَيَّا رَوْضِها مَتَى سَرَى ... فَكَّ أَخا الهُموم من وِثاقِها) (قد رَبَعَ الرَّبِيع فِي رُبُوعِها ... وسِيقَت الدُّنيا إِلى أَسْواقِها) (لَا تَسْأمُ العُيُونُ والأُنُوفُ مِنْ ... رُؤْيَتِها يَوْمًا وَلَا انْتِشاقِها) ودِمَشْقِين كفِلَسْطِينَ: ة، بمِصْرَ نَقَله الصاغانِيُّ. وناقَةٌ، وجَمَلٌ، ورَجُلٌ دَمْشَقٌ، كجَعْفَرٍ وحِضَجْرٍ، وزِبْرِجٍ، وعُلابِطٍ أَي: سَرِيعَة جِداً، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للزفَيانِ: ومَنْهَلٍ طام عليهِ الغَلْفَقُ ينُيرُ أَو يُسْدِى بهِ الخَدَرْنَقُ ورَدْتُه واللَّيْلُ داجٍ أبْلَقُ وصاحِبي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَق كأنّها بعدَ الكَلالِ زَوْرَقُ وَقَالَ الأزْهَرِيُّ فِي ترجَمة دشق: جَمَلٌ دوْشَقٌ: إِذا كانَ ضَخْماً، فإنْ كانَ سَرِيعاً فَهُوَ دَمْشَق. ورَجُلٌ دَمْشَقُ اليَدَيْنِ أَي: سَريعُ العَمَلِ بِهِا وَقد دَمْشَقَ عَمَلَه: إِذا أسْرَع فيهِ، وَكَذَا دَمْشَقَ فِي الشيْء. ويُقال: دَمْشِقُوا الأمْرَ أَي: ائْتُوه بالعَجَلَة عَن أبِي عَمْروٍ، وأنشَدَ الجَوْهَرِيُّ للزَّفَيانِ: وصاحِبِي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَقُ قِيلَ: وَمِنْه أُخذَ دِمَشْق: اسمُ المَدِينَةِ، قيلَ: فدَمْشِقُوها، أَي: ابْنُوها بالعَجَلَةِ. وقالَ ابنُ عَبّادٍ: المُدَمْشَقُ هُوَ المُضَهَّبُ من الشِّواءَ. وَمِمَّا يُسْتَدرَكُ عَلَيْهِ: دَمْشَقَ الشَّيْءَ: إِذا زَيَّنَهُ، قالَ أَبُو نُخَيْلَةَ: دُمْشِقَ ذاكَ الصَّخَرُ المُصَخَّرُ
المعجم: تاج العروس هـل
المعنى: هـل (} هَلْ: كَلِمَةُ اسْتِفْهَام) ، قَالَ ابْنُ سِيْدَه: هَذَا هُوَ المَعْرُوف، قَالَ: و (تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أَمْ) للاسْتِفْهام، (و) تكون بِمَنْزِلة (بَلْ، و) تَكُونُ بِمَنْزِلَة (قَدْ) كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَوْم نقُول لِجَهَنَّم {هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد} قَالُوا: مَعْنَاهُ قَد امْتَلَأت، قَالَ ابْن جِنِّي هَذَا تَفْسيرٌ عَلى المَعْنَى دُونَ اللَّفْظ، وَهَل مُبْقاةٌ عَلى اسْتِفهامِها. وَقَوْلها هَلْ مِنْ مَزِيْدٍ، أَي: أَتَعْلَمُ يَا رَبّنا أَنَّ عِنْدي مَزِيدًا، فَجوابُ هَذَا مِنْهُ عَزَّ اسْمُه؛ لَا، أَي: فَكَما تَعْلَمُ أَنْ لَا مَزِيْدَ فَحَسْبِي مَا عِنْدِي. وَفِي العُباب: قَالَ أَبُو عُبَيْدة فِي قَوْلِه تَعَالَى: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} قَالَ: مَعْنَاهُ: قَد أَتَى. قُلتُ وَرَوَاهُ الأَزْهَرِيّ عَن الفَرّاء أَيْضًا مِثل ذلِكَ كَما سَيَأْتي. (وَتَكُونُ بِمَعْنَى الجَزاءِ، و) تَكُونُ بِمَعْنَى (الجَحْدِ، و) تَكُونُ بِمَعْنى (الأَمْرِ) . قَالَ الفَرّاءُ: سَمِعْتُ أَعْرابِيًّا يَقُولُ: هَلْ أَنْتَ سَاكِتٌ بِمَعْنى اسْكُتْ. قَالَ ابْن سِيْدَه: هَذَا كلّه قولُ ثَعْلَب وَرِوايتُه. قُلْتُ: قَالَ الكسائِيُّ: وَمِنَ الأَمْرِ قَوْله تَعَالَى {} فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} أَي: انْتَهُوا. وَقَالَ الأَزْهَرِي: قَالَ الفَرَّاءُ: هَلْ قَد تَكُون جَحْدًا وَتَكون خَبَرًا، قَالَ: وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان} أَي: قَدْ أَتَى، مَعْناهُ الخَبَر، قَالَ: والجَحْدُ أَنْ تَقُولُ:! وَهَلْ أَحَدٌ يَقْدِرُ عَلى مِثْلِ هَذَا؟ قَالَ: وَمِن الخَبَر قَوْلُكَ لِلْرَّجُل: هَلْ وَعَظْتُكَ هَل أَعْطَيْتُكَ، تُقَرِّره بِأَنَّكَ قَدْ وَعَظْتَهُ وَأَعْطَيْتَهُ. قَالَ الفَرّاء: وَقَالَ الكِسائِيّ: " هَلْ " تَأْتِي اسْتِفهامًا وَهُو بَابُها، وَتَأْتِي جَحْدًا مِثْل قَوْله: (أَلَا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدائمِ ... ) مَعْنَاهُ: أَلَا مَا أَخُو عَيْشٍ. وَفِي العُباب: وَقَدْ تَكُونُ هَلْ بِمَعْنى " مَا "، قَالَت ابْنَةُ الحُمارِس: (هَلْ هِيَ إِلَّا حِظَةٌ أَوْ تَطْلِيقْ ... ) أَيْ: مَا هِيَ، فَلِهَذا دَخَلَتْ إِلَّا، انْتَهى. وَقَالَ الكِسائِي: وَتَأْتِي شَرْطاً، وتَأْتي تَوْبيخاً، وتَأْتي أَمْراً، وتَأءتي تَنْبِيهًا. (وَقَدْ أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا أَلْ) فَتكون اسْما مُعْرَباً، وَقد (قيل لِأبِي الدُّقَيْش) الأَعْرابِيّ، وَقَد قِيْلَ لأِبِي الدُّقَيْش) الأَعْرابِيّ، القَائِلُ هُو الخَلِيْل: (هَلْ لَكَ فِي) ثَرِيْدَة كَأَنَّ وَدَكَها عُيُونُ الضَّياوِن؟ هذِهِ حِكَايَة الجَوْهَرِيّ عَن الخَليل، قَالَ ابْنُ بَرِّي: قَالَ ابْنُ حَمْزَة: رَوَى أَهْلُ الضَّبْطِ عَن الخَليل أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي الدُّقَيْش أَوْ غَيْرِه: هَلْ لَكَ فِي (تَمْرٍ وَزُبْدٍ؟ . فَقالَ أَشَدُّ {الهَلِّ) وَأَوْحَاهُ، وَفِي رِوَايَة، أَنَّهُ قَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ فِي الرُّطَبِ؟ قَالَ: أَسْرَع} هَلٍّ وَأَوْحاهُ، انْتَهَى. فَجَعَلَهُ أَبُو الدُّقَيْش اسْما كَمَا تَرَى وَعَرَّفَهُ بِالأَلِف واللَّام، وَزادَ فِي الاحْتِياط بِأَنْ (ثَقَّلَهُ) وَشَدَّدَهُ غَير مُضْطَرٍّ (لِيُكَمِّلَ عَدَدَ حُرُوفِ الأُصُولِ) وَهِيَ الثَلَاثَة، وَسَمِعَهُ أَبُو نُواسٍ فَتَلاهُ فَقَالَ لِلْفَضْلِ ابْن الرَّبِيع: (هَلْ لَكَ! والهَلُّ خِيَرْ ... ) (فِيمَنْ إِذا غِبْتَ حَضَرْ ... ) وَيُقالُ: كُلّ حَرْف أَداة إِذا جَعَلْت فيهِ أَلِفًا ولَامًا صَار اسْمًا فَقَوِيَ وَثُقِّلَ كَقَوْلِه: (إِنَّ لَيْتًا وَإِنَّ لَوًّا عَناءُ ... ) قَالَ الخَلِيلُ: إِذَا جَاءَت الحُرُوف الَّليَّنَةُ فِي كَلِمَةٍ نَحْوَ " لَوْ " وَأَشْباهها ثُقِّلَت؛ لِأَنَّ الحَرْفَ الَّليَّنَ خَوّار أَجْوَف لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَشْوٍ يُقَوَّى بِهِ إِذَا جُعِلَ اسْمًا، قَالَ: والحُرُوفُ الصِّحاح القَوِيَّة مُسْتَغْنِية بِجُرُوسها لَا تَحْتَاج إِلى حَشْو فَتُتْرَك عَلى حَالِها، وَأَنْشَدَ ابْنُ حَمْزَة لِشَبِيبِ بنِ عَمْرٍ والطّائِيّ: (هَلْ لَكَ اَنْ تَدْخُلَ فِي جَهَنَّمِ ... ) (قُلْتُ لَها لَا والجَلِيْلِ الأَعْظَمِ ... ) (مَا لِىَ مِنْ {هَلٍّ وَلَا تَكَلُّمِ ... ) قَالَ الجَوْهَرِيّ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيت: وَإِذا قيلَ: هَلْ لَكَ فِي كَذا وَكَذا، قُلْتَ: لِي فِيهِ، أَوَ إِنَّ لِي فِيْهِ} هَلاًّ وَالتّأْويل: هَلْ لَكَ فِيْهِ حَاجَةٌ، فَحُذِفَت الحَاجَةُ لَمّا عُرِفَ المَعْنَى، وَحَذَف الرادُّ ذِكْرَ الحاجَةِ كَما حَذَفَها السّائِلُ. (وَأَلْ لُغَةٌ فِي هَلْ) ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ. (وَتَصْغِيْرُهُ) عَلَى مَا قَالَ ابْنُ السِّكِّيت عَلى ثَلاثَة أَوْجُه: ( {هُلَيْلٌ) كَأَنَّهُ كَانَ مُشَدّدًا فَخُفِّفَ، (} وَهُلَيَّةٌ) يُتَوَهَّم أَنّ مَا سَقَطَ مِن آخِرِه مِثْلُ أَوَّلِهِ كَمَا صَغَّرُوا حِرًا: حُرَيْحًا، ( {وَهُلَيٌّ) فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ النّاقِصَ يَاءٌ، وَهُو أَجْوَدُ الوُجُوه. (} وَهَلَّا: كَلِمَةُ تَحْضِيضٍ) وَلَوْمٍ، فَاللَّوْم عَلى مَا مَضَى مِنَ الزَّمان، والحَضُّ عَلى مَا يَأْتِي مِنَ الزَّمان، قَالَهُ الكسائِيّ؛ وَهِي (مُرَكَّبَةٌ مِنْ هَلْ وَلَا) . وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: " هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُها وَتُلاعِبُكَ " فَفيهِ حَثٌّ وَتَحْضيض وَاسْتِعْجال. (و) فِي الصِّحاح:! هَلَا مُخَفَّفة: اسْتِعْجالٌ وَحَثٌّ، يُقالُ: (حَيَّ هَلَا الثَّرِيْدَ أَي: هَلُمَّ) إِلَى الثَّريِد، فُتِحَتْ يَاؤُهُ لاجْتِماعِ السّاكِنَيْن، وَبُنِيَت حَيَّ مَعَ هَلْ اسْمًا وَاحِدًا مِثْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَسُمِّيَ بِهِ الفِعْلُ، وَيَسْتوي فيهِ الواحدُ والجَمْعُ والمُؤَنَّثُ. وَإِذَا وَقَفْتَ عَليهِ قُلْتَ حَيَّ هَلَا، والأَلِفُ لِبيانِ الحَرَكة، كَالهاءِ فِي قَوْله تَعالى: {كِتَابيه} و {حسابيه} ؛ لِأَنَّ الأَلِفَ مِنْ مَخْرَجِ الهاءِ. وَفِي الحَدِيث: " إِذا ذُكِرَ الصّالِحُونَ فَحَيَّ هَلَ بِعُمَرَ "، بِفَتح اللَّام مِثْل خَمْسَةَ عَشَرَ، وَمَعْنَاهُ: عَلَيْكَ بِعُمَرَ، وَادْعُ عُمَرَ، أَي: أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ هذِهِ الصِّفَة. وَيَجُوزُ فَحَيَّ هَلًا، بِالتَّنْوِين، يُجْعَلُ نَكِرَةً. وَأَمّا فَحَيّ هَلَا، بِلا تَنْوِينٍ فإِنَّما يَجُوز فِي الوَقْف، فَأَمّا فِي الإِدْراجِ فَإِنَّها لُغَةٌ رَدِيْئَة. وَأَمّا قَولُ لَبِيدٍ يَذْكُر صاحبًا لَهُ فِي السَّفَر كَانَ أَمَرَهُ بِالرَّحِيلِ: (يَتَمارَى فِي الَّذِي قُلْتُ لَهُ ... وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلِي حَيَّهَلْ) فَإِنَّما سَكَّنَهُ لِلْقافية، هَذَا كُلُّهُ نَصُّ الجَوْهَرِيِّ فِي الصِّحاح. وَقَالَ ابْنُ بَرِّي عِنْدَ قَوله: يُجْعَل نَكِرَةً قَالَ: وَقَد عَرَّفَت العَرَبُ {حَيَّهل، وَأَنْشَدَ فِيهِ ثَعْلَب: (وَقَدْ غَدَوْتُ قَبْلَ رَفْعِ} الحَيَّهَلْ ... ) (أَسُوقُ نَابَيْنِ وَنَابًا مِ الإِبِلْ ... ) وَقَالَ: {الحَيَّهَلْ: الأَذانُ، والنابانِ: العَجُوزان، قَالَ: وَقَدْ عُرِّفَ بِالِإضَافَة أَيْضًا فِي قَول الآخر: (وَهَيَّجَ الحَيَّ مِنْ دارٍ فَظَلَّ لَهُمْ ... يَوْمٌ كَثِيْرٌ تَنادِيْهِ} وَحَيَّهَلُهْ) قَالَ: وَأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ عَجُزَه فِي آخِرِ الفَصْل: " هَيّهاؤُه وَحَيَّهَلُه "، انْتَهَى. وَقَالَ الكِسّائِيُّ: فَإِذا زِدْتَ فِي " هَل " أَلِفًا كانَت بِمَعْنى التَّسْكِين، وَهُو مَعْنَى قَوْله: " إِذا ذُكِرَ الصّالِحُون فَحَيَّ هَلاَ بِعُمَرَ "، قَالَ: مَعْنَى حَيَّ: أَسْرع بِذِكْرِه، وَمَعْنَى " هَلَا " أَي: اسْكُن عِنْدَ ذِكْرِهِ حَتَّى تَنْقَضِي فَضائِلُهُ. قَالَ الجَوْهَرِيّ: (و) حَكَى سِيْبَوَيْه عَن أَبِي الخَطّاب أَنَّ بَعْضَ العَربَ يَقُول: (حَىَّ هَلَا الصَّلَاةَ) يَصِل " بِهَلَا " كَما يُوصَل " بِعَلَى " فَيُقَالُ حَيَّ عَلَى الصَّلاة، (أَي: ائْتُوهَا) وَأْقرَبُوا مِنْها، وَهَلُمُّوا إِلَيْها. قَالَ ابْنُ بَرِّيّ الَّذي حَكاهُ سِيْبَوَبْه عَن أَبِي الخَطّاب: حَيَّ هَلَ الصَّلَاةَ، بِنَصْب الصَّلاة لَا غَيْر، قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُم: حَيَّ هَلَ الثَّرِيْدَ، بِالنَّصْب لَا غَير. قَالَ الجَوْهَرِيّ: (و) رُبَّما أَلْحَقُوا بِهِ الكافَ فَقَالُوا (حَيَّ هَلَكَ) ، كَمَا يُقالُ رُوَيْدَكَ، وَالكاف لِلْخِطاب فَقَط، وَلَا مَوْضِعَ لَها مِنَ الِإعْراب؛ لِأَنَّها لَيْسَت باسْم، قَالَ أَبو عُبَيْدَة: وَسَمِعَ أَبو مَهْدِيَّةَ الأَعْرَابِيُّ رَجُلًا يَدْعُو بالفارسِيّة رَجُلًا يَقُولُ لَهُ: زُوذْ، فَقالَ: مَا يَقُولُ؟ قُلْنا يَقولُ عَجِّلْ فَقالَ: أَلَا يَقُولُ حَيَّ هَلَكَ، (أَي: هَلُمَّ وَتَعَالَ) . وَرَوَىَ الأَزْهَرِيّ عَن ثَعْلب أَنَّهُ قَالَ: حَيَّ هَل، أَي: أَقْبِل إِلَيَّ، وَرُبَّما حُذِفَ فَقِيل: هَلَاإِلَيَّ. قَالَ الجَوْهَرِيُّ: ( {وهَلًا} وَهالٍ: زَجْران لِلْخَيْلِ، أَي: اقْرُبِي) ، هكَذا فِي سائِر نُسَخ الصِّحاح، وَوَجَدْتُ فِي هامِشِهِ مَا نَصُّهُ: صوابُهُ " قِرِي "، مُخَفّفة، لِأَنَّها إِنَّما يُقالُ لَها تَسْكِينًا عِنْد اضْطِرابها. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الكسائِيِّ: فَإِذا زِدْتَ فِيهَا أَلِفًا كَانَتْ بِمَعْنَى التَّسْكِين، وَأَنْشَدَ: (وَأَيّ حَصانٍ لَا يُقالُ لَهُ! هَلَا ... ) أَي: اسْكُنِي لِلْزَّوْج، فَتَأَمَّل ذلِكّ.
المعجم: تاج العروس سعا
المعنى: ابن سيده: مَضَى سَعْوٌ من الليل وسِعْوٌ وسِعْواءُ وسُعْواءُ، ممدود، وسَعْوةٌ وسِعْوةٌ أَي قطعة. قال ابن بزرج: السِّعْواءُ مُذكَّر، وقال بعضهم: السِّعْواءُ فوقَ الساعَة من الليلِ، وكذلك السِّعْواءُ من النهار. ويقال: كُنَّا عندَه سِعْواتٍ من الليلوالنهارِ. ابن الأَعرابي: السِّعْوة الساعة من الليلِ، والأَسْعاءُ ساعاتُ الليل، والسَّعْو الشَّمَع في بعض اللغات، والسَّعْوة الشَّمعة. ويقال للمرأَة البَذِيَّة الجالِعةَ: سِعْوَةٌ وعِلْقَةٌ وسِلْقَةٌ. والسَّعْيُ: عدْوٌ دون الشَّدِّ، سَعَى يَسْعَى سَعْياً.وفي الحديث: إذا أَتيتم الصَّلاةَ فلا تَأْتُوها وأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ ولكن ائْتُوها وعَلَيكُمُ السَّكِينَة، فما أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وما فَاتَكُمْ فأَتِمُّوا؛ فالسَّعْيُ هنا العَدْوُ. سَعَى إذا عَدَا، وسَعَى إذا مَشَى، وسَعَى إذا عَمِلَ، وسَعَى إذا قَصَد، وإذا كان بمعنى المُضِيِّ عُدِّيَ بإلى، وإذا كان بمعنى العَمَل عُدِّي باللام. والسَّعيُ: القَصْدُ، وبذلك فُسِّرَ قوله تعالى: فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ الله؛ وليسَ من السَّعْي الذي هو العَدْوُ، وقرأَ ابن مسعود: فامْضُوا إلى ذِكْرِ اللهِ، وقال: لو كانَتْ من السَّعْي لَسَعَيْتُ حتّى يَسْقُط رِدَائِي. قال الزجاج: السَّعْيُ والذَّهابُ بمعنى واحدٍ لأَنّك تقولُ للرجل هو يَسْعَى في الأَرض، وليس هذا باشْتِدادٍ. وقال الزجاج: أَصلُ السَّعْيِ في كلام العرب التصرُّف فيكل عَمَلٍ؛ ومنه قوله تعالى: وأَنْ ليس للإنسانِ إلاَّ ما سَعَى؛ معناه إلاَّ مَا عَمِلَ. ومعنى قوله: فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ الله، فاقْصِدُوا.والسَّعْيُ: الكَسْبُ، وكلُّ عملٍ من خير أَو شرٍّ سَعْي، والفعلُ كالفِعْلِ. وفي التنزيل: لِتُجْزَى كلُّ نَفْسٍ بما تَسْعَى. وسَعَى لهم وعليهم:عَمِلَ لهم وكَسَبَ. وأَسْعَى غيرهَ: جَعَلَه يَسْعَى؛ وقد روي بيتُ أَبي خِراش: أَبْلِـغْ عَلِيّاً، أَطالَ اللهُ ذُلَّهُمُ، أَنَّ البُكَيْرَ الذي أَسْعَوْا به هَمَلُ أَسْعَوْا وأَشْعَوْا. وقوله تعالى: فلما بَلَغَ معَه السَّعْيَ؛ أَي أَدْرَك مَعَه العَمَل، وقال الفراء: أَطاقَ أَنْ يُعِينَه على عَمَله، قال: وكان إسمعيلُ يومئذٍ ابن ثلاث عشْرةَ سنةً؛ قال الزجاج: يقال إنه قد بَلَغ في ذلك الوقتِ ثلاث عشرة سنةً ولم يُسَمِّه. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه، في ذَمّ الدنيا: من ساعاها فاتَتْهُ أَي سابَقَها، وهي مُفاعَلَة من السَّعُيِ كأَنها تَسْعَى ذاهِبةً عنه وهو يَسْعَى مُجِدّاً في طَلَبِها فكلُّ منهما يطلُبُ الغَلَبة في السَّعْي. والسَّعاةُ:التَّصَرُّفُ، ونَظير السَّعاةِ في الكلامِ النَّجاة من نجَا ينجو، والفَلاةُ من فَلاهُ يَفْلُوه إذا قَطَعَه عن الرضاع، وعَصاهُ يَعْصُوه عَصاةً، والغَراةُ من قولك غَرِيتُ به أَي أُولِعْتُ به غَراةً، وفَعَلْت ذلك رَجاةَ كذا وكذا، وتَرَكْت الأَمرَ خَشاةَ الإثْمِ، وأَغْرَيْتُه إغْراءً وغَراةً، وأَذِيَ أَذىً وأَذَاةً، وغديت غدوة وغَداةً؛ حكى الأَزهري ذلك كلَّه عن خالد بن يزيد. والسَّعْيُ يكون في الصلاحِ ويكون في الفساد؛ قال الله عز وجل: إنما جزاءُ الذين يُحارِبون اللهَ ورسولَه ويَسْعَوْنَ في الأَرض فَساداً؛ نصبَ قوله فساداً لأَنه مفعولٌ له أَراد يَسْعَوْن في الأَرضِ للفساد، وكانت العرب تُسَمِّي أَصحابَ الحَمالاتِ لِحَقْنِ الدِّماءِ وإطْفاءِ النَّائِرةِ سُعاةً لسَعْيِهِم في صَلاحِ ذاتِ البَيْنِ؛ ومنه قول زهير: سَعَى ساعِيَا غَيظِ بنِ مُرَّةَ، بعدما تَبَـزَّلَ مـا بَيْنَ العَشيرَةِ بالدَّمِ أَي سَعَيَا في الصلحِ وجمعِ ما تَحَمَّلا من دِياتِ القَتْلى، والعرب تُسَمِّي مآثر أَهلِ الشَّرَف والفضل مَساعِيَ، واحدتُها مَسْعاةٌ لسَعْيِهِم فيها كأَنها مَكاسِبُهُم وأَعمالُهم التي أَعْنَوْا فيها أَنفسَهم، والسَّعاةُ اسمٌ من ذلك. ومن أَمثال العرب: شَغَلَتْ سَعاتي جَدْوايَ؛ قال أَبو عُبَيْد: يُضْرَب هذا مثلاً للرجل تكونُ شِيمَتُه الكَرَم غير أَنه مُعْدِمٌ، يقول: شَغَلَتْني أُمُوري عن الناسِ والإفْضالِ عليهم.والمَسْعاةُ: المَكْرُمَة والمَعْلاةُ في أَنْواعِ المَجْدِ والجُودِ.سَاعاهُ فسَعاهُ يَسْعِيهِ أي كان أَسْعَى منه. ومن أَمثالهم في هذا:بالساعِدِ تَبْطِشُ اليَدُ. وقال الأَزهري: كأَنه أَرادَ بالسَّعاةِ الكَسْبَ على نفسهِ والتَّصَرُّفَ في معاشهِ؛ ومنه قولُهم: المَرْءُ يَسْعى لِغارَيْه أَي يَكْسِبُ لبَطْنِهِ وفَرْجِهِ. ويقال لِعامِل الصَّدَقاتِ ساعٍ، وجَمْعُه سُعاةٌ. وسَعى المُصَدِّقُ يَسْعَى سِعايةً إذا عَمِلَ على الصَّدقاتِ وأَخذها من أَغْنِيائِها وردّها في فُقَرائِها. وسَعَى سِعايةً أَيضاً: مَشى لأَخْذِ الصدقة فقَبَضَها من المُصَدِّق. والسُّعاةُ:وُلاةُ الصدقة؛ قال عمرو بن العَدَّاء الكَلْبي: سَعَى عِقالاً فلَمْ يَتْرُكْ لنا سَبَداً، فكَيْفَ لَوْ قد سَعَى عَمْروٌ عِقالَينِ؟ وفي حديث وائل بن حُجْر: إنَّ وائِلاً يُسْتَسْعَى ويَتَرَفَّلُ على الأَقْوالِ أَي يُسْتَعْمَلُ على الصدقات ويَتَولَّى اسْتِخْراجَها من أَرْبابها، وبه سُمِّيَ عامِلُ الزكاةِ الساعِيَ. ومنه قولهُ:ولَتُدْرَكَنَّ القِلاصُ فلا يُسْعَى عليها أَي تُتْرَكُ زكاتُها فلا يكون لها ساعٍ.وسَعَى عليها: كعَمِل عليها. والساعي: الذي يقومُ بأَمرِ أَصحابهِ عند السُّلْطانِ، والجمعُ السُّعاةُ. قال: ويقال إنه ليَقوم أَهلَه أَي يقومُ بأَمرِهِم. ويقال: فلان يَسْعَى على عِياله أَي يَتَصَرَّف لهم، كما قال الشاعرْ: أَســْعَى عَلـى جُـلِّ بَنِـي مـالِكٍ، كُــلُّ امْــرِئ فـي شـَأْنهِ سـَاعِي وسَعَى به سِعايَةً إلى الوَالي: وَشَى. وفي حديث ابن عباس أَنَّه قال:السَّاعِي لغَيْرِ رِشْدَةٍ؛ أَراد بالسَّاعِي الذي يَسْعَى بصاحبه إلى سُلطانهِ فيَمْحَلُ به ليُؤْذِيَه أَي أَنَّه ليسَ ثابتَ النَّسَبِ من أَبيه الذي يَنْتَمِي إليه ولا هُوَ وَلَدُ حَلالٍ. وفي حديث كعب:السَّاعِي مُثَلِّثٌ؛ تأْويلُه أَنه يُهْلِك ثلاثةَ نَفَرٍ بسِعايتهِ: أَحَدُهم المَسْعِيُّ به، والثاني السُّلْطانُ الذي سَعَى بصاحبهِ إليه حتى أَهْلَكَه، والثالث هو السَّاعِي نفسهُ، سُمِّيَ مُثَلِّثاً لإهْلاكهِ ثلاثَةَ نَفَرٍ، ومما يُحَقّق ذلك الخبرُ الثابت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ، فالقَتَّاتُ والساعِي والماحِلُ واحدٌ.واسْتَسْعَى العبْدَ: كَلَّفَه من العَمَل ما يُؤَدِّي به عن نَفْسهِ إذا أُعْتِقَ بَعضهُ لِيعْتِقَ به ما بَقِيَ، والسِّعايَةُ ما كُلِّفَ من ذلِك. وسَعَى المُكاتَبُ في عِتْقِ رَقَبَتهِ سِعايَةً واسْتَسْعَيْت العَبْدَ في قِيمَته. وفي حديث العِتْقِ: إذا أُعْتِقَ بعضُ العَبْدِ فإن لم يَكُنْ له مالٌ اسْتُسْعِيَ غيرَ مَشْقُوقٍ عليه؛ اسْتِسْعاءُ العَبْدِ إذا عَتَقَ بَعْضهُ ورَقَّ بعضهُ هو أَنْ يَسْعَى في فَكاكِ ما بَقي من رِقِّه فيَعْمَلَ ويكسِبَ ويَصْرِفَ ثَمَنه إلى مولاه، فسُمِّي تصرُّفه في كَسْبه سِعايِةً، وغيرَ مَشْقوق عليه أَي لا يكلِّفهُ فوق طاقَتهِ؛ وقيل: معناه اسْتُسْعِيَ العبدُ لسَيّده أَي يَسْتَخْدِمُه مالِكُ باقِيه بقَدْرِ ما فيه من الرِّقِّ ولا يُحَمِّلُه ما لا يَقْدِرُ عليه. وقال الخطَّابي: قوله اسْتُسْعِيَ غيرَ مَشْقُوقٍ عليه لا يُثْبِتُه أَكثر أَهل النَّقْل مُسْنَداً عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ويزعمون أَنه من قول قتادة. وسَعَتِ الأَمَة: بَغَتْ. وسَاعَى الأَمَةَ: طَلَبَها لِلْبِغَاء، وعَمّ ثعلبٌ به الأَمة والحرّة؛ وأَنشد للأَعشى: ومِثْلِـكِ خَـوْدٍ بادِنٍ قد طَلَبْتُها، وسـاعَيْتُ مَعْصـِيّاً إليها وُشاتُها قال أَبو الهيثم: المُساعاةُ مُساعاةُ الأَمَة إذا ساعى بها مالِكُها فضَرَب عليها ضَريبَةً تُؤَدِّيها بالزِّنا، وقيل: لا تكون المُساعاةُ إلاَّ في الإماء، وخُصِّصْنَ بالمُساعاةِ دونَ الحرائِر لأَنُهنَّ كنَّ يَسْعَيْنَ على مَواليهِنَّ فيَكْسِبْنَ لهم بضَرائِب كانت عليهِنَّ.ونقول: زَنى الرجلُ وعَهَرَ، فهذا قد يكون بالحُرَّةِ والأَمَة، ولا تكون المُساعاةُ إلا في الإماءِ خاصَّة. وفي الحديث: إماءٌ ساعَيْنَ في الجاهِليَّةِ؛ وأُتِيَ عُمَرُ برجل ساعى أَمَةً. وفي الحديث: لا مُساعاةَ في الإسْلامِ، ومن ساعى في الجاهِلِيَّةِ فقد لَحِقَ بِعَصَبَتهِ؛ المُساعاةُ:الزِّنا. يقال: ساعَت الأَمَةُ إذا فَجَرَت، وساعاها فلان إذا فَجَرَ بها، وهو مُفاعَلَةٌ من السَّعْيِ، كأَنَّ كلّ واحد منهما يَسْعى لصاحِبه في حصول غَرَضهِ، فأَبْطَلَ الإسلامُ، شرَّفه الله، ذلِك ولم يُلْحِقِ النَّسبَ بها، وعَفا عَمَّا كان منها في الجاهلية ممن أُلحِقَ بها. وفي حديث عمرَ: أَنه أُتِيَ في نساءٍ أَو إماءٍ ساعَيْنَ في الجاهِلِيَّة فأَمَرَ بأَوْلادِهِنَّ أن يُقَوَّموا على آبائهم ولا يُسْتَرَقُّوا؛ معنى التقويم أَن تكون قيمَتُهم على الزانينَ لمِوالي الإماء ويكونوا أَحراراً لاحِقي الأَنْسابِ بآبائِهِم الزُّناةِ؛ وكانَ عُمَرُ، رضي الله عنه، يُلْحِقُ أَولادَ الجاهِليَّة بمن ادَّعاهُمْ في الإسْلامِ على شَرْطِ التَّقويم، وإذا كان الوَطْءُ والدَّعْوى جميعاً في الإسلام فدَعْواهُ باطِلَة والوَلَد مملوكٌ لأَنه عاهِرٌ؛ قال ابن الأَثير: وأَهلُ العلم من الأَئِمَّة على خلاف ذلك ولهذا أَنكروا بأَجمَعِهم على مُعاوية في استلحاقه زياداً، وكان الوَطْءُ في الجاهِلية والدَّعْوى في الإسلام. قال أَبو عبيد: أَخبرني الأَصمعي أَنه سَمِعَ ابن عَوْنٍ يَذكُر هذا الحديث فقال:إن المُساعاةَ لا تكونُ في الحَرائِرِ إنما تكون في الإماء؛ قال الأَزهري: من هُنا أُخِذ اسْتِسْعاءُ العَبْدِ إذا عَتَقَ بعضه ورَقَّ بَعْضُه، وذلك أَنه يَسْعى في فَكاكِ ما رَقَّ من رَقَبَتهِ فيعمَلُ فيه ويَتَصَرَّف في كسْبهِ حتى يَعْتِق، ويسمى تصرفه في كَسبه سعايَةً لأَنه يَعْمل فيه؛ ومنه يقال: اسْتُسُعِيَ العَبْدُ في رَقَبَتهِ وسُوعِيَ في غَلَّتهِ، فالمُسْتَسْعى الذي يُعْتِقُه مالكُه عند مَوْتهِ وليسَ له مالٌ غيرهُ فيَعْتِقُ ثُلُثُه ويُسْتَسْعى في ثُلُثَيْ رقبته، والمُساعاة: أن يُساعِيَه في حياتهِ في ضريبَتهِ.