المعجم العربي الجامع
ورص
المعنى: التهذيب في ترجمة ورض: ورَّضَت الدَّجاجةُ إذا كانت مُرْخِمَةً على البَيْضِ ثم قامت فوضعت بمرّة، وكذلك التَّوْرِيضُ في كل شيء، قال أَبو منصور: هذا تصحيف والصواب ورَّصَت، بالصاد. الفراء: ورَّصَ الشَّيْخُ وأَوْرَصَ إذا اسْتَرْخَى حِتارُ خَوْرانِه فأَبْدَى.وامرأَة مِيراصٌ: تُحْدِثُ إذا أُتِيَت. ابن بري: قال ابن خالويه الوَرْصُ الدَّبُوقاءُ، وجمعه أَوْراصٌ. ووَرَّصَ إذا رمَى بالعَرَبُون، وهو العَذِرة، ولم يقدر على حبسه، وهذه اللفظة ذكرها ابن بري في ترجمة عربن العَرَبُون، بفتح العين والراء.
المعجم: لسان العرب ورص
المعنى: ورص {وَرَصَت هَذَا الحَرْفُ، أَهمَلَه الجَوْهَرِيّ هُنَا، وأَوْرَدَه فِي الضَّادِ تبعَاً لِلَّيْثِ، وَقد غَلَّطَهُ الأَزْهَرِيُّ فِي كِتَابِه. وَقَالَ: الصَّوابُ} وَرَصَتِ الدَّجَاجَةُ {وَرْصاً، كوَعدَ،} وأَوْرَصَتْ،! ووَرَّصَتْ تَوْرِيصاً: وَضَعَت، ونَصُّ التَّهْذِيب: إِذا كَانَتْ مُرْخِمَةً على البَيْضِ ثمَّ قَامَتْ فوَضَعَتْ بمَرَّةٍ. واقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ فِي الضَّادِ على الأَخِيرِ، وَقَالَ: ثمّ قامَت فذَرَقَتْ بمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ ذَرْقاً كَثِيراً. وامرَأَةٌ {مِيرَاصٌ، إِذَا كَانَتْ تُحْدِثُ إِذا وُطِئَتْ، عادَةً. قَالَ الأَزْهَرِيُّ: أَخبَرَنِي المُنْدِرِيُّ عَن ثَعْلَبٍ عَنْ سَلَمَةَ عَن الفَرَّاءِ:} وَرَّص الشَّيْخُ {تَوْرِيصاً، إِذا اسْتَرْخَى حِتَارُ خَوْرَانِهِ وأَبْدَى، قَالَ: وحَكَى عَن ابنِ الأَعْرَابِيّ قَالَ:} أَوْرَصَ {ووَرَّصَ، إِذا رَمَى بغائِطِه. قُلتُ: وذَكَرَ ابنُ بَرّيّ فِي ترْجَمَة عَربن:} وَرَّصَ، إِذا رَمَى بالعَرَبُونِ، مُحَرَّكَةً، وَهُوَ العَذِرَةُ، وَلم يَقْدِرْ على حَبْسِهِ. ووَهِمَ الجَوْهَرِيُّ وَهَماً فاضِحاً فجَعَلَ الكُلَّ مِمَّا ذُكِرَ من اللُّغَانِ بالضَّادِ المُعْجَمَة. قُلتُ: الجَوْهَرِيُّ تَبِعَ اللَّيْثَ، فإِنّه أَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ العَيْن هَكَذَا بالضّادِ، ووَهَّمَه الأَزْهَرِيّ بِمَا تَقَدَّمَ من سَمَاعَهِ عَن شيُوخِهِ، واستَرابَ فِي مَجِيءِ هذِهِ الأَحْرُفِ بالضَّادِ، ولَعَلَّ الجَوْهَرِيّ صَحَّ عِنْدَهُ من طُرُقٍ أُخْرَى بالضّادِ، والَّليْثُ ثِقَةٌ فَلَا يُنْسَبُ إِليه الوَهَمُ الفاضِحُ، مَعَ أَنَّ المُصَنِّفَ تَبِعَهُ فِي الضّادِ مُقَلِّداً لَهُ من غيْرِ تَنبِيهٍ عَلَيْهِ، وسُكُوتُه دَلِيلٌ على التَّسْلِيمِ، فتَأَمَّلْ. وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: {الوَرْصُ: الدَّبُوقاءُ، وجَمعُه} أَوْرَاصٌ. نَقَلَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ عَن ابْنِ خَالَوَيْه.
المعجم: تاج العروس ورض
المعنى: ورض {وَرَضَ الرَّجُلُ} يَرِضُ وَرْضاً: خَرَجَ غائطُه رَقيقاً، نَقَلَهُ الخارْزَنْجيُّ. و {وَرَضَتِ الدَّجاجَةُ: وَضَعَتْ بَيْضَها بمَرَّةٍ،} كوَرَّضَتْ {تَوْريضاً، فيهمَا، أَي فِي الدَّجاجَةِ والرَّجُلِ. وَفِي كَلَامه نَظَرٌ من وُجوهٍ: أَوَّلاً: فإِنَّ} التَّوْريضَ فِي الرَّجُلِ هُوَ إخْراجُ الغائطِ والنَّجْوِ بمَرَّةٍ واحِدَةٍ، كَمَا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، فيكونُ حينئذٍ مُتَعَدِّياً. وَالَّذِي نَقَلَهُ الخارزَنْجيُّ فِعْلٌ لازِمٌ، فكَيْفَ يكونُ {الوَرْضُ} والتَّوْريضُ سَواءً. وَثَانِيا: فإِنَّهُ تَبِعَ هُنا الجَوْهَرِيّ فِي إيرادهِ بالضَّادِ تَقْليداً للَّيْثِ غير مُنَبِّهٍ عَلَيْهِ، وَقَدْ سَبَقَ لَهُ فِي الصَّادِ تَوْهيمُ الجَوْهَرِيّ، حيثُ ذَكَره فِي الضادِ وصوابُه بالصّاد المُهْمَلَة، عَلَى مَا حَقَّقَه الأّزْهَرِيّ والصَّاغَانِيُّ. وثالثاً: فإِنَّ الجَوْهَرِيّ ذَكَر {أَوْرَضَ} إيراضاً، {كوَرَّضَ تَوْريضاً بمَعْنًى واحدٍ، فَكيف يُهْمِلُ شَيئاً ويَذكُر شَيْئا، وهُما سواءٌ. ورابعاً: فإِنَّ قَوْله:} وَرَضَت الدَّجاجَةُ، من الثُّلاثيّ، مخالفٌ نَصَّ العَيْنِ، عَلَى مَا نَقَلَهُ الجَماعة، قالَ اللَّيْثُ: {وَرَّضَتِ الدَّجاجةُ، إِذا كَانَت مُرْخِمَةً عَلَى البَيْضِ ثمَّ قامَتْ فوَضَعَتْ بِمَرَّةٍ، وكَذلِكَ التَّوْريضُ فِي كُلِّ شيءٍ. وَفِي الصّحاح: قامَتْ فذَرَقَتْ بمَرَّةٍ واحدَةٍ ذَرْقاً كَثيراً. وَقَالَ الأّزْهَرِيّ: وَهَذَا تَصْحيفٌ، والصّوابُ: وَرَّصَتْ، بالصَّادِ. وَقَالَ أَبو العَبّاسِ عَن ابْن الأَعْرَابِيّ: أَوْرَصَ، ووَرَّصَ، إِذا رَمَى بغائِطِه قالَ: وَقَالَ المُنْذِريُّ عَن ثعْلَبٍ عَن سَلَمَة عَن الفَرَّاء قالَ: وَرَّصَ الشَّيْخُ، بالصّاد الْمُهْملَة، إِذا اسْتَرْخى حِتَارُ خَوْرانِه فأبْدَى. وَقَالَ: فأمَّا} التَّوْريضُ بالضّاد المُعْجَمَة فَلهُ معنى آخَرُ غيرُ مَا ذَكَرَه اللَّيْثُ: قالَ ثَعْلَبٌ عَن ابْن الأَعْرَابِيّ: وَهُوَ أنْ يَرْتادَ الأرْضَ، ويَطْلُبَ الكَلأَ. قالَ عَدِيُّ ابنُ زَيْد بن مَالك بن عَديِّ بن الرِّقاعِ يَصفُ رَوْضةً: (حَسِبَ الرَّائِدُ {المُوَرِّضُ أنْ قدْ ... ذَرَّ مِنْهَا بكُلِّ نَبْءٍ صِوارُ) أَي مسك. وذَرَّ، أَي تَفَرَّقَ، والنَّبْءُ: مَا نَبا من الأَرْض والتَّوْريضُ: تَبْييتُ الصَّوْمِ، عَن ابْن الأَعْرَابِيّ، أَي بالنِّيَّةِ، يُقَالُ: نَوَيْتُ الصَّوْمَ، وأَرَّضْتُه،} ووَرَّضْتهُ، ورَمَّضْتُه، وخَمَّرْتُه، وبَيَّتُّه، ورَسَّسْتُه، بمَعْنًى واحدٍ، ومِنْهُ الحديثُ: لَا صِيامَ لمنْ لم {يُوَرِّضْهُ من اللَّيْلِ، أَي لم يَنْوِ، قالَ الأّزْهَرِيّ: وأحْسَبُ الأصْلَ فِيهِ مَهْموزاً، ثمَّ قُلِبت الهَمْزَةُ واواً.
المعجم: تاج العروس كون
المعنى: الكَوْنُ: الحَدَثُ، وقد كان كَوْناً وكَيْنُونة؛ عن اللحياني وكراع، والكَيْنونة في مصدر كانَ يكونُ أَحسنُ. قال الفراء: العرب تقول في ذوات الياء مما يشبه زِغْتُ وسِرْتُ: طِرْتُ طَيْرُورَة وحِدْتُ حَيْدُودَة فيما لا يحصى من هذا الضرب، فأَما ذوات الواو مثل قُلْتُ ورُضْتُ، فإِنهم لا يقولون ذلك، وقد أَتى عنهم في أَربعة أَحرف: منها الكَيْنُونة من كُنْتُ، والدَّيْمُومة من دُمْتُ، والهَيْعُوعةُ من الهُواع، والسَّيْدُودَة من سُدْتُ، وكان ينبغي أَن يكون كَوْنُونة، ولكنها لما قَلَّتْ في مصادر الواو وكثرت في مصادر الياءِ أَلحقوها بالذي هو أَكثر مجيئاً منها، إِذ كانت الواو والياء متقاربتي المخرج. قال: وكان الخليل يقول كَيْنونة فَيْعولة هي في الأَصل كَيْوَنونة، التقت منها ياء وواوٌ والأُولى منهما ساكنة فصيرتا ياء مشددة مثل ما قالوا الهَيِّنُ من هُنْتُ، ثم خففوها فقالوا كَيْنونة كما قالوا هَيْنٌ لَيْنٌ؛ قال الفراء: وقد ذهب مَذْهباً إِلا أَن القول عِندي هو الأَول؛ وقول الحسن بن عُرْفُطة، جاهليّ: لـــــم يَـــــكُ الحَـــــقُّ ســــوَى أَنْ هــــاجَهُ رَســــــْمُ دارٍ قــــــد تَعَفَّــــــى بالســـــَّرَرْ إِنما أَراد: لم يكن الحق، فحذف النون لالتقاء الساكنين، وكان حكمه إذا وقعت النون موقعاً تُحَرَّكُ فيه فتَقْوَى بالحركة أَن لا يَحْذِفَها لأَنها بحركتها قد فارقت شِبْهَ حروف اللِّينِ، إِذ كُنَّ لا يَكُنَّ إِلا سَوَاكِنَ، وحذفُ النون من يكن أَقبح من حذف التنوين ونون التثنية والجمع، لأَن نون يكن أَصل وهي لام الفعل، والتنوين والنون زائدان، فالحذف منهما أَسهل منه في لام الفعل، وحذف النون أَيضاً من يكن أَقبح من حذف النون من قوله: غير الذي قد يقال مِلْكذب، لأَن أَصله يكون قد حذفت منه الواو لالتقاء الساكنين، فإِذا حذفت منه النون أَيضاً لالتقاء الساكنين أَجحفت به لتوالي الحذفين، لا سيما من وجه واحد، قال: ولك أَيضاً أَن تقول إِن من حرفٌ، والحذف في الحرف ضعيف إِلا مع التضعيف، نحو إِنّ وربَّ، قال: هذا قول ابن جني، قال: وأَرى أَنا شيئاً غير ذلك، وهو أَن يكون جاء بالحق بعدما حذف النون من يكن، فصار يكُ مثل قوله عز وجل: ولم يكُ شيئاً؛ فلما قَدَّرَهُ يَك، جاء بالحق بعدما جاز الحذف في النون، وهي ساكنة تخفيفاً، فبقي محذوفاً بحاله فقال: لم يَكُ الحَقُّ، ولو قَدَّره يكن فبقي محذوفاً، ثم جاء بالحق لوجب أَن يكسر لالتقاء الساكنين فيَقْوَى بالحركة، فلا يجد سبيلاً إِلى حذفها إِلا مستكرهاً، فكان يجب أَن يقول لم يكن الحق، ومثله قول الخَنْجَر بن صخر الأَسدي: فــــإِنْ لا تَــــكُ المِــــرآةُ أَبْـــدَتْ وَســـامةً، فقــــد أَبْــــدَتِ المِــــرآةُ جَبْهــــةَ ضــــَيْغَمِ يريد: فإِن لا تكن المرآة. وقال الجوهري: لم يك أَصله يكون، فلما دخلت عليها لم جزمتها فالتقى ساكنان فحذفت الواو فبقي لم يكن، فلما كثر استعماله حذفوا النون تخفيفاً، فإِذا تحركت أَثبتوها، قالوا لم يَكُنِ الرجلُ، وأَجاز يونس حذفها مع الحركة؛ وأَنشد: إِذا لـــم تَـــكُ الحاجــاتُ مــن همَّــة الفَــتى، فليــــس بمُغْــــنٍ عنــــكَ عَقْــــدُ الرَّتــــائِمِ ومثله ما حكاه قُطْرُب: أَن يونس أَجاز لم يكُ الرجل منطلقاً؛ وأَنشد بيت الحسن بن عُرْفُطة: لـــــم يَـــــكُ الحَـــــقُّ ســــوى أَن هــــاجَه والكائنة: الحادثة. وحكى سيبوية: أَنا أَعْرِفُكَ مُذْ كنت أَي مذ خُلِقْتَ، والمعنيان متقاربان. ابن الأَعرابي: التَّكَوُّنُ التَّحَرُّك، تقول العرب لمن تَشْنَؤُه: لا كانَ ولا تَكَوَّنَ؛ لا كان: لا خُلِقَ، ولا تَكَوَّن: لا تَحَرَّك أَي مات. والكائنة: الأَمر الحادث. وكَوَّنَه فتَكَوَّن: أَحدَثَه فحدث. وفي الحديث: من رآني في المنام فقد رآني فإِن الشيطان لا يتَكَوَّنُني، وفي رواية: لا يتَكَوَّنُ على صورتي. وكَوَّنَ الشيءَ: أَحدثه. والله مُكَوِّنُ الأَشياء يخرجها من العدم إلى الوجود. وبات فلان بكِينةِ سَوْءٍ وبجِيبةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوءٍ. والمكان: الموضع، والجمع أَمْكِنة وأَماكِنُ، توهَّموا الميم أَصلاً حتى قالوا تَمَكَّن في المكان، وهذا كما قالوا في تكسير المَسِيل أَمْسِلة، وقيل: الميم في المكان أَصل كأَنه من التَّمَكُّن دون الكَوْنِ، وهذا يقويه ما ذكرناه من تكسيره على أَفْعِلة؛ وقد حكى سيبويه في جمعه أَمْكُنٌ، وهذا زائد في الدلالة على أَن وزن الكلمة فَعَال دون مَفْعَل، فإن قلت فان فَعَالاً لا يكسر على أَفْعُل إلا أَن يكون مؤنثاً كأَتانٍ وآتُنٍ. الليث: المكان اشتقاقُه من كان يكون، ولكنه لما كثر في الكلام صارت الميم كأَنها أَصلية، والمكانُ مذكر، قيل: توهموا. فيه طرح الزائد كأَنهم كَسَّروا مَكَناً وأَمْكُنٌ، عند سيبويه، مما كُسِّرَ على غير ما يُكَسَّرُ عليه مثلُه، ومَضَيْتُ مَكانتي ومَكِينَتي أي على طِيَّتي. والاستِكانة: الخضوع. الجوهري: والمَكانة المنزلة.