وساعي اليَهود والنَّصارى: هو رئيسُهُم الذي يَصْدرون عن رَأْيِهِ ولا يَقْضونَ أَمْراً دونَه، وهو الذي ذكَرَه حُذَيْفَةُ في الأَمانَةِ فقال:إن كان يَهودِيّاً أو نَصْرانِيّاً لَيَرُدّنَّهُ عَلَيَّ ساعيهِ، وقيل: أَراد بالسَّاعي الوالِيَ عليه من المُسْلِمينَ وهو العامِل، يقول يُنْصِفُني منه. وكلّ من وليَ أَمر قوم فهو ساعٍ عليهم، وأَكثر ما يُقال في وُلاةِ الصَّدَقة. يقال سَعى علَيها أَي عَمِلَ عَليها.وسَعْيَا، مقصور: اسم مَوْضع؛ أَنشد ابن بري لأُخْتِ عمروٍ ذي الكَلْب ترثيه من قصيدة أولها: كُـلُّ امْرئ بطوال العَيْشِ مَكْذوبُ، وكـلُّ مَـنْ غـالَبَ الأَيّـامَ مَغْلوبُ أَبْلِـغْ بَنـي كاهِلٍ عَنّي مُغَلْغَلَةً، والقَوْمُ من دونِهِم سَعْيَا ومَرْكُوبُ قال ابن جني: سَعْيَا من الشَّاذِّ عندي عن قياسِ نظائره وقياسه سَعْوى، وذلك أَن فَعْلى إذا كانت اسماً مما لامُه ياءٌ فإنَّ ياءَهُ تُقلَب واواً للفرق بين الاسم والصفة، وذلك نحو الشَّرْوَى والبَقْوى والتَّقْوى، فسَعْيَا إذا شاذَّةٌ في خُروجِها عن الأَصل كما شَذَّت القُصْوى وحُزْوى. وقولهم: خُذِ الحُلْوى وأَعْطِهِ المُرّى، على أَنه قد يجوز أَن يكون سَعْيَا فَعْلَلاً من سَعَيْت إلاَّ أَنَّه لم يَصْرِفه لأَنه علَّقه على المَوْضِع عَلَماً مؤنَّثاً. وسَعْيَا: لغةٌ في شَعْيَا. وهو اسمُ نَبِيٍّ من أَنبِياء بَني إسرائيل.
المعجم: لسان العرب أوا
المعنى: أَوَيْتُ مَنْزلي وإِلى منزلي أُوِيّاً وإِوِيّاً وأَوَّيْتُ وتأَوَّيْتُ وأْتَوَيْتُ، كله: عُدْتُ؛ قال لبيد: بصـــــــَبُوحِ صـــــــافِيةٍ وجَـــــــدْتُ كرِينَــــــةً بِمُـــــــوَتَّرٍ تَـــــــأْتَى لـــــــه إِبْهامُهـــــــا إِنما أَراد تَأْتَوِي له أَي تفتعل من أَوَيتُ إِليه أَي عُدْتُ، إِلا أَنه قلب الواو أَلفاً وحذفت الياء التي هي لام الفعل؛ وقول أَبي كبير: وعُراضــــــةُ الســــــِّيَتَيْنِ تُوبِــــــعَ بَرْيُهـــــا، تَـــــــأْوِي طَوائفُهـــــــا لعَجـــــــسٍ عَبْهَــــــرِ استعارَ الأُوِيّ للقِسِيّ، وإِنما ذلك للحيوان. وأَوَيْتُ الرجل إِليَّ وآوَيْتُه، فأَما أَبو عبيد فقال أَوَيْته وآوَيْتُه، وأَوَيْتُ إِلى فلان، مقصورٌ لا غير. الأَزهري: تقول العرب أَوَى فلانٌ إِلى منزله يَأْوِي أُوِيّاً، على فُعول، وإِواءً؛ ومنه قوله تعالى: قال سآوي إِلى جبل يعصمني من الماء. وآوَيْتُه أَنا إِيواءً، هذا الكلام الجيد. قال: ومن العرب من يقول أَوَيْتُ فلاناً إذا أَنزلته بك. وأَويْتُ الإِبل: بمعنى آوَيْتُها. أَو عبيد: يقال أَوَيْتُه، بالقصر، على فَعَلْته، وآوَيْتُه، بالمد، على أَفْعَلْته بمعنى واحد، وأَنكر أَبو الهيثم أَن تقول أَوَيْتُ، بقصر الأَلف، بمعنى آوَيْتُ، قال: ويقال أَوَيْتُ فلاناً بمعنى أَوَيْتُ إِليه. قال أَبو منصور: ولم يعرف أَبو الهيثم، رحمه الله، هذه اللغة، قال: وهي صحيحة، قال: وسمعت أَعرابيّاً فصيحاً من بني نُمَير كان استُرْعِيَ إِبلاً جُرْباً، فلما أَراحَها مَلَثَ الظَّلامِ نَحَّاها عن مَأْوَى الإِبلِ الصِّحاحِ ونادَى عريفَ الحيّ فقال: أَلا أَيْنَ آوِى هذه الإِبلَ المُوَقَّسَة؟ ولم يقل أُووِي. وفي حديث البَيْعة أَنه قال للأَنصار:أُبايعكم على أَن تُؤْوُوني وتنصروني أَي تضموني إِليكم وتَحُوطوني بينكم.يقال: أَوَى وآوَى بمعنى واحد، والمقصور منهما لازم ومتعدّ؛ ومنه قوله: لا قَطْع في ثَمَرٍ حتى يَأْوِيَهُ الجَرِينُ أَى يَضُمه البَيْدَرُ ويجمعه.وروى الرواةُ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا يَأْوِي الضالةَ إِلا ضالٌّ؛ قال الأَزهري: هكذا رواه فصحاء المحدّثين بالياء، قال: وهو عندي صحيح لا ارتياب فيه كما رواه أَبو عبيد عن أَصحابه؛ قال ابن الأَثير: هذا كله من أَوَى يَأْوي. يقال: أَوَيْتُ إِلى المنزل وأَوَيْتُ غيري وآويْتُه، وأَنكر بعضهم المقصور المتعدّي، وقال الأَزهري: هي لغة فصيحة؛ ومن المقصور اللازم الحديثُ الآخر: أَما أَحدُهم فأَوَى إِلى الله أَي رجع إِليه، ومن الممدود حديثُ الدعاء: الحمد لله الذي كفانا وآوانا؛ أَي ردَّنا إِلى مأْوىً لنا ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم، والمأْوَى: المنزلُ:وقال الأَزهري: سمعت الفصيحَ من بني كلاب يقول لمأْوَى الإِبلِ مَأْواة، بالهاء. الجوهري: مَأْوِي الإِبل، بكسر الواو، لغة في مَأْوَى الإِبل خاصة، وهو شاذ، وقد ذكر في مأْقي العين. وقال الفراء: ذكر لي أَنَّ بعض العرب يسمي مأْوَى الإِبل مأْوِي، بكسر الواو، قال: وهو نادر، لم يجئ في ذوات الياء والواو مَفْعِلٌ، بكسر العين، إِلا حرفين: مَأْقي العين، ومأْوِي الإِبل، وهما نادران، واللغة العالية فيهما مأْوى ومُوق وماقٌ، ويُجْمَع الآوي مثل العاوي أُوِيّاً بوزن عُوِيّاً؛ ومنه قول العجاج: فَخَــــــــــفَّ والجَنــــــــــادِلُ الثُّــــــــــوِيُّ، كمــــــــــا يُــــــــــداني الحِـــــــــدَأُ الأُوِيُّ شبه الأَثافي واجتماعَها بحدإِ انضمت بعضها إلى بعض. وقوله عز وجل:عندها جنة المأْوى؛ جاء في التفسير: أَنها جنة تصير إِليها أَرواح الشهداء.وأَوَّيْتُ الرجلَ كآوَيْته؛ قال الهذلي: قـــــــد حـــــــالَ دونَ دَريســــــَيْهِ مُؤَوِّيــــــةٌ مِســــــْعٌ، لهــــــا بِعضــــــاهِ الأَرضِ تَهْزيــــــزُ قال ابن سيده: هكذا رواه يعقوب، والصحيح مؤوِّبةٌ، وقد روى يعقوب مؤوّبة أَيضاً ثم قال: إِنها رواية أُخرى. والمَأْوى والمَأْواة: المكانُ، وهو المأْوِي. قال الجوهري: المَأْوَى كل مكان يأْوي إِليه شيء ليلاً أَو نهاراً. وجنة المأْوى: قيل جَنَّةُ المَبيت.وتَأَوَّت الطير تَأَوِّياً: تَجَمَّعَتْ بعضُها إِلى بعض، فهي مُتَأَوِّيَة ومُتَأَوِّياتٌ. قال أَبو منصور: ويجوز تَآوَتْ بوزن تَعاوَتْ على تَفاعَلَتْ. قال الجوهري: وهُنَّ أُوِيٌّ جمع آوٍ مثل باكٍ وبُكِيٍّ، واستعمله الحرثُ بن حِلِّزة في غير الطير فقال: فتَــــــــأَوَّتْ لــــــــه قَراضــــــــِبةٌ مـــــــن كــــــــلِّ حَيٍّــــــــ، كــــــــأَنَّهم أَلْقـــــــاءُ وطير أُوِيٌّ: مُتَأَوِّياتٌ كأَنه على حذف الزائد. قال أَبو منصور:وقرأْت في نوادر الأَعراب تَأَوَّى الجُرْحُ وأَوَى وتَآوَى وآوَى إذا تقارب للبرء. التهذيب: وروى ابن شميل عن العرب أَوَّيتُ بالخيل تَأْوِيَةً إذا دعوتها آوُوه لتَريعَ إِلى صَوْتِك؛ ومنه قول الشاعر: فــــــي حاضـــــِر لَجِـــــبٍ قـــــاسٍ صـــــَواهِلُهُ، يقـــــــال للخيــــــل فــــــي أَســــــْلافِه: آوُو قال أَبو منصور: وهو معروف من دعاء العرب خيلها، قال: وكنت في البادية مع غلام عربي يوماً من الأَيام في خيل نُنَدِّيها على الماء، وهي مُهَجِّرة تَرْوُدُ في جَناب الحِلَّة، فهبت ريح ذات إِعْصار وجَفَلَتِ الخيلُ وركبت رؤوسَها، فنادى رجل من بني مُضَرّس الغلام الذي كان معي وقال له:أَلا وأَهِبْ بها ثم أَوِّ بها تَرِعْ إِلى صوتك، فرفع الغلام صوته وقال: هابْ هابْ، ثم قال: آوْ فراعَتِ الخيلُ إِلى صوته؛ ومن هذا قول عدي بن الرِّقاع يصف الخيل: هُنَّ عُجْمٌ، وقد عَلِمْنَ من القَوْ_لِ: هَبي واقْدُمي وآوُو وقومي ويقال للخيل: هَبي وهابي واقْدُمي واقْدمي، كلها لغات، وربما قيل لها من بعيد: آيْ، بمدة طويلة. يقال: أَوَّيْتُ بها فتأَوَّتْ تَأَوِّياً إذا انضم بعضُها إِلى بعض كما يَتَأَوَّى الناسُ؛ وأَنشد بيت ابن حلِّزة: فتــــــــأَوَّت لــــــــه قراضــــــــبة مـــــــن كــــــــل حيٍّــــــــ، كــــــــأَنهم أَلقـــــــاءُ وإِذا أَمرتَ من أَوَى يأْوِي قلت: ائْوِ إِلى فلان أَي انضمَّ إِليه، وأَوِّ لفلان أَي ارْحمه، والافتعالُ منهما ائْتَوَى يأْتَوِي. وأَوى إِليه أَوْيَةً وأَيَّةً ومأْوِيَةً ومأْواةً: رَقَّ ورَثى له؛ قال زهير: بــــانَ الخَلِيـــطُ ولـــم يَـــأْوُوا لمـــنْ تَرَكُـــوا وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يُخَوِّي في سجوده حتى كنا نأْوي له؛ قال أَبو منصور: معنى قوله كنا نَأْوي له بمنزلة قولك كنا نَرْثي له ونُشْفِقُ عليه من شدَّة إِقلاله بَطْنَه عن الأَرض ومَدِّه ضَبُعَيْه عن جَنْبَيه. وفي حديث آخر: كان يصلي حتى كنتُ آوي له أَي أَرِقُّ له وأَرثي. وفي حديث المغيرة: لا تَأْوي من قلَّة أَي لا تَرْحَمُ زوجها ولا تَرِقُّ له عند الإِعدام؛ وقوله: أَرانيـــــــ، ولا كُفْــــــرانَ للهــــــ، أَيَّــــــةً لنَفْســـــِي، لقـــــد طـــــالَبْتُ غيـــــرَ مُنِيــــلِ فإِنه أَراد أَوَيْتُ لنفسي أَيَّةً أَي رحمتها ورَقَقْتُ لها؛ وهو اعتراض وقولُه: ولا كفران لله، وقال غيره: لا كفران لله، قال أَي غير مُقْلَق من الفَزَع، أَراد لا أَكفر لله أَيَّةً لنفسي، نصبه لأَنه مفعول له.قال الجوهري: أَوَيْت لفلان أَوْيَةً وأَيَّةً، تقلب الواو ياء لسكون ما قبلها وتدغم؛ قال ابن بري: صوابه لاجتماعها مع الياء وسبقها بالسكون.واسْتَأْوَيْنُه أَي اسْتَرحمته استِيواءً؛ قال ذو الرمة: علـــى أَمْـــرِ مـــن لـــم يُشـــْوِني ضـــُرُّ أَمْرِهـــ، ولـــــو أَنِّـــــيَ اســــْتَأْوَيْتُه مــــا أَوى ليــــا وأَما حديث وهب: إِن الله عز وجل قال إِني أَوَيْتُ على نفسي أَن أَذْكُرَ من ذكرني، قال ابن الأَثير: قال القتيبي هذا غلط إِلا أَن يكون من المقلوب، والصحيح وأَيْتُ على نفسي من الوَأْي الوَعْدِ، يقول: جعلته وَعْداً على نفسي. وذكر ابن الأَثير في هذه الترجمة حديث الرؤيا: فاسْتَأَى لها؛ قال: بوزن اسْتَقى، ورُوي: فاسْتاء لها، بوزن اسْتاق، قال: وكلاهما من المَساءَة أَي ساءَتْه، وهو مذكور في ترجمة سوأَ؛ وقال بعضهم: هو اسْتالَها بوزن اخْتارَها فجعل اللام من الأَصل، أَخذه من التأْويل أَي طَلَبَ تأْويلَها، قال: والصحيح الأعول. أَبو عمرو: الأُوَّة الداهية، بضم الهمزة وتشديد الواو. قال: ويقال ما هي إِلا أُوَّةٌ من الأُوَوِ يا فتى، أَي داهيةٌ من الدواهي؛ قال: وهذا من أَغرب ما جاء عنهم حتى جعلوا الواو كالحرف الصحيح في موضع الإِعراب فقالوا الأُوَوُ، بالواو الصحيحة، قال:والقياس في ذلك الأُوَى مثال قُوّة وقُوىً، ولكن حكي هذا الحرف محفوظاً عن العرب. قال المازني: آوَّةٌ من الفعل فاعلةٌ، قال: وأَصله آوِوَةٌ فأُدغمت الواو في الواو وشُدّت، وقال أَبو حاتم: هو من الفعل فَعْلةٌ بمعنى أَوَّة، زيدت هذه الأَلف كما قالوا ضَربَ حاقَّ رأْسه، فزادوا هذه الأَلف؛ وليس آوَّه بمنزلة قول الشاعر: تـــــــأَوَّه آهـــــــةَ الرجـــــــلِ الحَزيـــــــنِ لأَن الهاء في آوَّه زائدة وفي تأَوَّه أَصلية، أَلا ترى أَنهم يقولون آوّتا، فيقلبون الهاء تاء؟ قال أَبو حاتم: وقوم من الأَعراب يقولون آوُوه، بوزن عاوُوه، وهو من الفعل فاعُولٌ، والهاء فيه أَصلية.ابن سيده: أَوَّ لَهُ كقولك أَوْلى له، ويقال له أَوِّ من كذا، على معنى التحزن، على مثال قَوِّ، وهو من مضاعف الواو؛ قال: فــــــأَوِّ لِــــــذِكراها، إذا مـــــا ذَكَرْتُهـــــا، ومـــــــن بُعْـــــــدِ أَرضٍ دُونَنــــــا وســــــماء قال الفراء: أَنشدنيه ابن الجراح: فـــــأَوْه مِــــن الــــذِّكْرَى إذا مــــا ذكرتُهــــا قال: ويجوز في الكلام من قال أَوْهِ، مقصوراً، أَن يقول في يَتَفَعَّل يَتأَوَّى ولا يقولها بالهاء. وقال أَبو طالب: قول العامة آوَّهْ، ممدود، خطأٌ إِنما هو أَوَّهْ من كذا وأَوْهِ منه، بقصر الأَلف. الأَزهري: إذا قال الرجل أَوَّهْ من كذا رَدّ عليه الآخرُ عليك أَوْهَتُك، وقيل: أَوَّه فعلة، هاؤها للتأْنيث لأَنهم يقولون سمعت أَوَّتَك فيجعلونها تاء؛ وكذلك قال الليث أَوَّهْ بمنزلة فعلة أَوَّةً لك. وقال أَبو زيد: يقال أَوْهِ على زيد، كسروا الهاء وبينوها. وقالوا: أَوَّتا عليك، بالتاء، وهو التهلف على الشيء، عزيزاً كان أَو هيناً. قال النحويون: إذا جعلت أَوّاً اسماً ثقلتَ واوها فقلت أَوٌّ حَسَنَةٌ، وتقول دَعِ الأَوَّ جانباً، تقول ذلك لمن يستعمل في كلامه افْعَلْ كذا أَو كذا، وكذلك تثقل لَوّاً إذا جعلته اسماً؛ وقال أَبو زُبَيْدٍ: إِنَّ لَيْتــــــــــاً وإِنَّ لَــــــــــوّاً عَنـــــــــاءُ وقول العرب: أَوِّ من كذا، بواو ثقيلة، هو بمعنى تَشَكِّي مشقَّةٍ أَو همٍّ أَو حزن.وأَوْ: حرف عطف. وأَو: تكون للشك والتخيير، وتكون اختياراً. قال الجوهري: أَو حرف إذا دخل الخبر دلَّ على الشك والإِبهام، وإِذا دخل الأَمر والنهي دل على التخيير والإباحة، فأَما الشك فقولك: رأَيت زيداً أَو عمراً، والإِبهام كقوله تعالى: وأَنا أَو إِياكم لعلى هدى أَو في ضلال مبين؛ والتخيير كقولك: كل السمك أَو اشرب اللبن أَي لا تجمع بينهما، والإِباحة كقولك: جالس الحسن أَو ابن سيرين، وقد تكون بمعنى إِلى أَن، تقول: لأَضربنه أَو يتوبَ، وتكون بمعنى بل في توسع الكلام؛ قال ذو الرمة: بَـــدَتْ مثـــل قَـــرْنِ الشـــمسِ فــي رَوْنَــقِ الضــُّحَى وصــــُورَتِها، أَو أَنــــتِ فــــي العَيــــنِ أَمْلَــــحُ يريد: بل أَنت. وقوله تعالى: وأَرسلناه إِلى مائة أَلف أَو يزيدون؛ قال ثعلب: قال الفراء بل يزيدون، قال: كذلك جاء في التفسير مع صحته في العربية، وقيل: معناه إِلى مائة أَلف عند الناس أَو يزيدون عند الناس، وقيل:أَو يزيدون عندكم فيجعل معناها للمخاطبين أَي هم أَصحاب شارَةٍ وزِيٍّ وجمال رائع، فإِذا رآهم الناس قالوا هؤلاء مائتا أَلف. وقال أَبو العباس المبرد: إِلى مائة أَلف فهم فَرْضُه الذي عليه أَن يؤَدّبه؛ وقوله أَو يزيدون، يقول: فإِن زادوا بالأَولاد قبل أَن يُسْلموا فادْعُ الأَولاد أَيضاً فيكون دعاؤك للأَولاد نافلة لك لا يكون فرضاً؛ قال ابن بري: أَو في قوله أَو يزيدون للإِبهام، على حدّ قول الشاعر: وهَـــــلْ أَنـــــا إِلاَّ مـــــن ربيعــــةَ أَو مُضــــَرْ وقيل: معناه وأَرسلناه إِلى جمع لو رأَيتموهم لقلتم هم مائة أَلف أَو يزيدون، فهذا الك إِنما دخل الكلام على حكاية قول المخلوقين لأن الخالق جل جلاله لا يعترضه الشك في شيء من خبره، وهذا أَلطف مما يُقَدَّرُ فيه.وقال أَبو زيد في قوله أَو يزيدون: إِنما هي ويزيدون، وكذلك قال في قوله تعالى: أَصلواتك تأْمرك أَن نترك ما يعبد آباؤنا أَو أَن نفعل في أَموالنا ما نشاء؛ قال: تقديره وأَن نفعل. قال أَبو منصور: وأَما قول الله تعالى في آية الطهارة: وإِن كنتم مَرْضى أَو على سفر أَو جاء أَحدٌ منكم من الغائط أَو لمستم النساء أَما الأَول في قوله: أَو على سفر، فهو تخيير، وأَما قوله: أَو جاء أَحد منكم من الغائط، فهو بمعنى الواو التي تسمى حالاً؛ المعنى: وجاء أَحد منكم من الغائط أَي في هذه الحالة، ولا يجوز أَن يكون تخييراً، وأَما قوله: أَو لمستم النساء، فهي معطوفة على ما قبلها بمعناها؛ وأَما قول الله عز وجل: ولا تُطِعْ منهم آثماً أَو كفوراً؛ فإِن الزجاج قال: أَو ههنا أَوكد من الواو، لأَن الواو إذا قلتَ لا تطع زيداً وعمراً فأَطاع أَحدهما كان غير عاص، لأَنه أَمره أَن لا يطيع الاثنين، فإِذا قال: ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً، فأَوْ قد دلت على أَنّ كل واحد منهما أَهل أَن يُعْصَى. وتكون بمعنى حتى، تقول: لأَضربنك أَو تقومَ، وبمعنى إِلاَّ أَنْ، تقول: لأَضربنَّك أَو تَسْبقَني أَي إِلا أَن تسبقني. وقال الفراء: أَو إذا كانت بمعنى حتى فهو كما تقول لا أَزالُ ملازمك أَو تعطيني وإِلا أَن تعطيني؛ ومنه قوله عز وجل: ليس لك من الأَمر شيء أَو يتوب عليهم أَو يعذبهم؛ معناه حتى يتوب عليهم وإِلا أَن يتوب عليهم؛ ومنه قول امرئ القيس: يُحــــــاوِلُ مُلْكــــــاً أَو يَمــــــوتَ فيُعْــــــذَرا معناه: إِلا أَن يموت. قال: وأَما الشك فهو كقولك خرج زيد أَو عمرو، وتكون بمعنى الواو؛ قال الكسائي وحده: وتكون شرطاً؛ أَنشد أَبو زيد فيمن جعلها بمعنى الواو: وقَـــــدْ زَعَمَـــــتْ ليلـــــى بـــــأَنِّيَ فـــــاجِرٌ؛ لِنَفْســــــِي تُقاهــــــا أَو عَليهـــــا فُجُورُهـــــا معناه: وعليها فجورها؛ وأَنشد الفراء: إِنَّ بهــــــــــا أَكْتَـــــــــلَ أَوْ رِزامَـــــــــا، خُوَيْرِبــــــــــانِ يَنقُفَـــــــــان الْهامَـــــــــا وقال محمد بن يزيد: أَو من حروف العطف ولها ثلاثة معان: تكون لأَحد أَمرين عند شك المتكلم أَو قصده أَحدهما، وذلك كقولك أَتيت زيداً أَو عمراً، وجاءني رجل أَو امرأَة، فهذا شك، وأَما إذا قصد أَحدهما فكقولك كُلِ السمَكَ أَو اشربِ اللبنَ أَي لا تجمعها ولكن اخْتَر أَيَّهما شئت، وأَعطني ديناراً أَو اكْسُني ثوباً، وتكون بمعنى الإِباحة كقولك: ائْتِ المسجد أَو السوق أَي قد أَذنت لك في هذا الضرب من الناس فإِن نهيته عن هذا قلت: لا تجالس زيداً أَو عمراً أَي لا تجالس هذا الضرب من الناس، وعلى هذا قوله تعالى: ولا تطع منهم آثماً أَو كفوراً؛ أَي لا تطع أَحداً منهما، فافهمه. وقال الفراء في قوله عز وجل: أَوَلم يروا، أَوَلم يأْتهم؛ إِنها واو مفردة دخلت عليها أَلف الاستفهام كما دخلت على الفاء وثم ولا.وقال أَبو زيد: يقال إِنه لفلان أَو ما تنحد فرطه ولآتِينك أَو ما تنحد فرطه أَي لآتينك حقّاً، وهو توكيد.وابنُ آوَى: معرفةٌ، دُوَيبَّةٌ، ولا يُفْصَلُ آوَى من ابن. الجوهري: ابن آوَى يسمى بالفارسية شغال، والجمع بناتُ آوَى، وآوى لا ينصرف لأَنه أَفعل وهو معرفة. التهذيب: الواوا صياح العِلَّوْض، وهو ابن آوى، إذا جاع. قال الليث: ابن آوى لا يصرف على حال ويحمل على أَفْعَلَ مثل أَفْعَى ونحوها، ويقال في جمعه بنات آوى، كما يقال بناتُ نَعْش وبناتُ أَوْبَرَ، وكذلك يقال بناتُ لَبُون في جمع ابن لبون ذَكَرٍ.وقال أَبو الهيثم: إِنما قيل في الجمع بنات لتأْنيث الجماعة كما يقال للفرس إِنه من بنات أَعْوَجَ، والجمل إِنه من بنات داعِرٍ، ولذلك قالوا رأَيت جمالاً يَتَهادَرْنَ وبنات لبون يَتَوَقَّصْنَ وبناتِ آوى يَعْوينَ كما يقال للنساء، وإِن كانت هذه الأَشياء ذكوراً.