وفلانٌ مَكِينٌ عند فلان بَيِّنُ المكانة. والمكانة: الموضع. قال تعالى: ولو نشاءُ لمَسَخْناهم على مَكانتهم؛ قال: ولما كثرلزوم الميم تُوُهِّمت أَصلية فقيل تَمَكَّن كما قالوا من المسكين تَمَسْكَنَ؛ ذكر الجوهري ذلك في هذه الترجمة، قال ابن بري: مَكِينٌ فَعِيل ومَكان فَعال ومَكانةٌ فَعالة ليس شيء منها من الكَوْن فهذا سهوٌ، وأَمْكِنة أَفْعِلة، وأَما تمسكن فهو تَمَفْعل كتَمَدْرَع مشتقّاً من المِدْرَعة بزيادته، فعلى قياسه يجب في تمكَّنَ تمَكْونَ لأَنه تمفْعل على اشتقاقه لا تمكَّنَ، وتمكَّنَ وزنه تفَعَّلَ، وهذا كله سهو وموضعه فصل الميم من باب النون، وسنذكره هناك.وكان ويكون: من الأَفعال التي ترفع الأَسماء وتنصب الأَخبار، كقولك كان زيد قائماً ويكون عمرو ذاهباً، والمصدر كَوْناً وكياناً. قال الأَخفش في كتابه الموسوم بالقوافي: ويقولون أَزَيْداً كُنْتَ له؛قال ابن جني: ظاهره أَنه محكيّ عن العرب لأَن الأَخفش إنما يحتج بمسموع العرب لا بمقيس النحويين، وإذا كان قد سمع عنهم أَزيداً كنت له، ففيه دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها، قال: وذلك انه لا يفسر الفعل الناصب المضمر إلا بما لو حذف مفعوله لتسلط على الاسم الأَول فنصبه، أَلا تَراكَ تقول أَزيداً ضربته، ولو شئت لحذفت المفعول فتسلطتْ ضربت هذه الظاهرة على زيد نفسه فقلت أَزيداً ضربت، فعلى هذا قولهم أَزيداً كنت له يجوز في قياسه أَن تقول أَزيداً كُنْتَ، ومثَّل سيبويه كان بالفعل المتعدِّي فقال: وتقول كُنّاهْم كما تقول ضربناهم، وقال إذا لم تَكُنْهم فمن ذا يَكُونُهم كما تقول إذا لم تضربهم فمن ذا يضربهم، قال: وتقول هو كائِنٌ ومَكُونٌ كما تقول ضارب ومضروب. غيره: وكان تدل على خبر ماضٍ في وسط الكلام وآخره، ولا تكون صلَةً في أَوَّله لأَن الصلة تابعة لا متبوعة؛ وكان في معنى جاء كقول الشاعر: إذا كـــــــانَ الشـــــــِّتاءُ فـــــــأَدْفئُوني، فــــــإنَّ الشــــــَّيْخَ يُهْرِمُــــــه الشـــــِّتاءُ قال: وكان تأْتي باسم وخبر، وتأْتي باسم واحد وهو خبرها كقولك كان الأَمْرُ وكانت القصة أي وقع الأَمر ووقعت القصة، وهذه تسمى التامة المكتفية؛ وكان تكون جزاءً، قال أَبو العباس: اختلف الناس في قوله تعالى: كيف نُكَلِّمُ من كان في المَهْدِ صبيّاً؛ فقال بعضهم: كان ههنا صلة، ومعناه كيف نكلم من هو في المهد صبيّاً، قال: وقال الفراء كان ههنا شَرْطٌ وفي الكلام تعَجبٌ، ومعناه من يكن في المهد صبيّاً فكيف يُكَلَّمُ، وأَما قوله عز وجل: وكان الله عَفُوّاً غَفُوراً، وما أَشبهه فإن أَبا إسحق الزجاج قال: قد اختلف الناس في كان فقال الحسن البصري: كان الله عَفُوّاً غَفُوراً لعباده. وعن عباده قبل أَن يخلقهم، وقال النحويون البصريون: كأَنَّ القوم شاهَدُوا من الله رحمة فأُعْلِمُوا أَن ذلك ليس بحادث وأَن الله لم يزل كذلك، وقال قوم من النحويين: كانَ وفَعَل من الله تعالى بمنزلة ما في الحال، فالمعنى، والله أَعلم،. والله عَفُوٌّ غَفُور؛ قال أَبو إسحق: الذي قاله الحسن وغيره أَدْخَلُ في العربية وأَشْبَهُ بكلام العرب، وأَما القول الثالث فمعناه يؤُول إلى ما قاله الحسن وسيبويه، إلاَّ أن كون الماضي بمعنى الحال يَقِلُّ، وصاحبُ هذا القول له من الحجة قولنا غَفَر الله لفلان بمعنى لِيَغْفِر الله، فلما كان في الحال دليل على الاستقبال وقع الماضي مؤدِّياً عنها استخفافاً لأَن اختلاف أَلفاظ الأَفعال إنما وقع لاختلاف الأَوقات. وروي عن ابن الأَعرابي في قوله عز وجل: كُنتُم خَيْرَ أُمَّة أُخرجت للناس؛ أَي أَنتم خير أُمة، قال: ويقال معناه كنتم خير أُمة في علم الله. وفي الحديث: أَعوذ بك من الحَوْر بعد الكَوْنِ، قال ابن الأَثير:الكَوْنُ مصدر كان التامَّة؛ يقال: كان يَكُونُ كَوْناً أَي وُجِدَ واسْتَقَرَّ، يعني أَعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات، ويروى: بعد الكَوْرِ، بالراء، وقد تقدم في موضعه. الجوهري: كان إذا جعلته عبارة عما مضى من الزمان احتاج إلى خبر لأَنه دل على الزمان فقط، تقول: كان زيد عالماً، وإذا جعلته عبارة عن حدوث الشيء ووقوعه استغنى عن الخبر لأَنه دل على معنى وزمان، تقول: كانَ الأَمْرُ وأَنا أَعْرفُه مُذْ كان أَي مُذْ خُلِقَ؛ قال مَقَّاسٌ العائذيّ: فِـــداً لبَنـــي ذُهْـــلِ بـــن شـــَيْبانَ نــاقَتي، إذا كـــــان يـــــومٌ ذو كـــــواكبَ أَشـــــْهَبُ قوله: ذو كواكب أَي قد أَظلم فبَدَتْ كواكبُه لأَن شمسه كسفت بارتفاع الغبار في الحرب، وإذا كسفت الشمس ظهرت الكواكب؛ قال: وقد تقع زائدة للتوكيد كقولك كان زيد منطلقاً، ومعناه زيد منطلق؛ قال تعالى: وكان الله غفوراً رحيماً؛ وقال أَبو جُندب الهُذَلي: وكنتُـــــ، إذ جـــــاري دعـــــا لمَضـــــُوفةٍ، أُشـــــَمِّرُ حـــــتى يَنْصـــــُفَ الســـــاقَ مِئْزَري وإنما يخبر عن حاله وليس يخبر بكنت عمَّا مضى من فعله، قال ابن بري عند انقضاء كلام الجوهري، رحمهما الله: كان تكون بمعنى مَضَى وتَقَضَّى، وهي التامة، وتأْتي بمعنى اتصال الزمان من غير انقطاع، وهي الناقصة، ويعبر عنها بالزائدة أَيضاً، وتأْتي زائدة، وتأَتي بمعنى يكون في المستقبل من الزمان، وتكون بمعنى الحدوث والوقوع؛ فمن شواهدها بمعنى مضى وانقضى قول أَبي الغول: عَســَى الأَيــامُ أَن يَــرْجِع_نَ قومـاً كالـذي كـانوا وقال ابن الطَّثَرِيَّة: فلــــو كنــــتُ أَدري أَنَّ مـــا كـــانَ كـــائنٌ، وأَنَّ جَدِيــــدَ الوَصــــْلِ قــــد جُــــدَّ غـــابِرُهْ وقال أَبو الأَحوصِ: كــــم مِــــن ذَوِي خُلَّــــةٍ قبْلــــي وقبْلَكُــــمُ كــانوا، فأَمْســَوْا إلــى الهِجــرانِ قــد صـاروا وقال أَبو زُبَيْدٍ: ثــــم أَضــــْحَوْا كــــأَنهُم لــــم يَكُونــــوا، ومُلُوكــــــــاً كــــــــانوا وأَهْــــــــلَ عَلاءِ وقال نصر بن حجاج وأَدخل اللام على ما النافية: ظَنَنـــتَ بـــيَ الأَمْـــرَ الـــذي لـــو أَتَيْتُهـــ، لَمَـــا كـــان ليـــ، فـــي الصــالحين، مَقــامُ وقال أَوْسُ بن حجَر: هِجــــاؤُكَ إلاَّ أَنَّ مــــا كــــان قــــد مَضــــَى عَلـــــيَّ كـــــأَثْوابِ الحـــــرام المُهَيْنِـــــم وقال عبد الله بن عبد الأَعلى: يــــا لَيْــــتَ ذا خَبَــــرٍ عنهــــم يُخَبِّرُنـــا، بـــل لَيْـــتَ شـــِعْرِيَ، مــاذا بَعْــدَنا فَعَلُــوا؟ كنـــا وكـــانوا فمـــا نَـــدْرِي علـــى وَهَمٍــ، أَنَحْــــنُ فيمــــا لَبِثْنـــا أَم هُـــمُ عَجِلُـــوا؟ أَي نحن أَبطأْنا؛ ومنه قول الآخر: فكيــــــف إذا مَــــــرَرْتَ بـــــدارِ قَـــــوْمٍ، وجيــــــرانٍ لنــــــا كــــــانُوا كــــــرامِ وتقديره: وجيرانٍ لنا كرامٍ انْقَضَوْا وذهب جُودُهم؛ ومنه ما أَنشده ثعلب: فلــــو كنــــتُ أَدري أَنَّ مـــا كـــان كـــائنٌ، حَــــــذِرْتُكِ أَيــــــامَ الفُــــــؤادُ ســـــَلِيمُ ولكــــنْ حَســــِبْتُ الصــــَّرْمَ شـــيئاً أُطِيقُهـــ، إذا رُمْـــــتُ أَو حـــــاوَلْتُ أَمْـــــرَ غَرِيـــــمِ ومنه ما أَنشده الخليل لنفسه: بَلِّغـــــــا عنِّـــــــيَ المُنَجِّــــــمَ أَنــــــي كــــــافِرٌ بالـــــذي قَضـــــَتْه الكَـــــواكِبْ، عالِمٌ أَنَّ ما يكُونُ وما كا_نَ قَضاءٌ من المُهَيْمِنِ واجِبْ ومن شواهدها بمعنى اتصالِ الزمانِ من غير انقطاع قولُه سبحانه وتعالى: وكان الله غفوراً رحيماً؛ أي لم يَزَلْ على ذلك؛ وقال المتلمس: وكُنَّــــــا إذا الجَبَّـــــارُ صـــــَعَّرَ خَـــــدَّه، أَقَمْنـــــا لـــــه مــــن مَيْلِــــهِ فتَقَوَّمــــا وقول الفرزدق: وكنــــــا إذا الجَبَّـــــارُ صـــــَعَّرَ خَـــــدَّه، ضــــَرَبْناه تحــــتَ الأَنْثَيَيـــنِ علـــى الكَـــرْدِ وقول قَيْسِ بن الخَطِيم: وكنــــتُ امْــــرَأً لا أَســــْمَعُ الــــدَّهْرَ ســـُبَّةً أُســــــَبُّ بهــــــا، إلاَّ كَشـــــَفْتُ غِطاءَهـــــا وفي القرآن العظيم أَيضاً: إن هذا كان لكم جَزاءً وكان سَعْيُكُم مَشْكُوراً؛ فيه: إنه كان لآياتِنا عَنِيداً؛ وفيه: كان مِزاجُها زَنْجبيلاً.ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أَن تأْتي بمعنى صار كقوله سبحانه: كنتم خَيْرَ أُمَّةٍ؛ وقوله تعالى: فإذا انْشَقَّتِ السماءُ فكانت وَرْدَةً كالدِّهانِ؛ وفيه: فكانت هَبَاءً مُنْبَثّاً؛ وفيه: وكانت الجبالُ كَثِيباً مَهِيلاً؛ وفيه: كيف نُكَلِّمُ من كانَ في المَهْدِ صَبِيّاً؛ وفيه: وما جَعَلْنا القِبْلَةَ التي كُنْتَ عليها؛ أَي صِرْتَ إليها؛ وقال ابن أَحمر: بتَيْهــــــاءَ قَفْـــــرٍ، والمَطِـــــيُّ كأَنَّهـــــا قَطـــا الحَزْنِـــ، قــد كــانَتْ فِراخــاً بُيوضــُها وقال شَمْعَلَةُ بن الأَخْضَر يصف قَتْلَ بِسْطامِ ابن قَيْسٍ: فَخَــــــرَّ علــــــى الأَلاءَة لــــــم يُوَســـــَّدْ، وقـــــد كـــــانَ الــــدِّماءُ لــــه خِمــــارَا ومن أَقسام كان الناقصة أَيضاً أن يكون فيها ضميرُ الشأْن والقِصَّة، وتفارقها من اثني عشر وجهاً لأَن اسمها لا يكون إلا مضمراً غير ظاهر، ولا يرجع إلى مذكور، ولا يقصد به شيء بعينه، ولا يؤَكد به، ولا يعطف عليه، ولا يبدل منه، ولا يستعمل إلا في التفخيم، ولا يخبر عنه إلا بجملة، ولا يكون في الجملة ضمير، ولا يتقدَّم على كان؛ ومن شواهد كان الزائدة قول الشاعر: بـــــــــاللهِ قُولُــــــــوا بــــــــأَجْمَعِكُمْ: ا لَيْــــــتَ مـــــا كـــــانَ لـــــم يَكُـــــنِ وكان الزائدةُ لا تُزادُ أَوَّلاً، وإنما تُزادُ حَشْواً، ولا يكون لها اسم ولا خبر، ولا عمل لها؛ ومن شواهدها بمعنى يكون للمستقبل من الزمان قول الطِّرمَّاح بن حَكِيمٍ: وإنـــــي لآتِيكُـــــمْ تَشـــــَكُّرَ مــــا مَضــــَى مـــن الأَمْــرِ، واســْتِنْجازَ مــا كــانَ فــي غَــدِ وقال سَلَمَةُ الجُعْفِيُّ: وكُنْــــتُ أَرَى كــــالمَوْتِ مـــن بَيْـــنِ ســـَاعَةٍ، فكيــــفَ بِبَيْــــنٍ كـــانَ مِيعـــادُه الحَشـــْرَا؟ وقد تأْتي تكون بمعنى كان كقولِ زيادٍ الأَعْجَمِ: وانْضـــــَخْ جَـــــوانِبَ قَبْـــــرِهِ بـــــدِمائها، ولَقَــــــدْ يَكُــــــونُ أَخـــــا دَمٍ وذَبـــــائِح ومنه قول جَرِير: ولقــــد يَكُــــونُ علــــى الشــــَّبابِ بَصـــِيرَا قال: وقد يجيء خبر كان فعلاً ماضياً كقول حُمَيْدٍ الأَرْقَطِ: وكُنْــــــتُ خِلْـــــتُ الشـــــَّيْبَ والتَّبْـــــدِينَا والهَــــــمَّ ممــــــا يُــــــذْهِلُ القَرِينَـــــا وكقول الفرزدق: وكُنَّـــــا وَرِثْنــــاه علــــى عَهْــــدِ تُبَّعٍــــ، طَـــــوِيلاً ســـــَوارِيه، شـــــَديداً دَعـــــائِمُهْ وقال عَبْدَةُ بنُ الطَّبِيبِ: وكــــانَ طَــــوَى كَشــــْحاً علــــى مُســــْتَكِنَّةٍ، فَلا هُــــــوَ أَبْــــــداها ولـــــم يَتَجَمْجَـــــمِ وهذا البيت أَنشده في ترجمة كنن ونسبه لزهير، قال: ونقول كانَ كَوْناً وكَيْنُونة أَيضاً، شبهوه بالحَيْدُودَة والطَّيْرُورة من ذوات الياء، قال: ولم يجيء من الواو على هذا إلا أَحرف: كَيْنُونة وهَيْعُوعة ودَيْمُومة وقَيْدُودَة، وأَصله كَيْنُونة، بتشديد الياء، فحذفوا كما حذفوا من هَيِّنٍ ومَيِّتٍ، ولولا ذلك لقالوا كَوْنُونة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول، وأَما الحيدودة فأَصله فَعَلُولة بفتح العين فسكنت. قال ابن بري: أَصل كَيّنُونة كَيْوَنُونة، ووزنها فَيْعَلُولة، ثم قلبت الواو ياء فصار كَيّنُونة، ثم حذفت الياء تخفيفاً فصار كَيْنُونة، وقد جاءت بالتشديد على الأَصل؛ قال أَبو العباس أَنشدني النَّهْشَلِيُّ: قــــــد فـــــارَقَتْ قَرِينَهـــــا القَرِينَهـــــ، وشــــــَحَطَتْ عــــــن دارِهــــــا الظَّعِينـــــه يـــــا ليـــــتَ أَنَّـــــا ضــــَمَّنَا ســــَفِينه، حَتَّــــــى يَعُــــــودَ الوَصــــــْل كَيّنُــــــونه قال: والحَيْدُودَة أَصل وزنها فَيْعَلُولة، وهو حَيْوَدُودَة، ثم فعل بها ما فعل بكَيْنونة. قال ابن بري: واعلم أَنه يلحق بباب كان وأَخواتها كل فِعْلٍ سُلِبَ الدِّلالةَ على الحَدَث، وجُرِّدَ للزمان وجاز في الخبر عنه أَن يكون معرفة ونكرة، ولا يتم الكلام دونه، وذلك مثل عادَ ورَجَعَ وآضَ وأَتى وجاء وأَشباهها كقول الله عز وجل: يَأْتِ بَصيراً؛ وكقول الخوارج لابن عباس: ما جاءت حاجَتُك أَي ما صارت؛ يقال لكل طالب أَمر يجوز أَن يَبْلُغَه وأَن لا يبلغه. وتقول: جاء زيدٌ الشريفَ أَي صار زيدٌ الشريفَ؛ ومنها: طَفِق يفعل، وأَخَذ يَكْتُب، وأَنشأَ يقول، وجَعَلَ يقول.