المعجم: لسان العرب حيا
المعنى: الحَياةُ: نقيض الموت، كُتِبَتْ في المصحف بالواو ليعلم أَن الواو بعد الياء في حَدِّ الجمع، وقيل: على تفخيم الأَلف، وحكى ابن جني عن قُطْرُب: أَن أَهل اليمن يقولون الحَيَوْةُ، بواو قبلها فتحة، فهذه الواو بدل من أَلف حياةٍ وليست بلام الفعل من حَيِوْتُ، أَلا ترى أَن لام الفعل ياء؟ وكذلك يفعل أَهل اليمن بكل أَلف منقلبة عن واو كالصلوة والزكوة.حَيِيَ حَياةًوحَيَّ يَحْيَا ويَحَيُّ فهو حَيٌّ، وللجميع حَيُّوا، بالتشديد، قال: ولغة أُخرى حَيَّ وللجميع حَيُوا، خفيفة. وقرأَ أَهل المدينة: ويَحْيا مَنْ حَيِيَ عن بيِّنة، وغيرهم: مَنْ حَيَّ عن بيِّنة؛ قال الفراء: كتابتُها على الإدغام بياء واحدة وهي أَكثر قراءات القراء، وقرأَ بعضهم: حَيِيَ عن بينة، بإظهارها؛ قال: وإنما أَدغموا الياء مع الياء، وكان ينبغي أَن لا يفعلوا لأَن الياء الأَخيرة لزمها النصب في فِعْلٍ، فأُدغم لمَّا التَقى حرفان متحركان من جنس واحد، قال: ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللازمة للياء الأَخيرة فتقول حَيَّا وحَيِيَا، وينبغي للجمع أَن لا يُدْغَم إلا بياء لأَن ياءها يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغي له أَن تسكن فتسقط بواو الجِماعِ، وربما أَظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادةَ تأْليفِ الأفَعال وأَن تكون كلها مشددة، فقالوا في حَيِيتُ حَيُّوا، وفي عَيِيتُ عَيُّوا؛ قال: وأَنشدني بعضهم: يَحِــــدْنَ بنــــا عـــن كـــلِّ حَيٍّـــ، كأَنَّنـــا أَخـــــارِيسُ عَيُّـــــوا بالســــَّلامِ وبــــالكتب قال: وأَجمعت العرب على إدغام التَّحِيَّة لحركة الياء الأَخيرة، كما استحبوا إدغام حَيَّ وعَيَّ للحركة اللازمة فيها، فأَما إذا سكنت الياء الأَخيرة فلا يجوز الإدغام مثل يُحْيِي ويُعْيِي، وقد جاء في الشعر الإدغام وليس بالوجه، وأَنكر البصريون الإدغام في مثل هذا الموضع، ولم يَعْبإ الزجاج بالبيت الذي احتج به الفراء، وهو قوله: وكأَنَّهـــــا، بيـــــنَ النســـــاء، ســــَبِيكةٌ تَمْشــــــِي بســــــُدّةِ بَيْتِهــــــا فتُعيِّـــــي وأَحْياه اللهُ فَحَيِيَ وحَيَّ أَيضاً، والإدغام أَكثر لأَن الحركة لازمة، وإذا لم تكن الحركة لازمة لم تدغم كقوله: أَليس ذلك بقادر على أَن يُحْيِيَ المَوْتَى.والمَحْيا: مَفْعَلٌ من الحَياة. وتقول: مَحْيايَ ومَماتي، والجمع المَحايِي. وقوله تعالى: فلنُحْيِيَنَّه حَياةً طَيِّبَةً، قال: نرْزُقُه حَلالاً، وقيل: الحياة الطيبة الجنة، وروي عن ابن عباس قال: فلنحيينه حياة طيبة هو الرزق الحلال في الدنيا، ولنَجْزِيَنَّهم أَجْرَهم بأَحسن ما كانوا يعملون إذا صاروا إلى الله جَزاهُم أَجرَهُم في الآخرة بأَحسنِ ما عملوا. والحَيُّ من كل شيء: نقيضُ الميت، والجمع أَحْياء. والحَيُّ: كل متكلم ناطق. والحيُّ من النبات: ما كان طَرِيّاً يَهْتَزّ. وقوله تعالى: وما يَسْتوي الأَحْياءُ ولا الأَمْواتُ؛ فسره ثعلب فقال الحَيُّ هو المسلم والميت هو الكافر. قال الزجاج: الأَحْياءُ المؤمنون والأَموات الكافرون، قال:ودليل ذلك قوله: أَمواتٌ غيرُ أَحياء وما يَشْعرون، وكذلك قوله: ليُنْذِرَ من كان حَيّاً؛ أَي من كان مؤمناً وكان يَعْقِلُ ما يُخاطب به، فإن الكافر كالميت. وقوله عز وجل: ولا تَقُولوا لمن يُقْتَلُ في سبيل الله أَمواتٌ بل أَحياء؛ أَمواتٌ بإضْمار مَكْنِيٍّ أَي لا تقولوا هم أَمواتٌ، فنهاهم الله أَن يُسَمُّوا من قُتِل في سبيل الله ميتاً وأَمرهم بأَن يُسَمُّوهم شُهداء فقال: بل أَحياء؛ المعنى: بل هم أَحياء عند ربهم يرزقون، فأَعْلَمنا أَن من قُتل في سبيله حَيٌّ، فإن قال قائل: فما بالُنا نَرى جُثَّتَه غيرَ مُتَصَرِّفة؟ فإن دليلَ ذلك مثلُ ما يراه الإنسانُ في منامه وجُثَّتُه غيرُ متصرفة على قَدْرِ ما يُرى، والله جَلَّ ثناؤُه قد تَوَفَّى نفسه في نومه فقال: الله يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حينَ مَوْتِها والتي لم تَمُتْ في مَنامها، ويَنْتَبِهُ النائمُ وقد رَأَى ما اغْتَمَّ به في نومه فيُدْرِكُه الانْتِباهُ وهو في بَقِيَّةِ ذلك، فهذا دليل على أَن أَرْواحَ الشُّهداء جائز أَن تُفارقَ أَجْسامَهم وهم عند الله أَحْياء، فالأمْرُ فيمن قُتِلَ في سبيل الله لا يُوجِبُ أَن يُقالَ له ميت، ولكن يقال هو شهيد وهو عند الله حيّ، وقد قيل فيها قول غير هذا، قالوا: معنى أَموات أَي لا تقولوا هم أَموات في دينهم أَي قُولوا بل هم أَحياء في دينهم، وقال أَصحاب هذا القول دليلُنا قوله: أَوَمَنْ كان مَيْتاً فأَحْيَيْناه وجعَلْنا له نُوراً يمشي به في الناسِ كمَنْ مَثَلُه في الظُّلُمات ليس بخارج منها؛ فجَعَلَ المُهْتَدِيَ حَيّاً وأَنه حين كان على الضَّلالة كان ميتاً، والقول الأَوَّلُ أَشْبَهُ بالدِّين وأَلْصَقُ بالتفسير. وحكى اللحياني: ضُرِبَ ضَرْبةً ليس بِحايٍ منها أَي ليس يَحْيا منها، قال: ولا يقال ليس بحَيٍّ منها إلا أَن يُخْبِرَ أَنه ليس بحَيٍّ أَي هو ميت، فإن أَردت أَنه لا يَحْيا قلت ليس بحايٍ، وكذلك أَخوات هذا كقولك عُدْ فُلاناً فإنه مريض تُريد الحالَ، وتقول: لا تأْكل هذا الطعامَ فإنك مارِضٌ أَي أَنك تَمْرَضُ إن أَكلته. وأَحْياهُ: جَعَله حَيّاً. وفي التنزيل: أَلَيْسَ ذلك بقادرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى؛ قرأه بعضهم: على أَن يُحْيِي الموتى، أَجْرى النصبَ مُجْرى الرفع الذي لا تلزم فيه الحركة، ومُجْرى الجزم الذي يلزم فيه الحذف. أَبو عبيدة في قوله: ولكمْ في القِصاص حَياةٌ؛ أَي مَنْفَعة؛ ومنه قولهم: ليس لفلان حياةٌ أَي ليس عنده نَفْع ولا خَيْر. وقال الله عز وجل مُخْبِراً عن الكفار لم يُؤمِنُوا بالبَعْثِ والنُّشُور: ما هِيَ إلاّ حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوت ونَحْيا وما نَحْنُ بمبْعُوثِينَ؛ قال أَبو العباس: اختلف فيه فقالت طائفة هو مُقَدَّم ومُؤَخَّرِ، ومعناه نَحْيا ونَمُوتُ ولا نَحْيا بعد ذلك، وقالت طائفة: معناه نحيا ونموت ولا نحيا أَبداً وتَحْيا أَوْلادُنا بعدَنا، فجعلوا حياة أَولادهم بعدهم كحياتهم، ثم قالوا: وتموت أَولادُنا فلا نَحْيا ولا هُمْ. وفي حديث حُنَيْنٍ قال للأَنصار: المَحْيا مَحياكُمْ والمَماتُ مَمَاتُكُمْ؛ المَحْيا:مَفْعَلٌ من الحَياة ويقع على المصدر والزمان والمكان. وقوله تعالى: رَبَّنا أَمَتَّنا اثْنَتَيْن وأَحْيَيْتَنا اثنتين؛ أَراد خَلَقْتنا أَمواتاً ثم أَحْيَيْتَنا ثم أَمَتَّنا بعدُ ثم بَعَثْتَنا بعد الموت، قال الزجاج: وقد جاء في بعض التفسير أَنَّ إحْدى الحَياتَين وإحْدى المَيْتَتَيْنِ أَن يَحْيا في القبر ثم يموت، فذلك أَدَلُّ على أَحْيَيْتَنا وأَمَتَّنا، والأَول أَكثر في التفسير. واسْتَحْياه: أَبقاهُ حَيّاً. وقال اللحياني:استَحْياه استَبقاه ولم يقتله، وبه فسر قوله تعالى: ويَسْتَحْيُون نِساءَكم؛ أَي يَسْتَبْقُونَهُنَّ، وقوله: إن الله لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مثلاً ما بَعُوضَةً؛ أَي لا يسْتَبْقي. التهذيب: ويقال حايَيْتُ النارَ بالنَّفْخِ كقولك أَحْيَيْتُها؛ قال الأَصمعي: أَنشد بعضُ العرب بيتَ ذي الرمة: فقُلْـــــتُ له: ارْفَعْهــــا إليــــكَ وحايِهَــــا برُوحِكَــــ، واقْتَتْــــه لهـــا قِيتَـــةً قَـــدْرا وقال أَبو حنيفة: حَيَّت النار تَحَيُّ حياة، فهي حَيَّة، كما تقول ماتَتْ، فهي ميتة؛ وقوله: ونــــار قُبَيْــــلَ الصـــُّبجِ بـــادَرْتُ قَـــدْحَها حَيَـــا النـــارِ، قَـــدْ أَوْقَـــدْتُها للمُســـافِرِ أَراد حياةَ النارِ فحذف الهاء؛ وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده: أَلا حَـــيَّ لـــي مِـــنْ لَيْلَـــةِ القَبْـــرِ أَنَّـــه مــــآبٌ، ولَــــوْ كُلِّفْتُهــــ، أَنَــــا آيبُــــهْ أَراد: أَلا أَحَدَ يُنْجِيني من ليلة القبر، قال: وسمعت العرب تقول إذا ذكرت ميتاً كُنَّا سنة كذا وكذا بمكان كذا وكذا وحَيُّ عمروٍ مَعَنا، يريدون وعمروٌ مَعَنا حيٌّ بذلك المكان. ويقولون: أَتيت فلاناً وحَيُّ فلانٍ شاهدٌ وحيُّ فلانَة شاهدةٌ؛ المعنى فلان وفلانة إذ ذاك حَيٌّ؛ وأَنشد الفراء في مثله: أَلا قَبَــــــح الإلَــــــهُ بَنــــــي زِيـــــادٍ، وحَــــــيَّ أَبِيهِــــــمُ قَبْــــــحَ الحِمـــــارِ، أَي قَبَحَ الله بَني زياد وأَباهُمْ. وقال ابن شميل: أَتانا حَيُّ فُلانٍ أَي أَتانا في حَياتِهِ. وسَمِعتُ حَيَّ فلان يقول كذا أَي سمعته يقول في حياته. وقال الكِسائي: يقال لا حَيَّ عنه أَي لا مَنْعَ منه؛ وأَنشد: ومَــــنْ يَــــكُ يَعْيــــا بالبَيــــان فــــإنَّهُ أَبُــــو مَعْقِلــــ، لا حَــــيَّ عَنْــــهُ ولا حَـــدَدْ قال الفراء: معناه لا يَحُدُّ عنه شيءٌ، ورواه: فـــــإن تَســـــْأَلُونِي بالبَيـــــانِ فـــــإنَّه أبــــو مَعْقِلــــ، لا حَــــيَّ عَنْــــهُ ولا حَـــدَدْ ابن بري: وحَيُّ فلانٍ فلانٌ نَفْسُه؛ وأَنشد أَبو الحسن لأَبي الأَسود الدؤلي: أَبـــــو بَحْـــــرٍ أَشـــــَدُّ النــــاسِ مَنّــــاً عَلَيْنَــــا، بَعــــدَ حَــــيِّ أَبــــي المُغِيـــرَهْ أَي بعد أَبي المُغيرَة. ويقال: قاله حَيُّ رِياح أَي رِياحٌ. وحَيِيَ القوم في أَنْفُسِهم وأَحْيَوْا في دَوابِّهِم وماشِيَتِهم. الجوهري:أَحْيا القومُ حَسُنت حالُ مواشِيهمْ، فإن أَردت أَنفُسَهم قلت حَيُوا.وأَرضٌ حَيَّة: مُخْصِبة كما قالوا في الجَدْبِ ميّتة. وأَحْيَيْنا الأَرضَ: وجدناها حيَّة النباتِ غَضَّة. وأحْيا القومُ أَي صاروا في الحَيا، وهو الخِصْب. وأَتَيْت الأَرضَ فأَحْيَيتها أَي وجدتها خِصْبة. وقال أَبو حنيفة: أُحْيِيَت الأَرض إذا اسْتُخْرِجَت. وفي الحديث: من أَحْيا مَواتاً فَهو أَحقُّ به؛ المَوَات: الأَرض التي لم يَجْرِ عليها ملك أَحد، وإحْياؤُها مباشَرَتها بتأْثير شيء فيها من إحاطة أَو زرع أَو عمارة ونحو ذلك تشبيهاً بإحياء الميت؛ ومنه حديث عمرو: قيل سلمانَ أَحْيُوا ما بَيْنَ العِشاءَيْن أَي اشغلوه بالصلاة والعبادة والذكر ولا تعطِّلوه فتجعلوه كالميت بعُطْلَته، وقيل: أَراد لا تناموا فيه خوفاً من فوات صلاة العشاء لأَن النوم موت واليقطة حياة. وإحْياءُ الليل: السهر فيه بالعبادة وترك النوم، ومرجع الصفة إلى صاحب الليل؛ وهو من باب قوله: فــــأَتَتْ بِــــهِ حُــــوشَ الفُــــؤادِ مُبَطَّنــــاً ســــُهُداً، إذا مــــا نَـــامَ لَيْـــلُ الهَوْجَـــلِ أَي نام فيه، ويريد بالعشاءين المغرب والعشاء فغلب. وفي الحديث: أَنه كان يصلي العصر والشمس حَيَّة أَي صافية اللون لم يدخلها التغيير بدُنُوِّ المَغِيب، كأنه جعل مَغِيبَها لَها مَوْتاً وأَراد تقديم وقتها. وطَريقٌ حَيٌّ: بَيِّنٌ، والجمع أَحْياء؛ قال الحطيئة: إذا مَخَــــــارِمُ أَحْيـــــاءٍ عَرَضـــــْنَ لَـــــه ويروى: أَحياناً عرضن له. وحَيِيَ الطريقُ: استَبَان، يقال: إذا حَيِيَ لك الطريقُ فخُذْ يَمْنَةً. وأَحْيَت الناقة إذا حَيِيَ ولَدُها فهي مُحْيٍ ومُحْيِيَة لا يكاد يموت لها ولد.والحِيُّ، بكسر الحاء: جمعُ الحَياةِ. وقال ابن سيده: الحِيُّ الحيَاةُ زَعَموا؛ قال العجاج: كأنَّهـــــــــا إذِ الحَيــــــــاةُ حِيُّــــــــ، وإذْ زَمــــــــانُ النَّــــــــاسِ دَغْفَلِــــــــيُّ وكذلك الحيوان. وفي التنزيل: وإن الدارَ الآخرةَ لَهِيَ الحَيَوانُ؛ أَي دارُ الحياةِ الدائمة. قال الفراء: كسروا أَوَّل حِيٍّ لئلا تتبدل الياء واواً كما قالوا بِيضٌ وعِينٌ. قال ابن بري: الحَياةُ والحَيَوان والحِيِّ مَصادِر، وتكون الحَيَاة صفةً كالحِيُّ كالصَّمَيانِ للسريع. التهذيب: وفي حديث ابن عمر: إنَّ الرجلَ لَيُسْأَلُ عن كلِّ شيءٍ حتى عن حَيَّةِ أَهْلِه؛ قال: معناه عن كلِّ شيءٍ حَيٍّ في منزله مثلِ الهرّ وغيره، فأَنَّث الحيّ فقال حَيَّة، ونحوَ ذلك قال أَبو عبيدة في تفسير هذا الحديث قال: وإنما قال حَيَّة لأَنه ذهب إلى كلّ نفس أَو دابة فأَنث لذلك. أَبو عمرو: العرب تقول كيف أَنت وكيف حَيَّةُ أَهْلِكَ أَي كيف من بَقِيَ منهم حَيّاً؛ قال مالك ابن الحرث الكاهلي: فلا يَنْجُــــــو نَجَــــــاتِي ثَــــــمَّ حَيٌّــــــ، مِـــــنَ الحَيَــــواتِ، لَيْــــسَ لَــــهُ جَنَــــاحُ أَي كلّ ما هو حَيٌّ فجمعه حَيَوات، وتُجْمع الحيةُ حَيَواتٍ.والحيوانُ: اسم يقع على كل شيء حيٍّ، وسمى الله عز وجل الآخرة حَيَواناً فقال:وإنَّ الدارَ الآخرَة لَهِيَ الحَيَوان؛ قال قتادة: هي الحياة. الأَزهري:المعنى أَن من صار إلى الآخرة لم يمت ودام حيّاً فيها لا يموت، فمن أُدخل الجنة حَيِيَ فيها حياة طيبة، ومن دخل النار فإنه لا يموت فيها ولا يَحْيَا، كما قال تعالى. وكلُّ ذي رُوح حَيَوان، والجمع والواحد فيه سواء. قال: والحَيَوان عينٌ في الجَنَّة، وقال: الحَيَوان ماء في الجنة لا يصيب شيئاً إلا حَيِيَ بإذن الله عز وجل. وفي حديث القيامة: يُصَبُّ عليه ماءُ الحَيَا؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء في بعض الروايات، والمشهور: يُصَبُّ عليه ماءُ الحَيَاةِ. ابن سيده: والحَيَوان أَيضاً جنس الحَيِّ، وأَصْلُهُ حَيَيانٌ فقلبت الياء التي هي لام واواً، استكراهاً لتوالي الياءين لتختلف الحركات؛ هذا مذهب الخليل وسيبويه، وذهب أَبو عثمان إلى أَن الحيوان غير مبدل الواو، وأَن الواو فيه أَصل وإن لم يكن منه فعل، وشبه هذا بقولهم فَاظَ المَيْت يَفِيظُ فَيْظاً وفَوْظاً، وإن لم يَسْتَعْمِلُوا من فَوْظٍ فِعْلاً، كذلك الحيوان عنده مصدر لم يُشْتَقّ منه فعل. قال أَبو علي: هذا غير مرضي من أَبي عثمان من قِبَل أَنه لا يمتنع أَن يكون في الكلام مصدر عينه واو وفاؤه ولامه صحيحان مثل فَوْظٍ وصَوْغٍ وقَوْل ومَوْت وأَشباه ذلك، فأَما أَن يوجد في الكلام كلمة عينها ياء ولامها واو فلا، فحَمْلُه الحيوانَ على فَوْظٍ خطأٌ، لأَنه شبه ما لا يوجد في الكلام بما هو موجود مطرد؛ قال أَبو علي: وكأَنهم استجازوا قلب الياء واواً لغير علة، وإن كانت الواو أَثقل من الياء، ليكون ذلك عوضاً للواو من كثرة دخول الياء وغلبتها عليها.وحَيْوَة، بسكون الياء: اسمُ رجلٍ، قلبت الياء واواً فيه لضَرْبٍ من التوَسُّع وكراهة لتضعيف الياء، وإذا كانوا قد كرهوا تضعيف الياء مع الفصل حتى دعاهم ذلك إلى التغيير في حاحَيْت وهَاهَيْتُ، كان إبدال اللام في حَيْوةٍ ليختلف الحرفان أَحْرَى، وانضاف إلى ذلك أنَّه عَلَم، والأَعلام قد يعرض فيها ما لا يوجد في غيرها نحو مَوْرَقٍ ومَوْهَبٍ ومَوْظَبٍ؛ قال الجوهري: حَيْوَة اسم رجل، وإنما لم يدغم كما أُدغم هَيِّنٌ ومَيّت لأَنه اسم موضوع لا على وجه الفعل. وحَيَوانٌ: اسم، والقول فيه كالقول في حَيْوَةَ.والمُحاياةُ: الغِذاء للصبي بما به حَيَاته، وفي المحكم: المُحاياةُ الغِذاء للصبيِّ لأَنّ حَياته به.والحَيُّ: الواحد من أَحْياءِ العَربِ. والحَيُّ: البطن من بطون العرب؛ وقوله: وحَـــــيَّ بَكْـــــرٍ طَعَنَّــــا طَعْنَــــةً فَجَــــرى فليس الحَيُّ هنا البطنَ من بطون العرب كما ظنه قوم، وإنما أَراد الشخص الحيّ المسمَّى بكراً أَي بكراً طَعَنَّا، وهو ما تقدم، فحيٌّ هنا مُذَكَّرُ حَيَّةٍ حتى كأَنه قال: وشخصَ بكرٍ الحَيَّ طَعَنَّا، فهذا من باب إضافة المسمى إلى نفسه؛ ومنه قول ابن أَحمر: أَدْرَكْــــتَ حَــــيَّ أَبــــي حَفْــــصٍ وَشــــِيمَتَهُ، وقَبْــــلَ ذاكَــــ، وعَيْشــــاً بَعْــــدَهُ كَلِبَـــا وقولهم: إن حَيَّ ليلى لشاعرة، هو من ذلك، يُريدون ليلى، والجمع أَحْياءٌ. الأَزهري: الحَيُّ من أَحْياء العَرب يقع على بَني أَبٍ كَثُروا أَم قَلُّوا، وعلى شَعْبٍ يجمَعُ القبائلَ؛ من ذلك قول الشاعر: قَاتَــــــل اللـــــهُ قيـــــسَ عَيْلانَ حَيّـــــاً، مـــــا لَهُــــمْ دُونَ غَــــدْرَةٍ مِــــنْ حِجــــابِ وقوله: فتُشــــــْبِعُ مَجْلِـــــسَ الحَيَّيْـــــنِ لَحْمـــــاً، وتُلْقــــــي للإمــــــاء مِــــــنَ الـــــوَزِيمِ يعني بالحَيَّينِ حَيَّ الرجلِ وحَيَّ المرأَة، والوَزِيمُ العَضَلُ.والحَيَا، مقصور: الخِصْبُ، والجمع أَحْياء. وقال اللحياني: الحَيَا، مقصورٌ، المَطَر وإذا ثنيت قلت حَيَيان، فتُبَيِّن الياءَ لأَن الحركة غير لازمة. وقال اللحياني مرَّةً: حَيَّاهم الله بِحَياً، مقصور، أَي أَغاثهم، وقد جاء الحَيَا الذي هو المطر والخصب ممدوداً. وحَيَا الربيعِ: ما تَحْيا به الأَرض من الغَيْث. وفي حديث الاستسقاء: اللهم اسْقِنا غَيْثاً مُغيثاً وَحَياً رَبيعاً؛ الحَيَا، مقصور: المَطَر لإحْيائه الأَرضَ، وقيل: الخِصْبُ وما تَحْيا به الأَرضُ والناس. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا آكلُ السَّمِينَ حتى يَحْيا الناسُ من أَوَّلِ ما يَحْيَوْنَ أَي حتى يُمْطَروا ويُخْصِبُوا فإن المَطَر سبب الخِصْب، ويجوز أَن يكون من الحياة لأَن الخصب سبب الحياة. وجاء في حديث عن ابن عباس، رحمه الله، أَنه قال:كان عليٌّ أَميرُ المؤمنين يُشْبِهُ القَمَر الباهِرَ والأَسَدَ الخادِرَ والفُراتَ الزَّاخِرَ والرَّبيعَ الباكِرَ، أَشْبَهَ من القَمر ضَوْءَهُ وبَهاءَهُ ومِنَ الأَسَدِ شَجاعَتَهُ ومَضاءَهُ ومن الفُراتِ جُودَه وسَخاءَهُ ومن الرَّبيعِ خِصْبَه وحَياءَه. أَبو زيد: تقول أَحْيَا القومُ إذا مُطِرُوا فأَصابَت دَوابُّهُم العُشْبَ حتى سَمِنَتْ، وإن أَرادوا أَنفُسَهم قالوا حَيُوا بعدَ الهُزال. وأَحْيا الله الأَرضَ: أَخرج فيها النبات، وقيل: إنما أَحْياها من الحَياة كأَنها كانت ميتة بالمحْل فأَحْياها بالغيث.والتَّحِيَّة: السلام، وقد حَيَّاهُ تحِيَّةً، وحكى اللحياني: حَيَّاك اللهُ تَحِيَّةَ المؤمِن. والتَّحِيَّة: البقاءُ. والتَّحِيَّة: المُلْك؛ وقول زُهَيْر بن جَنابٍ الكَلْبي: ولَكُـــــــلُّ مـــــــا نَـــــــال الفــــــتى قَـــــــــدْ نِلْتُـــــــــه إلا التَّحِيَّـــــــــهْ قيل: أَراد المُلْك، وقال ابن الأَعرابي: أَراد البَقاءَ لأَنه كان مَلِكاً في قومه؛ قال بن بري: زهيرٌ هذا هو سيّد كَلْبٍ في زمانه، وكان كثير الغارات وعُمِّرَ عُمْراً طويلاً، وهو القائل لما حضرته الوفاة: أبَنِيَّـ، إنْ أَهْلِـكْ فـإنْ_نِي قَـدْ بَنَيْـتُ لَكُـمْ بَنِيَّـهْ وتَرَكْتُكُـــمْ أَولادَ ســـا_داتٍ، زِنـــادُكُمُ وَرِيَّـــهْ ولَكُـــــــلُّ مـــــــا نـــــــالَ الفَــــــتى قَـــــــــدْ نِلْتُهـــــــــ، إلاّ التَّحِيَّــــــــهْ قال: والمعروف بالتَّحِيَّة هنا إنما هي بمعنى البقاء لا بمعنى الملك.قال سيبويه: تَحِيَّة تَفْعِلَة، والهاء لازمة، والمضاعف من الياء قليل لأَن الياء قد تثقل وحدها لاماً، فإذا كان قبلها ياءٌ كان أَثقل لها. قال أَبو عبيد: والتَّحِيَّةُ في غير هذا السلامُ. الأَزهري: قال الليث في قولهم في الحديث التَّحِيَّات لله، قال: معناه البَقاءُ لله، ويقال: المُلْك لله، وقيل: أَراد بها السلام. يقال: حَيَّاك الله أَي سلَّم عليك.والتَّحِيَّة: تَفْعِلَةٌ من الحياة، وإنما أُدغمت لاجتماع الأَمثال، والهاء لازمة لها والتاء زائدة. وقولهم: حيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ اعتَمَدَكَ بالمُلْك، وقيل: أَضْحَكَكَ، وقال الفراء: حَيَّكَ اللهُ أبْقاكَ اللهُ.وحَيَّك الله أَي مَلَّكك الله. وحَيَّاك الله أَي سلَّم عليك؛ قال: وقولنا في التشهد التَّحِيَّات لله يُنْوَى بها البَقاءُ لله والسلامُ من الآفاتِ والمُلْكُ لله ونحوُ ذلك. قال أَبو عمرو: التَّحِيَّة المُلك؛ وأَنشد قول عمرو بن معد يكرب: أَســــيرُ بِــــهِ إلــــى النُّعْمــــانِ، حتَّــــى أُنِيــــــخَ علــــــى تَحِيَّتِــــــهِ بجُنْــــــدي يعني على مُلْكِه؛ قال ابن بري: ويروى أَسِيرُ بها، ويروى: أَؤُمُّ بها؛ وقبل البيت: وكــــــلّ مُفاضــــــَةٍ بَيْضــــــاءَ زَغْفٍــــــ، وكــــــل مُعــــــاوِدِ الغــــــاراتِ جَلْـــــدِ وقال خالد بن يزيد: لو كانت التَّحِيَّة المُلْكَ لما قيل التَّحِيَّات لله، والمعنى السلامات من الآفات كلها، وجَمَعها لأَنه أَراد السلامة من كل افة؛ وقال القتيبي: إنما قيل التحيات لله لا على الجَمْع لأَنه كان في الأَرض ملوك يُحَيَّوْنَ بتَحِيّات مختلفة، يقال لبعضهم: أَبَيْتَ اللَّعْنَ، ولبعضهم: اسْلَمْ وانْعَمْ وعِشْ أَلْفَ سَنَةٍ، ولبعضهم: انْعِمْ صَباحاً، فقيل لنا: قُولوا التَّحِيَّاتُ لله أَي الأَلفاظُ التي تدل على الملك والبقاء ويكنى بها عن الملك فهي لله عز وجل. وروي عن أَبي الهيثم أَنه يقول: التَّحِيَّةُ في كلام العرب ما يُحَيِّي بعضهم بعضاً إذا تَلاقَوْا، قال: وتَحِيَّةُ الله التي جعلها في الدنيا والآخرة لمؤمني عباده إذا تَلاقَوْا ودَعا بعضهم لبعض بأَجْمَع الدعاء أَن يقولوا السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه. قال الله عز وجل: تَحِيَّتُهُمْ يوْمَ يَلْقَوْنَه سَلامٌ. وقال في تحيَّة الدنيا: وإذا حُيِّيتُم بتَحِيَّةٍ فحَيُّوا بأَحسَنَ منها أَو رُدُّوها؛ وقيل في قوله: قـــــــــد نلتـــــــــه إلاّ التحيَّـــــــــة يريد: إلا السلامة من المَنِيَّة والآفات فإن أَحداً لا يسلم من الموت على طول البقاء، فجعل معنى التحيات لله أَي السلام له من جميع الآفات التي تلحق العباد من العناء وسائر أَسباب الفناء؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو الهيثم حسن ودلائله واضحة، غير أَن التحية وإن كانت في الأصل سلاماً، كما قال خالد، فجائز أَن يُسَمَّى المُلك في الدنيا تحيةً كما قال الفراء وأبَو عمرو، لأَن المَلِكَ يُحَيَّا بتَحِيَّةِ المُلْكِ المعروفة للملوك التي يباينون فيها غيرهم، وكانت تحيَّةُ مُلُوك العَجَم نحواً من تحيَّة مُلوك العَرَعب، كان يقال لِمَلِكهم: زِهْ هَزَارْ سَالْ؛ المعنى: عِشْ سالماً أَلْفَ عام، وجائز أَن يقال للبقاء تحية لأَنَّ من سَلِمَ من الآفات فهو باقٍ، والباقي في صفة الله عز وجل من هذا لأَنه لا يموت أَبداً، فمعنى؛ حَيّاك الله أَي أَبقاك الله، صحيحٌ، من الحياة، وهو البقاء.