وفي حديث تَوْبةِ كَعْبٍ: رأَى رجلاً لا يَزُول به السَّرابُ فقال كُنْ أَبا خَيْثَمة أَي صِرْهُ. يقال للرجل يُرَى من بُعْدٍ: كُن فلاناً أَي أَنت فلان أَو هو فلان. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه دخل المسجد فرأَى رجلاً بَذَّ الهيئة، فقال: كُنْ أَبا مسلم، يعني الخَوْلانِيَّ.ورجل كُنْتِيٌّ: كبير، نسب إلى كُنْتُ. وقد قالوا كُنْتُنِيٌّ، نسب إلى كُنْتُ أَيضاً، والنون الأَخيرة زائدة؛ قال: ومــــا أَنــــا كُنْتِيٌّــــ، ولا أَنــــا عـــاجِنُ، وشــــــَرُّ الرِّجـــــال الكُنْتُنِـــــيُّ وعـــــاجِنُ وزعم سيبويه أَن إخراجه على الأَصل أَقيس فتقول كُونِيٌّ، على حَدِّ ما يُوجِبُ النَّسَبَ إلى الحكاية. الجوهري: يقال للرجل إذا شاخ هو كُنْتِيٌّ، كأَنه نسب إلى قوله كُنْتُ في شبابي كذا؛ وأَنشد: فأَصـــــْبَحْتُ كُنْتِيّـــــاً، وأَصــــْبَحْتُ عاجِنــــاً، وشـــــَرُّ خِصــــَالِ المَــــرْءِ كُنْــــتُ وعــــاجِنُ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر: إذا مــــــا كُنْــــــتَ مُلْتَمِســـــاً لِغَـــــوْثٍ، فلا تَصـــــــــْرُخْ بكُنْتِـــــــــيٍّ كبِيـــــــــرِ فَلَيْــــــسَ بِمُــــــدْرِكٍ شــــــيئاً بَســــــَعْيِ، ولا ســـــــــَمْعٍ، ولا نَظَـــــــــرٍ بَصــــــــِيرِ وفي الحديث: أَنه دخل المسجدَ وعامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّونَ؛ هم الشُّيوخُ الذين يقولون كُنَّا كذا، وكانَ كذا، وكنت كذا، فكأَنه منسوب إلى كُنْتُ. يقال: كأَنك والله قد كُنْتَ وصِرْتَ إلى كانَ أَي صرتَ إلى أَن يقال عنك: كانَ فلان، أَو يقال لك في حال الهَرَم: كُنْتَ مَرَّةً كذا، وكنت مرة كذا. الأَزهري في ترجمة كَنَتَ: ابن الأَعرابي كَنَتَ فلانٌ في خَلْقِه وكان في خَلْقِه، فهو كُنْتِيٌّ وكانِيُّ. ابن بُزُرْج: الكُنْتِيُّ القوي الشديد؛ وأَنشد: قــــد كُنْــــتُ كُنْتِيّــــاً، فأَصـــْبَحْتُ عاجِنـــاً، وشـــــَرُّ رِجــــال النــــاسِ كُنْــــتُ وعــــاجِنُ يقول: إذا قام اعْتَجَن أَي عَمَدَ على كُرْسُوعه، وقال أَبو زيد: الكُنْتِيُّ الكبير؛ وأَنشد: فلا تَصـــــــــْرُخْ بكُنْتِـــــــــيٍّ كـــــــــبير وقال عَدِيُّ بن زيد: فــــــاكتَنِتْ، لا تَـــــكُ عَبْـــــداً طـــــائِراً، واحْــــــذَرِ الأَقْتــــــالَ مِنَّـــــا والثُّـــــؤَرْ قال أَبو نصر: اكْتَنِتْ ارْضَ بما أَنت فيه، وقال غيره: الاكْتناتُ الخضوع؛ قال أَبو زُبَيْدٍ: مُسْتَضـــــْرِعٌ مــــا دنــــا منهــــنَّ مُكْتَنِــــتٌ للعَظْمِ مُجْتَلِمٌ ما فوقه فَنَعُ قال الأَزهري: وأَخبرني المنذري عن أَبي الهيثم أَنه قال لا يقال فَعَلْتُني إلا من الفعل الذي يتعدَّى إلى مفعولين، مثل ظَنَنْتُني ورأَيْتُني، ومُحالٌ أَن تقول ضَرَبْتُني وصَبَرْتُني لأَنه يشبه إضافة الفعل إلى ني، ولكن تقول صَبَرْتُ نفسي وضَرَبْتُ نَفْسِي، وليس يضاف من الفعل إلى ني إلاّ حرف واحد وهو قولهم كُنْتي وكُنْتُني؛ وأَنشد: ومـــا كُنْـــتُ كُنْتِيّـــاً، ومـــا كُنْــت عاجِنــاً، وشــــــَرُّ الرجـــــالِ الكُنْتُنِـــــيُّ وعـــــاجِنُ فجمع كُنْتِيّاً وكُنْتُنيّاً في البيت. ثعلب عن ابن الأَعرابي: قيل لصَبِيَّةٍ من العرب ما بَلَغَ الكِبَرُ من أَبيك؟ قالت: قد عَجَنَ وخَبَزَ وثَنَّى وثَلَّثَ وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ وكانَ وكَنَتَ. قال أَبو العباس: وأَخبرني سلمة عن الفراء قال: الكُنْتُنِيُّ في الجسم، والكَانِيُّ في الخُلُقِ. قال: وقال ابن الأَعرابي إذا قال كُنْتُ شابّاً وشجاعاً فهو كُنْتِيٌّ، وإذا قال كانَ لي مال فكُنْتُ أُعطي منه فهو كانِيٌّ. وقال ابن هانئ في باب المجموع مُثَلَّثاً: رجل كِنْتَأْوٌ ورجلان كِنْتَأْوان ورجال كِنْتَأْوُونَ، وهو الكثير شعر اللحية الكَثُّها؛ ومنه: جَمَلٌ سِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوان وسِندَأْوُونَ، وهو الفسيح من الإبل في مِشْيَتِه، ورجل قَنْدَأْوٌ ورجلان قِنْدَأْوان ورجال قَنْدَأْوُون، مهموزات. وفي الحديث: دخل عبد الله بن مسعود المسجدَ وعامة أَهله الكُنْتِيُّون، فقلتُ: ما الكُنْتِيُّون؟ فقال: الشُّيُوخُ الذين يقولون كانَ كذا وكذا وكُنْتُ، فقال عبد الله: دارَتْ رَحَى الإسلام عليَّ خمسةً وثَلاثين، ولأَنْ تَمُوتَ أَهلُ دارِي أَحَبُّ إليَّ من عِدَّتِهم من الذِّبَّان والجِعْلانِ. قال شمر: قال الفراء تقول كأَنَّك والله قد مُتَّ وصِرْتَ إلى كانَ، وكأَنكما مُتُّمَا وصرتما إلى كانا، والثلاثة كانوا؛ المعنى صِرْتَ إلى أَن يقال كانَ وأَنت ميت لا وأَنت حَيٌّ، قال: والمعنى له الحكاية على كُنْت مَرَّةً للمُواجهة ومرة للغائب، كما قال عز من قائلٍ: قل للذين كفروا ستُغْلَبُون وسَيُغْلَبُون؛ هذا على معنى كُنْتَ وكُنْتَ؛ ومنه قوله: وكُلُّ أَمْرٍ يوماً يَصِيرُ كان. وتقول للرجل: كأَنِّي بك وقد صِرْتَ كانِيّاً أَي يقال كان وللمرأَة كانِيَّة، وإن أَردت أَنك صرت من الهَرَم إلى أَن يقال كُنْت مرة وكُنْت مرة، قيل: أَصبحتَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنِيّاً، وإنما قال كُنْتُنِيّاً لأَنه أَحْدَثَ نوناً مع الياء في النسبة ليتبين الرفع، كما أَرادوا تَبين النَّصبِ في ضَرَبني، ولا يكون من حروف الاستثناء، تقول: جاء القوم لا يكون زيداً، ولا تستعمل إلى مضمراً فيها، وكأَنه قال لا يكون الآتي زيداً؛ وتجيء كان زائدة كقوله: ســـــَراةُ بَنـــــي أَبــــي بَكْــــرٍ تَســــامَوْا علــــــى كــــــانَ المُســــــَوَّمةِ العِـــــرابِ أَي على المُسوَّمة العِراب. وروى الكسائي عن العرب: نزل فلان على كان خَتَنِه أَي نزَل على خَتَنِه؛ وأَنشد الفراء: جـــادَتْ بكَفَّـــيْ كـــانَ مـــن أَرمـــى البَشـــَرْ أَي جادت بكفَّي من هو من أَرمى البشر؛ قال: والعرب تدخل كان في الكلام لغواً فتقول مُرَّ على كان زيدٍ؛ يريدون مُرَّ فأَدخل كان لغواً؛ وأَما قول الفرزدق: فكيـــــفَ ولـــــو مَــــرَرْت بــــدارِ قــــومٍ، جِيــــــرانٍ لنــــــا كــــــانوا كِرامِــــــ؟ ابن سيده: فزعم سيبويه أَن كان هنا زائدة، وقال أَبو العباس: إن تقديره وجِيرانٍ كِرامٍ كانوا لنا، قال ابن سيده: وهذا أَسوغ لأَن كان قد عملت ههنا في موضع الضمير وفي موضع لنا، فلا معنى لما ذهب إليه سيبويه من أَنها زائدة هنا، وكان عليه كَوْناً وكِياناً واكْتانَ: وهو من الكَفالة. قال أَبو عبيد: قال أَبو زيد اكْتَنْتُ به اكْتِياناً والاسم منه الكِيانةُ، وكنتُ عليهم أَكُون كَوْناً مثله من الكفالة أَيضاً ابن الأَعرابي: كان إذا كَفَل. والكِيانةُ: الكَفالة، كُنْتُ على فلانٍ أكُونُ كَوْناً أَي تَكَفَّلْتُ به. وتقول: كُنْتُكَ وكُنْتُ إياك كما تقول ظننتك زيداً وظَنْنتُ زيداً إِياك، تَضَعُ المنفصل موضع المتصل في الكناية عن الاسم والخبر، لأَنهما منفصلان في الأَصل، لأَنهما مبتدأ وخبر؛ قال أَبو الأَسود الدؤلي: دَعِ الخمــــرَ تَشــــربْها الغُــــواةُ، فــــإنني رأيــــــتُ أَخاهـــــا مُجْزِيـــــاً لمَكانِهـــــا فـــــإن لا يَكُنهـــــا أَو تَكُنْهـــــ، فـــــإنه أَخوهــــــا، غَــــــذَتْهُ أُمُّـــــهُ بلِبانِهـــــا يعني الزبيب. والكَوْنُ: واحد الأَكْوان.وسَمْعُ الكيان: كتابٌ للعجم؛ قال ابن بري: سَمْعُ الكيان بمعنى سَماعِ الكِيان، وسَمْعُ بمعنى ذِكْرِ الكيان، وهو كتاب أَلفه أَرَسْطو.وكِيوانُ زُحَلُ: القولُ فيه كالقول في خَيْوان، وهو مذكور في موضعه، والمانع له من الصرف العجمة، كما أَن المانع لخَيْوان من الصرف إنما هو التأْنيث وإرادة البُقْعة أَو الأَرض أَو القَرْية. والكانونُ: إن جعلته من الكِنِّ فهو فاعُول، وإن جعلته فَعَلُولاً على تقدير قَرَبُوس فالأَلف فيه أَصلية، وهي من الواو، سمي به مَوْقِدُ النار.
المعجم: لسان العرب