يقال: أَحياه الله وحَيّاه بمعنى واحد، قال: والعرب تسمي الشيء باسم غيره إذا كان معه أَو من سببه. وسئل سَلَمة بنُ عاصمٍ عن حَيّاك الله فقال: هو بمنزلة أَحْياك الله أَي أَبقاك الله مثل كرَّم وأَكرم، قال: وسئل أَبو عثمان المازني عن حَيَّاك الله فقال عَمَّرك الله. وفي الحديث: أَن الملائكة قالت لآدم، عليه السلام، حَيَّاك الله وبَيَّاك؛ معنى حَيَّاك اللهُ أَبقاك من الحياة، وقيل: هو من استقبال المُحَيّا، وهو الوَجْه، وقيل: ملَّكك وفَرَّحك، وقيل: سلَّم عَليك، وهو من التَّحِيَّة السلام، والرجل مُحَيِّيٌ والمرأَة مُحَيِّيَة، وكل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءَات فيُنْظَر، فإن كان غير مبنيٍّ على فِعْلٍ حذفت منه اللام نحو عُطَيٍّ في تصغير عَطاءٍ وفي تصغير أَحْوَى أَحَيٍّ، وإن كان مبنيّاً على فِعْلٍ ثبتت نحو مُحَيِّي من حَيَّا يُحَيِّي. وحَيَّا الخَمْسين: دنا منها؛ عن ابن الأَعرابي. والمُحَيّا: جماعة الوَجْهِ، وقيل: حُرُّهُ، وهو من الفرَس حيث انفرَقَ تحتَ الناصِية في أَعلى الجَبْهةِ وهناك دائرةُ المُحَيَّا.والحياءُ: التوبَة والحِشْمَة، وقد حَيِيَ منه حَياءً واستَحْيا واسْتَحَى، حذفوا الياء الأَخيرة كراهية التقاء الياءَينِ، والأَخيرتان تَتَعَدَّيانِ بحرف وبغير حرف، يقولون: استَحْيا منك واستَحْياكَ، واسْتَحَى منك واستحاك؛ قال ابن بري: شاهد الحياء بمعنى الاستحياء قول جرير: لـــــولا الحَيـــــاءُ لَعَــــادني اســــْتِعْبارُ، ولَـــــزُرْتُ قَـــــبرَكِ، والحـــــبيبُ يُـــــزارُ وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: الحَياءُ شُعْبةٌ من الإيمان؛ قال بعضهم: كيف جعَل الحياءَ وهو غَرِيزةٌ شُعْبةً من الإيمان وهو اكتساب؟ والجواب في ذلك: أَن المُسْتَحي ينقطع بالحَياء عن المعاصي، وإن لم تكن له تَقِيَّة، فصار كالإيمان الذي يَقْطَعُ عنها ويَحُولُ بين المؤمن وبينها؛ قال ابن الأَثير: وإنما جعل الحياء بعض الإيمان لأَن الإيمان ينقسم إلى ائتمار بما أَمر الله به وانتهاء عمَّا نهى الله عنه، فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعضَ الإيمان؛ ومنه الحديث: إذا لم تَسْتَحِ فاصْنَح ما شئتَ؛ المراد أَنه إذا لم يستح صنع ما شاء، لأَنه لا يكون له حياءٌ يحْجزُه عن المعاصي والفواحش؛ قال ابن الأَثير: وله تأْويلان: أَحدهما ظاهر وهو المشهور إذا لم تَسْتَح من العَيْب ولم تخش العارَ بما تفعله فافعل ما تُحَدِّثُك به نفسُك من أَغراضها حسَناً كان أَو قبيحاً، ولفظُه أَمرٌ ومعناه توبيخ وتهديد، وفيه إشعار بأَنَّ الذي يردَع الإنسانَ عن مُواقَعة السُّوء هو الحَياءُ، فإذا انْخَلَعَ منه كان كالمأْمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطي كل سيئة، والثاني أَن يحمل الأَمر على بابه، يقول: إذا كنت في فعلك آمناً أَن تَسْتَحيَ منه لجَريك فيه على سَنَن الصواب وليس من الأَفعال التي يُسْتَحَى منها فاصنع منها ما شئت. ابن سيده: قوله، صلى الله عليه وسلم، إنَّ مما أَدرَك الناسُ من كلام النبوَّة إذا لم تَسْتَحِ فاصْنَعْ ما شئتأَي من لم يَسْتَحِ صَنَعَ ما شاء على جهة الذمِّ لتَرْكِ الحَياء، وليس يأْمره بذلك ولكنه أَمرٌ بمعنى الخَبَر، ومعنى الحديث أَنه يأْمُرُ بالحَياء ويَحُثُّ عليه ويَعِيبُ تَرْكَه. ورجل حَيِيٌّ، ذو حَياءٍ، بوزن فَعِيلٍ، والأُنثى بالهاء، وامرأَة حَيِيَّة، واسْتَحْيا الرجل واسْتَحْيَت المرأَة؛ وقوله: وإنِّـــــي لأَســـــْتَحْيِي أَخـــــي أَنْ أَرى لــــه علـــيَّ مـــن الحَقِّـــ، الـــذي لا يَـــرَى لِيَــا معناه: آنَفُ من ذلك. الأَزهري: للعرب في هذا الحرف لغتان: يقال اسْتَحَى الرجل يَسْتَحي، بياء واحدة، واسْتَحْيا فلان يَسْتَحْيِي، بياءَين، والقرآن نزل بهذه اللغة الثانية في قوله عز وجل: إنَّ الله لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مثلاً. وحَيِيتُ منه أَحْيا: استَحْيَيْت. وتقول في الجمع: حَيُوا كما تقول خَشُوا. قال سيبويه: ذهبت الياء لالتقاء الساكنين لأَن الواو ساكنة وحركة الياء قد زالت كما زالت في ضربوا إلى الضم، ولم تحرّك الياء بالضم لثقله عليها فحذفت وضُمَّت الياء الباقية لأَجل الواو؛ قال أَبو حُزابة الوليدُ بن حَنيفة: وكنــــــا حَســـــِبْناهم فَـــــوارِسَ كَهْمَـــــسٍ حَيُــوا بعــدما مــاتُوا، مــن الــدهْرِ، أَعْصـُرا قال ابن بري: حَيِيتُ من بنات الثلاثة، وقال بعضهم: حَيُّوا، بالتشديد، تركه عل ما كان عليه للإدغام؛ قال عبيدُ بنُ الأَبْرص: عَيُّـــــــــوا بـــــــــأَمرِهِمُو، كمـــــــــا عَيَّـــــــــتْ ببَيْضــــــــَتِها الحَمــــــــامَهْ وقال غيره: اسْتَحْياه واسْتَحْيا منه بمعنىً من الحياء، ويقال:اسْتَحَيْتُ، بياء واحدة، وأَصله اسْتَحْيَيْتُ فأَعَلُّوا الياء الأُولى وأَلقَوا حَرَكتها على الحاء فقالوا استَحَيْتُ، كما قالوا اسْتنعت استثقالاً لَمَّا دَخَلَتْ عليها الزوائدُ؛ قال سيبويه: حذفت الياء لالتقاء الساكنين لأَن الياء الأُولى تقلب أَلفاً لتحركها، قال: وإنما فعلوا ذلك حيث كثر في كلامهم. وقال المازنيّ: لم تحذف لالتقاء الساكنين لأَنها لو حذفت لذلك لردوها إذا قالوا هو يَسْتَحِي، ولقالوا يَسْتَحْيي كما قالوا يَسْتَنِيعُ؛ قال ابن بري: قول أَبي عثمان موافق لقول سيبويه، والذي حكاه عن سيبويه ليس هو قوله، وإنما هو قول الخليل لأَن الخليل يرى أَن استحيت أَصله استحييت، فأُعل إعلال اسْتَنَعْت، وأَصله اسْتَنْيَعْتُ، وذلك بأَن تنقل حركة الفاء على ما قبلها وتقلب أَلفاً ثمتحذف لالتقاء الساكنين، وأما سيبويه فيرى أَنها حذفت تخفيفاً لاجتماع الياءين لا لإعلال موجب لحذفها، كما حذفت السينَ من أَحْسَسْت حين قلتَ أَحَسْتُ، ونقلتَ حركتها على ما قبلها تخفيفاً. وقال الأَخفش: اسْتَحَى بياء واحدة لغة تميم، وبياءين لغة أَهل الحجاز، وهو الأَصل، لأَن ما كان موضعُ لامه معتّلاً لم يُعِلُّوا عينه، أَلا ترى أَنهم قالوا أَحْيَيْتُ وحَوَيْتُ؟ ويقولون قُلْتُ وبِعْتُ فيُعِلُّون العين لَمَّا لم تَعْتَلَّ اللامُ، وإنما حذفوا الياء لكثرة استعمالهم لهذه الكلمة كما قالوا لا أَدْرِ في لا أدْرِي. ويقال: فلان أَحْيَى من الهَدِيِّ، وأَحْيَى من كَعابٍ، وأَحْيَى من مُخَدَّرة ومن مُخَبَّأَةٍ، وهذا كله من الحَياء، ممدود. وأَما قولهم أَحْيَى من ضَبّ، فمن الحياةِ. وفي حديث البُراقِ: فدنَوْتُ منه لأَرْكَبَه فأَنْكَرَني فتَحَيَّا مِنِّي أَي انْقَبَض وانْزَوى، ولا يخلو أَن يكون مأْخوداً من الحياء على طريق التمثيل، لأَن من شأن الحَيِيِّ أَن ينقبض، أَو يكون أَصله تَحَوّى أَي تَجَمَّع فقلبت واوه ياء، أَو يكون تَفَيْعَلَ من الحَيِّ وهو الجمع، كتَحَيَّز من الحَوْز. وأَما قوله: ويَسْتَحْيي نساءَهم، فمعناه يَسْتَفْعِلُ من الحَياة أَي يتركهنَّ أَحياء وليس فيه إلا لغة واحدة. وقال أَبو زيد: يقال حَيِيتُ من فِعْلِ كذا وكذا أَحْيا حَياءً أَي اسْتَحْيَيْتُ؛ وأَنشد: أَلا تَحْيَــــــوْنَ مــــــن تَكْــــــثير قَـــــوْمٍ لعَلاَّتٍـــــــــ، وأُمُّكُمـــــــــو رَقُــــــــوبُ؟ معناه أَلا تَسْتَحْيُونَ. وجاء في الحديث: اقْتُلُوا شُيُوخ المشركين واسْتَحْيُوا شَرْخَهم أَي اسْتَبْقُوا شَبابَهم ولا تقتلوهم، وكذلك قوله تعالى: يُذَبِّحُ أَبناءهم ويَسْتَحْيِي نساءَم؛ أَي يسْتَبْقيهن للخدمة فلا يقتلهن. الجوهري: الحَياء، ممدود، الاستحياء. والحَياء أَيضاً: رَحِمُ الناقة، والجمع أَحْيِيةٌ؛ عن الأَصمعي. الليث: حَيا الناقة يقصر ويمدّ لغتان. الأَزهري: حَياءُ الناقة والشاة وغيرهما ممدود إلاّ أَن يقصره شاعر ضرورة، وما جاء عن العرب إلا ممدوداً، وإنما سمي حَياءً باسم الحَياء من الاسْتحياء لأَنه يُسْتَر من الآدمي ويُكْنى عنه من الحيوان، ويُسْتَفحش التصريحُ بذكره واسمه الموضوع له ويُسْتَحى من ذلك ويُكْنى عنه. وقال الليث: يجوز قَصْر الحَياء ومَدُّه، وهو غلط لا يجوز قصره لغير الشاعر لأَن أَصله الحَياءُ من الاستحياء. وفي الحديث: أَنه كَرِهَ من الشاةِ سَبْعاً: الدَّمَ والمرارة والحَياءَ والعُقْدَةَ والذَّكَر والأُنْثَيين والمَثانَة؛ الحَياءُ، ممدود: الفرج من ذوات الخُفِّ والظِّلْف، وجمعها أَحْييَة. قال ابن بري: وقد جاء الحَياء لرحم الناقة مقصوراً في شعر أَبي النَّجْم، وهو قوله: جَعْــــــدٌ حَياهــــــا ســــــَبِطٌ لَحْياهــــــا قال ابن بري: قال الجوهري في ترجمة عيي: وسمعنا من العرب من يقول أَعْيِياءُ وأَحْيِيَةٌ فيُبَيِّنُ. قال ابن بري: في كتاب سيبويه أَحْيِيَة جمع حَياءٍ لفرج الناقة، وذكر أَن من العرب من يدغمه فيقول أَحِيَّه، قال:والذي رأَيناه في الصحاح سمعنا من العرب من يقول أَعْيِياءُ وأَعْيِيَةٌ فيبين؛ ابن سيده: وخص ابن الأَعرابي به الشاة والبقرة والظبية، والجمع أَحْياءٌ؛ عن أَبي زيد، وأَحْيِيَةٌ وحَيٌّ وحِيٌّ؛ عن سيبويه، قال: ظهرت الياء في أَحْيِيَة لظهورها في حَيِيَ، والإدْغامُ أَحسنُ لأَن الحركة لازمة، فإن أَظهرت فأحْسَنُ ذلك أَن تُخْفي كراهية تَلاقي المثلين، وهي مع ذلك بزنتها متحرّكة، وحمل ابن جني أَحْياءً على أَنه جمع حَياءٍ ممدوداً؛ قال: كَسَّرُوا فَعالاً على أَفعال حتى كأنهم إنما كسروا فَعَلاً.الأَزهري: والحَيُّ فرج المرأَة. ورأى أَعرابي جهاز عَرُوسٍ فقال: هذا سَعَفُ الحَيِّ أَي جِهازُ فرج المرأَة.والحَيَّةُ: الحَنَشُ المعروف، اشتقاقه من الحَياة في قول بعضهم؛ قال سيبويه: والدليل على ذلك قول العرب في الإضافة إلى حَيَّةَ بن بَهْدَلة حَيَوِيٌّ، فلو كان من الواو لكان حَوَوِيّ كقولك في الإضافة إلى لَيَّة لَوَوِيٌّ. قال بعضهم: فإن قلت فهلاَّ كانت الحَيَّةُ مما عينه واو استدلالاً بقولهم رجل حَوَّاء لظهور الواو عيناً في حَوَّاء؟ فالجواب أَنَّ أَبا عليّ ذهب إلى أَن حَيَّة وحَوَّاء كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ ولؤلؤٍ ولأْآلٍ ودَمِثٍ ودِمَثْرٍ ودِلاصٍ ودُلامِصٍ، في قول أبي عثمان، وإن هذه الأَلفاظ اقتربت أُصولها واتفقت معانيها، وكل واحد لفظه غير لفظ صاحبه فكذلك حَيَّةٌ مما عينه ولامه ياءَان، وحَوَّاء مما عينه واو ولامه ياء، كما أَن لُؤلُؤاً رُباعِيٌّ ولأْآل ثلاثي، لفظاهما مقتربان ومعنياهما متفقان، ونظير ذلك قولهم جُبْتُ جَيْبَ القَميص، وإنما جعلوا حَوَّاء مما عينه واو ولامه ياء، وإن كان يمكن لفظه أَن يكون مما عينه ولامه واوان من قِبَل أَن هذا هو الأَكثر في كلامهم، ولم يأْت الفاء والعين واللام ياءَات إلاَّ في قولهم يَيَّيْتُ ياءً حَسَنة، على أَن فيه ضَعْفاً من طريق الرواية، ويجوز أَن يكون من التّحَوِّي لانْطوائها، والمذكر والمؤنث في ذلك سواء. قال الجوهري: الحَيَّة تكون للذكر والأُنثى، وإنما دخلته الياء لأَنه واحد من جنس مثل بَطَّة ودَجاجة، على أَنه قد روي عن العرب: رأَيت حَيّاً على حَيّة أَي ذكراً على أُنثى، وفلان حَيّةٌ ذكر. والحاوِي: صاحب الحَيَّات، وهو فاعل. والحَيُّوت: ذَكَر الحَيَّات؛ قال الأَزهري: التاء في الحَيُّوت:زائدة لأَن أَصله الحَيُّو، وتُجْمع الحَيَّة حَيَواتٍ. وفي الحديث: لا بأْسَ بقَتْلِ الحَيَواتِ، جمع الحَيَّة. قال: واشتقاقُ الحَيَّةِ من الحَياة، ويقال: هي في الأَصل حَيْوَة فأُدْغِمَت الياء في الواو وجُعلتا ياءً شديدة، قال: ومن قال لصاحب الحَيَّاتِ حايٍ فهو فاعل من هذا البناء وصارت الواو كسرة كواو الغازي والعالي، ومن قال حَوَّاء فهو على بناء فَعَّال، فإنه يقول اشتقاقُ الحَيَّة من حَوَيْتُ لأَنها تَتَحَوَّى في الْتِوائِها، وكل ذلك تقوله العرب. قال أَبو منصور: وإن قيل حاوٍ على فاعل فهو جائز، والفرق بينه وبين غازٍ أن عين الفعل من حاوٍ واو وعين الفعل من الغازي الزاي فبينهما فرق، وهذا يجوز على قول من جعل الحَيَّة في أَصل البناء حَوْيَةً. قال الأَزهري: والعرب تُذَكّر الحَيَّة وتؤنثها، فإذا قالوا الحَيُّوت عَنَوا الحَيَّة الذكَرَ؛ وأَنشد الأَصمعي: ويأكُــــــــلُ الحَيَّــــــــةَ والحَيُّوتَـــــــا، ويَـــــــدْمُقُ الأَغْفـــــــالَ والتَّابُوتَـــــــا، ويَخْنُــــــــقُ العَجُــــــــوزَ أَو تَمُوتَـــــــا وأَرض مَحْياة ومَحْواة: كثيرة الحيّات. قال الأَزهري: وللعرب أَمثال كثيرة في الحَيَّة نَذْكُرُ ما حَضَرَنَا منها، يقولون: هو أَبْصَر من حَيَّةٍ؛ لحِدَّةِ بَصَرها، ويقولون: هو أَظْلَم من حَيَّةٍ؛ لأنها تأْتي جُحْر الضَّبِّ فتأْكلُ حِسْلَها وتسكُنُ جُحْرَها، ويقولون: فلان حَيَّةُ الوادِي إذا كان شديد الشَّكِيمَةِ حامِياً لحَوْزَتِه، وهُمْ حَيَّةُ الأَرض؛ ومنه قول ذِي الإصْبعِ العَدْواني: عَــذِيرَ الحَــيِّ مــنْ عَـدْوا_نَ، كـانُوا حَيَّـةَ الأَرض أَراد أَنهم كانوا ذوي إربٍ وشِدَّةٍ لا يُضَيِّعون ثَأْراً، ويقال رأْسُه رأْسُ حَيَّةٍ إذا كان مُتَوقِّداً شَهْماً عاقلاً. وفلان حَيّةٌ ذكَرٌ أَي شجاع شديد. ويدعون على الرجل فيقولون: سقاه الله دَمَ الحَيَّاتِ أَي أَهْلَكَه. ويقال: رأَيت في كتابه حَيَّاتٍ وعَقارِبَ إذا مَحَلَ كاتِبُهُ بِرَجُلٍ إلى سُلْطانٍ ووَشَى به ليُوقِعَه في وَرْطة. ويقال للرجل إذا طال عُمْره وللمرأَة إذا طال عمرها: ما هُو إلاّ حَيَّةٌ وما هي إلاّ حَيَّةٌ، وذلك لطول عمر الحَيَّة كأَنَّه سُمِّي حَيَّةً لطول حياته.ابن الأَعرابي: فلانٌ حَيَّةُ الوادي وحَيَّة الأرض وحَيَّةُ الحَمَاطِ إذا كان نِهايةً في الدَّهاء والخبث والعقل؛ وأَنشد الفراء: كمِثْــــــلِ شــــــَيْطانِ الحَمَـــــاطِ أَعْـــــرَفُ وروي عن زيد بن كَثْوَة: من أَمثالهم حَيْهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صاحبي، حَيْهٍ حِمَارِي وَحْدِي؛ يقال ذلك عند المَزْرِيَةِ على الذي يَسْتحق ما لا يملك مكابره وظلماً، وأَصله أَن امرأَة كانت رافقت رجلاً في سفر وهي راجلة وهو على حمار، قال فأَوَى لها وأَفْقَرَها ظَهْرَ حماره ومَشَى عنها، فبَيْنَما هما في سيرهما إذ قالت وهي راكبة عليه: حيهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صاحبي، فسمع الرجل مقالتها فقال: حَيْهٍ حِمارِي وَحْدِي، ولم يَحْفِلْ لقولها ولم يُنْغِضْها، فلم يزالا كذلك حتى بَلَغَتِ الناسَ فلما وَثِقَتْ قالت: حَيْهٍ حِمَاري وَحْدِي؛ وهي عليه فنازعها الرجلُ إياه فاستغاثت عليه، فاجتمع لهما الناسُ والمرأَةُ راكبة على الحمار والرجل راجل، فقُضِيَ لها عليه بالحمار لما رأَوها، فَذَهَبَتْ مَثَلاً. والحَيَّةُ من سِماتِ الإبل: وَسْمٌ يكون في العُنُقِ والفَخِذ مُلْتَوِياً مثلَ الحَيَّة؛ عن ابن حبيب من تذكرة أبي عليّ.وحَيَّةُ بنُ بَهْدَلَةَ: قبيلة، النسب إليها حَيَوِيٌّ؛ حكاه سيبويه عن الخليل عن العرب، وبذلك استُدِلّ على أَن الإضافة إلى لَيَّةٍ لَوَوِيٌّ، قال: وأَما أَبو عمرو فكان يقول لَيَيِيٌّ وحَيَيِيٌّ. وبَنُو حِيٍّ: بطنٌ من العرب، وكذلك بَنُو حَيٍّ. ابن بري: وبَنُو الحَيَا، مقصور، بَطْن من العرب. ومُحَيَّاةُ: اسم موضع. وقد سَمَّوْا: يَحْيَى وحُيَيّاً وحَيّاً وحِيّاً وحَيّانَ وحُيَيَّةَ. والحَيَا: اسم امرأَة؛ قال الراعي: إنَّ الحَيَـــــا وَلَـــــدَتْ أَبــــي وَعُمُــــومَتِي، ونَبَـــــتُّ فــــي ســــَبِطِ الفُــــرُوعِ نُضــــارِ وأَبو تِحْيَاةَ: كنية رجل من حَيِيتَ تِحْيا وتَحْيا، والتاء ليست بأَصلية.ابن سيده: وَحَيَّ على الغَداء والصلاةِ ائتُوهَا، فحَيَّ اسم للفعل ولذلك عُلّق حرفُ الجرّ الذي هو على به.وحَيَّهَلْ وحَيَّهَلاً وحَيَّهَلا، مُنَوَّناً وغيرَ منوّن، كلّه: كلمة يُسْتَحَثُّ بها؛ قال مُزاحم: بِحَيَّهَلاً يُزْجُـــــــــونَ كُــــــــلَّ مَطِيَّــــــــةٍ أَمــــامَ المَطايــــا، ســــَيْرُها المُتَقــــاذِفُ قال بعض النحويين: إذا قلت حَيَّهَلاً فنوّنت قلت حَثّاً، وإذا قلت حَيَّهَلا فلم تُنون فكأَنَّك قلت الحَثَّ، فصار التنوين علم التنكير وتركه علم التعريف وكذلك جميع ما هذه حاله من المبنيَّات، إذا اعْتُقِد فيه التنكير نُوِّن، وإذا اعتُقِد فيه التعريف حذف التنوين. قال أَبو عبيد: سمع أَبو مَهْدِيَّة رجلاً من العجم يقول لصاحبه زُوذْ زُوذْ، مرتين بالفارسية، فسأَله أَبو مَهْدِيَّة عنها فقيل له: يقول عَجِّلْ عَجِّلْ، قال أَبو مَهْدِيَّة: فهَلاَّ قال له حَيَّهَلَكَ، فقيل له: ما كان الله ليجمع لهم إلى العَجَمِيّة العَرَبِيّة. الجوهري: وقولهم حَيّ على الصلاة معناه هَلُمَّ وأَقْبِلْ، وفُتِحتالياءُ لسكونها وسكون ما قبلها كما قيل لَيتَ ولعلَّ، والعرب تقول: حَيَّ على الثَّرِيدِ، وهو اسمٌ لِفعل الأَمر، وذكر الجوهري حَيَّهَلْ في باب اللام، وحاحَيْتُ في فصل الحاء والأَلف آخرَ الكتاب. الأَزهري: حَيّ، مثَقَّلة، يُنْدَبُ بها ويُدْعَى بها، يقال: حَيَّ على الغَداء حَيَّ على الخير، قال: ولم يُشْتَق منه فعل؛ قال ذلك الليث، وقال غيره: حَيَّ حَثٌّ ودُعاء؛ ومنه حديث الأَذان: حَيَّ على الصلاة حَيَّ على الفَلاح أَي هَلُمُّوا إليها وأَقبلوا وتَعالَوْا مسرعين، وقيل: معناهما عَجِّلوا إلى الصلاح وإلى الفلاح؛ قال ابن أَحمر: أَنشــــَأْتُ أَســــْأَلُه مــــا بــــالُ رُفْقَتهـــ، حَـــيَّ الحُمـــولَ، فـــإنَّ الركْـــبَ قــد ذَهَبــا أَي عليك بالحمول فقد ذهبوا؛ قال شمر أَنشد محارب لأَعرابي: ونحـــــن فــــي مَســــْجدٍ يَــــدْع مُــــؤَذِّنُه: حَـــيَّ تَعـــالَوْا، ومــا نَــاموا ومــا غَفَلــوا قال: ذهب به إلى الصوت نحو طاقٍ طاقٍ وغاقٍ غاقٍ. وزعم أَبو الخطاب أَن العرب تقول: حَيَّ هَلَ الصلاةَ أَي ائْتِ الصلاة، جَعَلَهُما اسمين فَنصَبَهما. ابن الأَعرابي: حَيَّ هَلْ بفلان وحَيَّ هَلَ بفلان وحَيَّ هَلاً بفلان أَي اعْجَلْ. وفي حديث ابن مسعود: إذا ذُكِرَ الصَّالِحُون فَحَيَّ هَلاً بِعُمَرَ أَي ابْدَأ به وعَجِّلْ بذكره، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة وفيها لغات. وهَلا: حَثٌّ واستعجال؛ وقال ابن بري: صَوْتان رُكِّبا، ومعنى حَيَّ أَعْجِلْ؛ وأَنشد بيت ابن أَحمر: أَنْشــــَأْتُ أَســــْأَلُه عــــن حَــــالِ رُفْقَتِهِـــ، فقـــالَ: حَيَّـــ، فـــإنَّ الرَّكْـــبَ قـــد ذَهَبــا قال: وحَاحَيْتُ من بَناتِ الأَرْبعة؛ قال امرؤ القيس: قَوْمٌ يُحاحُونَ بالبِهام، ونِسْ_وَانٌ قِصارٌ كهَيْئَةِ الحَجَلِ قال ابن بري: ومن هذا الفصل التَّحايِي. قال ابن قتيبةَ: رُبّما عَدَل القَمَر عن الهَنْعة فنزل بالتَّحابي، وهي ثلاثة كواكب حِذَاءَ الهَنْعَة، الواحدة منها تِحْيَاة وهي بين المَجَرَّةِ وتَوابِعِ العَيُّوق، وكان أَبو زياد الكلابي يقول: التَّحايي هي النهَنْقة، وتهمز فيقال التَّحَائي؛ قال أَبو حنيفة: بِهِنَّ ينزل القمر لا بالهَنْعة نَفْسِها، وواحدتها تِحْياة؛ قال الشيخ: فهو على هذا تِفْعَلة كتِحْلَبَة من الأَبنية، ومَنَعْناهُ من فِعْلاةٍ كعِزْهاةٍ أَنَّ ت ح ي مهملٌ وأَنَّ جَعْلَه و ح ي تَكَلُّفٌ، لإبدال التاء دون أَن تكون أَصلاً، فلهذا جَعَلناها من الحَيَاء لأَنهم قالوا لها تَحِيَّة، تسمَّى الهَنْعة التَّحِيّة فهذا من ح ي ي ليس إلاّ، وأَصلها تحْيِيَة تَفْعِلة، وأَيضاً فإنَّ نوءَها كبير الحيا من أَنواء الجوزاء؛ يدل على ذلك قول النابغة: ســــَرَتْ عليــــه مــــنَ الجَـــوْزاء ســـاريةٌ، تُزْجــــي الشــــَّمالُ عَليَـــه ســـالِفَ البَـــرَد والنَّوْءُ للغارب، وكما أَن طلوع الجوزاء في الحر الشديد كذلك نوؤها في البرد والمطر والشتاء، وكيف كانت واحدتها أَتِحْيَاةٌ، على ما ذكر أَبو حنيفة، أَمْ تَحِيَّة على ما قال غيره، فالهمز في جمعها شاذ من جهة القياس، فإن صح به السماع فهو كمصائبَ ومعائِشَ في قراءة خارجة، شُبِّهَت تَحِيَّة بفَعِيلة، فكما قيل تَحَوِيٌّ في النسب، وقيل في مَسِيل مُسْلان في أَحد القولين قيل تَحائي، حتى كأَنه فَعِيلة وفَعائل. وذكر الأَزهري في هذه الترجمة: الحَيْهَل شجرٌ؛ قال النضر: رأَيت حَيْهَلاً وهذا حَيْهَلٌ كثير. قال أَبو عمرو: الهَرْمُ من الحَمْضِ يقال له حَيْهَلٌ، الواحدة حَيْهَلَةٌ، قال: ويسمى به لأَنه إذا أَصابه المطر نَبَت سريعاً، وإِذا أَكلته الناقة أَو الإِبل ولم تَبْعَرْ ولم تَسْلَحْ سريعاً ماتت.ابن الأَعرابي: الحَيُّ الحَقٌّ واللَّيُّ الباطل؛ ومنه قولهم: لا يَعْرِف الحَيَّ من اللَّيِّ، وكذلك الحَوَّ من اللَّوِّ في الموضعين، وقيل:لا يَعْرِف الحَوَّ من اللَّوِّ؛ الحَوُّ: نَعَمْ، واللَّوُّ لَوْ، قال:والحَيُّ الحَوِيّةُ، واللَّيُّ لَيُّ الحَبْلِ أَي فتله؛ يُضرب هذا للأَحْمق الذي لا يَعْرف شيئاً.وأَحْيَا، بفتح الهمزة وسكون الحاء وياءٍ تحتَها نقطتان: ماءٌ بالحجاز كانت به غَزاة عُبيدَة بن الحرث بن عبد المطلب.
المعجم: لسان العرب